الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية انتقائية

حسن الهاشمي

2010 / 1 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ما طفح على الساحة السياسية بعد سقوط النظام البائد لحد هذه اللحظة يؤشر بشكل لا يقبل اللبس والغموض إن الإنتخابات قد أفرزت حالتين من الأنظمة الديمقراطية، الأولى التجربة الإنتخابية العلمانية وهي القائمة في إقليم كردستان وهي التي نجحت في تقديم الخدمات وتوفير الأمن، والثانية التجربة الإنتخابية الإسلامية في سائر أنحاء العراق وهي التي فشلت من تحقيق أهدافها وما كانت تصبو إليه من طموحات، ولعل السبب الكامن إزاء بروز حالة النجاح الكردستاني والإخفاق العربي في تجربة العراق الجديدة هو اللاعب الدولي والإقليمي في الساحة العراقية، وإذا ما أردنا أن نكون أكثر صراحة فإن دول التحالف هي التي ساعدت اقليم كردستان في تكوين حكومة منتخبة قوية قادرة على بسط الأمن وتقديم الخدمات لأنها حكومة علمانية قادرة على حفظ المصالح الغربية في العراق على المدى البعيد.
وكذلك فإن أمريكا والدول الغربية ومعها الدول الخليجية هي التي وضعت العصي في طريق الحكومة المركزية المنتخبة لأن معظم المشاركين فيها محسوبين على التيار الإسلامي، ما حدى بتلك الدول غض النظر عن تسلل المتسللين عبر الحدود وتسويق الإنتحاريين لاضعاف الحكومة المركزية عن طريق ابقاء مجلس للوزراء ضعيف لا انسجام فيه ولا توافق يأخذ أعضاءه أوامرهم من كتلهم السياسية لا من رئيس الوزراء بل إن أغلب الكتل تعترض على سياسة رئيس الوزراء وتعارض كل قانون في مجلس النواب فيه منفعة للشعب العراقي لئلا يوضع في حسنات رئيس الوزراء الذي هو بلا رئاسة، وفي إحدى لقاءاته الخاصة قال رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي إنني لا أستطيع محاسبة أي وزير لتقصيره، لأنه أصلا مدعوم من كتلته وحزبه ويأخذ أوامره من حزبه وليس من رئيس الوزراء.
وأما ما يقال إن الإستقرار الأمني والإزدهار الإقتصادي الذي يشهده كردستان مرده إلى ما قبل السقوط أي من تسعينات القرن الماضي فإنها قد حظيت وبعد حرب الخليج الثانية بنوع من الإستقلال تحت الحماية الدولية فمردود بإن نفس هذا الشعب وهذه البقعة الجغرافية إذا ما تشكلت فيها حكومة بعد التغيير ذات نفس إسلامي لكانت تعاني من انفجارات وتخريب للبنى التحتية ما تشهده سائر مناطق العراق، والعلة التامة والكاملة وراء الإستقرار في كردستان إن الشعب فيها قد انتخب حكومة علمانية تطمئن إليها أمريكا وسائر الأنظمة العربية على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وهي رسالة إلى بقية مناطق العراق إذا ما أرادت الإستقرار والأمان والتطور والإزدهار، على الشعب فيها أن ينتخب حكومة علمانية لكي تحذو حذو اقليم كردستان في البناء والتطور وإلا فإن المفخخات لا تنقطع والخدمات لا تتوفر والكهرباء لا يستقر حتى لو استمرت الحالة لأربع أو لثمان أو لأنثني عشر عاما أخرى.
وباتت هذه السياسة واضحة لكل من عايش الوضع العراقي عن كثب وكيف أنه رأى قوة رئاسة أياد علاوي ذو الصبغة العلمانية للحكومة الإنتقالية وانقياد الجميع لأمره من دون معارضة حقيقية سواء من مجلس الرئاسة أو مجلس النواب أو القوات الأمريكية أو الدول الإقليمية، بالرغم من قصر عمرها وأنها تقلدت الحكم بالتنصيب وليس بالإنتخاب؟! أما حكومة الجعفري والمالكي من بعده المنتخبة ذو الصبغة الإسلامية فإن المشاكل بدأت تترى عليها من كل حدب وصوب وقد جردتها الإدارة الأمريكية من كل حصانة وصارت هتكا لنبال الأعداء والأصدقاء على حد سواء من دون أن تحرك ساكنا، ولسان حال الأمريكان كيف أنها قطعت آلاف الأميال وعبرت البحار والمحيطات وأزهقت أرواح جنودها وبذلت مئات المليارات من الدولارات بمعية بعض الدول الإقليمية وهي تقدم الحكم - ولو عن طريق الإنتخابات – على طبق من ذهب للإسلاميين سواء الذين كانوا من السنة أو الشيعة.
ولا يروق لها طبعا أن ترى العمة والعباءة في مجلس النواب في عراق تعتبر نفسها هي التي وضعته على سكة الديمقراطية!! وهي التي لا تزال تحارب المد الإسلامي والصحوة الإسلامية في ايران ولبنان وفلسطين، كيف تقوم بتقوية نظام محاكي لذلك المد الإسلامي حتى بالإسم والشكل، إنها وبكلمة واحدة تريد ديمقراطية يتمخض عنها حكم علماني أما الديمقراطية التي تفرز نظاما اسلاميا ولو بالشكل لا بالمحتوى فإن الإدارة الأمريكية تقف إزاءها بالتضاد وتحرك أذنابها في الداخل والخارج أو تغضي النظر عنهم على أقل تقادير لعرقلة هكذا نظام وإفشاله على أرض الواقع.
وعلى جميع الكيانات والقوائم الوطنية الشريفة أن تغير تكتيكها وتسحب البساط من تحت أقدام الأمريكان والدول الإقليمية وأذنابهم في الداخل ولكي يحافظوا على مكتسبات الأغلبية من الشعب التي لاقت الأمرين من الأنظمة الإستبدادية الطائفية المغلفة بلباس العلمانية، بأن يبتعدوا عن الخطاب الطائفي وأن يحجموا عن دفع الكوادر المعممة والملتحية إلى المسرح السياسي التي لا نشك في اخلاصها ولكنها مرفوضة دوليا واقليميا وسيدفع المواطن المسكين ضريبة تصدي هؤلاء المخلصين للعملية السياسية، فليكونوا أذكى من الأعداء وليدفعوا بوجوه علمانية ولكنها وطنية مخلصة عسى أن تكون مقبولة لدى من يهمه الشأن العراقي ويكون الإنفراج على يديها من دون إدامة للظلم والتقتيل وتعطيل الخدمات وفي الوقت نفسه لسد الفراغ الذي قد يحدثه تأزم الموقف وما يعقبه من العزوف الجماهيري عن المشاركة في الإنتخابات القادمة ما قد يفرز بروز عصابات القتل الطائفي بوجه علماني ليرجع كرة الإبادة علينا من جديد، ونحن نندب تياراتنا الشعبية التي هي بحاجة إلى حركة تكتيكية قادرة على قلب الطاولة على كل من يريد التصيد بالماء العكر، إننا بحاجة إلى حركة تكتيكية فقط وليست جوهرية والعاقل من عمل واتعظ وليس من عمل وغرس رأسه بالتراب - كالنعامة عندما يداهمها الخطر - غير عابيء بما يجري حوله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ايضاح
حسن مشكور ( 2010 / 1 / 13 - 19:38 )
يتضح ححصل تشابه في الاسماء فقد كنت انشر تحت اسم حسن الهاشمي وهو اسمي الحقيقي وانا اليوم انشر تحت اسم حسن مشكور تلافي للاشكال وقد كتبت للكاتب حسن الهاشمي حول التشابه حول موضوع نشر في صوت العراق ولذا فالمواضيع الاخرى اي السابقة والتي ظهرت مع مقال الكاتب حسن الهاشمي هي تعود لي اي الى حسن مشكور بعد ان كنت اكتب تحت اسم حسن الهاشمي ايضا
للكاتب حسن الهاشمي احترامي وارجو منه التوضيح كذلك مع الشكر

حسن مشكور

اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في