الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من كان منكم بريئاً

نسرين طرابلسي

2010 / 1 / 13
حقوق الانسان


لا يحتاج الكشف عن مخابئ العنصرية إلى بحثٍ دقيق، فأسنان المشط تقصّفت وهي تسرّح الناس ليكونوا سواسية، وواجهت مقاومةً شرسة من عقد متشابكة لم تنفع لِحَلْحلتها مقولات دينٍ ولا ديمقراطية. ولسنا نحن (العرب) من ننعت الغرب دوما بـالعنصري تجاهنا بأحسن منه، فلنا مآثر يومية في التعصّب الجاهز والمُسبق، ولم ننجح كشعب يوحده التاريخ واللغة والمِحَن في تنقيةِ أفكارنا وآرائنا حول بعضنا.
الأمثلة لا تعدُّ ولا تحصى، ولا نعرف أن ما نورده منها على سبيل التندُّر والمزاح يجرح الآخرين ويطعنهم بشراسة تجعلهم ينعزلون ويتكتلون ليشكّلوا قوةَ مواجهةٍ مضادّة. وتعايشهم مع التجريح لا يعدو كونه قهراً يتراكم وناراً تكبر.
ومنها النكات التعميمية الكثيرة التي تطال فئةً من الناس كالصعايدة في مصر، والحماصنة في سوريا، وكلّما تعرفت على بعض الإخوة العرب أضفت إلى معلوماتي أن في كل قطر من الأقطار جماعةً تنصبُّ عليها لعنة النكات دون أدنى إحساسٍ بمشاعرهم. والمصيبة أنك عندما تشير لخفيف الظل بأن مزاحَه السمج قد يزعج مَنْ يطالهم؛ يجيب بكل فجاجة "أهل حمص بذاتهم يضحكون على هذه النكات"!!
على نطاق أوسع وأكثر توغلاً وعمقاً وقدماً، ذلك التقسيم اللونيّ المبالغ به للجمال عند العرب. فالبيضاء جميلة والسمراء عاديّة، ويخفف من وطأة وصفها بعبارة "مجذّبة"، أي تتمتع بالجاذبية. وعند محاولة تكحيلها يعمونها، فالشقراء بطيئة الفهم، ذات دم باردٍ، والسمراء شعلة ذكاء وحيوية!! دون أي اعتبار لمسألة النسبية في إطلاق أحكام القيمة.
لا يمكن إنكار ويلات هذا التقسيم الجائر على مفاهيم الجمال، فالأصباغ أصبحت تجد طريقها لشعور الفتيات باكراً، والعدسات اللاصقة صارت قناعاً يغطي براءةَ النظرات. وكست طبقات الماكياج المبيّضة وجوه الصبايا، فبدين كفتيات "الجيشا" اليابانيات بطلاء وجوههنّ الكلسيّ السميك.
ناهيك عن الصفات المُطْلقة التي يتم بها وصمُ الشعوب والتي نسمعها هنا بين الناس في الكويت بكثرة نظراً لطبيعتها الحاضنة لمختلف الأجناس والأعراق. صفاتٌ أخجل من إيرادها ولا أجرؤ على كتابتها في صفحة جريدة يومية، مع أنها تُمرَّر يومياً، من دون حرج، على ألسنة الناس وعبر أصابعهم في مسيجات الهواتف النقالة.
ليتنا لا نزايد كثيراً في مسألة العنصرية، ففي بلداننا يتجمع الفقراء في أحياءٍ لا تتذكرها البلدية وتتجمع الخدمات في أحياء الأثرياء، ويتكتّل أصحاب الطائفةِ الواحدة في حاراتهم، ويلتمّون على بعضهم في أماكن العمل، وما أن تشعرَ جماعةٌ بقلّتها حتى تتكاتف لتشكّل تحزّبها الخاص. ولن أنسى التمييز الجنسي التاريخي بين الذكور والإناث طبعاً، لكنه أصبح قضيةً قديمةً يائسة، هناك يومياً من يصرخ لها ويُنصِتُ للصّدى.
هل ظلمتُ أحداً؟؟
لكم ضمائركم ولي غيرتي على إنساننا، ومن كان منكم بريئاً فلي عنده حجر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسائل إعلام إسرائيلية تتناول مخاوف نتنياهو من الاعتقال والحر


.. تونس.. مظاهرة في مدينة العامرة تدعو لاجلاء المهاجرين غير الن




.. إخلاء مركز للمهاجرين في تونس ومظاهرة لترحيلهم ورفض توطينهم


.. الأمم المتحدة: دارفور معرضة لخطر المجاعة والموت




.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بإبرام صفقة تبادل فورية