الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين تكمن خطورة البعث؟

زهدي الداوودي

2010 / 1 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



كان ذلك في القسم الثاني من العام 1959. وكان ما يسمى بالمد الثوري قد انحسر بشكل درامي، حيث تم حل فصائل المقاومة الشعبية ولجان الدفاع عن الجمهورية وجرت حملات القاء قبض واسعة ضد الشيوعيين والديمقراطيين والتقدميين بلا هوادة. ومما زاد في انحسار المد الثوري الخطاب التعس الذي ألقاه (الزعيم الأوحد) عبد الكريم قاسم في كنيسة مار يوسف. وبدت المسألة في البداية كما لو أنها حملة تاكتيكية ضد اليسار، يراد منها توجيه ضربة قاضية ضد البعثيين والقوميين. أو هكذا كان يفكر البسطاء من مؤيدي الثورة، ممن كانوا يعتقدون بأن عبد الكريم قاسم عضو في الحزب الشيوعي العراقي وأسمه الحزبي "مطر".
أقول، في مثل هذا الوقت سألني صديق عن مصير البعثيين الذين تطاردهم الجماهير من جهة وسلطات الأمن من جهة أخرى. وبدا لي الأمر كما لو أنه يعطف عليهم. ووجدت سؤاله في غير محله هو الذي يعتبر نفسه من جبهة اليسار، رغم معرفتي أنه لا يتعاطف معهم. قلت له: لماذا تفكر في مصير البعث ولا تفكر في مصير جماعتك الذين يطاردونهم كما تطارد الذئاب الخراف؟ قال متأملا بلهجة حكيم: هذا موضوع يمكن أن نناقشه فيما بعد، والآن أريد منك الجواب على سؤالي: هل يتمكن عبد الكريم من القضاء على البعث؟
قلت بدون تفكير:
"كلا".

عرفت أنه كان لا يتوقع مني هذا الجواب. وحين أراد أن يعرف سبب إجابتي بنعم، قلت إن لهذا الحزب تنظيما وايديولوجية. لم يقتنع صاحبي بكلامي. وصاح غاضبا: أن ايديولوجيتهم فاشية.
قلت: بالضبط لهذا السبب.
وظل مصرا على رأيه بأن قاسماً سيوجه إليهم ضربته القاصمة في الوقت المناسب ويعيد المد الثوري إلى مجراه السابق وينتهي كل شيء. ظل صاحبي يحلم بامنيته إلى أن صحا يوم 8 شباط 1963 على طرقات أفراد الحرس القومي على باب بيته. وكان ما كان.

وشاءت الصدف أن تجمعنا جبال كردستان، لنعيش حياة الانصار ونسقط النظام الدكتاتوري الشرس بأسلحتنا البالية. ثم جمعنا السجن لنقضي فيه عقوبات جريمة تأييد الثورة والدفاع عن الزعيم الأوحد. واستمر حوارنا كما لو أنه انقطع قبل أيام.
"هل تتذكر نقاشنا؟"
"نعم أذكر ذلك ولا أنساه"
وتبين لي من خلال مناقشاتنا الطويلة أن صاحبنا قد استوعب الموضوع بشكل واف. ولما مدحته لموقفه وتحليلاته، قال متألما:
"ولكن، بعد خراب البصرة. ما الفائدة؟"
والآن يهزني أنا السؤال الآتي:
"هل يمكننا أن نستفيد من تجربة مر عليها نصف قرن من الزمن؟"
"لم لا؟"
أين تكمن إذاً خطورة البعث؟
خطورته تكمن في أنه يملك تنظيما وايديولوجية.
تنظيماً مافيوياً وايديولوجية فاشية وفلسفة انتهازية، محتواها:
"الغاية تبرر الوسيلة وانحني أمام العاصفة"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم تستفيدوا مما سبق بعد
طيف سلطان الزبيدي ( 2010 / 1 / 14 - 06:58 )
لن يغير أيا منا قناعاته المسبقة وما مقالاتنا إن هي إلا التشبث بارائنا حتى لو تبين عقمها وجهد ضائع ومع هذا فلعل البصيص من النور يكفي لإنارة زاوية معتمه واسأل السيد زهدي هل قلت الحقيقة بتحليلك سبب الخوف من البعث !؟ لم تفعل وأجبت بنصف الحقيقة وهو انه يمتلك اديولوجيه وتنظيم رصين ولكنك لم تذكر كل الحقيقة التي حاولت التعمية عليها ولي إن أكمل ما تعمدت التعمية عليه. وهل بالإمكان إن تحجب الشمس بأسراب الجراد وان كثرت ؟! إن جماهير البعث أمنت بالمبادئ التي حملتها رسالته وليس ما يدعيه أعدائه من ان انضمامهم بالإكراه أو انتهازا للفرص و ينكرون عليهم الإخلاص ويلصقونها بأنفسهم وهذا تجني على الواقع. إن المطاردة والتصفية للبعثيين من المحتل و عرابية مهما كان لون الراية التي يرفعوها وتبريرات الانحدار الذي سقطوا فيه وأسفي إن ليس بالقليل من اليسار ممن كنا نعتقد انه لا يمكن إن يعاضدوا المحتل الامبريالي !! وما أضحت عليه أوضاع البلد وأبنائه هي الأسباب التي ستعيد البعث إلى الواجهة وتأييد الجماهير له مهما وصف من أعدائه ومهما سوق من تدليس لان الحقيقة قد خبرتها الجماهير وعرفت ما حل بالبلد بعد سبع سنوات عجاف.


2 - متى نتعلم ونحن جاهليين -من الجاهلية-ا
ابو العلا العباسي ( 2010 / 1 / 14 - 10:49 )
اضحكني تعليق الزبيدي طيف واسراب جراده وترديده ماكان وما كانوا يجترونه لاكثر من نصف قرن حول الحزب القائد والرئيس القائد والقائد الضرورة وكأنكم تتلذذون بالعبودية وتمجيد الاصنام ولم تشهدوا مايجري بالعالم ولا تريدون ان تتنسموا الحرية مهما كانت ضعيفة ونقلتم بلدنا الى القرون الوسطى وشعبنا الى قبائل بدائية قبل مئات السنين بفضل حزبكم القائد وقائدكم الضرورة, وبالغاية تبرر الوسيلة - وعليك بالراس كطوا-, وأنا اعرف المتآمر من عيونو حتى لو كان لابس مناظر-.. اليست هذه فلسفتكم وهذا تراثكم؟ الم ينقلب الركابي على رئيسه عبد الكريم قاسم وهو وزير معه واغرق البلد ببحر من الدماء؟ الم يجتذ القائد الضرورة اعضاء قيادته ثم تصفية رئيسه البكر غدرا؟ لقد اخذ البعث فرصتين دمويتين بالتخريب والتدمير وليترك العراق يسير نفسه بابنائه, والسياسي الذي يلعب بذيله كائنا من كان ينتظره نعال ابو تحسين!!1


3 - متى ندرك اهمية السؤال؟
صباح كنجي ( 2010 / 1 / 14 - 11:46 )
خطورة البعث خارج السلطة الآن لا تقل عن خطورته في تلك الأيام.. البعث بفكره وتنظيماته ونمط المجرمين المنخرطين في صفوفه يشكل الجناح الأكثر تطرفاً من القوميين الشوفيين المتعنصرين العرب وتتخطى حدود خطورته اليوم ومستقبلا حدود البلدان العربية بسبب تحالفه مع تنظيمات الارهاب الاسلاموية التي تهدد العالم.. في المقبل القادم من الوقت سينفذ هذا الحزب المزيد من الجرائم بحق مكونات المجتمعات الشرقية من العرب وغيرهم.. وهذا النموذج ( الزبيدي) الذي يعلق على كتابات اليساريين ويمجد البعث في تعليقاته من خلال الحوار المتمدن يمثل نموذجاً للبعثي الذي لا يمكن ان يستفيد من تجارب التاريخ لأنه كأقرانه العنصريين لا يشغل دماغه إلاّ بشحنات الحقد والعنف.. انهم يعشقون الدم ويزرعون الموت اينما كانوا.. هذا ديدنهم.. والسؤال بأين تكمن خطورة البعث؟ ستجيب عنه السنوات المقبلة بالمزيد من الجرائم بحق شعوب البلدان العربية.. قبل ان ندرك طبيعة هذا الحزب الأجرامي ونتخلص من تأثيره ونمحو دوره..
صباح كنجي


4 - رداً على الزبيدي , البعث أكثر أجراماً
الدكتور صادق الصراف ( 2010 / 1 / 14 - 16:38 )
قبل تحرير العراق من الفاشست , سئل السيد جلال الطالباني من قبل وسائل الاعلام . ايهما تفضل الاحتلال , أم بقاء حزب البعث في السلطة . فأجاب لا هذا ولا ذاك . ولما أصر المراسلون على المفاضلة لإفتراض عدم وجود خيار ثالث . أجاب , مصيباً , بأنه يفضل الاحتلال . وأنا بدوري أضيف لو كان الخيارفقط بين بقاء البعث والصهيونية لاخترت الثانية لانها أقل إجراماً ووحشيةً وظلماً من البعث الفاشي الذي دمر العراق وجلب الويلات والمآسي لشعبه


5 - خيار الفكر الصهيوني ليس خيار عراقي!
طيف سلطان الزبيدي ( 2010 / 1 / 14 - 18:46 )
ليس مصداق قولي إلا ما جاء في تعليق السيدين أبو العلا وكنجي فلقد طرحت رأيي الذي استبقت بت كل ردود أفعالهم وكنت مصيبا . أناس تقرأ ولا تفهم أين الإرهاب في مضمون أقوالي وهل ذكرت أيا من الشخصيات التي كانت تقود البلد أو الحزب؟ إن النقاش ينصب على الفكر .
هل أسقطت إعمال ستالين في تصفية معارضيه (المبادئ الشيوعية ) ؟التي طالت أعضاء القيادة والبرلمان إلا القليل وأولهم المنظر تروتسكي وزير خارجية البلاشفه ولم يسلم منه حتى زوجته وهنالك ممثل دارج (إن الثورة تأكل رجالها ) إما إن يكثر الكلام غير المنتج في اجتثاث فكر ليس بمقدور الكنجي ولا العباسي ولا من يدعمهم إن يحققوه أبدا. إن الفكر لا يغلبه إلا فكر مقابل إما التكلم بالعموميات واتهام الخصوم بالترهات من القول وعلى شاكلة المعممين في تكفير الأخر, ما هذا إلا الفصام الذي لا ينفع معه دواء. وأخيرا هل هنالك فكر يساري اقرب إلى الشيوعيين من البعث؟ وهل الحزبين الكرديين العنصريين والأحزاب الدينية هم من الأحزاب اليسارية ؟! و تعليق الصراف وتفضيله الصهيونيه على البعث والمتوائم مع فكر مام جلال بطل بشت اشتان وتفضيله احتلال بلده
. لقد فهمنا الرد فلا تعقيب منا !


6 - السادة المشرفين على الموقع
الدكتور صادق الصراف ( 2010 / 1 / 14 - 20:34 )
لماذا لم ينشر تعليقي رقم 6 وهو لا يختلف مضموناً من التعليق رقم 4 , بل توضيحا له ولا يشمل أي تهجم أو إعتداء مع فائق الاحترام


7 - السيد الزبيدي المحترم
زهدي الداوودي ( 2010 / 1 / 15 - 17:29 )

شيء جميل أن يكون الانسان صاحب عقيدة، ولكن ليس على حساب بؤس الآخرين ومصادرة عقائدهم وحرياتهم وتخريب البلد. إن العقيدة مهما كانت، يجب أن تكون إنسانية، تحترم عقائد الآخرين. ورأينا كيف أن التعصب في العقيدة يؤدي إلى الارهاب وقتل الابرياء . ماذا يريد بن لادن. ما الفائدة من حكم أرض بلا بشر؟ شكرا لاثارتك النقاش. كما وأشكر الاخوان أبو العلاء العباسي وصباح كنجي وصديقي الدكتور صادق الصراف لتعليقاتهم الجميلة. مع التحيات.
زهدي الداوودي

اخر الافلام

.. هل يمهد ماكرون الطريق أم يقطعه أمام لوبان إلى الإليزيه؟ | ال


.. مجموعة السبع تسعى للتوصل لاتفاق حول استخدام أصول روسية مجمدة




.. إنتر ميامي الأمريكي آخر ناد في مسيرة ميسي الاحترافية؟


.. حماس تؤكد أن التعديلات التي طلبتها على خطة وقف إطلاق النار ف




.. ردود الفعل متواصلة على طرد سيوتي من رئاسة حزب الجمهوريين في