الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية سنة أمريكية دامية

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2010 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


عاشت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأسابيع الأخيرة على وقع حدثين؛ هزا الرأي العام؛ و في نفس الآن هزا أكثر المؤسسة الأمنية؛ و أعادا بصورة واضحة إلى أذهان الأمريكيين صورة الخطر القادم .
يرتبط الحدث الأول بمحاولة تفجير طائرة الركاب؛ التي أقدم عليها النيجيري الأصل؛ الذي تلقى تدريباته على يد القاعدة في اليمن؛ و هي محاولة تم اكتشافها خلال اللحظات الأخيرة من التنفيذ؛ الشيء الذي يثبت ضعفا مخابراتيا ذريعا؛ و ينفي في الآن ذاته الادعاء السائد؛ بكون التقنيات المعتمدة في الاستخبار و الكشف؛ يمكنها أن تجهض جميع العمليات؛ قبل وصولها إلى مرحلة التنفيذ.
و من جهة ثالثة فهذا الحدث يؤكد أن القاعدة ما زالت تمتلك قوة كبيرة؛ سواء على مستوى التجنيد؛ أو على مستوى التحضير للعمليات الكبرى؛ و يؤكد كذلك على قدراتها المخابراتية التي تصل إلى حدود اختراق شبكة أمنية و مخابراتية؛ تعد من أقوى و أدق ما يوجد في العالم.
و في نفس السياق فإن الحدث الثاني؛ الذي جاء متزامنا مع الحدث السابق؛ يؤكد بقوة ما ذهبنا إليه؛ فقد نفذت حركة طالبان؛ في إقليم (خوست) الأفغاني عملية من الحجم الكبير؛ سواء من حيث التنفيذ أو من حيث النتائج. و قد أدت هذه العملية إلى كمقتل سبعة من عملاء و كالة الاستخبارات و جرح ستة آخرين .
و تؤشر هذه العملية على حقيقة واضحة؛ ترتبط بالقوة المخابراتية التي أصبحت تتمتع بها حركة طالبان؛ و هي قوة تعود إلى امتدادها الشعبي؛ الذي يتزايد يوما بعد يوم؛ في ظل القبضة الحديدية المعتمدة من طرف جيوش التحالف؛ و التي تسعى إلى حسم المعركة عسكريا في أقرب وقت؛ خوفا من حرب استنزاف طويلة الأمد.
لكن هذا الخيار أدى إلى نتائج كارثية على صورة قوات التحالف العسكري في أفغانستان؛ الذي يودي عبر هجماته العشوائية بأرواح مئات المدنيين؛ الأمر الذي يدفع هؤلاء إلى التحول لوقود تعتمده حركة طالبان في معاركها ضد جيوش التحالف؛ و هذا أهم مكسب ربحته طالبان؛ و هي الآن تستثمره مخابراتيا لاختراق أقوى و أدق الأجهزة الاستخبارية في العالم.
إن الحدثين معا- في الحقيقة- رسالة واحدة بصوتين؛ خصوصا إذا أخذنا في الحسبان توقيت العمليتين؛ و الذي جاء في اللحظات الأخيرة من عمر السنة الميلادية؛ و على أبواب أعياد الميلاد. هي رسالة واحدة تسعى من خلالها حركة طالبان و تنظيم القاعدة إلى التأكيد على استمرارية المعركة؛ و على استعدادهما لحرب استنزاف طويلة الأمد؛ و في نفس الآن فالعمليتين معا تفندان كل الادعاءات الإعلامية التي تسوق للشعب الأمريكي صورة النصر في المعركة؛ و القضاء نهائيا على حركة طالبان و تنظيم القاعدة.
و في هذا الصدد نريد أن نؤكد أن المداخل المعتمدة في قيادة الحرب الأفغانية؛ هي في الأخير مداخل خاطئة؛ لأنها بنيت على أسس غير واقعية؛ تعتبر أن الخطر الداهم يولد في أفغانستان؛ و لذلك يجب إجهاضه قبل الولادة أو على الأقل وأده عند الولادة .
إن امتداد حركة طالبان و تنظيم القاعدة يصل إلى أبعد من أفغانستان بكثير؛ و هو امتداد شعبي يجد تفسيره في اللاتوازن القائم في العلاقات الدولية؛ كما يجد تفسيره في صورية المؤسسات الدولية الكبرى؛ التي من المفترض أن تحمي القانون و القيم الإنسانية من الانتهاك .
و لذلك لا يمكن الحديث عن نهاية مرتقبة للقاعدة و لحركة طالبان؛ سواء داخل أفغانستان أو خارجها؛ إلا عبر التوجه إلى حل القضايا السياسية الكبرى التي تشكل القاعدة الشعبية الداعمة لفكر القاعدة و طالبان . و هي قضايا تبدأ بالاحتلال الأمريكي لأفغانستان و لا تنتهي-طبعا- بقضايا الشرق الأوسط الشائكة .
كل هذا يعتبر التربة الخصبة؛ التي تنبت ثقافة التطرف؛ و لذلك يجب على الرئيس أن يعلم أن القضاء على فكر القاعدة لم و لن يتحقق عبر المقاربة العسكرية؛ بل على العكس من ذلك يمر تحققه من خلال الانكباب على حل القضايا السياسية الشائكة؛ من العراق إلى فلسطين إلى أفغانستان ...
من هذا المنظور ننصح الرئيس الأمريكي الشاب (باراك أوباما) بألا يرهن مستقبله السياسي و مستقبل دولة عظمى بمحاربة الأشباح في أفغانستان؛ لأن الأشباح لن تنتهي و لو اعتمدت الأسلحة النووية و الجرثومية...في محاربتها.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يترأس اجتماعا بمشاركة غالانت ومسؤولين آخرين


.. متحدث باسم حماس لـ-سكاي نيوز عربية-: إسرائيل ما زالت ترفض ال




.. بعد فشل الوساطات.. استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل| #غ


.. المراكب تصبح وسيلة تنقل السكان في مناطق واسعة بالهند جراء ال




.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه