الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقمة القاضى السخنة

فاتن واصل

2010 / 1 / 9
الادب والفن


رائحة العشب الذى روى لتوه واختلاطها مع رائحة الذرة المشوى .. صوت فرقعات اللهب وتطايره فى الهواء بفعل المروحة الريش فى يد البائع .. لزوجة الجو من الرطوبة العالقة فى مسامه, عادة ما تفتح بابا تتداعى منه الذكريات خاصة مع بدايات الصيف، وتجسد أمامى صورة الحديقة العامة بميدان كوبرى القبة بأضوائها البيضاء الخافتة ونحن نتقافز ممسكين بيد أمى فى طريقنا إلى بيت الخالة .. فرحين برشرشات النافورة الرخامية الكائنة وسط الحديقة ..ذكريات هذه المشاهد عادة ما يجتاحنى بعدها نوبة من الحنين لا أستطيع التخلص منها .. العودة للطفولة, وحضن الأم الآمن الذى حرمت منه مبكراً ..أمي كانت رغم جديتها الملحوظة كمدرّسة, تتحول الي شخص آخر بين أخواتها. لا تتوقف عن الضحك والتريقة حتي علي نفسها, وكانت الخالات يتحولقن حولها بمجرد حضورها يستمعن لآخر فصولها ويضحكن كما لو كان العالم كله قد انحصر وتمركز في جلستهن هذه.
كنت أحب الذهاب إلي زيارات الخالات فلقد كنت طفلة وحيدة, و كان أبناء الخالات وبناتهن يمثلن أخوة لي مع تفاوت الأعمار، وتوفيت الوالدة وحملت الهموم مبكرا وأصبحت لا أرى الخالات وأبنائهن إلا فيما ندر فقط فى المناسبات الحزينة.. فدنيانا قد تغيرت, وكنا قد كبرنا وأصبح منا الطبيب والمهندس والصيدلي والمحاسب وتزوج كل منا وانشغلنا بالكد اليومي.
بانخفاض الشمس بدأ الحر ينكسر , وهبت نسمة طرية ألقت بالحنين الي قلبي الوحيد, واشتقت لذلك المنزل الذى كانت تعيش فيه خالتي الكبرى .. كان المنزل لازال علي حاله, يقاوم الغابات الإسمنتية التي أحاطته من كل جانب, فأصبح مثل المنور السماوى الذى تتوسطه حديقة مهملة، بها شجر ذو أوراق خفيفة يسرب ضوء الشمس ويلقى ببعض الظلال التى تتراقص مع أى نسمة بحيث كنا نتخيل صور أشباح وعفاريت وخصوصا إذا طالت الزيارة حتى نزول الليل وتسرب ضوء القمر من خلال الأوراق.
تتسابق داخلى ذكريات الطفولة .. جلسات الخالات .. ضحكهن على مواقف بسيطة مثل تصرف لصغير منا يدل على تخابثه .. أو حماقة تقصها إحداهن عن زوجها .. أو تصرف ساذج لخادمة .. تلاعب بائع .. مغازلة جار أو عابر طريق .. الى آخره وكن يضحكن من أعماق قلوبهن .. أما نحن الصغار فقد كانت فرصة لنا للانطلاق والضحك والصراخ لأبسط الأشياء .. بين حين وآخر كان يذهب أحدنا ليتفقد الجلسة الحميمة بين الخالات ويتأكد بأن أمه مستقرة ولا تنظر فى ساعتها معلنة الرحيل بسبب عودة الزوج أو توقع ضيف يتوجب إعداد شئ ما لاستقباله .. أو تلميع أثاث الشقة استعدادا لزيارة .. وحين يطمئن.. يعود قفزا يبدل أرجله .. صائحا " هييه هييه ..ماما قاعدة .." وسط صراخ وتهليل وهتاف الباقين فرحين بالخبر.. ثم نبدأ سريعا فى التخطيط للعبة التالية.
كان عمى عبد المجيد زوج الخالة المضيفة مشهورا بالعبوس .. لذلك عندما كان يهل بسيارته الفولكس عتيقة الطراز ذات اللون الرمادى الكالح وبذاته ذات الألوان الكلاسيكية البنى والرمادى و الكحلى ..كنا نختفي عن ناظره فى الحديقة نرقبه وهو يحتل جزءا منها كمكان انتظار لسيارته نكتم ضحكاتنا, ثم نعاود الجري مستخدمين مكان العربة للاختباء .. بعد وصوله بدقائق تقف الخالة أمام باب المنزل معلنة بحسم انتهاء اللعب والدخول للاغتسال الفورى وتناول الطعام. كان لخالتى ندبة على جبينها تبدو بسببها كما لو كانت فظة شريرة، ولكني عرفت بعدما كبرت أن هذه الندبة كانت بسبب جرح حدث لها فى الصغر ولم يكن وقتها متاحا إجراء عمليات للتجميل. عندما اقتربت منها عقب وفاة أمى اكتشفت أنها خفيفه الظل لا تترك فرصة دون استغلالها في الضحك والابتسام وإضفاء السعادة علي من حولها وبطيبة ليس لها نظير.
داهمتنى الفكرة عندما وضعوا أمامي طبق البطيخ الأحمر .. تذكرت خالتي وفاكهة الصيف وضحكات الطفولة وقررت أن أستعيدها. لقد رحلت الخالات ولكن الأبناء لازالوا ..كتبت رسالة عبر البريد الألكتروني أدعوهم فيها للحضور والتجمع بهدف إحياء الذكريات ..أرسلتها لكل من أبناء وبنات خالاتى رفقاء الصبا طالبة أن يحضروا لزيارتى بدون زوجاتهم وأزواجهن, ظنا منى أنى أستطيع بهذا الجمع إعادة الماضى والضحك والتهليل كما كنا فى السابق ..أرفقت قائمة الطعام التي تشمل بعض الأكلات البسيطة على رأسها المحشى والكفتة اللتان اشتهرت بهما الخالة, والمشروبات والعصائر وحرصت أن أضمِنها لقمة القاضى التى كنا نصرخ فرحا حين تنادينا من وسط اللعب لتناولها ساخنة، وفاكهة الصيف البطيخ والمانجو والتي كنا نأكلها في مصيف العائلة بعد خروجنا من البحر.
كانت قد مرت حوالي عشر سنوات على آخر لقاء بينى وبين معظمهم, حين تجمعنا لحضور مراسم دفن خال لنا, اتفقنا فى هذا اليوم أن نلتقى دون أن ننتظر موت أحد أفراد العائلة، ولكن هذا لم يحدث أبداً .. فالحياة تسحب أيامنا من بين أيدينا, ولا نكاد نقوم بالتزماتنا الأساسية.. وللحقيقة لم يكن بيننا نموذجا غير جاد فقد كانت أعمالنا جميعا تتسم بالإلتزام والأهمية وكنا ناجحين ..ولكننا قد تغيرنا أيضا ولم يكن هناك سبب للتمسك بذكريات الطفولة.
صباح يوم المقابلة عندما تفقدت بريدى الإلكتروني, وجدت رسائل اعتذار من أغلبهم لسبب أو آخر إلا أبيه مجدى .. لقد قرر أن يحضر في الميعاد من ألمانيا التي هاجر إليها منذ أكثر من عشرين سنة فقد كتب لي .. وحشتني لقمة القاضي السخنة .. في المطار تجمعنا في انتظاره .. الجميع .. وعندما هل من صالة الوصول كان البعض يقفز ويقول " هيه هيه مجدى جه " .. والتأم الشمل لدقائق, وبدأنا نخطط للعبة جديدة ..شكرا يا أبيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إستمري سيدتي ...
فيصل البيطار ( 2010 / 1 / 9 - 02:41 )
قطعه جميله حقا .... أمتعتني سيدتي وعُدتِ بي عقودا للوراء

آه ما اجمل ما مضى ... كل الشكر لك .


2 - الإعجاز في الإيجاز
صلاح يوسف ( 2010 / 1 / 9 - 10:42 )

لقد أبدعت الأستاذة فاتن في التعبير بقوة عن موقف ينجح في اللحظة الأخيرة بشكل دراماتيكي في جمع شمل مجموعة الأصدقاء بعد أن فقدنا الأمل. شاهدنا ندبة الخالة وسيارة الخال القديمة وتذوقنا طعم البطيخ الأحمر وفواكه الصيف والكفتة ولقمة القاضي السخنة. بصراحة لقد كانت جولة ذكريات ممتعة.
شكراً لك ودمت مبدعة


3 - أبكيتيني
سهام فوزي ( 2010 / 1 / 9 - 11:17 )
سيدة فاتن كلماتك خرجت من القلب فدخلت قلوبنا جميعا.سيدتي لقد أبكتني مقالتك وذكرتني بأحلي أيام العمر وأعادتني لأيام الطفولة ولمة العيله وحضن أمي وخالاتي.
شكرا لكلماتك وتقبلي تحياتي واحترامي


4 - الزمن الجميل
حامد حمودي عباس ( 2010 / 1 / 9 - 11:27 )
كثيرا ما راودتني الرغبة في الحصول على جواب مفصل ومقنع لسؤال لا زال يعوم في دواخلي يقول .. لماذا نسمي دوما ماضينا بالزمن الجميل ؟؟ .. ما هو سر ذلك الحنين الصادق لتلك الايام الخوالي والتي يصفها كل منا على سجيته فتأتي في غالب الاحيان نقية لا شائبة فيها ولا نفاق ؟؟ .. أهو حقا مايصفونه بالحياة الاستهلاكية للبشر ، وانسلاخ حالة القناعة عن النفوس سببا فيما نحن فيه من انفصام بين الحنين للماضي والتطلع للمستقبل ؟؟ .. على كل حال سيبقى الماضي هو الاجمل ، وذكرياته هي الاعذب ، وكم هي حلوة مداخلك على ماضيك سيدتي فاتن .. فقد اسعدتني حقا وحفزتني ولو لحين من الوقت ، للاحساس بشيء من الندى وسط جفاف عام يشوب كل شيء .. تقبلي شكري والى المزيد


5 - هيه ..أبيه مجدي
رعد الحافظ ( 2010 / 1 / 9 - 11:28 )
يا فاتن , هل سبق أنّ شبّهتُ كتاباتك وطريقتكِ ...بغابريل غارسيا ماركيز ؟
إن لم أكنْ...فها أنا ذا أفعل
إسهابك في وصف اللحظة والمكان , لايعيدني فقط لطفولتي واللعب في بيت عمّتي ووصول والدهم (لكنه كان رائع , لانه يعطينا بعض الفلوس فقط لكوننا لن ندّمر الحديقة كثيراً) ,ا
وصفكِ يعيد كل القرّاء كما أعتقد لذكريات الصبا والطفولة حتى صرنا يانعين
أشكركِ لنصّك الجميل و القريب من القلب ,ولأبيه مجدي الذي ,على الحب جمعكم من جديد


6 - تعليق
شامل عبد العزيز ( 2010 / 1 / 9 - 12:06 )
فعلاً أنتِ في باب مروج التمدن تستطيعين أن تحققي ذاتكِ في الكتابة بأسلوب أدبي بحت / أتمنى أن يستمر لم الشمل
تحياتي


7 - العزيز رعد
سردار أمد ( 2010 / 1 / 9 - 13:04 )
اشكر السيدة فاتن التي ذكرتني بصور كثيرة بين الماضي والحاضر، لكن الحقيقة يا ست فاتن لا أعلم إن كان في مكان تواجدي جوار العراق توجد أكلة أسمها لقمة القاضي، حبذا لو تشرحيها لنا.
لكن أكثر ما فاجأني تعليق الأخ العزيز رعد، حيث أنني كنت أظن أنه لن يستخدم الكمبيوتر والنت لفترة بسبب بعض ضروفه!! يبدو أنه لا يستطيع مقاومة البعد عن الاصدقاء.
تحياتي للمعلقين فرداً فرداً وللحوار وقارءه.


8 - يا فاتن كنت فاتنة حقا
صباح ابراهيم ( 2010 / 1 / 9 - 15:00 )
كلمات جميلة تنساب بلحن موسيقي رائع ، تعبير ادبي يرسم صورة فنية لكاتبة واديبة تناطح السحاب ، أه ما اعذب الكلام عن الطفولة وشقاوة الصبا ان جاءت بلحن موسيقي ووصف جميل ينقلنا لسنوات خلت لم يبق منها الا الذكريات .
تحياتي لك سيدتي فاتن ، اعدتينا سنوات طويلة الى الوراء .
لقد كنت فاتنة حقا .


9 - الأصرار على أن نكون بشراً
الحكيم البابلي ( 2010 / 1 / 9 - 18:02 )
العزيزة فاتن واصل
تحية ملؤها المحبة والتثمين والأحترام
بحق .. هذا أروع ما قراتُ لكِ . ذكريات وردية تمس شغاف القلب بحزن خريفي الرائحة واللون والطعم ، وتصور تداعيات وإنكسارات الماضي الذي يصر كل الكبار على تسميته بالزمن الجميل .. وهو كذلك بحق
وتأبى روحك الشفافة إلا أن تستحضره على الدوام عبر ذلك الخيط الرفيع القوي الذي يأبى بعضنا إلا أن يحتفظ به كجسر رائع بين الماضي والحاضر ، فمن لا يملك ماضي .. حاضره على كف عفريت
أقول لأصدقائي دائماً : إكتب .. أقول لك من أنت !! ، حروفك وكلماتك تقول لي الكثير وتضيف الكثير لما أعرفه عنكِ من رقي وتحضر ومشاعر ورهفة وعمق وذكاء وأسلوب حياة
فخورٌ بكِ سيدتي ، وفخورٌ أن نكون أصدقاء.. أكتبي أكثر رجاءً

كنتُ أعرف دائماً ومن خلال تعليقاتك إنك تملكين كامل العدة التي تجعل منك كاتبة تستطيع أن تزرع حروفها المزهرة في عقل ونفس وكيان القارئ
شكراً .... لقد تمتعتُ كثيراً جداً بقراءة هذه الرائعة ، وتمنيت لو كنتُ بينكم ساعة اللقاء ، لأنني أعشق اللحظات القليلة التي تسطع فيها شموس مشاعرنا الأنسانية وتعيدنا إلى بشريتنا ، هنيئاً لك لقاء أحبتك سيدتي
تحياتي


10 - شكر وإمتنان للسادة المعلقين
فاتن واصل ( 2010 / 1 / 9 - 20:54 )
حقا يعجز قلمى عن التعبير عن مدى إمتنانى وعميق شكرى لحضراتكم .. فأنتم فى نظرى قامات كبيرة .. وبتفضلكم بالتعليق على قصتى القصيرة قد أضفتم لى الكثير وشرفت بمروركم .. وللأستاذ رعد تمنياتى لك بالعافية ولأخى العزيز سردار أقول له لقمة القاضى أو الزلابية وهذا إسم آخر لها أيضا هى عجين من الدقيق المخلوط بالماء والخميرة ويتم تحميره على هيئة كور صغيرة ويلقى بعد خروجه من الزيت فى الشربات ( الشربات: سكر مذاب فى الماء ومعه بعض الليمون يغلى على النار حتى يصبح كثيف القوام ) وبالهنا والشفا .. لقمة القاضى يعشقها معظم الأطفال... تحياتى لكم


11 - شجون ومتعه
منى حامد ( 2010 / 1 / 9 - 21:35 )
التهمت هذه اللقطه الدافئه، وحزنت عندما انتهت، كنت اتمنى ان تطول صفحات وصفحات، وحزنت على الاطفال من الاجيال الاحدث، فحياتهم لاتعرف مثل هذا الدفء، وقرأت التعليقات كلها، فبدى لى انها ملامح سنوات ذهبت، وليست حاله خاصه.
رغم قدرتك المتميزه فى كتابة اللقطه، القصه القصيره، وبمتابعتى لكتاباتك التى احبها وارى انك فى تطور مستمر، ولكنى فى انتظار روايتك الطويله. اتوقع انك ستمتعينا بكتابه صادقه وموحيه.


12 - الزمن الجميل
فارس اردوان ميشو ( 2010 / 1 / 9 - 22:51 )
الاخت العزيزة فاتن
دمعت عيناي وانا التهم هذه القطعة من الفن الراقي ولا ادري ماذا اطلق على هذه التحفة هل هي قطعة موسيقية ليبتهوفن ام سمفونية لجايكوفسكي ام لوحة لدافنشي لكن الاكيد هي جزء من قلب فاتن الفرعونية ما اجمل ذكريات الطفولة هل يوجد اجمل من الطفولة وبرائتها وهل هناك اجمل من الاقارب الطيبين وحنينهم ومحبتهم ؟
اليوم اعلن باعلى صوتي لقد ولدت كاتبة رائعة من المستوى العالمي واني فخور بأني واحد من معجبيها ومريديها وأرجو ان تذكرني حين تفوز بأرقى جائزة
تحياتي


13 - فى انتظار المخلص
حمو رابى ( 2010 / 1 / 10 - 07:13 )
أبن الخالة (المنتظر) بالمطار الذي استطاع (للحظات) تجميع أبناء الخالات الناجحين ولكن تلهيهم أعباء الكبد اليومي .. هل يستطيع أن يعيد الضحكات والبراءة للبيت القديم بعد أن أحاطته عمارات شاهقة تسببت في إهماله وإهمال حديقته.
لقد أعلن انه في شوق إلى لقمة القاضي (العدالة والاستقامة) الساخنة (الطازجة) (حلوة المذاق) التي كان الأطفال يستمتعون بها في زمن سابق عندما كانت الخالة الحازمة تخطط لهم حياتهم، مواعيد (اللعب) و (الأكل) و (الاغتسال) وفى نفس الوقت تحيطهم بالحب والاهتمام والبهجة .. هل سيعود للبيت ضحكاته التي تشيعها الأخت (المدرسة) التي يلتف حولها الجميع .. ابن الخالة (الكبير) المغترب صاحب المجد (مجدي) هل يحقق حلم الكاتبة أم أن كل ما يستطيعه هو أن يكون السبب في التجمع اللحظي لأقرباء الرحم في المطار بانتظار (المخلص) (محمد البرادعى) أقصد أبيه مجدي.

اخر الافلام

.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي


.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-




.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر


.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب




.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند