الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجليات الطبقة الوسطى

كامل داود
باحث

(رويَ اêيçï المïèçل ئ الكêçè في الïيوçنيé)

2010 / 1 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


شغلت الطبقة الوسطى في العراق حيزا كبيرا من تاريخه المعاصر وما زالت ترفد المجتمع بالمثقفين وصناع الرأي العام والقوى القادرة على انجاز هوية وطنية خالصة، ولم تمنعها هلاميتها أولاً،أو تمترس شروط ديمومتها بمنأى عن سيطرتها ثانياً، لم يمنعها ذلك ،من دورها في بلورة منجزاتها ، لأن الطبقة الوسطى مدركة لموقعها بين طبقة مسحوقة وطبقة اخرى ثرية.
وقبل ذلك ليس من المنطق إلغاء مهمة الطبقات الأخرى في عملية البناء الوطني فهذا ما لا يتفق ومعطيات التاريخ التي تؤكد ان الاوطان تنشأ بإنجاز كل أبنائها لكن الطبقة الوسطى لها الدور المحوري في ذلك البناء ،فغالبا ما تأخذ على عاتقها القيام بالمهام الأكثر عطاءا ورسوخا لأنشغال الطبقات الأخرى بمشاكلها الداخلية سواء بالدأب لتجاوز الفقر او لتنمية الثروات ،وعلى اقل تقدير المحافظة على ذلك من التراجع و الانهيار , اما الطبقة الوسطى في العراق فقد كانت على درجة من الوعي تؤهلها للتفكير بمصير الوطن وتزعّم الحراك الاجتماعي بكتلتها من مثقفي المدن والأرياف، وان كانت نسبة المتعلمين متدنية بعد سقوط الدولة العثمانية فقد كان الأتراك غير جادين في تعليم رعاياهم ولم تكن نسبة المتعلمين في العراق تتجاوز 1% من عدد السكان بداية تأسيس الدولة العراقية (ينظر جماعة الاهالي في العراق – فؤاد الوكيل – بغداد 1979ص 51)
ورغم ضآلة هذه النسبة ومحدودية مقدراتها الاقتصادية الا انها كانت تشغل مساحة واسع من النشاط الوطني العراقي في عشرينيات القرن الماضي هذا من جانب ومن الجانب الآخر تمتعت الطبقة الوسطى بامتلاك رؤية وتصور واضحين عن واقع البلاد والسبل الكفيلة بنهضتها وبناء الدولة الرصين وكانت على بصيرة من أمرها في ذلك ويذكر العمري عددا من أهداف احدى الجمعيات التي تشكلت آنذاك وتمكنت من تحديد مطالبها بأستقلال العراق الذي لا يحول دونه تقبٌّل المساعدة البريطانية من غير المساس بهذا الاستقلال وتحقيق التقدم لكل الشعب العراقي (مقدرات العراق السياسية –محمد طاهر العمري – بغداد – 1954 ج3 – ص 29)
فقد أدركت الطبقة الوسطى ان وجودها مرتهن بقيام دولة حديثة تضع نصب اعينها رفع المستوى التعليمي والثقافي لرعاياها والذي بدوره يبني انتماء جديدا يرتبط بأستقرار الدولة وازدهارها بعيدا عن الانتماءات الاولية ولا يُفهم من ذلك الغاؤها، بل أذابتها بما يفضي الى وحدة تلك الانتماءات والحد من اصطفافاتها الضيقة وقد لفت الى ذلك المؤرخ الفلسطيني المعاصر (حنا بطاطو) فيقول في سِفْره – تاريخ العراق – ج1 ص53 (من الواضح ان التوسع المستمر للطبقة المتعلمة أدى إلى تآكل الو لاءات القديمة)
ان المتعلمين والحرفيين وصغار التجار و التكنوقراط وموظفي الدولة وغيرهم من فئات الطبقة الوسطى يدركون تماما أن لا وطن لهم غير وطنهم ،ولا راعي لهم غير الدولة الوطنية وان كانوا مستقلين اقتصاديا بعملهم في القطاع الخاص ولكن لا تقوم لهم قناة بلا دولة الأمن والخدمات فأنهم يتأثرون مباشرة بأية تغيرات اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية تنتاب الدولة و الوطن.
وفي الوقت نفسه مثلت الطبقة الوسطى العمود الفقري لمجتمع الدولة العراقية الحديثة وكان لها الدور الكبير في الحياة السياسية ، وشق اُسُس القاعدة الاجتماعية لمختلف الاتجاهات الحزبية والحركات السياسية والبرامج الفكرية وانبثقت منها قيادات المجتمع المدني والناشطين والمحركين لفعاليات المجتمع .ومن نافلة القول ان حجم الطبقة الوسطى يرتبط جدليا بالسياسة الاقتصادية التنموية والتوسع في الخدمات الأساسية والارتقاء بالنظام التعليمي وفق صياغة ستراتيجية تنموية محددها الأساسي هو التركيز على تطوير القوى البشرية وتحقيق العدالة في توزيع الدخول على عناصر الإنتاج وبالتالي تكريس موضوعة المواطنة والهوية الوطنية بأعتبارها هي المرجعية الحقيقية لمشروعية النظام السياسي وتحديث قوام الدولة والمجتمع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو