الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاتورة شيخوخة الحكم.. ومصير مصر المجهول؟!

محمود عبد الرحيم

2010 / 1 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



بضمير مرتاح اقول ان المجند المصري الذي قضى علي الحدود مع غزة ، والستة مسيحيين الذين قتلوا في صعيد مصر ليلة عيد الميلاد ،ليسوا الا ضحايا النظام المصري بسياساته الخاطئة المرتبكة والمرتهنة للخارج ،وادارته الفاشلة للملفات الداخلية والخارجية التي قادت الى خلق هذا المناخ المشحون بالتوترات والتعصب والكراهية ،وجعل علاقة ابناء الوطن الواحد، أو مع الاشقاء العرب في حالة عداء تجاه بعضهم البعض ،بل في حالة ثأرية تنسف مبادئ وقيم لطالما رفعنا شعاراتها ،وتوقنا اليها ،مثل "المواطنة ودولة القانون" في الداخل ،و"التضامن العربي ومناصرة القضية الفلسطينية قضية العرب الاولى" على الصعيد القومي.
ولا شك في ان تواكب الحدثين المؤسفين لدليل قاطع على الحصاد المر لسياسة نظام مبارك بعد قرابه ثلاثين عاما من الحكم الفردي ، وانه يتحمل وحده المسئولية عن حالة الاحتقان الطائفي التى باتت غير قابلة للاخفاء أو الاحتواء، فضلا عن محاولة تدمير علاقة الشعب المصري بمحيطه العربي ،والتنصل من الالتزام المصري تجاه القضية الفلسطينية العادلة ،المرتبط بأمن مصر الوطني ،والسير بدلا في ركب السياسة العدوانية الصهيوامريكية المناهضة للمصلحة المصرية والعربية في ذات الوقت ،واتخاذ من حركة المقاومة حماس عدوا بدلا عن "اسرائيل" ،في حين كان من العقل التعاون معها أو على الاقل التنسيق ،لو ثمة متطلبات لحماية الحدود كما يدعون ، وليس استضعافها لتقوية محمود عباس الفاقد للشرعية ،ولنهجه المفرط في حقوق الشعب الفلسطيني ، او وفق هاجس الارتباط الايدلوجي بين حماس وحركة الاخوان المسلمين في مصر وان تقوية وضع الأولي هناك ونجاحها ،دعم لوضعية الاخرى هنا.
وللأسف من يسدد في النهاية فاتورة الاخطاء المتتالية ،والتخبط والعمى السياسي ،وليس فقط الغباء ،ابناء هذا الشعب المصري من امثال المجند البسيط احمد شعبان أو مسيحي ومسلمي مصر الذين ُوضعوا في مواجهة بعضهم البعض ،أو في مواجهة شعب شقيق محتل ومحاصر ومستضعف ،الى جانب صورة مصر وسمعتها التى طالهما الكثير من التشويه والاساءة من صنع الداخل بكل أسف ، وليس الخارج.
ان من يقرأ تصريحات المسئولين الايطالين على أعلى مستوى ،وتعليقاتهم علي هذا الحدث الدموي في صعيد مصر، وما يتم تداوله في المواقع الالكترونية لنشطاء اقباط المهجر، ورسائلهم المرسلة بالملايين ، يعرف ان نظام مبارك يعرض مصر للخطر ،و يفتح الباب امام التدخلات الاجنبية لحماية مسيحيي مصر ،واعتبارهم اقلية مضطهدة ،وليسوا مواطنين كاملي الاهلية ،لهم كل الحقوق وعليهم كافة الواجبات ، في حين ان واقع الحال يقول ان الغالبية مسلمين ومسيحيين ، مضطهدة ،ومهمشة ،ومنتهكة حقوقها الانسانية ،على مدى سنوات من حكم يناهض العدالة السياسية والاجتماعية ويكرس للطبقية.
المثير للاستغراب ان النظام لا يزال يستمرئ التغطية على الاحداث ومنطق التبرير الذي لم يعد يجدي، فالعالم يرى ويسمع ويعرف الحقائق بوضوح،واللجوء الى الحيل القديمة من قبيل تصريحات لرأس الكنيسة وشيخ الازهر عن المحبة والوئام ،أو بيانات رسمية تتحدث عن ان ما يحدث احداث فردية ،أو البحث عن كبش فداء، كل هذا صار مستهلكا وغير مقنع،و لن يزيد الامر الا سوءا ويترك قنبلة الطائفية مهيأة للانفجار في اي لحظة.
والسؤال الذي يجب ان يطرحوه على أنفسهم ..لو كان هناك امن واستقرار ونظام قوى- كما يدعون- فلماذا تتكرر كل احداث العنف هذه وغيرها بوتيرة منتظمة؟ ، وأين الجحافل الامنية التى نراها تقمع المعارضين السياسيين أو النشطاء الاجانب المتضامنين مع الفلسطينيين؟ ام انها مكرسة فحسب ،لحماية النظام وعزل نفسه عن الجماهير، اما خوفا أو نفورا وتعاليا ؟،أو حتى لحماية اليهود واحتفالاتهم ،ودعم وجودهم المرفوض على الارض المصرية ،وتثبت "مسمار جحا" المزعوم المسمى بأبي حصيرة ، تلك المقبرة التي يشير باحثون واثريون انها لشيخ اتي من المغرب العربي للحج فقضي في الطريق؟
وما جدوى قانون الطوارئ الذي يُمدد بانتظام ، ولا نراه يطبق على الخارجين عن القانون، أو يمنع ارهابا ،أو فتنة ؟ واين القانون بشكل عام في حياتنا ،وهيبته في المجتمع ،أم انه سقط بالفعل من حساباتنا ،عندما صار ذو طابع طبقي يميز بين الاغنياء والفقراء ،ولا يأتي للمستضعفين بحقوقهم ، فكان ان استبدلناه بالثأر واللجوء للقوة؟!
ان التوتر في علاقات مصر الداخلية والخارجية ليست سوى عنوانا بارزا لازمة سياسية متفاقمة محورها الحكم ،وحساباته الاستراتيجية وتحالفاته الخاطئة ،والأهم رفضه استحقاقات التغيير الشامل المؤجلة اعواما ، والتجاوب مع الطموحات الشعبية ،و الاستعاضة عن ذلك بالتمسك بقانون الطوارئ الذي تثبت الاحداث كل يوم انه لأمن النظام وليس أمن الوطن أو المواطن ، وزيادة مساحة الخطاب الديني، واستغلاله في تبرير الاخطاء السلطوية التي كان أخرها فتوى أباحة الجدار الفولاذي الخانق لغزة وتأثيم معارضيه،الي جانب الصمت على المد الاصولي هنا وهناك ،واتباع "سياسة فرق تسد" للالهاء واطالة امد البقاء في السلطة، بالاضافة الى ازدياد مساحة الظلم الاجتماعي ،المترافق مع غياب الديمقراطية والعدالة بكافة اشكالها ، لاشك ان كلها عوامل محفزة على الاحباط واليأس، وخلق بيئة مواتية للتعصب والعنف ، وصولا الى استعداء كل طرف للآخر ،واستغلال اية فرصة او ذريعة لتفريغ هذه الشحنة المكبوتة باعمال اجرامية ترتدي الثوب الطائفي ،في حين ان الجميع واقع تحت ذات الظلم والتهميش والانتهاك ،مسلما كان او مسيحيا ، فضلا عن ان مصدر التهديد لمستقبلهم ومصالحهم واحد ،سواء من الداخل أوالخارج.
فالى اين تسير مصر وسط هذه الأنواء العاتية والانفاق المظلمة؟والام سينتهي مصيرها في ظل حكم اصابته الشيخوخة والخرف،ويصر على البقاء حتى الموت أو التوريث؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صراحة
hiba ( 2010 / 1 / 8 - 19:22 )
استاذ محمود عجبني المقال كثيرا

احنا محتاجين احد يحكي بصراحة ويحلل المواقف بشفافية ودقة
اهنيك على الجهد


2 - نعم...يا سيدى اقليه مضطهده
متفرج ( 2010 / 1 / 8 - 19:24 )
اذا كنت تشك حضرتك فلابد ان تزيد ثقافتك بمعرفه معنى كلمتين هما الاقليه والاضطهاد ...والمعنى هنا قانونى بموجب الاتفاقيات التى وقعت عليها مصر...واما حكايه ان عموم الشعب المصرى يخضع للاضطهاد فهذا عذر مراوغ ...وكلام يبدو ظاهره حق والباطل بعينهولكى ما تعرف الفرق فى كلامك فلو واتتك الشجاعه أجب على السؤال التالى....هل لو قام الاقباط بمذبحه مثل هذه عند خروج المسلمين من صلاه العيد فقتلوا من المسلمين واصابوا وهو امر مستبعد ...اجب ايها الحكيم هل كانت الصحف ستقول وقتها ان هذا العمل راجع لفشل النظام وان الاقباط والمسلمين هم مضطهدين...لكى تكون حكيما تداوى ابحث عن اسباب الداء الموجوده فى الشيوخ والقران والاسلام


3 - لماذا لم نسمع من قبل عن هذا
عبد الله بوفيم ( 2010 / 1 / 9 - 20:07 )
لقد قرأت ومنذ شهور تحريض العديد من الأٌقباط في هذا المنبر, بل وصرح أحدهم أنه وجب أن يتحالف مع الجميع من أجل إبادة المسلمين. أقباط مصر أقلية صحيح لكنهم مدعمون من أعداء مصر, ويحركون من العدو لخدمة أهداف تلك الدول العدوة, وبالتالي فرض الهيمنة على شعب مصر, وإرهاقه داخليا وخارجيا
إن الذي يريد أن يقول أن الاسلام هو سبب العدوان على غير المسلمين لهو الكذاب المبير, لأنه لو كان الأمر كذلك ما بقي غير مسلم واحد في تلك الدولة في عز حكم الدول الاسلامية المتعاقبه هناك, لكن الحقيقة هي أن الأٌقباط هم من يبادرون بالعدوان والاستهتار بالمسلمين, إذ أن سبب تلك المواجهات هو اعتداء قبطي على فتاة مسلمة واغتصابها بالقوة, وتوفير الحماية له من الكنيسة كي لا يقدم للعدالة لتقول فيه كلمته
الكنيسة أصبحت لها سيارات مصفحة وأسلحة مدخرة في الأديرة والكنائس, إنكم ايها المسيحيون بمصر تحسمون مصيركم في المستقبل, وستكون مساعدتكم لأعداء مصر, الدليل الكافي لتمزيقكم يوم ينتصر الاسلام
لقد كان للقبائل العربية المسيحية فضل كبير على الاسلام, لكنكم ستمحون ذلك الفضل بخدمتكم للأعداء, حالمين بفناء الاسل


4 - الكيل بمكيالين
مرثا ( 2010 / 1 / 9 - 21:04 )
الاسطوانة المشروخة التى تقول اغتصاب فتى قبطى لفتاه غير صحيحة بعد اجراء تحاليل وثبت عدم صحة الاتهام وحتى لو افترضنا ان هذا الحدث صحيح فكم مرة اختطفت فتيات مسيحيات واغتصبن واجبرن على اشهار اسلامهن هل لم تسمع ؟؟ كم رد فعل حدث مقابل هذا ،وهل لو افترضنا خطأ شخص وارتكب هذه الفعلة هل يكون الانتقام من ابرياء ولكنى لاألوم المغيبين الذين لايعرفون الكلام الا ابالعنف والارهاب واما عن السيارات المصفحة فهى مجرد اجراء نتيجة العنف الذي يلاقيه الابرياء ليس مرة واحدة بل اكثر يدخل شخص بسلاحه ويقتل المصلين داخل الكنائس دون ذنب او جرم اولا تعيش فى هذا الكون فلم تسمع بهذا . وليست هذه المصفحات ملكا لأي كنيسة. واسألك سؤالا كم مرة اغتصب مسلم مسلمة ولم يتحرك ساكن لأحدالى متى تكيلوا بمكيالين !!!!! الى متى؟

اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت