الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لسان الجرح المبين

علي شكشك

2010 / 1 / 15
القضية الفلسطينية



أين يستوطن الحق في كل هذا الركام؟ وأين هو الصراط في هذا الغبار على احتلال صفحات الوعي البشري في جهات المعمورة, حين تصبح "صناعة الحقيقة" تكنولوجيا تتنافس على الخداع والتلفيق وتشييد منظوماتِ مداهنةٍ ومصالحَ ترتقي بلا حياءٍ إلى مقام الصفاقة والفجور, تخدش حياء البراءة وتشوّه ما يليقُ بالإنسان مما يميزه عن الكائنات الجامدات والمتحركات, والمتجاورات في توادّ الحصى والموج والرمل والماء والهواء, في نشازٍ يجعل هذه الأشياء تشتكي وتشمئزُّ من الإنسان, حين يصبح الزيف سيّداً والتزويرُ منهجاً والسرقة فضاءً والبلطجة شعاراً والاستحمارُ عمليّةً تُمارَسُ علناً, فالمهم هو صناعة الضوضاء التي تشوّشُ النّصَّ وتطغى على موسيقى النقاء, فالمهم هو صياغة أيّ مقولة ما دامت تستند على منظومة كاملة من الهيمنة والبلطجة والقهر والقوة, منظومة تحمي النهب بكافة أشكاله, الأرض والثقافة والفولكلور والآثار وطبقات الأرض ومعارج السماء, منظومة تجمع أنصارها وتبتز أعداءها لتصبح هي ذاتها أنموذجاً يُحتذى ويروج بتلقائية لذاته مؤسساً بذلك لأساسٍ جديدٍ للحقيقة وجدارتها, مجرد استنادها للقوة وقدرتها على التضليل والبطش, البطش بكافة أنغامه, المادية واللغوية والأخلاقية, وهو بطشٌ يعتمد ويمتحُ من الانتباه والسهر هناك حيث يترعرع مناخ المؤامرة التي تستدعي إلى أذهاننا في الحين مذاق الليل والهمس والتوتر والعربدة والعيون الجاحظة لأشخاص كوّموا رؤوسهم على منضدةٍ صغيرةٍ في منتصف الحجرة تحت إضاءةٍ ضعيفةٍ لشمعة تتراقص معها خيالاتُهم خلفَهم على الجدران, كأنها ترسمُ معهم ما يتخيلون وتشي وهي القبيحة بما لا يُسمعُ مِن همسِهم وما لا يُرى مِن نواياهم, وهم الذين يحلمون بأرضٍ لا تُقلُّنا, وسماءٍ لا تُظلُّنا, وقد انتقلوا من خداع السلام إلى وهم الاستسلام, أو الذوبان, فلا يقبلون منا مجرّدَ تكريم شهدائنا, أو إطلاق أسمائنا على مسمياتنا, ولا يقبلون التلويح بجرائمهم في مسلسلاتنا, كأنّهم يريدون منا أن نستنسخ أجيالاً جديدة منا, تؤمن بهم وبحقهم في الحياة بالنيابة عنا, ونفرح باستباحتهم لنا وتمثيلهم بكينونتنا, بل ونستجديهم أن يُسعدونا بإبادتنا, وقد يكونون معذورين في ظنّهم بنا, فقد يكونون قد أساؤوا فهم مرحلتنا, واستدرجتهم أحلامهم إلى أوهامهم, ورسمتهم شمعداناتهم كما تشتهي الظلال على الجدران التي سجنوا ضمائرَهم داخلها, وتوهّموا أمانيّهم كما توهموها دوماً على مقاسهم في, سبي بصائرهم وكراهية الإنسان, في أنانية النفس واحتكار الرب وصلب البشارة, في نفي الجوييم وقتل الأنبياء والفلسطينيين, وكما كانوا دوماً في غِيِّهم يعمهون, ويسيرون إلى حتفهم ولا يدرون أنهم يزرعون فسائلَ جرحنا, أطفالاً بلون المرحلة التي تليق, وخطاباً نافذاً كبراءةِ الدم إلى البصائر, وذاكرةً لكلِّ أسمائنا, ومسلسلاً يختزنُ في جيناته كلَّ خيالاتهم ونواياهم, ببلاغة صدق الطفولة, وفصاحة الجرح التي تفضُّ زيف تركيباتهم وخداع منظوماتهم وأسَنَ أدواتهم, وتعرف أنّهم سيصبّون عليها كلّ حين رصاصهم المسكوب, يُكاثِرها ويُنضِجُها لكي تقتات من ذات جرحها وتمتح من سهرها وانتباهتها, لِتُفصحَ عن فصاحتها, وبلسان الجرح المبين تلقف ركاكة أسلحتهم وما يأفكون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو