الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القاعدة والاستثناء: ابن لادن والغوييم

علاء الفزاع

2004 / 6 / 26
الارهاب, الحرب والسلام


من المثير إجراء مقارنة بين فكر عصابات اليهود المتطرفين والجماعات (الجهادية) التي تستقي فكرها ونهجها أساسا من فكر (الشيخ) أسامة. هذه المقارنة ليست شطحة فكرية، ولا تجنيا ولا تعسفا في المقاربة. بل إن كل المبررات موجودة لذلك.
الشيخ وأتباعه يرون أنهم يحققون إرادة إلهية على الأرض. إنهم هم المسؤولون عن تحقيق دولة الخلافة كما يرونها. إنهم وحدهم مختارون من بين البشر الضالين ليحملوا عبء الأمانة الإلهية. اليهود بدورهم-وخصوصا المتطرفون منهم- يرون أنهم شعب الله المختار، المميز عن باقي البشر، الغوييم، الأغيار، الضالون، الدونيون. وهم المسؤولون عن إعادة دولة الرب (إسرائيل) إلى الوجود بعد آلاف السنين من اختفائها. كلاهما يرى نفسه القاعدة، والصواب، ويرى باقى البشر كاستثناء، وكخطأ يجب تصحيحه.
الشيخ وأتباعه كانوا يعزلون أنفسهم عن مجتمعاتهم التي ولدوا وعاشوا فيها. إنها مجتمعات كافرة، لا تحكم بالشريعة الإلهية –كما يفهمها هؤلاء-وبالتالي فإن الانعزال عنها وتجنب (مفاسدها) هو مكسب في نظر هؤلاء. إن المحافظة على نقاء العقيدة يتطلب تقليل الاحتكاك إلى أدنى حد ممكن مع المحيط الفاسد المفسد. إنه جيتو، وإن كان جيتو غير مكاني. إنه أقرب إلى أن يكون حجرا نفسيا وفكريا. اليهود يتميزون في مجال الانعزال. الجيتوهات كانت دائما ملاذهم من مجتمعات لم يرغبوا في الذوبان فيها. إن ممارسات الشيخ وأتباعه تعادل ممارسات اليهود، وهي جميعها تؤدي إلى زيادة المسافة بينهم وبين مجتمعاتهم، وزيادة عدم الفهم، وزيادة الشك، الذي يؤدي في النهاية إلى فقدان كل صلة.
وهكذا فإن الشيخ وأتباعه وصلوا إلى نفس النتيجة التي وصلها اليهود: الهجرة من المجتمع إلى وطن جديد نظيف. يجب المحافظة على القاعدة من تلويث الاستثناء. بعد قرون من المعاناة توصل اليهود إلى فكرة أن يهاجروا من أوطانهم التي لم يستطيعوا التكيف فيها إلى وطن ما يكون وطنهم، ويعيشون فيه كما يريدون. وشاء سوء حظنا-ومصالح الدول الاستعمارية وقتها-أن يكون ذلك الوطن هو فلسطين. اللادنيون توصلوا إلى أنهم يجب أن يهجروا مجتمعهم الفاسد. وشاء سوء حظ الأفغان-ومصالح الأمريكان-أن تكون أفغانستان هي الوطن الذي يسعون إليه. وتوصلوا إلى قمة ما يتمنون مع تولي حركة طالبان. وتمت تسمية أمير المؤمنين الملا عمر كخليفة!
ولكن ذلك الوطن لم يكن فارغا! وهكذا فإن العنف كان مبررا. مارس اليهود عنفا يكاد يفوق ما تعرضوا له في أوروبا، واضطهدوا أصحاب الأرض الأصليين، ومارسوا القتل والإرهاب. وكل ذلك في سبيل إنشاء دولة الرب، وتجميع أبنائه من الشتات، حتى ولو كان ثمن ذلك هو أرواح بريئة. اللادنيون بدورهم بدأوا حربا مقدسة على حكام الطاغوت. الوسيلة الناجعة فيها هي العنف. وحيث أن (الطاغوت) قوي فإن حملات هؤلاء المجاهدين توجهت نحو الأهداف الأسهل، فانطلقت التفجيرات تطال في البداية أهدافا محددة، ثم أخذت تتوسع لتطال أعدادا أكبر من المدنيين الذين هم أسهل الأهداف.
العقلية واحدة، والنتيجة واحدة: فكر عنصري ظلامي. لا فرق في النهاية بين من يقتل الأطفال في غزة وجنين، ومن يرتب التفجيرات في شوارع بغداد والرياض. ولا فرق في النهاية بين السيد الظواهري والإرهابي افيغدور ليبرمان. ويبقى الفكر المتطرف خير نصير للفكر المتطرف، حتى لو اصطدما ظاهريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي