الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية الدم !

عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري

(Adel Attia)

2010 / 1 / 13
حقوق الانسان


من الوسائل التي تستخدمها بعض الأمهات عند فطام أطفالهن ، وضع مادة حمراء كالـ Microchrome على موضع الرضاعة ، فإذا رآها الرضيع خشى من الاقتراب من ثدي أمه !
وكنت أتعجب من أن رضيعاً قد لا يتعدى السنتين من عمره ، يهاب اللون الأحمر !
ولكنه عندما يكبر ، يحاصره لون الدم من خلال : الكتابات التي سنها بعض من طواغيت التاريخ ، ومن خلال أولئك الذين امتلأت قلوبهم وعقولهم بالحقد المتعجرف على منابر الكراهية وإدعاء الحقيقة المطلقة ، والسعي إلى تثوير النفوس التي تموج بمشاعر التعصب المقيت بصيحات الجهاد الأعمى ، حتى يبدأ الدم يهدر كالشلال ، ويغرق انسانيتنا ، وتلاقينا !
أما أخطر الكل ، فهو لون الدم نفسه ، الذي يأتي إلينا عبر السينما ، وعبر الفضائيات من خلال الأفلام ، والمسلسلات ، والحوادث النازفة ؛ لأنه يضع الدم بشكل شبه يومي أما أعيننا ؛ فنتعوّد على لونه ، وعلى غزارته ، تماماً كالطبيب الذي تعوّد عليه ، وعلى صرخات الألم ، حتى نظن وهو يعمل بإبرته الطبية في جروح المصاب القطعية ، دون استخدام المخدر ، وكأنه انسان بلا قلب ! .. التعوّد الذي يفقدنا قدسيته ، ومهابته ، وقيمته ، لدرجة أن نفقد التمييز بين الواقع والتمثيل ، وهنا أتذكر الطفل الذي رأى والده مغدوراً غارقاً في دمائه ، ولكنه راح يداعب والده وكأن والده يعرض له مشهداً تمثيلياً درامياً ! .. وهكذا كما نسير على ضوء المرور الأحمر ، نسير على دماء الابرياء المسفوكة ، وكأننا لا نخالف قيمنا ، وتعاليمنا الدينية والاخلاقية المتسامية .
فهل نستفيق من غيبوبة التعوّد على رؤية الدم ، التي تقضي على انسانيتنا ، وعلى مشاعرنا الطيبة ؟!..
فكما أنه ليس كل مانعرفه نصرح به ، هكذا أيضاً ليس كل ما يحدث يعرض كاملاً على النظّار والمشاهدين ، فالحياة بانسانية اسمى من الفن ، وأثمن من السبق الصحفي !
وهكذا تنسحب مشاهد الدم من شرايين مشاعر هؤلاء الذين لديهم الاستعداد للاصابة بمرض هوس سفك الدماء ، والتمتع الوحشي بمعاناة وآلام الآخرين ، ويعود للدم مهابته ، وقدسيته ، وقيمته ، والرغبة الصادقة في الحفاظ عليه ؛ لأنه الحياة !











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في الشمال السوري ضد موجة كراهية بحق اللاجئين في ترك


.. السودان.. مبادرات لتوفير مياه الشرب لمخيمات النازحين في بورت




.. بتهمة ا?نه يحيى السنوار.. محرر فلسطيني يروي تعذيب الاحتلال ل


.. ما هو الوضع الإنساني في مناطق الاشتباكات بالسودان؟




.. الرئاسة التركية: نجري متابعة للأجواء السلبية ضد اللاجئين الس