الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حصيلة القدس سنة 2009 : مزيد من التهويد

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2010 / 1 / 10
القضية الفلسطينية


منذ وصول الحكومة اليمينية المتطرفة إلى الحكم في إسرائيل؛ تضاعف الاستيطان بصورة مخيفة؛ و كان التركيز على مدينة القدس؛ حيث يسعى اليمين الصهيوني إلى فرض أمر الواقع؛ عبر ممارسة مزيد من التهويد على المدينة؛ في ارتباط بتطهير عرقي؛ شبيه بذلك الذي مورس من طرف النازية في ألمانيا .
تؤكد الإحصاءات أنه تم خلال هذه السنة هدم أكثر من مائة منزل للفلسطينيين في مدينة القدس لوحدها؛ و تم تشريد ما يتجاوز السبعمائة شخص؛ بينهم ما يفوق المائتي طفل .
و رغم ذلك فإن هذه الإحصاءات؛ لا تعبر إلا عن جانب واحد من جوانب التهويد و التطهير العرقي الكثيرة؛ التي لا تنتهي بهدم المنازل و تشريد سكانها؛ بل تتجاوز ذلك إلى طمس المعالم الحضارية لمدينة القدس؛ و ممارسة إجرام على الذاكرة الجماعية لسكان المدينة؛ بهدف إثبات الهوية اليهودية الخالصة في الأخير؛ و ذلك في مقابل تدمير كل ما يرتبط بالمعالم الحضارية العربية الإسلامية .
إن هذه الممارسات الإجرامية الشنيعة التي تتجاوز تدمير الحجر إلى تدمير الثقافة و البشر؛ لا تحترم أيا من الشرائع و القوانين؛ و ذلك في ظل تواطئ مفضوح بين القوى الدولية الكبرى و المؤسسات الدولية؛ التي من المفترض فيها حماية القانون الدولي من الانتهاك .
لقد أسست الحكومة الصهيونية منذ الانتخابات التشريعية الفارطة مشروعها السياسي على توسيع الاستيطان؛ و على دعم التهويد في مجموع الأراضي المحتلة؛ و في القدس على وجه الخصوص؛ و كان من الواضح أنها ستطبق مشروعها فيما بعد إرضاء لقاعدتها الانتخابية.
و هذا جانب لا جدل فيه؛ بل إن الجدل كل الجدل هو حول رد الفعل العربي/الإسلامي؛ الذي يبدو أنه تحول نفسه إلى امتداد للقاعدة الانتخابية للحكومة اليمينية المتطرفة؛ بحيث لا يحدث كل هذا التهويد الممارس على مدينة القدس الضجة الإعلامية و السياسية اللائقة بالموقف. بينما كان الأحرى هو مواجهة التهويد؛ عبر كل الوسائل المتاحة؛ قضائيا و إعلاميا و سياسيا؛ و كذلك عبر المقاومة المسلحة التي يشرعنها القانون الدولي.
إن السكوت العربي/الإسلامي عن جميع هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مدينة القدس؛ هو أكبر دعم يقدم للحكومة الصهيونية المتطرفة؛ الأمر الذي يشجعها على التمادي في تطبيق مشروعها الانتخابي؛ الذي سيضخ دماء جديدة في شرايينها؛ و سيمكنها في الأخير من ربح الأشواط الانتخابية القادمة؛ و بالتالي الاستمرارية في تطبيق مشاريعها الاستيطانية التهويدية .
لقد عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) في تصريحه الحكومي عن نيته في تجميد الاستيطان؛ نزولا عند الرغبة الأمريكية. و قد اعتبرنا القرار في حينه يشكل مخرجا أمريكيا/إسرائيليا من المأزق؛ الذي يشكله جمود المفاوضات؛ التي تغطي على الانتهاكات الجسيمة التي تقترفها إسرائيل في حق شعب بأكمله . لكن و حتى مع هذا التجميد المؤقت؛ فقد استثنيت مدينة القدس؛ و مباشرة بعد تصريح نتنياهو خرج وزير دفاعه و أعلن عن تشييد مجموعة من المباني الحكومية؛ لأن التصريح الأول نفسه استثنى هذه المباني من التجميد الاستيطاني .
كلها خطوات متناقضة؛ تجد تفسيره –طبعا- في المشروع السياسي اليميني؛ الذي تجسده بأمانة حكومة (بنيامين نتنياهو)؛ و هو مشروع أكبر من الحكومة ذاتها و أشمل من قراراتها؛ هو توجه شعبي سينتج على المدى المتوسط و البعيد قرارات سياسية أشد تهويدا و أعمق تطرفا؛ سترسخ الطابع اليهودي المتزمت للدولة الصهيونية. و هذا ما يهدد مستقبل منطقة الشرق الأوسط بشكل عام .
و لعله من أهم النتائج الكارثية المنتظرة؛ من خلال ترسيخ يهودية الدولة الصهيونية؛ هو ترسيخ نموذج الدولة الدينية في المنطقة؛ كنموذج سياسي يقوم على التطرف و الانغلاق؛ ما يهدد في العمق قيم التعايش السلمي و الحوار بين مختلف الأطياف الدينية و العرقية ؛ التي تعايشت في المنطقة لقرون بسلام تام .
و نحن حينما نتحدث عن خطر الدولة الدينية القادم؛ فنحن نستحضر الحمولة القدسية لمنطقة تعتبر مهد الأديان السماوية؛ ما يعني أن تأسيسها لا يحتاج سوى إلى قرارات سياسية بسيطة؛ أما جوهر هذه الدولة فهو مكرس بقوة عبر القرون الماضية.
و هذا النموذج السياسي المرتقب في منطقة مؤججة بالصراعات الدينية و الطائفية؛ يهدد في العمق قيم الدولة الحديثة؛ التي تطمح إليها شعوب المنطقة؛ و القائمة على التعددية الدينية و العرقية… هذه التعددية التي يتم ترشيدها بشكل ديمقراطي؛ بعيدا عن الأحادية الدينية و العرقية؛ التي تقود لا محالة إلى ترسيخ التطرف ضدا على كل قيم التعايش السلمي بين بني البشر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يترأس اجتماعا بمشاركة غالانت ومسؤولين آخرين


.. متحدث باسم حماس لـ-سكاي نيوز عربية-: إسرائيل ما زالت ترفض ال




.. بعد فشل الوساطات.. استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل| #غ


.. المراكب تصبح وسيلة تنقل السكان في مناطق واسعة بالهند جراء ال




.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه