الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض الفرق الموسيقية للجالية العراقية في ديترويت ... - الجمهور عاوز كده! -

كمال يلدو

2010 / 1 / 17
الادب والفن


تزخر جاليتنا العراقية في ديترويت بالعديد من المواهب الفنية والتي اسست على مر السنين فرقا موسيقية ، صــقلت التجربة مواهبها وأزدادت شــعبيتها لتنطلق بفنها وأدائها متجاوزة حدود ديترويت احيانا الى العديد من الولايات الامريكية . ومع النمو المطرد لأعداد الجالية ، ازدادت معها مناسباتها والتي لاتخلو من الفرق الموسيقية او ال (( دي جي )) على اقل تقدير، مضيفة اجواء الفرح عليها ، ان كانت زواج ، خطوبة ، الشـــاور ، التناول الاول والعماذ ، لابل شملت الحفلات الاجتماعية ، وبعض اللقاءات العائلية الكبيرة وحتى الســـفرات الى شواطئ البحيرات في موسم الصيف .
لقد اســهمت هذه الفرق ( الحالية منها او التي انتهت) وعلى مـدى الثلاثين ســـنة اخيرة بشــكل كبير في الحفاظ على النكهة الوطنية لكل المكونات العراقية من كلدانية و آشــورية وكردية وعربية ، بل انها تفننت في تقديم الألوان المنوعة لجميع محافظات العراق العزيزة .
الا ان تغيرا كبيرا طرأ على نوعية الأغاني المؤدات في الحفلات للسنين العشر الأخيرة ، خاصة مع انتشــار الفضائيات العراقية والعربية ، وبروز جيل عراقي وعربي جـديد من المغنين فرض ســـيطرته على الســاحة الفنية . فعـلى الرغم من تنوع مواهبه وامكاناته ، الا ان معظم اغانيه افتقدت الى المفاهيم الانسانية والعاطفية ، لابل ان قسما منها يروج لأفكار ســوقية ومفاهيم تحط من قدر المرأة ( الحبيبة) في المجتمع ، فيما اعتمدت على الفديو كليب والفرق الراقصة اساسا في شهرتها وهذه ايضا تطرح مستويات متردية تعتمد على الاثارة ودغـدغة مشــاعر المشـــاهد الذي تدخله في قفص من الاحلام الخلابة غير الواقعية .
انعكس هذا في اداء فرقنا الموسيقية المحلية وطغيان اغان تعتمد على اللحن الســـريع وهــز الابدان في ســابقة خطيرة تؤشـر على تدني مستوى الذوق العام ( رغم رواجها لدى فئة غير قليلة من الشباب) . فعلى الصعيد العراقي اختفت الحان عظماء الاغنية العراقية لتحل محلها الحان (الكاولية ورقصهم - الردح) اما على المستوى العربي فبرزت اغاني (هيفاء وهبي ونانسي عجرم وأليسا ) وغيرهم من المغنيات والمغنين اللذين لم يضيفوا الى واقع الفن العربي شـــيئا ســـوى تنوع الكليبات وتشابك الرقصات والمسابقة في ابراز مفاتن المرأة .
وبالعودة الى موضوعنا بشـأن الفرق المحلية وانصافا للحقيقة ، فأن حفلات الجالية تتنوع كما قلت لا في تقديم الاغاني الراقصة ( حســـب رغبة الجمهور) فقط ، بل وتقديم اغانـــي الدبكات الفلكلورية التي تتمتع بشــعبية كبيرة وتشـــارك فيها معظم الفئات العمرية ، علــى ان القضية التي اصابها الاضمحلال هـــي ترديد الأغاني الفلكلورية العراقية و اغاني الجالغي البغدادي او المقامات واغاني المجموعة والفرق التراثية ، اغاني رواد الفن العراقي على مدى اربعة عقود امتدت من الاربعينات وحتى الثمانينات من امثال (( الكبانجي، يوسف عمر، صديقة الملاية، الغزالي، رضا علي ، عفيفة اسكندر ، لميعة توفيق ، احلام وهبي ، زهور حسين ، فؤاد سالم ، فاضل عواد ، ياس خضر ، حسين نعمة ، سيتا هاكوبيان ، انوار عبد الوهاب ، أمل خضير، رياض احمد ، رضا الخياط ، الهام المدفعي وكثيرين غيرهم )) ، مــذكرا بأن جيلا عريضـا من ابناء الجالية تــربى على تذوق الفن العراقي من الاداء الرائع لهذه النخب الفنية.

ان مهمة فناني الجالية وخاصة ممن اسـسوا فرقا فنية تحـي الحفلات التي يحضرها مئات المحتفلين في الحفلة الواحدة ، تتعدى فكرة ارضـاء الجمهور ، رغم كونها واجبا يتلائم مع نوع المناســـبة ، الا ان هناك دورا اخلاقيا وأدبيا يقع على عاتق فنانينا في تربية الذوق العام والحفاظ على ما هــو جدير بالفن ، والابعد من ذلك هو الحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية العراقية ، وبكل منابعها الفنية من الاندثار امام موجات نانسي عجرم وهيفاء وهبي او حتى الفن الهابط الذي قدمه ويقدمه بعض الدخلاء على الفن العراقي الراقي ، من امثال البرتقالة والعكربة وما الى ذلك من تفاهات .
ان الخزين الهائل من الالحان والكلمات الرائعة للأغاني العراقية لا تطرب المواطن فقط ، بل تعيده الى حيث طفولته وشبابه ، تعيده الى حيث وطنه الغالي وذكرياته الحلوة ناهيك عن المفاهيم الراقية التي غرســتها عن الحب والمرأة والمجتمع، اما تجربة الرائد الهام المدفعي في طرح الغناء العراقي الفلكلوري بأســلوب حديث ، فهي محط اعجاب (كانت ومازالت) من فئات شــعبية كثيرة . ولي ان اتوقف بأحترام امام ما يقدمه الفنان كاظم الســاهر من الحان عراقية تبعث على الفخر والاعتزاز .

مرة قال لي احد الاصدقاء الاعزاء ونقلا عن الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب قوله " ان كل الفن العربي يدور في فلك الاغنية المصرية ، اما الفن العراقي فهو مدرســة قائمة بذاتها " ، وهذه الشهادة يجب ان تدعونا للأعتزاز بما ورثناه نحن العراقيين ، ابناء الرافدين من الحان كنســـية ، او من المقام العراقي ترقى بجذورها لأكثر من ســـبعة آلاف ســنة خلت ، فيما تأخذني الحيرة في مستوى الثقافة او الحضارة التي ســـتضيفها لنا اغاني جيل الفضائيات والفديو كليبات حينما يجري ادائها في الحفلات العامة .

اعتز شـــخصيا بعلاقات حميمة مع معظم فناني جاليتنا ، ولـم ادخر جهدا في تثمين دورهم والاعتزاز برســالتهم الفنية الرائعة ، وتأكيد دورهم بالحفاظ على الثقافة الوطنية العراقية والأغاني البغدادية واغاني الدبكات الاصيلة ، والغناء ليس فقط بالعربية بل بالكردية والسريانية (السورث) ايضا ، كواجب اخلاقي و وطني .
وبقدر ما اتحدث بذلك الى الفانين فأني اتوجه بالدعـوة الى ابناء جاليتنا العزيزة وهم يخططون لحفلاتهم ومناسباتهم العزيزة ، ان يكون لهم اعتزاز اكثر بتراثهم العريق والراقي ، وبكلمات اغانيهم المفعمة و بالحب والامل والاحترام وأن لايســـقطوها من برامج الحفل لغرض ارضاء جزء من الحضور .

جدير بالذكر أن معـظم فنانينا كان لهم دورهم في الأداء المتميز للأغاني الوطنية العراقية التي تنشـد للحياة والسعادة والأمل ، وتشــهد بذلك تجربة حفلات الاتحاد الديمقراطي العراقي لثلاثين سنة، كذلك لابد لي من الاشــادة بالتجربة الرائدة لفرقة (الجالغـي البغدادي) المشكلة حديثا والتي تقدم الأغاني الفلكلورية العراقية ، اداءا وموسيقى وأدوات ، وبعض التجارب الفردية في تقديم الفن العراقي (سـماعي). واستدراكا اود التذكير بأن معظم فناني الجالية قد درســوا الموسيقى وتعلموا اصول الغـناء بالتمرين المتواصل والجهد والمثابرة وعبر السنين ، لابل ان بعضـا منهم له تجارب تلحين ناجحة ، الا ان ما يؤسف لـه ان لاتتوفر الفرصـة لهذه الطاقات الخلاقة في تفجير امكانياتها بحدود جاليتنا العزيزة ولا ان تجد تجاربهم الرائدة طريقا لفضاء اوســـع ، الفضاء العراقي ، الذي يبدو انه مغلق امامهم، مما كان ســيســاهـم في ارضـاء طموحات هؤلاء الفنانين ويدفعهم لمزيد من العطاء . ان اهمية هذا الموضوع تقودني الى دعوة مثقفينا و فنانينا لمناقشة هذه الظواهــر بأمل الوصــول الى قناعات مشتركة تســـهم في رفـع شــأن وعطاء فناني جاليتنا الاعزاء وتقديم كل ما هو جدير بالفن الراقي .

تحيتي لكل المبدعين وهم يحملون عبأ واتعاب هذه المهنة ، وعســـى ان تختفي من قاموســـنا كلمة " الجمهور عايز كــدة" ، حتى يتســنى لنا الأستمتاع بالتراث العراقي الانســـاني الراقي الذي حمل لوائه فنانين رائعين وملحنين افذاذ وشعراء مبدعين الى اصقاع بعيدة في العالم ،اذكر منهم الفنان الراحل منير بشير ، بينما يتواصل التألق اليوم مع الفنان كاظم الساهر والموسيقار نصير شـــمّة والعزيزة "فريدة " وآخرون غيرهم في الكثير من المنتديات العالمية ..

كانون ثان 2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عندما تصبح (الطربكة)هي المستوى الموسيقي العام
الحكيم البابلي ( 2010 / 1 / 17 - 23:48 )
الصديق العزيز كمال يلدو
تحية طيبة
ربما يكون مقالك هذا أروع ما قرأتُ لك ، وفيه من الحقائق الشيئ الكثير ، وطبعاً أستطيع القول بأن معلوماته قد لا تُثير إهتمام قراء موقع الحوار المتمدن ، لأنها تخص مجتمع جاليتنا في ولاية مشكن ، ومن لم يُعايش ذلك المجتمع لا يستطيع أن يتواصل معه فكرياً وإجتماعياً ، وكنتُ أقترح عليك نشر هذا المقال الثمين في صحف الجالية او إذاعاتها أو مناقشته من خلال برامج تلفزيونها
أعتقد بأن أكبر سبب لظاهرة الأغاني الواطئة المستوى هو تدني ذوق الجمهور والذي أكثر من نصفه هم من مواليد اميركا مما يجعلهم لا يميزون بين الأغنية الأصيلة والسطحية ، وفي هذه الحالة فهم سيتبعون أذنهم التي ستلاحق النغم الخفيف والضجة الأكثر في الأغنية المُقدمة ، وأعتقد بأننا كنا سنفعل عين الشيئ لو سمعنا أغاني بلغة لا نفهم مفرداتها بصورة جيدة حيث ستنتفي الحاجة إلى الكلمة والمعنى وسيعتمد التواصل مع النغم فقط
هو شيئ مؤلم حقاً أن تكون أشهر الأغاني اليوم في حفلات جاليتنا هي ( البرتقالة ) و ( العكربة ) ولله في خلقه شؤون .. كما يقول الأخوة المؤمنين
تحياتي

اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-