الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديموقراطية في إيران ليست ثمرة بوشية

اديب طالب

2010 / 1 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


عندما شن الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش حربه على عراق صدام الديكتاتوري، وانتهت بشنق المذكور، وبخراب العراق، وعندما دمرت الإدارة الأميركية حكم "إمارة" طالبان، بحجة أولى سياسية هي مكافحة الإرهاب في معقله الرئيس، أرض أفغانستان حيث تلاصق بن لادن زعيم القاعدة مع الملا عمر أمير المؤمنين الأفغاني، وبحجة ثانية أخلاقية هي مكافحة الاستبداد الديني والاستبداد السياسي، عند تلك الحالتين السالفتين؛ أجمع المحللون السياسيون وكتاب الرأي شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، على أن المستفيد الأول في المنطقة من الحربين المذكورتين هو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذا ما برر لطهران دورها المهم في مساعدة أميركا على إسقاط صدام و"طالبان".
الرئيس بوش برر حربيه بدعوى نشر الديموقراطية في "الشرق الكبير"، وخطبت وزيرة خارجيته كونداليزا رايس في القاهرة، معلنة خطأ السياسات الأميركية في الستين عاماً الأخيرة، في دعمها الحكومات الديكتاتورية في ذلك "الشرق" بحجة الاستقرار.
ما حصل عملياً في ما بعد هو أن الإدارة الأميركية الأوبامية، مدت يد المصالحة حتى لإيران الديموقراطية النجادية، ورفضت هذه تلك اليد. والأهم من كل ذلك أن غالبية الشعب الإيراني، مثقفين وطلبة ونساء وشباب وعلماء وآيات الله (خاتمي وموسوي وكروبي ورفسنجاني) ومريديهم وجمهور العامة العاطل عن العمل وأهم من الجميع، السيد منتظري رحمه الله والذي تصدى لعصمة الولي الفقيه حتى في أيام السيد الخميني، هبت بحركتها الخضراء ضد التزوير في الانتخابات الرئاسية التي نصبت الرئيس محمود أحمدي نجاد رئيساً لإيران ولولاية ثانية عكس رغبة تلك الأغلبية. وأكدت تلك الحركة على حق الناخبين في حماية أصواتهم الانتخابية، وحقهم في حماية الحكم الديموقراطي في دستور بلدهم. الحركة في جوهرها وفاعليتها بعيدة كل البعد عن مد اليد أو عدمه.
الحركة الخضراء الإيرانية أثبتت أن الديموقراطية، لا تُفرض فرضاً وبايحاء أو بحيادية "الخارج"؛ وإنما بتوفر القوى الوطنية المؤمنة بها والقادرة على الدفاع عنها، والنزول الى الشارع، وتحمل تبعات ذلك النزول (في يوم عاشوراء، 15 قتيلاً ومئات من الجرحى، وتهديدات باغتيال قادة المعارضة، والعربات المدرعة تملأ طهران).
بديهي أن الأمور لم تُحسم في إيران. وبديهي أن الجمهورية الإيرانية الإسلامية كنظام حكم في مأزق حاد، وأن فرص الحسم لصالح الحركة الخضراء؛ ستزداد كلما اصطبغ الحكم النجادي باللون البوليسي وبألوان "البسطار" العسكري المقيتة، ولو بدا ظاهراً أنه يمسك البلاد بيد من حديد. عندما يطالب 88 من أساتذة جامعة طهران المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد خامنئي، في خطاب نشر على موقع "غرين رود"، بوقف العنف وقالوا إنه يدل على ضعف النظام... عندها نرى أن التشدد البوليسي لن يجدي كثيراً في وقف الحركة الخضراء.
المعركة في إيران من أجل الديموقراطية، ليست ثمرة "بوشية" أو "أوبامية"، وأي حديث من قبل السلطة المسيطرة على طهران، عن عمالة للخارج، هو حجة ممجوجة لمواجهة ما تعانيه السلطة من أزمات. والحقيقة أن الأمر ليس أكثر من استثمار مكشوف للورقة الوطنية، واستغلال واضح لما تعنيه ورقة "الأمة" من ايديولوجيا ومن "ثورة"، ومن قدسية للحرب على الآخر، وآخر مثل في الحرب على الآخر ما يفعله الحوثوإيرانيين في اليمن.
المعركة في إيران من أجل الديموقراطية لها أسبابها الداخلية أولاً وأخيراً، أما الأسباب الخارجية فهي محبطة مرة، وحيادية مرة، ومؤيدة بخفر مرات، ولقد قدمت الدول وستقدم مصالحها على القيم من دون تردد على الإطلاق.
لم يجنِ الشعب الإيراني، من النظام القائم وعبر ثلاثين عاماً؛ إلا فساد الإدارات، وكوارث الحروب العبثية والعرقية والتوسعية، على حساب سيادة الجوار وحتى غير الجوار، وما يحدث أخيراً ـ وليس نهاية المطاف ـ في اليمن السعيد جداً. ولقد بدد الفساد والتوسع النفوذي، ما يزيد عن 700 مليار دولار نفطي، خلال عمر الثورة المجيدة، والدليل الأول هو أن حصة الفرد الإيراني من الدخل القومي حالياً؛ أقل بكثير من حصته عشية انتصار الثورة الإسلامية، والدليل الثاني أن رأس المال الإيراني القومي، إضافة الى رؤوس الأموال الأجنبية لا تستثمر كلها في إيران، وهذا مؤشر على أن الثورة لم تأتِ بالحد الأدنى من الاستقرار الاقتصادي الآمن، ولا بالحد الأدنى من الثقة الإنمائية وحتى الخدمية. والدليل الثالث يتعلق مباشرة بجوهر الحكم وهو أن الأيام أثبتت أن ثمة افتراقاً بين الايديولوجيا والحرية السياسية ولو في أدنى مراتبها، ويؤكد ما ذهبنا اليه من أن ثمة انقطاعاً بين الثورة الإسلامية وأجيالها الشابة التي ولدت في ظلها وتربت في مدارسها وجامعاتها.
وإذا رأى البعض، أن السبب في هذا الخراب هو الحصار الغربي لإيران؛ فإننا نرجو منه أن يتذكر العلاقات الاقتصادية الإيرانية مع روسيا والصين والهند وتركيا ودبي، وحتى مع بعض الدول الأوروبية، وألمانيا مثلاً. ولقد أبطلت العلاقات المذكورة، تسعين في المئة من العقوبات "المريرة" جداً.
لقد أثبت الشعب الإيراني، أنه يملك مؤهلات الديموقراطية، والعمل الجاد المنظم من أجلها، وأن استبداد الشاه، واستبداد الحكم الحالي، لن ينهيا عنده التوق والفعل من أجل الحرية.
في 7 كانون الثاني 2010، قال البروفسور هرفنغ لجريدة "الشرق الأوسط" وهو الذي سبق وكان سفيراً للثورة الإسلامية في الأمم المتحدة، قال: "إن الشعب الإيراني بحركته الحيوية الآن، يثبت أن الثمرة الديموقراطية في الشرق الأوسط، أصبحت ناضجة". السيد منصور هرفنغ متفائل قليلاً بالنسبة لإيران، ومتفائل أكثر مما ينبغي بالنسبة لباقي دول الشرق الأوسط الكبير.
المعركة من أجل الديموقراطية في إيران، لا علاقة لبوش أو لأوباما بها، بل هي إيرانية من الألف الى الياء.
إن عام 2009 لم يكن عقيماً البتة، كما قال الكاتب المعروف تشارلز كروثمر في "الواشنطن بوست"، يكفي عامنا الراحل أن الديموقراطية قد تفجرت في إيران خلاله، وبعيداً عن الخارج المخاتل، وحيث لم تعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية موعودة بالبقاء المديد، وكل ما يُقال عن ضربة عسكرية إسرائيلية أو أميركية أو مشتركة محض تخوف وتخويف ولعب بالأعصاب، وهي تقع في دائرة الحرب النفسية؛ اللهم إلا إذا قدّر القادرون على الضربة أن قطع الطريق على الحركة الخضراء أكثر فائدة لهم. حمى الله الشعب الإيراني من برغماتية سيئة قد يمارسها أولئك القادرون.
() كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله