الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مآزق العراق ..قرارات هيئة المساءلة والعدالة نموذجاً
شاكر الناصري
2010 / 1 / 17اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لم يمضي الكثير من الوقت على إقرار قانون الانتخابات البرلمانية القادمة في العراق ولم تهدأ حدة الانتقادات الموجهة الى هذا القانون كونه قانون مليء بالثغرات ولايعتد به كقانون قادر على رسم صورة صحيحة لعملية الانتخابات ولانتائجها ، بل جاء كنقض للادعاءات المتكررة حول عملية البناء الديمقراطي في العراق و أنبثق كقانون يكرس حدة الانقسامات السياسية والطائفية والقومية و من أجل تحقيق مصالح الأحزاب والقوى الطائفية والقومية الحاكمة التي بدأت تتلمس طريق أنزوائها وفشلها في لغة الشارع العراقي الناقم على الاوضاع المتردية التي وصلت اليها حال أبناء هذا البلد في ظل نظام الحكم القائم وكنتيجة مقيتة لسياسة التوافقات الكارثية ..القانون المذكور رسم افقا واضح المعالم من أجل التلاعب بالاصوات وتجييرها لصالح الاحزاب الحاكمة حتى لو لم ينتخبها أحد ..
نقول لم يمضي الكثير من الوقت على إصدار القانون المذكور حتى انطلقت قرارات هيئة المساءلة والعدالة خلال الايام الأخيرة لتجتث الاستقرار المزعوم ، أمنيا وسياسيا وديمقراطيا، أو لتجعله قاب قوسين أو ادنى من الانهيار والعودة مرة أخرى الى دوامة الاحتقان الامني والسياسي وما يرافقه عادة من قتل وتهجير وزعزعة لمقومات الحياة والمعيشة اليومية للعراقيين واللعب على معزوفة الطائفية النشاز وأستغلالها من قبل الذين تم أجتثاثهم لانهم وفي لحظة ما قد حولوا أنفسهم الى ملائكة تقطر براءة وإن قرارات الاجتثاث لم توجه لهم شخصيا ،بل ، الى الطائفة التي لايراد لها ان تكون شريكة في حكم العراق . قرارات دفعت بالكثير من الممارسات والدعوات السياسية المطالبة بتحقيق المصالحة الوطنية الى زاوية ضيقة وجعلتها تواجه الكثير من الأسئلة حول جدوى هذه الممارسات والدعوات والوقت والجهود المضنية والوساطات والامكانات المالية الضخمة التي خصصت لها وكأنها لم تكن الا من أجل أنتظار صدور قرارات الهيئة المذكورة .
أكثر من 1100 شخص تم شمولهم بقرارات هيئة المساءلة والعدالة وتم منعهم من المشاركة في خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة لكونهم مشمولين بقانون أجتثاث البعث ، فيهم وزراء وقادة كتل سياسية وبرلمانية ، في حين أجهزت قرارات هيئة المساءلة والعدالة على قوائم أنتخابية محددة كما حصل مع قائمة أئتلاف وحدة العراق برئاسة وزير الداخلية جواد البولاني ،إذ أن قرارات هيئة المساءلة والعدالة قد أجتثت 70 مرشحا من القائمة المذكورة .
من المؤكد إن الذين تم إجتثاثهم كانوا مشمولين بقانون إجتثاث البعث ومنذ لحظة صدوره ولكنهم شاركوا في الإنتخابات السابقة وحققوا حضورا برلمانيا وسياسيا في مجمل العملية السياسية الجارية في العراق ولعبوا أدوارا سياسية وبرلمانية وشاركوا في وفود تمثل العراق في المحافل الدولية والاقليمية والبعض منهم مارس ويمارس أدوارا أمنية قيادية عليا كما في حالة وزير الدفاع الحالي وإن هذا يدفعنا للتساؤل عن عدم تنفيذ قرارات الاجتثاث بحق هؤلاء خلال الفترات السابقة وأين كانت حماسة الهيئات والجهات القضائية كل هذه السنوات ،؟ كم عملية أنتخاب أجريت في العراق وكم برلمان تم تشكيله .. لماذا لم يتم مواجهة هؤلاء بسجل جرائمهم وسجل أنتهاكاتهم بحق العراقيين وسجل أنتمائهم الاسود الى حزب البعث أو العمل في الأجهزة الاستبدادية و القمعية والارهابية البعثية التي حولت حياة العراقيين الى جحيم ؟؟؟ . هل ستم أجتثاث من عُرف بأنتماءه لحزب البعث والترويج له والتفاخر بالانتماء اليه أم أن الاجتثاث سيشمل من تلطخت اياديهم بدماء العراقيين الابرياء ومارسوا كل اشكال القتل والتمييز والارهاب الطائفي وعمليات الاختطاف وعززوا من النعرات الطائفية العنصرية الكريهة ؟ هل سيشمل الأجتثاث كل الذين أشاعوا الفساد الأداري والسياسي في العراق وجعلوه ممارسة يومية أوصلت العراق الى أقصى درجات الأنحطاط في عرف المنظمات الدولية التي عرفته كواحدة من أكثر دول العالم فسادا ؟ كيف سيتم التعامل مع سراق الثروات ولصوص النفط وعقود الاعمار ، كيف سيتم التعامل مع من تستر عليهم وأستغل كل سلطاته من أجل حمايتهم وأبعادهم عن ساحات القضاء والمسائلة القانونية والاخلاقية ..؟؟
إن كل هذه الاسئلة وغيرها تنبع من كوننا ننظر الى كل هؤلاء ،إن كانوا بعثيين أم الذين مارسوا ويمارسون الارهاب والتهجير والقتل والاختطاف على أساس الهوية الطائفية أم الذين سرقوا وفسدوا وأفسدوا ، نظرة واحدة وأن عقابهم يجب أن يكون عقابا واحد وان قرارات الأجتثاث يجب ان يطبق على الجميع ولكن قبل هذا وذاك لابد من وضعهم تحت طائلة القضاء العادل أولا إن كنا ننشد سلطة دولة القانون والمؤسسات وأن كنا حقا نسعى لبناء عراق ديمقراطي يحفظ كرامة وحقوق أبناءه . كل هؤلاء شركاء في مسيرة الدمار والخراب والانحطاط السياسي والأجتماعي والثقافي التي مر بها العراق ويعيش الان أقصى درجات تجليها وتجذرها وإن اي مسعى لتبرئة هؤلاء ودفعهم الى واجهة الأحداث وأحاطتهم بهالات البراءة لابد وأن يواجه برفض شعبي واسع النطاق من لدن من أكتوى بنار ممارساتهم الاجرامية .
ما بين آونة وأخرى فإن مآزق العراق تتكرر وتتفاعل وفي كل مرة تعاد الامور الى نقطتها الصفر وتشتد وتيرة الصراعات والتناحرات السياسية بين قوى وجدت في السلطة وحكم العراق فرصة لتكريس وجودها وتحقيق مصالحها ، مصالح القوميات والطوائف التي تنتمي اليها أو تمثلها قسرا أم إختيارا والتحكم بمصيرها . قوى وجدت إن تعزيز مكانة وسلطة الطائفة والقومية التي تنتمي اليها يشكل نقطة اساسية في عملها وممارستها السياسية وان هذا ما تحقق في العراق خلال السنوات الماضية فنحن أمام دولة ضعيفة ومنخورة القوى وغير قادرة على القيام بمهامها الاساسية .
تجربة السنوات الماضية أثبتت أننا في مواجهة قوى سياسية وضعت مصلحة البلد الذي تتصارع على حكمه والتحكم بمصيره جانبا ولا تشكل نقطة حاسمة في سلم أولوياتها وتعمل المستحيل من أجل الأستئثار بالسلطة والثروات وتسخيرها من أجل مصالحها القومية والطائفية . لن تقوم للعراق قائمة ولن يتمتع بالامن والاستقرار في ظل الصراعات القائمة المبنية اصلا على أساس الانقسامات الطائفية والقومية وفي ظل الانعدام المطلق للثقة بين الفرقاء السياسيين وممارستهم للعنف الدامي كوسيلة لادامة صراعاتهم أو حسمها.
لم يتوقف الساسة في العراق عن التغني بالتجربة الديمقراطية الوليدة ولكن تبين ان ما يتغنون به هو فهمهم لهذه الديمقراطية الفريدة القائمة على أساس العزل و الاقصاء والتسقيط السياسي وأعلاء لغة الأجتثاث وتعزيز سلطة الطوائف والقوميات مقابل سلطة الدولة ومكانتها الحقوقية والسياسية .
ان ما يحتاجه العراق اليوم هو طبقة سياسية تمتلك حسا وطنيا تنقذ العراق وتخرجه من مآزقه المتواصلة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - اراء صائبة
سليم العراقي
(
2010 / 1 / 17 - 22:18
)
اراؤك ايها الكاتب صائبة جدا لكن لا يفهمها الطائفيون والذين يسيرون وراء احمد الجلبي والمخابرات الايرانية
2 - نفس الطاس ونفس الاسلوب
رياض سبتي
(
2010 / 1 / 18 - 20:56
)
ان ما يحتاجه العراق هو شعب جديد قادر على ان يعي ان من يحكمه اليوم ما هم الا نفس القتلة السابقون ولكن بلباس الايمان والدين , شعب يعي ان التصفيق للحاكم معناه الدخول في معمل صنع الديكتاتور الاوحد ,, شعب يعي ان لا قداسة لحاكم مهما كانت درجته الدينية الروحية او مهما كان الحزب الذي انحدر منه هذا الحاكم او ذاك ,,شعب يعي ان التملق للحاكم هو اعلى درجات الزنى
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر