الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجوه وذكريات ..ابن خرنابات ..الشاعر المبدع محمود الريفي

عبد العزيز محمد المعموري

2010 / 1 / 15
سيرة ذاتية


وجوه وذكريات ..
ابن خرنابات .. الشاعر المبدع المرحوم محمود الريفي
الكاتب والمعلم المتقاعد عبد العزيز محمد المعموري -ناحية العبارة -بعقوبة -محافظة ديالى
ــــــــــــــــــ
الشاعر واللغوي والمناضل محمود عبد الحمود ، الذي اختار لنفسه لقب الريفي لكونه ابن القرية ، هذا الانسان كان يمكن ان يكون ذو شأن اكبر بكثير مما شيده .
هو من مواليد 1930 وأنا اسبقه بسنة واحدة أي 1929 وهو من قرية خرنابات وانا من العبارة التي تسميها دوائر الطابو عبارة خرنابات فهناك اكثر من عبارة على نطاق لواء ديالى وتمييزاً لعبارتنا التي اصبحت ناحية يقال لها عبارة خرنابات لم يكن في جيلنا مدرسة ابتدائية الا في خرنابات التي كانت باعتبارها عاصمة لمجموعة القرى المجاورة فاليها يتوجه تلاميـذ ( حد مكسر ) والعبارة والحكيم وحتى تلاميذ ( ركة حجي سهيل ) التي يفصلها نهر ديالى عن خرنابات ,
اكملت دراستي الابتدائية في مدرسة خرنابات التي درس فيها محمود ولم تربطني به رابطة ولم اكن اعرف عنه سوى انه يؤذن في جامع القرية لحسن صوته واغراقه في التدين ، اكملت الابتدائية قبله بعام ، ورغي كوني الاول في المحافظة على طلاب الابتدائية لم اقبل في كلية الملك فيصل التي كانت تستقطب الاوائل في المحافظات لتهيئهم كطلاب بعثات الى انكلترا بعد اكمال الدراسة الثانوية لكونهم يدرسون كافة المواد باللغة الانكليزية .
ولما كنت عاجز عن امتلاك دراجة هوائية تساعدني على الدوام في اعدادية بعقوبة المركزية قررت الاستسلام لظروف القهر وقلت لوالدي .. ليس بأمكاني قطع مسافة سبعة كيلو مترات ذهاباً ومثلها اياباً على قدمي ولهذا هيأت نفسي لاكون فلاحاً مثلك .
قال المرحوم والدي : لا اتدخل بمستقبلك لك ماتريد ورميت كتبي جانباً وتوجهت الى بستاننا الذي لايغني ولايشبع ولم يكن وارده السنوي يزيد على الدينارين !
كان والدي يتردد على مقاهي خرنابات صباحاً ومساءاً وقد رآه المرحوم الدكتور رضا القريشي فسأله عن ولده الذي هو انا فاخبره بقصة قراري ترك الدراسة فصفق المرحوم يداً بيد وقال له : حرام مثل هذا يتحول الى فلاح يلفه النسيان ارسله الي وانا اقبله في دار المعلمين الريفية التي فتحت في بعقوبة هذه السنة لتعد معلمي من ابناء الريف وتكون الدراسة فيها خمسة سنوات بعد الابتدائية ، والدولة تتكفل بكل مصاريف الطالب من كساء وطعام ومأوى .. الخ ..
وداومت في دار المعلمين الريفية 1945 وفي السنة التالية جاءنا مجموعة من طلاب خرنابات كان منهم طالب هزيل الجسم اسمه محمود عبد الحمود الذي اصبح فيما بعد محمود الريفي ..
كان محمود غارقاً في التدين والعبادة وكان ذا صوت جميل وقوي يدربه بالاكثار من تجويد القرآن ، وكان يحلم ان يكون مذيعاً في يوم من الايام وبعد بضع سنوات تقدم لاختبار في الاذاعة ورسب بحجة ان صوته لايلائم اجهزة الاذاعة العراقية .
من ذكرياتي الطريفه عن محمود – وقد توثقت علاقته بي في دار المعلمين الريفية – جاءني يوماً ليبلغني بقراره ترك الدراسة لان مدرس الجغرافية يؤكد على كون الارض كروية رغماً قول القرآن الكريم ( وجعلنا الارض بساطاً ) ورغم محاولتي اقناعه بعدم التعارض بين كروية الارض وكونها كالبساط الذي نطويه لم استطع اقناعه وأخيراً قلت له : القضية بسيطة قل للمدرس ان الارض كروية وقل لربك انها بساط وتكسب رضا الطرفين والظاهر انه اقتنع بكلامي وانصرف عن ترك الدراسة .
في السنة الثالثة من دراستي اديت امتحاناً خارجياً في المرحلة المتوسطة وانتقلت الى دار المعلمين الابتدائية في الاعظمية وظل محمود في مكانه وجاءت احداث فلسطين واخذ الشارع العراقي – لاسيما الطلابي – يغلي بالشعور الوطني والقومي وكانت طلائع الاحزاب والحركات الثورية في العراق يقودها الشيوعيون واليساريون بصورة عامة .. حزب الشعب .. حزب الاتحاد الوطني .. الوطني الديمقراطي .. عصبة مكافحة الصهاينة .. الهيئة المؤسسة لحزب التحرير الوطني الذي كان واجهة للحزب الشيوعي .. الخ ..
وكان الطلبة آنذاك داينمو للحركة الوطنية في سنة 1948 اضرب طلاب ريفية بعقوبة وتوجهوا الى وزارة المعارف في بغداد يحملون مطالب معينة ,
وفي بغداد التقيت بمحمود ليبشرني انه اصبح شيوعياً وترك كل ما يتعلق بالمفاهيم العتيقة فسألته : الم تصبح الارض كروية ؟ وضحكنا معاً وقدمت له هدية مناسبة هي كتاب ( هذه هي الماركسية ) .
وبعد لقاءنا باسابيع عملت بفصل صاحبي من دار المعلمين مما لجأ للتعيين بوظيفة كاتب بطاقات في مستشفى المجيدية في بغداد ، وهنا بدأ بداية جديدة حيث واصل دراسته المتوسطة والاعدادية وعين معلماً للمرحلة الابتدائية وانتسب الى كلية الاداب فكان من ابرز طلاب اللغة العربية وبعد نيله درجة البكالوريوس تحول الى الملاك الثانوي واصبح من اقدر مدرسي اللغة العربية .
ولقد تزوج مبكراً فانجب الدكتورة فدوى والدكتور ناصر اما ولده البكر ( شاكر ) فقد اكمل كلية التربية واختطفته وحوش البعث ولازال مصيره مجهولاً والارجح انه دفين في احدى المقابر الجماعية ,,
لقد عانى محمود من الملاحقات في مرحلة البعث المظلمة كما عانى من الضائقة الاقتصادية فقد مات دون ان يمتلك شبراً من ارض وطنه وقد كان رحمه الله مزواجاً فقد علمت بانه تزوج ثلاث مرات .
ولذلك حين قرأت مقال ابنته الدكتورة فدوى لم استغرب من كتاباتها عن ابيها بعد اشهر من مرور ذكرى عام على وفاته . وكان محمود الريفي معتداً بنفسه الى ما يشبه الغرور وكان عنيداً في آرائه ، كان يستحق ان يدرس فقد كانت لديه امكانيات كبيرة في اللغة والشعر ، لقد ابعدتني عنه ظروف الحياة في سنوات عمره الاخيرة ولديه زملاء ومعارف بامكانهم ان يلقوا المزيد من الاضواء على مسيرته الادبية والاجدر بأولاده ان يتبنوا هذا المشروع ويحاولوا نشر ديوانه وما لم ينشر من شعره0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح