الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورتان

علي شكشك

2010 / 1 / 7
القضية الفلسطينية


ينشغل كل إنسان في العالم بما ينشغل به مما يروق لسياقه وينسجم مع تكوينه ويستدرجه إليه المحيط, وكم ستكون المقابلة حزينة وجارحة حين تنتقل ولو تمثّلاً في الخيال إلى شخصٍ يتمهل في الشانزيليزيه أمام واجهة أحد المحلات أو دور السينما أو أحد المقاهي, أو إلى أيِّ إنسانٍ في قريةٍ غارقةٍ في الثلج في النرويج أو كيبك, في إغماضة عينك وأنت بلا أفق تنام, أو تتكاسل بجرِّ أحلامك وهواجسك وغضبك وقدميك في أيّ جغرافيا أو زمكان فلسطيني, من الوطن أو الشتات, من قلقيلية أو أم الفحم وخانيونس إلى برج البراجنة واليرموك والوحدات, وكم يكون الوجع قاتلاً في فرق الشحنة بين تجاذبين يتناوبان روحك ولا يتسع لهما إلا الجنون, حين تصبح ضروراتُ فضيلة الحياة في شحنتها الأولى مجردَ فضلات السياق الآخر, وهاجسُ الموت في الساحة أو الاعتقال غيرَ مفهوم في مفردات القاموس الذي يعاني من قلق الصمت والبرد والرتابة وروتين الأمان, بين مَن يشتكي الموت وبين من يشتكي الحياة, بين مَن يطمئنُّ في القلق وبين من يُقلقله ترفُ الاطمئنان, كأنَّ الإنسانَ على أديم هذي الأرض إنسانان,

إنسانان, ولعله جدل التكوين, رغم اختلاف الألسنة والألوان, ما يجعل بعض هؤلاء المثقلين بالأمن والرفاه وانسياب خطوط المواصلات, يحنّون إلى ريادة مناطقَ أكثرَ دفئاً وخطراً في نفوسهم, وأقربَ إلى شيءٍ غامض في أرواحهم, كأنّما يشدُّهم إليهم ويطويهم على دواخلهم ليلتقي بعضُهم ببعضهم, يختبرون ذات قاموسهم, يَحكّون فضاءاتٍ ساكنةً لم يختبروها فيهم, لعلهم يُبدِعون ذاتَهم مرّةً أخرى بسياحتهم إلينا والتمتع بالشمس وأوجاعنا والحصار وحملِ ريحانِ الألم وبعضِ أثقالِ الأمل, بَرّاً وبِرّاً وبحرا, كأنهم يتكاملون فينا, وهم الآتون من نفس تلك السياقات المتجمّدة في ثلج المناخ والروح والضمير, لتعيد لنا ألق الإنسان وبعض اليقين أن أصل هذين الإنسانين إنسان, رغم البون الشاسع في الحالين,

مشهد يكابد مشهداً آخرَ يسكن في حزننا وفضاءات قيدنا وينتهك خارطتنا, وعادية نموّنا وحقَّ أمهاتنا في الحليب, وحقّ الهواء وحقّ التلاميذ في الموت دون رصاص, مشهد يصادرُ مشهدَنا ويُعدُّ له مفردات الخلاص؛ قنابل من كلّ لون وأجنحة من حديد مفسفرة وفراغيّة, تجارب كيماوية ونفايات, وأخرى ستظهر بعد الشروق وعند الزوال, تجارب موت, مناورة للإبادة, وقصف جنازة, وتوزيع أقنعة وجراثيم, قلع الكلى والعيون, وكل فنون المنون, أخي جاوز الظالمون المدى والظنون,
ومشهدنا يتفاوت بين السكون وبين السكون, والمسافات فينا تضيق كما الالتباس,
والبحر يشهد صورتنا, صورة لغزاةٍ ودبابة في إطار, وأخرى لطفلٍ رضيعٍ يعلقها ذكرياتٍ مكانَ الجدار.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال