الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميزوبوتاميا

سعدون محسن ضمد

2010 / 1 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بماذا تحدثك نفسك عندما تقود سيارتك في طريق عام ويفاجؤك أن هذا الطريق مقطوع بخيمة عزاء تخص أهل ميت وصل بهم مستوى وعيهم حداً صور لهم أن إقامة عزائهم في طريق الناس حق من حقوقهم وأن تصرفهم هذا لا ينتهك القانون ولا الذوق العام ولا حرية وحقوق الآخرين؟.. وبماذا تحدثك نفسك، عندما يتكرر الموضوع ولا يفزع الناس ولا يشعر أحد من حولك بأن الذوق العام قد أُغرق بالوحل وأن القانون تحول لمهزلة وأن حقوق الآخرين أصبحت نكتة؟..
بماذا تحدثك نفسك عندما تنهار أخلاق أهلك ولا يعترض أكثرهم على هذا الانهيار؟
وبماذا تحدثك نفسك عندما يتعرض ضابط في شرطة المرور للضرب من قبل شاب مغرور يعتقد أن كثرة معارفه من السياسيين تجعله فوق القانون، ولذلك تعوَّد أن يضرب كل من يُطبق القانون عليه. وبماذا تحدثك نفسك عندما لا يخيب ظن هذا المراهق وتفزع (عشيرته السياسية) لإنقاذه من السجن، على رغم أنف ضابط التحقيق الذي حاول أن يبقيه ليلة واحدة في السجن، فقط ليلة واحدة، بحجة أن إخلاء سبيله مسؤولية القاضي. لكن مع ذلك تمكن الساسة الأفاضل من إيجاد قاض يدين بدينهم ويرضي غرورهم ويفرج عن مراهقهم بمنتصف الليل حماية له من الجروح المعنوية التي قد تنال من غروره، وقد تم نسيان الجروح الجسدية التي ملأ بها جسد ضابط المرور..
بماذا تحدثك نفسك عندما يُنتهك القانون من حولك ومن قبل المسؤولين عن حمايته؟
وبماذا تحدثك نفسك عندما تقود سيارتك ليلاً في طريق عام خال من الإنارة وتفاجئك حفرة كافية لالتهام ربع مقدمة السيارة، وهي غير محاطة لا بسياج فسفوري ولا بأي من علامات التحذير؟.. وبماذا تحدثك نفسك عندما تألف مفاجآت هذه الحفر ولا تعود ترتبك منها بل وتكتسب قدرة (وطواطية) على مناورتها حتى في أحلك الليالي ظلمة؟
بماذا تحدثك نفسك عندما تتبخر من حولك آخر علامات المدنية؟
شخصياً حدثتني نفسي بالكثير من الوساوس، منها أن ترك هذا البلد خير من البقاء فيه، ومنها أن محاولات الإصلاح (اليائسة) غير كافية وأنها ستذهب أدراج الرياح، وحدثتني نفسي أيضاً بأن عملية بناء دولة مدنية على النمط الحديث فاشلة لأن البعض من القائمين عليها بحاجة لتعلم أساسيات أخلاق الدولة المدنية الحديثة..
وساوس كثيرة أخرى حدثتني وتحدثني نفسي عنها وأنا أشاهد يومياً أمثال هذه الفجائع، لكن حديث نفسي دائماً يجتمع ليصب بفكرة واحدة تقول: أننا كشعب وكمجتمع قطعنا آخر الخيوط التي تربطنا بالزمكان الذي نحن فيه.
نحن معزولون عن العالم المحيط بنا، لا نرتبط معه لا بالزمان ولا بالمكان، ومعنى أن الارتباط المكاني مقطوع يثبتها الحادث الأول، فإقامة سرادق العزاء في الطريق العام المخصص للسيارات جريمة أخلاقية لا يجرؤ على ارتكابها حتى سكان قرية يعيشون في أكثر بلاد الله عزلة، فما بالك بسكان عاصمة بلد يعد من أعرق بلدان العالم وأكثرها أصالة؟! ألا يعني هذا بأننا نعاني قطيعة مع مكاننا؛ أي العاصمة؟ فضلاً عن الزمان الذي هو بداية الألفية الثالثة بعد الميلاد!.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مثل هذا الاستغراب بحد ذاته ظاهرة مفرحه تعني ا
اكاديمي مخضرم ( 2010 / 1 / 14 - 14:17 )
في سنة 56 سافرت الى اوربا للدراسة الجامعي التي انهيتها بل وحصلت
على الماجستير عام 62 حيث بداءت فيها متحمسا للحصول على الدكتوراه
وكانت رسالتي عن التطور الاقتصادي في العراق حتى الستينات
واثناء دراستي زرت الوطن عدة مرات والموضوع تطلب مني متابعة امور بلادنا
وكان وانا شاب كالاستاذ الكاتب الان ترهقني امور كثيره وخصوصا ان يكون للعراق قائد في شخص المخبول الارعن عبد السلام عارف
وكان الجزء الاول لاطروحتي مقدمه تاريخيخ جغرافيه واجتماعيه للعراق
ومن حيث لاادري كان ذالك الهاجس مخيما على عقلي - بلد يقوده ارعن مخبول يمكن ان يسمى اصلا بلدا وكتبت الجزء ذاك بحوالي سبعين صفحه
واذا باستاذي الاوربي يعيده الي بعد اسبوع مملوء شخابيط وهكذا تكررت الكتابه
وشخبطة البرفسور اكثر من ست مرات وفي كل مره حينما كان الاستاذ يسلمني
مسودة الفصل الاول لاطروحتي يقول لي عليك ان تاءخذ دوش بارد ثم تكتب
وبعد تكرر ذالك مرات سالت البرفسور ماذا تعني بالدوش البارد قال لي بامتعاض عليك ان تعلم انك تكتب عن العراق وليس عن سويسرااو بريطانيه
لماذا لاتعجبك حكومة عارف عليك ان تعلم كل شعب عنده حكومه على
مقاسه


2 - استغراب اخر
رياض حافظ ( 2011 / 2 / 4 - 18:49 )
دعنا من الزمكان فمن الممكن ان نجد العلاج ولكن بماذ تحدثك نفسك عندما ترى ان الذين يستحقون قيادة البلد معزولين لا يعرفهم الا القليل لانهم لا يعرفون الكذب والخداع لانهم تمسكوا بقيمهم ومبادئهم ماذا تحدثك نفسك عندما ترى اب يشجع ابنه على امتهان التسول ماذا تحدثك نفسك عندما ترى ام تجعل من ابنتها عاهرة لكي تجعلها فرجة عسى ان ياتي تعيس الحض ليخطبها وماذا تحدثك نفسك عندما ترى البلاد تنهار امامك ولا تستطيع ان تحرك ساكن وماذا تحدثك نفسك عندما ترى وترى وترى وترى وترى ..... حدثتني نفس اننا بحاجة الى نتمسك بقيمنا لا ان نراها تراث بالي ماعاد يجدي نفعا لا بل بقيمنا نهض الكل ونحن بتركها انقطعنا عن الزمكان

اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال