الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إهانة أمريكية -ذكية- للشعب الليبي

ليلى أحمد الهوني
(Laila Ahmed Elhoni)

2010 / 1 / 14
السياسة والعلاقات الدولية


بعيدا عن مشاعر و كرامة الليبيين، وبعيدا عن معاناة ومآسي و كوارث، عاشها الشعب الليبي على مدى عقود طويلة من الزمن، وضعت أمريكا النقاط التي تريد، على الحروف التي سطرها القذافي بدماء ضحايا لوكربي، وهي الدماء التي لطخت ليبيا اسما وشعبا.

إنني لست بالخبيرة الاقتصادية، أو الكاتبة المحترفة، ولكن الواقع الذي عشته كمواطنة ليبية في فترة ما، يعطيني الحق في كتابة ما شاهدته وما عايشته، وما عانيته مع الشعب الليبي طيلة فترة الحصار المميت، الحصار الذي نفذه القذافي علينا نحن كشعب، و بتضليل للحقيقة متهما أمريكا بأنها وراءه، والحصار الذي لم يتضرر منه القذافي ومن معه لا من قريب ولا من بعيد.

طوال تلك السنوات العجاف، القذافي لم ينقصه الخبز ولم ينقصه التموين المعيشي، القذافي لم يجوع كما جاع أبناء الشعب الليبي، و القذافي لم يقف مثلهم في طوابير طويلة ينتظر قطعة لحم مستوردة، غلب لونها الأزرق على اللون الأحمر، وزكمت رائحتها أنوف الليبيين.

هذه الفترة لم و لن يمحوها من ذاكرتي ولا ومن ذاكرة الشعب الليبي أي شيء.

فالقذافي لم يخرج كأي مواطن ليبي في منتصف الليل باحثا عن مستشفى ليعالج أحد أبنائه، ولم ينتظر كبقية المواطنين بالشهور، لكي يتحصل على دواء انتهت صلاحيته أو تنتهي صلاحيته مع نهاية الشهر، و القذافي أيضا لم ينتظر إلى نهاية السنة الدراسية لكي يحصل لأبنه أو لأبنته على كتاب دراسي قارب منهجه على الانتهاء.

القذافي لم ينقطع عليه الماء ولم ينقص منه شيء في بيته، ولم يتعب كبقية الليبيين من أجل جلب براميل المياه من مسافات بعيدة للاستخدام اليومي، و القذافي لم يقف في طوابير الجمعيات الاستهلاكية لكي يتحصل على تموين بسيط، لا توجد عليه حتى إشارات تاريخ صناعته أو انتهائه.

و القذافي لم يتعرض للاهانات أو للشتائم من العاملين في هذه الجمعيات، لكي تفرض عليه سلعة معينة من أكل أو ملبس، و القذافي لم يحل عليه عيد من الأعياد كبقية الليبيين، وليس لديه ما يكفي من مال أو راتب شهري ليشتري لأطفاله ملابس العيد.

القذافي كان يتنقل من استراحة إلى استراحة "قصور" مع الخدم والحشم، والحراس والحارسات وبقية العبيد، بينما عدد من أبناء الشعب الليبي لا يجدون المسكن الذي يأويهم ، ومن لديهم مسكن لا يجدون مواد البناء البسيطة ليرمموا بيوتهم المتهالكة حتى تقيهم برد الشتاء وحر الصيف.

و القذافي لم يعاني كبقية أفراد الشعب الليبي عند الانتقال من مكان إلى مكان، أو من منطقة إلى منطقة، أو من مدينة إلى مدينة، فلا مواصلات عامة ولا سيارات في متناول المواطن العادي لكي يقتنيها، وحتى لو امتلك سيارة لا يمكنه إيجاد قطع غيار لها.

إن سنوات الشر والقحط التي عاشها الليبيين، لم تترك أثارها السياسية والاقتصادية فحسب، بل وصل الحال إلى زعزعة الأوضاع الاجتماعية فيها، بتفشي الفساد كبيع المخدرات و ما شابه، وأحيانا إلى بيع الشرف بدافع الحاجة إلى قوت يومهم.

لم تكن معاناة الليبيين فقط في الحالة المعيشية المزرية التي فرضها عليه نظام القذافي داخل البلاد، بل فتحت هذه السنوات العسيرة الأبواب على مصراعيها، لكل دول الجوار باستغلال الأوضاع التي كان عليها المواطن الليبي، الأمر الذي قلل من قيمته مثلما قلل من عُملته.


كل هذا الذي ذكرت، هو مجرد قطرة في بحر المعاناة التي عاشها الشعب الليبي فقط، ولم يعشها و يعانيها القذافي وكل من معه.

لقد خلفت هذه المرحلة القاسية، في نفوسنا وقلوبنا نحن الليبيين جراحا دامية لم تلثئم بعد.

ومرة أخرى، تعود أمريكا لتعطي القذافي فرصة لتضليل الشعب الليبي، بعد أن دفع هذا الشعب ثمنا باهظا في الماضي، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ثمنا مس كل جانب من جوانب حياته، بما في ذلك عزة نفسه وكرامته.

والآن سيتجرع المواطن الليبي مرة أخرى مرارة الذل والمهانة وسيدفع نفس الثمن، ولكن هذه المرة سيكون برعاية وقبول أمريكي، يحمل إهانة "ذكية" للشعب الليبي، ويمكن القذافي أو أحد أبنائه من الاستمرار في السلطة والحكم.

إن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك جيدا حقيقة مشاعر الشعب الليبي اتجاه هذا الحاكم الديكتاتور، الذي ضلل الليبيين لمدة أربع عقود، ومع ذلك فهي تسهم من جديد في استمرار هذا التضليل

لقد أثبتت لنا كل الحقائق والوقائع زيف الشعارات التي رفعتها أمريكا حول الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتأكد للشعب الليبي كبقية الشعوب، أن أمريكا فقط تلهث وراء مصالحها، وليس مهما لديها حتى ولو تعاملت مع طاغية مثل القذافي من أجل هذه المصالح.

لقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في إعطاء القذافي ونظامه الإرهابي دروسا في كيفية التعامل مع أسياده، كما نجحت أيضا في تحقيق مبتغاها وبالطريقة التي تريد، وغضت النظر كل النظر، عن كرامة و مشاعر وطموحات الشعب الليبي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ستار الدين
ليلى أحمد الهوني ( 2010 / 1 / 14 - 17:58 )
سيدي يوسف .. إن هؤلاء الارهابيون ومن يتسترون خلف ستار الدين الاسلامي هم أناس لا تحب الله ولا تحب رسوله ولا يحبون اي شيء في هذه الدنيا الا الاجرام والقتل فقط ليرضوا طبيعتهم وغريزتهم الشرسة الحيوانية.. فلا أعتقد يا عزيزي أن من يدعي حب الله يقوم بقتل عباده فحب الاله من حب خلقه .. وحسب قناعاتي الشخصية وما انا اراه بأنهم أي هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه الجرائم في حق الأبرياء مجموعة من الاوغاد الشجعين الطماعين الذي يعتقدون بمثل هذه الاعمال سوف ينالون الجنة بدون حساب فقط للوصول إلى الجنة بكل طمع اي ليس طاعة لا في الرب ولا في الرسول .. ولعلمك هؤلاء لم ينالوا شيء في الدنيا ولن ينالوا اي شيء في الآخرة ...أما أمريكا اللعينة ومعها القذافي سخطه الله وكل الحكام الدكتاتوريين معه سواء عرب او غير العرب فهؤلاء هم سبب البلاء والهموم التي لحقت بالانسان المواطن العادي ونالت منه واهدرت كل حقوقه.. فيا سيدي لا كرامة ولا حياة لأي إنسان لطالما انه يقبع تحت نظام سلطوي تعسفي كالانظمة القمعية الموجودة في العالم سواء الانظمة الاسلامية او غيرها من الانظمة الفاسدة التي لا تعد ولا تحصى


2 - تللسقف
يوسف حنا بطرس ( 2010 / 1 / 15 - 16:52 )
الاخت ليلى يبدو لي انك لم تقراي ما بين السطور بالاضافه الى التعليق هناك سر بين السطور اريد ان اوضحه لك بما انك لم تقرئيها المشكله ليست بالحكام بل في تعاليم اربعه عشر قرنا منذ ان ادعى محمد رساله الارهاب وكل الخلفاء سائرون على منهج محمد ومن يخالف تقطع رقبته هذه هي النعمه التي تكلمت عنها وهذا هو السلام الذي اريد ان اوصله لك ولكل من يقرا مقالتك لان القران يعلم الارهاب والقتل اما المسيحيه التي يحاول القذافي ومن لف لفه ان يسقطها ويهينها ويدعى تحريفها كما شاهدت يوما وهو يمسك انجيل برنابا وهو يقول هذا هو الانجيل الصحيح وانجيل برنابا يطعن في الاسلام اكثر من المسيحيه ولكن الكذافي مهووس بعقده المسيح ويقض مضجعه لانها رساله محبه وسلام التي لا تروق لمثل هولاء الاوغاد ..من لك تحيه محبه وسلام


3 - آسفة سيدي
ليلى أحمد الهوني ( 2010 / 1 / 15 - 19:12 )
السيد العزيز يوسف.. أسعدت مساءا.. كم أسعدني وشد خاطري تواجدك الطيب وتجاوبك المثمر في التحاور معي .. وكذلك أحب أن أشكرك عزيزي على الايضاح .. فعلا صدقت في كل كلمة قلت وكتبت..كما أني اتأسف جداً على التسرع في الرد وعلى سوء الفهم.. أما بالنسبة للقذافي ذلك المريض المعتوه فهو بالتأكيد وكما ذكرت مهووس ومجنون وليس لديه ذرة أخلاق ولا يعرف أحترام المعتقدات الدينية ولا يعرف أحترام أي بني آدم على وجه الخصوص فهذه هي أخلاقه ولم نعرف عنه نحن الليبيين وغير الليبيين منذ أن عرفناه غير هذه المستويات الهابطة والمتدنية جدا من سوء الأخلاق.. كما أنه معروف لدى الجميع بأن يحارب باستمرار وينقم على كل الأديان وخصوصاً الديانات العفيفة التي تدعوا إلى المحبة والسلام.. ويخلط كل المفاهيم لأنه من الأساس لا يفهم.. فلا تكثرت عزيزي فالمسيحية محفوظة في القلوب ولن يشوبها شائبة من رأي متخلف كرأي القذافي ومن على شاكلته
أخي الفاضل يوسف آسفة مرة ثانية على سوء الفهم وشكرا لك مرة أخرى ومرات عديدة عى الحضور المتميز.. دمت بخير وليحفظك الاله أينما كنت سيدي


4 - الى السيد يوسف حنا
عماد توما ( 2010 / 1 / 15 - 19:20 )
ياأخ يوسف ( تللسقف) .. لقد ضاقت صدورنا بما تكتبه وتنشره من تعصب وكراهيه ..نعم المسيح دعى للسلام والمحبه ولكن أين أنت من تعاليم دينك ..أستنكرت على كاتبه رأي كتبته لم تتعرض فيه للمسيح أو للعذراء لم تقل سوى رأيها في ظهور العذراء على الناس ورؤيتها غضبت ودعوت عليها بكسر قلمها لمجرد أشاعه ولكن تسمح لنفسك بشتم نبي المسلمين وكتابهم وهذا بعيد عن الخلق والأيمان ..إن كنت مسيحي كما تدعي عليك بالذهاب الى كنيستك وسؤالها لعلها تشفيك وتزرع في نفسك ثقافة أحترام الآخر التي لم تتعودها أبداً.


5 - مشكورة اختنا الكريمة ليلى
عبد الله بوفيم ( 2010 / 1 / 15 - 20:03 )
لم اكن أعلم أن الحصار المفروض من طرف الغرب على ليبيا, تضرر منه الشعب الليبي غاية الضرر, وفي جميع الميادين, أما كون الرئيس الليبي لم يتضرر فتلك سنة الله في الكون, لا يتضرر القائد إلا بعد أن يكون الجميع قد تضرروا, وغالبا لا يصله الضرر ابدا, لكونه يتضرر نفسيا بضرر قومه, الذين فقد احترامهم له, بعد أن عانوا بسببه
لقد خرج لويس 16 عشر عن المتظاهرين, الباحثين عن الخبز في فرنسا, وبعد أن عرف أنهم لم يجدوا الخبز قال لمحيطه فلياكلوا الحلويات, وأعلم أن الخبز الحافي غير موجود لدى الشعب فكيف تكون لديهم الحلويات, عندها علم أنه لم يعلم بمشاكل شعبه, وكان مستحقا للعزل
وأقول للسيد يوسف, إن الاسلام يا رجل كان وما يزال وسيبقى الدين العالمي الذي يؤرقك في يقظتك ومنامك, وستسمع الأذان ورغما عنك, في كل غفوة تغفوها, إلا أن تذرك أن الله أكبر بحق, وأنه الخالق الجبار المتكبروأن معبودك خلق من خلقه
وعلاقة بموضوع الأخت ليلى, اقول إن الرهبان والقساوسة هم حقيقة اشد تكبرا وجشعا من الرئيس الليبي, لكونهم يطالبون المرأة بالخروف والحمام, لكي تتوب عن النفاس, وبالحمام بعد كل حيضة, لتنال المغفرة


6 - تللسقف
يوسف حنا بطرس ( 2010 / 1 / 15 - 20:06 )
اختي العزيزه جدا ليلى اشكر محبتك وردك وانا جدا ممتن لك ليس لانك تعضدين دين او معتقد ولكنك تتكلمين الحق فمثلا لماذا انا مهاجر الى امريكا اليس بلدي العراق لو كان فيه سلام افضل منها ..اشكر محبتك الاخويه وردك يا اختي الحبيبه ..سلام اترك لك ومحبه وانشاء الله سيعم السلام في الارض ونعيش بسلام وامان


7 - اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية
ليلى أحمد الهوني ( 2010 / 1 / 15 - 20:52 )
إخوتي الكرام الأفاضل.. شكرا جزيلاً لهذا الحضور الحواري المهم والمفيد.. كما أتمنى من سيادتكم أن لا ننسى جميعنا القول المأثور -اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية - .. وأن نتذكر بأن مشكلتنا أولا وأخيرا ليست بعقولنا أو في قلوبنا إنما مشكلتنا الأساسية في حكامنا وخصوصا أولئك الذين يحكموننا بالحديد والنار ولا يحسبوا لكرامة الإنسان وحقوقه الطبيعية أي حساب.. فأرجو منكم رجاء خاص أن لا تلهينا اي مناوشات وإختلافات أفكار وأراء بيننا والتي قد تدفعنا للتطاول على بعضنا البعض.. شكراً مقدماً أيها السادة الأعزاء لتفهمكم الموقف وما نحن به وعليه .. دمتم في رعاية الله وحفظه جميعاً


8 - تللسقف
يوسف حنا بطرس ( 2010 / 1 / 15 - 23:17 )
الى المدعي عماد توما الذي ليس توما وعبد الله بوفيم انتم على خطا مما تقولون انا لست عنصريا ولا اكره المسلمين ابدا لو تعلمو انني عشت اربعه وعشرين عاما في اكبر مدينه مقدسه عند الشيعه وهي الكاظميه اذا كنتم سمعتم بها وكل احبائي واصدقائي من المسلمين ولم يكن لي عدى في الصغر صديق مسيحي وكلهم كانو من الشيعه والسنه انا لا اكره المسلمين بل التعاليم الارهابيه في القران اما عبد الله فليس الفخر بالكميه بل بالنوعيه اليهود عشرون مليون ولكنهم يسيطرون على اغلب دول العالم ماكثرها الدول الاسلاميه ليست العبره بالكميه بل بالنوعيه

اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام