الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العملية السياسية في العراق والمازق الجديد

طلال احمد سعيد

2010 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


طرح احد الكتاب السياسيين العراقيين سؤالا مهما حول اسباب نجاح الولايات المتحدة عبر مشروع مارشال والمظلة الامنيه بالاسهام في انتاج ديمقراطيه راسخة وعملية ناجحة لبناء الامة في كل من المانيا واليابان , ولماذا لايبدو ان لهذا المشروع افق نجاح كبير في كل من العراق وافغانستان , واجاب الكاتب على السؤال بان السبب هو انك لاتستطيع ان تضع نظاما ديمقراطيا حديثا في مجتمعات لم تستكمل مشروع الحداثة , ويقصد هنا بالحداثة هي الحضارة والعراق بلد تراجعت فيه الحضارة كثيرا بسبب الحكم الديكتاتوري السلطوي وغياب الحركات والاحزاب السياسية ثم سيادة (ثقافة الحروب) التي استمرت عقدين من الزمن , لذلك فان واقع الحال في العراق كان مختلفا تماما عن غيره عندما سقط النظام السابق , هذا فضلا من ان الولايات المتحدة ارتكبت اخطاء جسيمة عندما اطلقت يد العصابات المجرمة منذ اليوم الاول وفتحت الحدود على مصاريعها لتسهيل دخول المقاتلين العرب , وبنفس الوقت فقد تم تفكيك الدولة العراقية القائمة وكان على الولايات المتحدة ان تؤسس لدولة جديدة وفق معايير الحداثة . وهنا كانت نقطة البداية عندما اعتمدت على مجموعه من العراقيين العائدين ممن شكلوا معارضة في الخارج وظهر ان هذه الجماعات كانت تفتقد لاي فكر ديمقراطي ولاي برنامج عمل وعليه فان المشروع السياسي بدأ بالتخبط .
الديمقراطية ليست مجرد كلام انما هي فكر وتجربة وما مر على العراق منذ اكثر من ست سنوات كان مليئا بالاخفاقات الا انه على الرغم من كل ذلك فان المواطن العراقي مازال يؤمن بأن الطريق الى الديمقراطية اصبح ممهدا وان السنوات المقبلة ستكون حاسمة في تحقيق الاستقرار والوصول الى عملية سياسية تخدم اهداف الشعب وتطلعاته ومن هنا فان النظرة الى الممارسة الانتخابية القادمة تكتسب اهمية بالغه من حيث كونها مرحلة انتقالية جديدة لعراق بعيد عن الصراعات الطائفية والقومية وغيرها .
ان تشكيل بعض القوائم الوطنيه والليبرالية والعلمانيه بعيدا عن الطائفية فتح الامل امام العراقيين لبناء مشروعهم الوطني الحقيقي , وقد برزت شعارات واضحة قبل الانتخابات ترفض التخندق والصراع الطائفي وتعلن تمسكها بالتيار الوطني والديمقراطي , وقد تبنت هذا النهج تحالفات مهمة مثل الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون . وفي كل الاحوال فان هذه الشعارات تعكس تيارا جديدا ومهما رافضا لشعارات المسيرة السابقة التي هيمنت على الشارع وعلى مفاصل الحكم منذ التغيير في 9-4-2003 .
الانتخابات المقبلة تتطلب اولا تهيئة الاجواء المناسبة لاجراءها بحرية كاملة ودون تدخل من ايه جهه كانت , كما انها تتطلب فسح المجال امام اوسع الاطراف السياسية للمشاركة وذلك بقصد تحقيق نتائج مهمة تعبر عن مشاركة اوسع الجماهير في الحكم وتعطي دفعا لتعزيز الوحدة الوطنيه ودعما لمبدا المصالحة الوطنيه .
في الوقت الذي تمضي الاستعدادات للمشاركة في العملية الانتخابية تفجر لجنه المسائلة والعدالة قنبلة موقوته وضعت العملية السياسية امام مأزق جديد وذلك عندما استبعدت (12) كيانا سياسيا عن المشاركة في الانتخابات وفق قرار اصدرته اللجنه المذكورة ذلك القرار الذي تفوح منه رائحة الطائفية والمنافسة الانتخابية والذي يهدف الى ضمان الفوز لكيانات سياسية معروفة .
نحن لانريد ان نقف في موقف الدفاع عن الكيانات التي استبعدت الا انه انطلاقا من الحرص على نجاح الانتخابات القادمة نقول :-
1) المسائلة والعدالة هي قانون اقره مجلس النواب بدلا عن قانون اجتثاث البعث السابق الا ان المجلس لم يؤلف لجنه للمسائلة والعدالة لذلك فان قانونيه اللجنه القائمة مطعون بها والاهم من ذلك فان توقيت قرار الاستبعاد يؤكد ان اللجنه وضعت نفسها في موقف غير محايد اتجاه القوائم المرشحة للانتخابات .
2) ان المسائلة والعدالة ينبغي ان تجري عبر هيئات قضائية وبقرارات قانونيه حكمية ولا يجوز ان تجري عبر لجان مشكلة من موظفين وافراد لايمكن معرفة نواياهم وتوجهاتهم السياسية والتاكد من حياديتهم .
3) ان غياب قانون الاحزاب والجمعيات يجعل العملية الانتخابية بحد ذاتها تفقد ركنا مهما من اركانها القانونيه والشرعيه اذ لايمكن لهذه المجموعه الكبيرة من الكيانات السياسية ان تخوض انتخابات عامة دون ان يكون لها وجود يستند الى قانون ويضفي عليها الشرعيه . وفي حالة افتراض وجود قانون الاحزاب فان كل حزب كان عليه ان يمر بما سمي بالمسائلة والعدالة قبل تشكيله وبذلك نكون قد تجاوزنا الكثير من المفاجئات والمشاكل . ومن الجدير بالذكر فان بعض الكيانات السياسية الي استبعدت كانت مشاركة في مجلس النواب المنتخب عام 2005 فكيف تكتشف الان وتستبعد من العملية السياسية لاسباب ادرجتها اللجنه في قرار المسائلة و العدالة . وهل كانت تلك الاسباب غائبه عن اللجنه خلال السنوات الاربع الماضيه .

اننا ندرك ان العملية الديمقراطية في العراق مازالت في مراحلها الاولية وانها تواجه مشكلات عديدة قد تؤثر على مسيرتها مثل تدخل الدين والفتاوى والمرجعيات والنزعات الطائفية والعنصرية وتاثير ذلك على العملية الانتخابية التي قد يشكك الكثير في نتائجها التي قد تكون في صالح قوى معينه نافذة لاسيما اذا اخذنا بعين الاعتبار ان الصراع الذي يجري في الساحه العراقيه هو الاشد ضراوة من اجل السلطة والنفوذ حتى داخل الائتلاف الواحد هذا الصراع قد يشكل خطرا ويكون اداة لسحق ايه قوة اخرى تقف في طريق تحقيق اهداف هذه الجماعه او تلك , لذلك فان المرحلة الحالية مهمة جدا لتمكين كل القوى السياسية للمشاركة في العملية السياسية من اجل تعزيز الوحدة الوطنيه ومبدا المصالحة الوطنيه والمضي في درب الديمقراطية الى الامام وعليه فاننا نؤكد بان عمليات الاستبعاد يجب ان تكون قانونيه ودقيقة ومبنيه على اسباب واضحة بعيدا عن الرغبات والدوافع الشخصية والمواقف التي تدور حولها الشبهات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو