الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قداس الميلاد في‮ ‬كنيسة الكلدان في‮ ‬البصرة

محمد سعيد الصگار

2010 / 1 / 9
الادب والفن


كان القس كوكي‮ (‬المطران كوكي‮ ‬في‮ ‬ما بعد‮)‬،‮ ‬وهو شخصية مرموقة ذات سمت وقور وملامح ودودة محبوبة،‮ ‬قد وعدنا بنبيذ معتّق من منتخبات أنبذة كنيسة الكلدان في‮ ‬العشّار،‮ ‬وكان قد طلب منا إعداد مسرجية ذات موضوع توجيهي‮ ‬بمناسبة أعياد الميلاد،‮ ‬كان اسمها‮ (‬رسول الأكواخ‮). ‬وذلك بعد أن نجحت فرقتنا المسرحية في‮ ‬نادي‮ ‬الإتحاد الرياضي‮ ‬الملكي‮ ‬في‮ ‬العشّار،‮ ‬وصار من المألوف أن تقدم عرضاً‮ ‬مسرحياً‮ ‬كل شهر‮.‬
رحّبنا بالطلب،‮ ‬وأشركنا مع فرقتنا مجموعة من الفتيان والفتيات ممن رشحتهم الكنيسة لنا‮.‬

كنا خمسة شبّان؛ توفيق البصري‮ ‬شيخ المسرحيين في‮ ‬البصرة،‮ ‬وكاظم البكري،‮ ‬وعبود علي،‮ ‬والداعي،‮ ‬و‮ ... ‬مظفر النواب‮ !!‬

ما الذي‮ ‬جاء بمظفر النواب معنا؟‮ ‬

كان‮ ‬يحضر معرض الإنطباعيين الذي‮ ‬أقيم في‮ ‬البصرة‮)‬1956‮(‬،‮ ‬وشارك فيه مع حافظ الدروبي‮ ‬وحياة جميل حافظ وأرداش كاكافيان وآخرين،‮ ‬وقد حشرناه في‮ ‬فرقتنا المسرحية،‮ ‬اعتزازاً‮ ‬به‮.‬

وفي‮ ‬حين كنا،‮ ‬توفيق وكاظم وعبود وأنا،‮ ‬نشارك في‮ ‬التمثيل،‮ ‬كان مظفر‮ ‬يقوم بمكياجنا جميعاً،‮ ‬فمكيجَ‮ ‬وأجاد‮. ‬ولا‮ ‬يفوتني‮ ‬هنا أن أشير إلى حضور صديقنا الناقد عدنان المبارك معنا وهو المتابع لنشاطنا المسرحي‮.‬

نجحت المسرحية بمقاييس‮ ‬ذلك الوقت،‮ ‬وعُرضت عدة مرات،‮ ‬وفرح بها القس كوكي،‮ ‬فدعانا إلى حضور قدّاس الميلاد،‮ ‬وقد فرحنا بهذه الدعوة،‮ ‬فحضرنا،‮ ‬وأخذنا مواقعنا في‮ ‬الصفوف الطويلة التي‮ ‬تنتظر دورها في‮ ‬الدخول إلى الكنيسة‮.‬

لم تكن لديّ‮ ‬أية ممارسة لهذه الطقوس،‮ ‬ولا أعرف من مواضعاتها أيّ‮ ‬شيء،‮ ‬ولكنني‮ ‬زججتُ‮ ‬بنفسي‮ ‬بين هذه الصفوف وأنا أتطلع إلى تصرفات الآخرين لأقتدي‮ ‬بها‮.‬

رأيت أن الداخلين إلى الكنيسة‮ ‬يرفعون أياديهم اليمنى عند مدخل الكنيسة ويحرفونها بنشاط إلى اليمين ويرسمون الصليب ويدخلون‮. ‬وعندما جاء دوري‮ ‬رفعت‮ ‬يدي‮ ‬وضربتها بحيوية إلى اليمين،‮ ‬فارتطمت بشيء صلب سقط على الأرض وأربك الحضور،‮ ‬وبلل قميصي‮ ‬وبنطلوني،‮ ‬وأثار همهمة وتهامساً‮ ‬بين الحضور‮.‬

لقد كان دورق الماء المقدّس‮.‬

توقف الحشد كله عن السير،‮ ‬ووقفت أنا لا أعرف ماذا‮ ‬ينبغي‮ ‬عليّ‮ ‬أن أفعل؛ ولكن لطف الحاضرين الذين جاءوا بأفراحهم وملابسهم الزاهية،‮ ‬ومزاجهم العراقي‮ ‬الرائق خفف من حرجي‮ ‬فقعدتُ‮ ‬أستمع إلى خطبة القس كوكي،‮ ‬وعيني‮ ‬عليه خشية أن‮ ‬يرمقني‮. ‬وكان حرجي‮ ‬وانتظاري‮ ‬لنهاية القداس،‮ ‬وهروبي‮ ‬من الكنيسة،‮ ‬ضيّع عليّ‮ ‬تفاصيل خطبته‮. ‬وقد تحرجت من زيارته ثانية،‮ ‬وتهنئته بتسنّمه درجة‮ (‬المطران‮) ‬إذ لم أستطع ذلك لأنني‮ ‬كنت مختفياً‮.‬

لم تكن‮ ‬يومذاك طائفية،‮ ‬ولا عرقية،‮ ‬وكان التواصل بين فئات الناس مبدأً‮ ‬أخلاقياً‮ ‬وإنسانياً‮ ‬كنا فيه نشارك بعضنا،‮ ‬ونحتفل بأفراحهم وطقوسهم دون أية حساسية من أي‮ ‬نوع،‮ ‬إنما كان ممارسةً‮ ‬تلقائية لما درجنا عليه في‮ ‬حياتنا اليومية‮. ‬ولذاكرتنا من مباهج هذه الحياة الطبيعية في‮ ‬مجتمع عراقي‮ ‬متعدد الأعراق والديانات ما‮ ‬ينعش الخاطر،‮ ‬ويبعث على الإعتزاز‮.‬

وإذ أستعيد هذه الذكريات الحميمة،‮ ‬لا أخفي‮ ‬شوقي‮ ‬إلى زيارة كنيسة الكلدان في‮ ‬العشار التي‮ ‬سأقوم بها إذا اتّسع العمر،‮ ‬محترزاً‮ ‬من مطبات القدّاس،‮ ‬وغفلة الشباب،‮ ‬معاهداً‮ ‬نفسي‮ ‬على إتقان ما‮ ‬يستوجب الحرص على تقاليد أبناء العراق العزيز،‮ ‬وأنا تحت ضغط القناعة بكون هذه الزوبعة التي‮ ‬تشوّه معالم حياتنا هذه الأيام العصيبة،‮ ‬غمامة وتزول بمنطق التاريخ،

ولأهلنا من العراقيين في‮ ‬كل مكان،‮ ‬وفي‮ ‬مختلف الأديان والأعراق،‮ ‬تمنيات بسنة جديدة مباركة‮.‬








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل


.. كلمة أخيرة - شركة معروفة طلبت مني ماتجوزش.. ياسمين علي تكشف




.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب