الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة -اللاعنف السياسي- الكوردية (2)

جان كورد

2010 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لايحتاج الكورد اليوم إلى اثارة ذكريات تاريخية تدفع بهم للنزول إلى الشارع، فحاضرهم يضرم النار في قلوبهم أكثر من الماضي
لايزال النظام عاملاً على الاحتطاب ليلاً في المناطق الكوردية، فاتحاً بذلك على نفسه باب احتمالات مستقبلية مثيرة عملياً

الأربعاء‏، 06‏ كانون الثاني‏، 2010

في الجزء الأوّل من مقالنا هذا شرحنا كيف أن الحركة السياسية الكوردية ظلّت في تاريخها حركة سلمية ترفض العنف والإرهاب وتسعى لحل سياسي ديموقراطي عادل لقضية شعبها القومية والوطنية...
أمّا بالنسبة إلى دعوات "الكفاح المسلّح في غرب كوردستان"، التي صدرت من قبل، وبخاصة منذ انتفاضة آذار المجيدة لعام 2004، وتصدر حالياً من أشخاص فقدوا أملهم في أي تغيّر مأمول يحدث في سياسة البطش والارهاب التي يمارسها النظام القائم في البلاد تجاه الشعب الكوردي، ومن تنظيمات غير معروفة أو في بدايات نشؤئها ولا تلقى أي دعم من الحركة السياسية الكوردية، فإنها دعوات تعتمد على شرعية الحق القومي وضرورة القيام بعمل جاد لايقاف سياسة التمييز والاقصاء والتهجير والتعريب والمحاولة الطويلة العمر لصهر القومية الكوردية بتاتاً في سوريا، أي أنها دعوات تنبعث كنتيجة وكرّد فعل لاستمرار النهج العدواني للنظام حيال الشعب الكوردي وقواه السياسية. وستزول تلقائياً بمجرّد قيام النظام بأي خطوة موفّقة باتجاه حل سلمي وديموقراطي لهذه القضية التي تعتبر قضية سورية هامة للغاية من وجهة نظر العديد من رجال المعارضة الديموقراطية والوطنية السورية، وليس من قبل الحراك السياسي الكوردي فحسب. إلاّ أن النظام لايحرك ساكناً في هذا الاتجاه، بل إنه منخرط في سياسة مشتركة وتنسيق تام مع الطورانيين الترك في العمل معاً ضد أي طموح قومي للشعب الكوردي في المنطقة، ولادامة مخططات التصفية القومية العنصرية على طرفي الحدود بين سوريا وتركيا، حيث يعيش هذا الشعب منذ فجر التاريخ.
من حيث الأساس النظري فإن "الكفاح المسلّح" لردع الظالمين واحقاق الحقوق الذي نراه في الشرع الإلهي في صورة "قتال"، ليس مشروعاً من وجهة النظر الدينية فحسب، ، وانما هو مطلوب ومفروض على المؤمنين دفعاً للظلم واحقاقاً للحق، ويعتبر الدين الاسلامي الذي تؤمن به غالبية الشعب الكوردي المؤمنين الذين يفقدون حياتهم في ساحات الوغى دفاعاً عن دينهم أو أرضهم أو شرفهم أو عوائلهم أو أموالهم أو دمائهم شهداءً ، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، ومن هنا جاءت "الشهادة" كأعظم مرتبة إنسانية ومقام ديني في الفكر الديني، وهنا تظهر أمامنا شخصية القائد الإسلامي الذي لا يُنسى عبر العصور، والذي لا يسمو أحد إلى منزلته في قلوب المؤمنين بعد الرسل، ألا وهو الامام الحسين رضي الله عنه، الذي ضحّى بنفسه وأقربائه ورجالهمن أجل الحق... ومعظم الحركات الإسلامية المقاتلة والمعتدلة، على حد سواء، ومنها الحركات العربية والفلسطينية بشكل خاص تعلّم أتباعها وأنصارها الاقتداء به دفاعاً وتضحية واستشهاداً... بل إن هناك آيات قرآنية تحث المسلمين على صد العدوان والدفاع عن المظلومين بعبارات مثيرة كهذه "وما لكم لاتقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه الأرض الظالم أهلها... (النساء -75)" وتتوّعد المتخلفين والهاربين من القتال بأقسى العقوبات، بالنار الأبدية...طبعاً هذا كله يجب أن يكون في اطار صد العدو الظالم وعدم تجاوز الأمر إلى العدوان والظلم، فإن الله لا يحب المعتدين ولا يحب الظالمين...
ومن ناحية القانون الدولي، فإنّ فقهاءه قد فرّقوا بشكل تام بين "الارهاب" وبين "الحق الشرعي للشعوب في الدفاع عن النفس وعن الوطن وعن خيرات الوطن" في وجه الغاصبين والمحتلين والمعتدين...
وهكذا نجد من الناحيتين الشرعية والدولية أساساً ثابتاً وواضحاً ومشروعاً للكفاح المسلّح الذي تتباهى به شعوب وحركات عربية مدعومة –ولو بالكلام- من قبل النظام السوري ذاته بأنها تمارس "الكفاح المسلّح" أو "الجهاد"، وتلقى القبول والتأييد من قبل النظام الذي يدعو بعض الكورد -اليوم- إلى صد عدوانه عن شعبهم بالعنف والكفاح، بعد أن صّم أذنيه واستمر كالنظم السابقة في اضظهاد الشعب الكوردي إلى درجة مقيتة فعلاً.
وهنا يبرز سؤال لابد من الإجابة عنه:
"- ما هي مبررات انطلاق مثل هذه الدعوات؟ وهل وصل الأمر بالقضية الكوردية في سوريا إلى هذا الحد من التأزّم حتى يضطّر الكورد للقتال ضد الحكومة المركزية؟"
الجواب هو أن الكورد معرّضون إلى الصهر القومي والابادة الثقافية، ويمارس النظام القائم بحقهم منذ ستينات القرن الماضي سياسة تمييزية على كافة الصعد، وقد نفّذ مشاريع عنصرية استثنائية صارخة العدوانية في مناطقهم، ورفض كل مطالبهم السياسية والثقافية حتى الآن، وأحدث أكثر من 40 مستوطنة عربية على غرار الكيوبتز الاسرائيلي في مناطقهم بعد سلب الأراضي من أصحابها الشرعيين، وما يجري في المناطق الكوردية هو السب والنهب والفساد والاستبداد...وهذه الحقائق يراها من يملك مثقال ذرّة من ضمير انساني ولا يتجاهلها إلاّ عنصري آثم قلبه.
طبعاً، أصحاب العلاقة المباشرين في هذا الموضوع هم ثلاثة أطراف: الشعب الكوردي، الحركة السياسية الكوردية والنظام القائم.
بالنسبة إلى الشعب الكوردي، ليس لدينا مؤسسات استطلاع رأي متطوّرة لتعطينا فكرة جيدة عما يفكّر ويشعر به الشعب الكوردي حول هذا الأسلوب في التعامل مع الموضوع برمته، وكما قال المثقف الثائر الشهير فرانز فانون: ((لا كان ذلك الجسر الذي لم يدخل في وعي الشعب))، أو كما قال شاعر كبير ((ضع رأسك على صدر الشعب ولاتخف))...وكما ثبت للثائر تشي غيفارا بأن ((أي ثورة مصيرها الفشل إن لم تحظ على تأييد الشعب))...فإن المشكلة هنا هي عدم اطلاعنا الجيد على موقف الشارع الكوردي تجاه هكذا دعوات ((الكفاح المسلّح في غرب كوردستان))، والذين يؤّيدون هذه الدعوات الصارخة يستندون في ما يقيمون عليه حججهم وذرائعهم إلى انتفاضة الشعب الكوردي المجيدة في آذار عام 2004، تلك التي شملت كل المناطق التي يتواجد فيها الكورد في البلاد، حتى الأحياء المكتظة بالكورد في المدن السورية الكبيرة مثل حلب والعاصمة دمشق ذاتها... ولكن الذين يقفون بالمرصاد لهذه الدعوات يقولون: فلو كان هذا صحيحاً لما توقفت "الانتفاضة" ولاستمرّت كما استمرت "ثورة الحجارة" في فلسطين...فيعود الآخرون ليردّوا بأنها مسألة وجود وعدم وجود "قيادة مؤمنة بالكفاح المسلّح!"...
وبالنسبة إلى الحركة السياسية الكوردية التي تتألّف من أحزاب لا تختلف في أساليب نضالها عن بعضها البعض في كثير، فإنها لن تكون مع هذه الدعوات لأنها اختارت سبيل النضال السلمي، وقد سعت قيادات هذه الحركة دون استثناء ابان الانتفاضة التي مرّ ذكرها معنا لايقاف الجماهير الغاضبة الثائرة وليس لاثارتها أو لنفث البنزين على النار أو تسخير الانتفاضة سياسياً لنفسها، ولكن مع ذلك عاقب النظام بعضها بشدة ورمى في غياهب السجون برجال آمنوا بالسلام وعملوا له، ولايزال النظام عاملاً على الاحتطاب ليلاً في المناطق الكوردية، فاتحاً بذلك على نفسه باب احتمالات مستقبلية مثيرة عملياً...
أما بالنسبة إلى النظام فإنه يخفي كل جرائمه تحت السجاجيد الدمشقية الجميلة، ويبدو وكأنه لايفهم طبائع الشعوب وليس لديه محللون سياسيون يفهمون حقيقة الأوضاع في المناطق الكوردية، فيعتقد بأنه قادر على جرّ الشعب الكوردي من عنقه ورجاله من أذقانهم إلى أقفاصه الكثيرة متى ما شاء...وسياسته القمعية تجاه الشعب الكوردي، المتصاعدة في نبراتها والتي تقسو يوماً بعد يوم في أساليبها (كمسلسل اغتيال وتصفية الجنود الكورد)، تعطي التبرير وتخلق الأرضية لظهور هكذا دعوات شديدة اللهجة بين الكورد، تصل حتى إلى درجة انذار النظام ومنحه مهلة محددة، وإلاّ فإنه سيدفع أثمان سياسته هذه مستقبلاً...
طبعاً، هناك من يتهم إطلاق مثل هذه الدعوات مجرّد "فقاعات غضب" موسمية تزول بسرعة عندما ينتهي شهر آذار الذي يذّكر الكورد باستمرار بمعظم مآسيهم التاريخية وتضحيات آبائهم وأجدادهم وبثورتهم الأسطورية الأولى تحت قيادة "كاوا الحداد" على ظلم أزدهاك قبل آلاف السنين... ولكن هذا الشهر لم يأت بعد، والكورد غاضبون في معظم أيام السنة لما حلّ بهم من ظلم واجحاف، ولا يحتاج الكورد اليوم إلى اثارة ذكريات تاريخية تدفع بهم للنزول إلى الشارع، فحاضرهم يضرم النار في قلوبهم أكثر من الماضي...
وهناك من يذهب أبعد من ذلك، فيتهم مطلقي هذه الدعوات بأنهم "عملاء النظام" دأبهم التشويش على كل خطوة تخطوها الحركة نحو الأمام، فقد رافق ظهور دعوة كهذه تأسيس "المجلس السياسي الكوردي في سوريا"، وأنهم يعملون على اعطاء النظام تبريراً للقيام بتطبيق المزيد من مشاريعه العنصرية ضد الشعب الكوردي وحملاته القمعية ضد الحركة السياسية الكوردية... إلا أن هنالك من يتهم حتى المجلس السياسي الكوردي بأنه ليس إلاّ منتوجاً استخباراتياً سوريا- تركياً مشتركاً لخلق بديل لحزب العمال الكوردستاني، في حين أن الزعيم الروحي لهذا االحزب ذاته متهم كذلك بأنه يقوم بكل حرية،من معتقله كل يوم، وكأنه على ذرى جبال كوردستان، بتلقين حزبه وأنصاره وأشياعه، دروساً في الوطنية التركية والولاء التام لأتاتورك، العدو الأوّل والأكبر للأمة الكوردية...
وهكذا تختلط الأوراق، ولا يتمكّن المراقب السياسي من التوغّل عمقاً في الغابة السياسية الكوردية، ولذا يجدر عدم اطلاق التهم والتوصيفات التي لا طائل تحتها الآن، واتخاذ الحذر ودراسة مختلف المعطيات المتواجدة للوصول إلى رأي دقيق حول هكذا دعوات، لا يمكن تقييمها إلا من خلال مدى تطبيقها النظري عملياً ومدى جذبها للجماهير الشعبية إليها، وقدرتها على الاستمرارية، وعدم تحوّلها إلى خلايا ومنظمات ارهابية فاشلة، كما رأتها أوروبا، كمنظمة الألوية الحمراء في ايطاليا، ومنظمة (راف) الألمانية، أو غيرهما...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على السباق ذاتي القيادة الأول في العالم في أبوظبي | #سك


.. لحظة قصف الاحتلال منزلا في بيت لاهيا شمال قطاع غزة




.. نائب رئيس حركة حماس في غزة: تسلمنا رد إسرائيل الرسمي على موق


.. لحظة اغتيال البلوغر العراقية أم فهد وسط بغداد من قبل مسلح عل




.. لضمان عدم تكرارها مرة أخرى..محكمة توجه لائحة اتهامات ضد ناخب