الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الكرامة التركية-و-السيادة المصرية-و-اسرائيل-

محمود عبد الرحيم

2010 / 1 / 13
القضية الفلسطينية



محمود عبد الرحيم:
من حق الشعب التركي ان يفخر بقادته ،ولنا ان نغبطهم ،ونتأسى على حالنا ،وابتلائنا بساسة لا يفقهون من السياسة غير مبادئ غير سياسية بالمرة ،مثل السمع والطاعة و التبعية والتصرف بغباء وقصور رؤية ، ومنطلقات وتبريرات تزدحم بكثير من السطحية والسذاجة ،رغم اننا اذا قارنا ما بين تركيا ومصر سنجد ان التشابهات قائمة ،والادوات متوافرة جغرافيا وتاريخيا وسياسيا واستراتجيا وثقافيا ،لكن الاختلاف أو بالاحرى الابتلاء فيمن يجلسون- هنا -على مقعد ليس بمقعدهم ،ويتولون مسئولية اكبر من احجامهم وقدرتهم ،ولا يمثلون مصالح شعبهم وانما مصالحهم.
الانطباع الذي يترسخ لدى كلما تابعت التحركات التركية ،ومواقف قادتها خاصة في عهد حكومة "حزب العدالة" ان هؤلاء الساسة جديرون بالاحترام رغم كل شئ ،لأنهم يتقنون اصول اللعبة السياسية ،يعرفون متي يصمتون ومتي يتحدثون،متى يتشددون ومتى يبدون المرونة ،تحركهم المصلحة الوطنية ،ولو لجاؤوا الي المواقف البراجماتية ،لا المبدئية في كثير من الأحيان.
نعمل يحتفظون بعلاقات مع اسرائيل وامريكا ذات طبيعة خاصة ،ربما بصورة اكبر منا ،لكن يتعاملون بندية ،لا انبطاح وتهاون ، يدركون ان لا احد يحترم الضعفاء ،ولا يحسب لهم حسابا ، وانما العبرة باوراق اللعب التى بيدك، وقدرتك على التأثير ،وثقتك بنفسك ،ورصيدك الشعبي ،والانطلاق من قاعدة القوة ،لا الضعف والتفريط.
ولعل الازمة الديبلوماسية الاخيرة بين انقرة وتل ابيب تقدم الدليل على ما نسوقه ،وتؤكد ان مصطلحات مثل" الكرامة الوطنية" لم تمت ،وان حفاظك عليها يجعل الآخر يتراجع عن صلفه وغروره ،ونهجه العدواني الاستعلائي ،ويعاملك بالطريقة اللائقة التي تستحقها.
فما ان طلعت اصوات صهيونية تندد بتصريحات اردوغان المنتقدة للسياسة الاسرائيلية ،والمحذرة من انتهاكاتها المستمرة للقرارات الدولية ، حتى خرج الزعيم التركي يرد عليها بكل ثقة وحزم ،ويطالب باعتذار رسمي ،ويعلن انه لن يلتقي وزير دفاع الكيان الصهيوني، وما ان تعمد وكيل وزارة الخارجية الاسرائيلية اهانة السفير التركي بتل ابيب ،حتى جرى سحبه فورا ،وابلاغ رسالة شديدة اللهجة للسفير الاسرائيلي بتركيا.
فماذا كان رد فعل الجانب الاسرائيلي.. لم ينتظر طويلا ،و سارع الى الاعتذار ،والتأكيد على اهمية العلاقات مع تركيا ،لأن هؤلاء لا يعرفون الا لغة القوة والحسم التى سقطت من حساباتنا.
لنتصور نفس المشهد على الجانب المصري ، بالتأكيد كان سيصمت مسئولونا ،وفي احسن الاحوال ، سيقولون اننا لا نريد التصعيد ،أو ان هذا تصرف فردي ،لا يعبر عن مجمل السياسة الاسرائيلية ،وأن بيننا وبينهم معاهدة سلام ينبغي الحفاظ عليها ، من اجل الحفاظ على الامن القومي المصري ومتطلباته.
وقد حدث شئ مشابه - بالفعل - ابان كان محمد بسيوني سفيرا لمصر بتل ابيب ،وتعرض لاهانات متتالية ،ونشر اخبار وصور له في صحف اسرائيلية ،بطريقة غير لائقة ومسيئة، ولم يكن ثمة رد فعل ذا بال.
وكذا الحال عندما قامت قوات الاحتلال الاسرائيلي بقتل جنود مصريين علي الحدود اكثر من مرة ،أو حتى حين تعرض الرئيس مبارك نفسه للاساءة من ليبرمان الذي يشغل حاليا وزير خارجية الكيان.
على العكس ابتلعنا الاهانات مرات ومرات ،وعبرنا فوق الاساءات، واكملنا طريق المهانة ،وضاعفنا وتيرة التطبيع ،وتسخين العلاقات الباردة ،خاصة في عهد السفاح نتانياهو، بل وامتدحناه ، فاستحققنا امتداح اكبر منظمة صهيونية عالمية" الايباك".
مثلي مثل كثير من ابناء الشعب المصري نستهجن هذه السياسة الحمقاء المهينة ،ونتسأل.. لماذا لا ينظر المسئولون المصريون حولهم ،ويتعلمون الدرس من تركيا مثلا..هل اتخاذ مواقف حاسمة وقوية ،مثل اعتراض انقرة على حرب غزة ،ورفض اقامة تدريبات عسكرية مشتركة مع تل ابيب ، تماشيا مع الشعور العام ،وامتصاصا للغضب الشعبي ..كان معناه ،لو سارت تركيا وفق "المنظور المصري الرسمي".. تمزيق لاتفاقات السلام واعلان حالة الحرب؟
هل دعم قافلة شريان الحياة2 ،ومحاولة تذليل العقبات التي واجهتها ،واشراك برلمانيين اتراك فيها ..خرق للاتفاقات السياسية الموقعة مع اسرائيل ،وعملية استفزازية؟
وهل التعاطي مع حماس على نفس مستوى الانفتاح مع فتح يعني اعترافا بدولة اسلامية في غزة ،واعطاءها شرعية دولية مرفوضة؟
وهل ثمة مصلحة لتزايد مصر على نفسها ،وترفع شعارات في غير محلها ولا سياقها مثل" السيادة" و"الامن القومي" واحترام" القانون الدولي" لتبرر افعال غير قانونية ،وغير اخلاقية مثل ادامة الاحتلال والحصار ، والحديث مثلا عن لسان وزير خارجيتها ابو الغيط عن الالتزام الصارم الذي لا رجعة فيه ، باتفاقيات المعابر التى لم توقع مصر عليها اصلا ،ومن ثم لا مسئولية قانونية عليها ،علاوة علي سقوطها بفعل متغيرات واقعية افرزتها تغيير موازين القوى داخل قطاع غزة ،وسيطرة حماس عليه ،وخروج كل من الطرف الاسرائيلي والاوروبي من المعادلة السابقة،وفرض امر واقع جديد ،أو تصريح رئيس الديبلوماسية المصرية اللاديبلوماسي نهائيا عن اننا لن يسمح مرة اخرى بمرور قوافل الاغاثة الانسانية من الاراضي المصرية ،في اساءة واضحة لصورة مصر ،وتشويه لصورتها ،وعدم تقدير تداعيات مثل هذه المواقف المتشنجة.
ان القراءة الصحيحة للموقفين المصري والتركي من القضية الفلسطينية وطريقة التعاطي مع الكيان الصهيوني- مؤخرا- تؤكد ان التقديرات الصحيحة للامور،ومن ثم المصلحة الوطنية غائبة هنا ،وحاضرة هناك ، ونتيجة ذلك فان الحركة هناك اوسع ،والحصاد اكبر وصورة تركيا تزداد بريقا يوما بعد يوم ، والنفوذ يزداد اتساعا ، فيما هنا جمود متواصل ،وردود افعال مرتبكة ،والخسائر كبرى سياسيا واستراتجيا، علاوة على الصورة المصرية التى تزداد تشوها والتأثير الذي يواصل تراجعه بانتظام ، والسبب واضح ،وتلخصه مقولة الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر :"الخائفون لا يصنعون الحرية ،والايادي المرتعشة لا تقدر على البناء".
*كاتب صحفي مصري
Email:[email protected]



















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟