الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشهد من العشاء الاخير

عبد الستار العاني

2010 / 1 / 12
الادب والفن



- لا تبتئس سوف أمحو عتمة عينيك وسأزرع سنبلتين من ضوء ازرق...
- أطرق قليلاً ثم قال :-
- لكن ذلك مكلف جداً...
- لا يهم ...
- بعيدا عن المشرط والمخدر...
- بعدها عاد وهو يقول: لا تنس بالطريقة الحديثة...
-أكون ممتنا جدا..
- أذاً غدا..
دسست ما احتاجه في حقيبة اليد الصغيرة ثم غادرت ، لم تفارقني رقته وعذوبة كلماته وأنا في الطريق أحسست للحظات وكأنه لصيق بي .
ظلفة باب زجاجية توسطتها رقعة - ادفع-
استقبلني ممر وعند أول خطوة لفحتني رائحة منفرة انعطفت بعدها إلى غرفة طالعتني وجوه بدت متعبة فوق مكتب مستدير. أوراق تملأ وأجور تدفع . وخزة إبهام , أسلاك تشتبك فوق الصدر والإطراف , قياس الضغط والنبض.
أبدلت ملابسي برداء كهنوتي من قماش خفيف مفتوح الصدر بأكمام تدلت حتى الركبتين وذيل طويل ظل يلاحقني ذكرني بحفل زفاف. وجدت نفسي وانأ ادلف إلى ممر بارد داخل صالة تلفعت جدرانها بالسيراميك الأبيض اللاصف , كرنفال من أضواء تقاطعت خطوطها, سرير عار لسعني بقرصات باردة, تمثلت المسيح وهو ينتصب أمامي بين جمع من ملائكة بعيون تطل من فوق أقنعة بيضاء وشعور غطتها رقائق شفيفه تجعدت جوانبها . راحت أنامله الرقيقة تمر فوق وجهي مثل أنامل نبي مخلفة نسمة رقيقة كرفيف فراشة. يقطر في عيني سائلا من عسل وأنا اتملاه وهو يدور من حولي مثل ملاك هبط توا, خيط من ضوء نازل يثير الرعشة في عيني فتنسرب دموع من فرح بهيج . يغادر فجأة يرين الصمت على الوجوه , حدقات الأقنعة زجاج خاب. أدور ابحث عن شيء , الصالة عارية إلا من هذا الضوء المسلط فوقي، يتحشرج الصوت في حلقي وبصوت مبحوح اسأل:
- أين إذا.. .؟
:- أنت تبحث عن وهم ...
- قال آخر ...
- اسأله عندما يعود ...
حين اصطفقت ظلفتا باب الصالة كان يقف قبالتي وحين رفعت رأسي رأيت هذه المرة يهوذا...
- سألته....
- أين....؟
حاول أن يلملم كلمات تساقطت من بين شفتيه المرتعشتين...
:- ها....لا يهم ....ولكن...
- قاطعته : أنت إذا...
وحين أدرت راسي كانت الوجوه قد انفضت من حولي , دموع تنثال من عيني مثل سخام مبلول . تقرفصت فوق لوح من جليد, ارتعشت مثل عصفور مذعور , حطت علي غيمة حزن وانأ أدور في دوامة من الحيرة والخيبة.
أحسست بعدها أن وجهَي قدميّ قد استدارا إلى الأسفل, سحبتهما بتثاقل تاركا ورائي لوحة محطمة وصورة مهشمة مثل نثار كأس بلوري لكن الدموع ظلت خلفي تلاحقني وهي تؤشر خطواتي حتى آخر باب وهو يلفظني إلى الخارج...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر


.. حكاية بكاء أحمد السبكي بعد نجاح ابنه كريم السبكي في فيلم #شق




.. خناقة الدخان.. مشهد حصري من فيلم #شقو ??


.. وفاة والدة الفنانة يسرا اللوزي وتشييع جثمانها من مسجد عمر مك




.. يا ترى فيلم #شقو هيتعمل منه جزء تاني؟ ??