الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضيب

محمد أبو هزاع هواش

2010 / 1 / 17
الادب والفن


بعد سنوات عديدة في أمريكا لم يحسب أن يكون قضيبه والعناية به سبب أكبر مشكله واجهها حتى الآن. مرت سنوات عديدة في ذلك المهجر وهو يعمل نفس ماكان يعمله مع ذلك القضيب طوال حياته من مدينته الشرق أوسطية الغارقة في خرافات الماضي ودواماته إلى مدينة نيويورك أكبر مدينة في العالم. لم يحسب أن تكون رحلته إلى حمام المرقص ذلك اليوم السبب في مشاكل أكبر مما كان يتوقعه من ذلك العضو الذكري.

*

إبتدأ اليوم كالمعتاد. إستيقاظ عند الفجر بعد نوم ساعات قليلة بعد ليلة قلقة مليئة بالكوابيس والأحلام الغريبة. حمام سريع ولبس ثياب العمل ومن ثم كأس الشاي المعتاد مع السيجارة والتفرج على القليل من التلفزيون قبل إقتراب وقت المغادرة للشقه الواقعة في باي ريدج بروكلين في مدينة نيويورك والتي مر عليه سنتين بالتمام فيها. سيأخذه القطار حوالي الساعة والتي يقضيها كالعادة في قراءة الجريدة التي ينتقيها حسب الصفحة الأولى أو خبر الساعة المهم من البقالية اليمنية قرب محطة الصبوي والتي كان يشتري منها الشاي أو جرائد عربية متوفرة معظم الوقت. كان قد نمى صداقة مع من يعمل في ذلك المكان اليمني ومع مرور الزمان أعطوه مايسمعوه من الموسيقا اليمنية بعدما أبدى إعجابه بما كان يصدح في ذلك المكان من مسجلة صغيرة مدسوسة بين كروت الهاتف والتي كان يشتري البعض منها لمخابرة أقربائه في مدينته الشرق أوسطية النائمة كالعادة. في ذلك اليوم كان هناك شريط لأبو بكر سالم سيعطي رحلته تحت الأرض موسيقا تصويرية تلائم سرعة القطار وحركة الزمان لسرعتها وغنو أيقاعها بالألحان والأصوات والقصائد العذبة التي أصبح يحفظ معظمها ويتعلم مالم يفهمه من البقالية.


لايمكن نعته بالمثقف لأنه لم يكن من هواة العلم والكتب بشكل عام. لم يكن من هواة الأدب ولا يعلم من هم أحسن الكتاب أو ماهي القصص المهمة. السياسة لم تكن من إختصاصه أيضاً مع أنه يدلي بدلوه هنا وهناك. الدين لم يجذبه حتى الآن ولم يكن بإمكاننا دعوته بالمتدين ولكن ماتركه الدين يبث رأسه هنا وهناك. كان يحب أن يكون على علم بما يجري في العالم ببساطة وهمه الرئيسي هو نفسه ولهذا فكانت ملابسه وأناقته كل الوقت محور إهتمام لامثيل له.

في ذلك اليوم، وكغيره من الأيام، فكر بما سيأكله وبماذا سيشرب وماذا سيلبس وهل سيتبضع وبمن سيلتقي لأنه سوف يذهب إلى المرقص محاولاً العثور على حرمة تونس وحدته وتطفي لهيباً يستعر في داخله عمره مدة سنين حرمان طويلة خلفت شخصية معقدة لكن هدفها واحد: النساء.

*

عندما وصل إلى مكان عمله تذكر نفس الشيئ: متى سيغادر هذا المكان إلى مكان أفضل؟ لم يكن بالموهوب أو ذو الثقافة العالية وتعليمه إقتصر على سنتين في معهد بعد عذاب طويل مع الثانوية العامة. درس معهداً هندسياً لتعلم الرسم الهندسي ولكنه سرعان ماترك المكان ليعمل في أوتيل ومن ثم يبتسم الحظ له فيحصل على فيزا ويأتي إلى أمريكا ليتنهي في بروكلين بعدما عاش لعدة شهور في باترسون نيوجرزي عند بعض الأصحاب الذين لموه بعد قدومه من بلاد الشرق. لم يقوى على الصمود مع تلك الشلة لفترة طويلة وعندما عرض عليه العمل في بروكلين في مصنع للحقائب قفز على الفكرة وبسرعة حصل على شقة في باي ريدج التي تعرف وجوداً عربياً يقارن بباترسون عاصمة بني يعرب في شرق أمريكا. يتذكر هذا كل يوم ويدور في رأسه نفس الشريط الإخباري الجامد عن حياته، لكن هذا لايهمه بقدر نجاحاته الأخيرة مع النساء. أعطاه هذا النجاح دغدغة لم يشعرها من قبل.

************

جلس في مكانه المعتاد ووضع نظارته وألقى السلام على جاره المكسيكي وجارته الإفريقية وإبتدأ بالخياطة بآلية مدهشة ساعدته عليها الموسيقا التي كان ينقلها في الولكمان الذي جلبه معه من بلده الأم. كان هناك بعض الشرائط في جاكيته ومر الوقت بآلية محسوبة.

***

وصل إلى منزله في المساء بعدما إشترى أكلاً من المطعم العربي على الفيفث آفينيو وتحمم ووضع ملابس المساء وإتجه إلى الصبوي وأخذه إلي مانهاتن يحلم بتكرار ماحصل معه عدة مرات خلال الثلاث أشهر الأخيرة. كان قد تعرف على بعض النساء ومن حسن حظه أن بعضهم قد إعتبره جيداً لدرجة أنه وضع القليل جداً من مايعرفه عن الجنس إلى التنفيذ بسرعة مع نساء نيويورك. كان شكله مقبولاً جداً وملابسه تعكس حساسية أوروبية طالما خدعت نساءً كثيرات ظنوه إسبانياً أو فرنسياً أو إيطالياً ومع الزمان طور إسماً إيطالياً لنفسه إصبح يستخدمه هنا وهناك. لم يكن خبيراً بالجنس لأنه لم يمارسه في بلده الشرق أوسطي لكن ذلك لم يمنع خبرته بالزيادة وخصوصاً مع نساءٍ يعلمن مايريدون.

******

في تلك الليلة لم تكن الأمور مختلفة في البداية وسرعان ماعثر على هدفه المنشود وبحرفنه تحرك ليقتنص كرسياً إستراتيجياً وضعه على مقربة جداً من الحسناء التي وضع عينه عليها. أتت حركاته التالية محسوبة وعندما سمع أغنية يعرفها إبتدأ بهز خفيف سرعان ماتحول إلى حركات مدروسة التي بالتدريج أصبحت رقص شديد عندما أبدت الحسناء إعجابها بالأغنية نفسها. كان محظوظاً بالمكان لأن الدي جي إختص بالموسيقا الآتية من الستينيات والسبعينيات والتي كانت رائجة بين نساء نيويورك.

شرب مشروبه المفضل الموخيتو والذي عرفته عليه الحسناء التي تدير البار بحرفنة والتي مع الزمن قد أصبحت تعرفه وتجلبه له لحظة جلوسه على البار مما كان يسبب له سعادة بالغة ويحسسه بأهميته. في تلك الليلة إزدادت سعادته عندما عرف المرأة التي رقصت معه لعدة أغاني على مشروبه المفضل، وبعدما شفت منه أخذت تحاول التعرف على أصل المشروب وأصله الشرق أوسطي. في البداية قالت له آنه يوناني، وعندما هز رأسه بالنفي قالت بأنه إسباني أو إيطالي. كانت ملامحه تعطي كل هذا. إستقر رأيه على يوغسلافي وأعطاها إسماً جديداً مما أسعده لأنه في عالم المغامرات مع النساء في بلاد الغربة.

قالت له بأنها زائرة إلي نيويورك من مدينة أخرى وأنها تعمل في الحقل المالي وتحب الرجال من نوعيته. أحسسه هذا بالأهمية ونظر إليها فأعجبته فهي طويلة ورشيقة وترقص بحيوية مما يدل على شخصية مرتاحة تحب المتعة والإنبساط والراحة. أخذت هذه الأفكار تتلاعب في رأسه وتلى ذلك الكثير من المشروب الذي أسعدها وجعلها تتقرب منه أكثر وتلامسه هنا وهناك.

*

لم يدري أن رحلته إلى الحمام تلك الليلة ستكون درامية بذلك الشكل. لم يكن هناك أي شخص في ذلك الحمام المشترك ولهذا فقام بالتبول أولاً ومن ثم النظر للتأكد من خلو المكان ومن ثم تغسيل القضيب بعد التبول كما تعود. مرت المراحل الأولى بسهولة ويسر ولكن في منتصف عملية تغسيل القضيب دخل أحد زبائن المرقص لينصعق بمشهد قضيب يغسل على مغسلة المكان.

كعادة الأمريكان قال الزبون شيئاً لم يعجب صاحبنا وعندما لم يسكت الزبون بعد خروجهما وتلاقيهما عند البار تطورت الأمور إلى مشادة سرعان ماتطورت إلى تماسك بالأيادي ومن ثم إلى هوشة لم يشهدها ذلك البار في حياته لأنها تطورت بسرعة عندما أصبح الرجلان على الأرض يتصارعان بينما تدخلت صاحبة الأمريكي لتضرب صاحبنا عدة مرات على رأسه بحقيبتها الثقيلة تلتها بعض اللكمات على الرأس والوجه مما جلب صديقة صاحبنا الزائرة لتمسك المرأة الأخرى من شعرها ليتصارعا على الأرض لعدة دقائق مما جلب حراس ذلك المكان العمالقة الذين حملو المتعاركين الأربعة وبعض المشجعين ورموهم خارج المكان بعد بضعة كفوف ونحرتين هنا وهناك وبعض اللبط.

عندما رماه حارس ذلك المرقص كانت تلك أطول رحلة قطعها إنسان في الهواء لأن شريط تلك الليلة مر أمام عينه ببطء مذهل.

هز برأسه وهو في الهواء قبل أن يرتطم بالأرض بقسوة لاعناً قضيبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم افهم
قارئ ( 2010 / 1 / 18 - 16:12 )
السيد ابو هزاع لم افهم قصتك هل تنتقد غسل القضيب ؟


2 - رد إلى الأخ القارئ
أبو هزاع ( 2010 / 1 / 18 - 22:42 )
قصدي مخبأ بين السطور لكنه سهل التفكيك فبطل القصل يحمل عادة متأصلة فيه وهي كما تعرف تتعلق بالنظافة والنجاسة وهذه العادة كما هو معلوم قد أتت من رواية دينية. عادات الغسيل والنجاسة هما دعامة بيزنس ديني كبير. بطل القصة لاديني كما هو ملاحظ من سلوكه ولكن الدين تسرب إليه بعلامات منها غسيل قضيبه وعادات أخرى هنا وهناك. الدين بالنسبة لهذا الشخص هو عبارة عن قص ولصق حسب المناسبة أو حسب مايتذكر. هنا أيضاً لاحظ أن بطل القصة قد فعل هذا في مغلسة عامة أي أنه لم ينتبه إلى تنجيسه للمغسلة. هنا تقسيم العالم إلى أنجاس وغير أنجاس مهم وموجود بين سطور القصة. تقسيم العالم إلي كفار وغير كفار هو مايبطن هذا التفكير المتأصل في الشخصيات التي تربت تربيتنا الدينية في الشرق الأوسط. بالمناسبة هذه قصة حقيقية وأنا لست سوى بسارد لها. مع التحية.


3 - النظافه حلوه
قارئ ( 2010 / 1 / 18 - 23:18 )
الاخ ابو هزاع من اشد ما اثار حيرتى فى الغرب هو عدم وجود شطافات للغسيل بعد التغوط والتبول
بحثت كثيرا حتى وجدت واحد وركبته فى حمامى و استخدمه صديق اوروبى مره ولمس الفارق الكبير بين الاعتماد على ورق التوالت فقط وبين الغسيل بالماء
النظافه حلوه
واستغرب عدم توصلهم لهكذا اكتشاف بسيط!


4 - رد إلى الأخ القارئ رقم ٢
أبو هزاع ( 2010 / 1 / 19 - 14:15 )
تحية أخي القارى وأما عن الغرب والنظافة فهذه أمور محسوبة بعناية ولن تقدمها أو تؤخرها آلة لغسل المؤخرة. تذكر قوانين النظافة وقوانين الأماكن العامة التي ظهرت من القرن التاسع عشر. هل لدينا أية قوانين نظافة عامة سنتها الدولة في بلادنا مع أننا نتبجح بمقولة النظافة من الإيمان؟ في بلاد النظافة من الإيمان الحمامات العامة قذرة بشكل مخيف والسلوك الفردي بما يتعلق بهذه الأمور مرعب بإستهتاره. أعيش في مدينة عدد سكانها أكثر من عشرة ملايين ولاأشاهد بشراً يتبولون في الشوارع كما كنت أراهم يوميا في مدينتي الشرق أوسطية والتي يسكنها نصف مليون بشري. صدقني أن الإكتشاف الصغير الذي تتكلم عنه حضرتك والمتعلق بغسل المؤخرة لو كان عملياً لوجدته في كل مكان. تعرف أن البلاد المتقدمة تهتم بالنظافة ومن يقول غير هذا عليه مراجعة كلامه.
مع التحية

اخر الافلام

.. الأردن يتراجع 6 مراتب في اختبار إتقان اللغة الإنكليزية للعام


.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم




.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع