الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليتها حكمت العالم اجمع !

ناديه كاظم شبيل

2010 / 1 / 18
حقوق الانسان


انها ملكة بريطانيا العظمى ، الملكه اليزابيث الثانيه ، التي تفخر بقيم الانصاف والتسامح التي يتميز بها بلدها رغم تعدد الثقافات والمعتقدات التي يتكون منها.


حين زرت العاصمة البريطانية للمرة الاولى ، شعرت بالفارق الكبير بين المعاملة الانسانية التي قوبلت بها في المطار، عنها في معظم الدول العربيه ، ابتسامة ودية من مسؤول الجوازات وفي ثوان وقبل ان تغادر الابتسامة ثغره اعاد لي الجواز بترحيب قصير ، لا تشعر بأنك عوملت بطريقة تختلف بأي حال من الاحوال عن البريطاني الذي ينتظر الدور خلفك او امامك ، اقول هذا وحسرة تعتمل في روحي :ماذا يحدث لو انني قوبلت بالمعاملة الانسانية ذاتها في العراق او مصر او سوريا او اي بلد عربي اخر .

في زيارة استجمام لشرم الشيخ ، وقفت بين السائحين الاجانب يعتمرني فرح غامر كوني العربية الوحيدة التي تقف في صف الانتظار ، كنت فخورة بحضارة وتاريخ وسحر مصر ،كنت اريد ان اقول للسويديين : انها بلاد العرب ، بلاد الشمس ، بلاد النيل الذي تغنى به الشعراء، بلاد الاهرام ،انها ام الدنيا التي يرتمي في احضانها كل الخائفين طلبا للامن والسلام . كان مسؤول الجوازات يتميز بالظرف وخفة الدم لدرجة ان اثار موجة من الضحك بين السويديين( وليس هذا غريبا على ابناء مصر) ،وكان سريعا جدا في فحص الجوازات ، ولكن ما ان حييته بالعربيه وقرأ الاسم العربي في جوازي حتى تغير الحال ، اقولها ومرارة امرّ من العلقم لا تزال تملأ وجداني ، استدعى الرجل زميله ليستجوبني ،من اين اتيت ؟؟؟ وكيف اتيت؟؟؟ ، لم اكن افكر وقتها بالاجابة ، كانت موجة من الحزن تطغي على مشاعري ، وعندما انتهى الرجل من استجوابي ، عاتبته على تحقيقه معي دونا عن الباقين ، اعتذر بلطف قائلا : انها الاوامر ياسيدتي وانا اقوم بواجبي. . تقبلت اعتذاره وابتلعت المي ولكن لم استطع ان امحو الخجل الذي اعتراني ونظرات الاخرين تمطرني بالتساؤل عن سبب استجوابي
.

وما حصل لي في جوازات بغداد كان امرّ بكثير ، اذ قضيت في دائرة الجوازات اكثر من ثلاث ساعات صعودا ونزولا بين طوابق الدائرة المتعدده ثم لدائرة فحص الدم المجاوره ثم لدائرة الامن ، ورغم كوني عراقية حتى النخاع الا انني دفعت تكلفة الفيزا وياللسخريه ! اتنقل انا الاجنبيه في بلدان اوربا دون ان يكلفني ذلك فلسا واحدا وفي بلدي الذي ولدني ادفع رسوم الفيزا !.

اما في الجارة سوريا فحدّث ولا حرج ، اذ ربما يخفي مسؤول الجوازات جوازك لتظل تنتطر ساعات عديده مما يضطرك الى دفع رشوة ولسان حالك يقول : لعن الله الراشي ورحم المرتشي ! وعندها يظهر لك الجواز فجأة مصحوبا بكلمة توديع حارّه.

تسير في شارع الاكسفورد الشهير ، فترى جموع المارة تسير بلا انقطاع ، معظمهم من الاجانب ومن مختلف الجنسيات والانتماءات ، معظمهم عاطلون على العمل ، تقوم الدوله برعايتهم واعالتهم ، دون تمييز بين الانكليزي والعربي او الباكستاني او المسلم او المسيحي ، الانسانية هي انتماء الجميع ، يخطر ببالك سؤال : ترى كيف تستطيع بريطانيا ايواء كل هؤلاء الجموع الهائله؟ الجواب بكل بساطه لان حكامها ليسوا لصوصا .

عندما يموت الرجل الشرقي يورث لاولاده ما حرمهم منه عندما كان حيا ، وقد يفوز احد الاولاد كونه اقربهم الى قلبه وقد يحرم الاخر لسبب في نفس يعقوب ،ليترك اولادا اثريا واخرين فقراء ، وكم سمعنا في الافلام احتجاج الاب على ولده عندما يريد منه مالا يقيه الذل ويعينه على العيش الكريم الجملة الانانيه : (تريد تورثني بالحيا ؟ ) اما في بريطانيا ، فهناك بيوت الاوقاف ، توزعها الدوله على من لا يملك عقارا وبالمجان وبغض النظر عن هوية الشخص المحتاج او اصله او دينه ،وهناك ايضا هبة الملكه ، تهب كل طفل مقيم على الاراضي البريطانيه 250 باوند تدخرها بفتح حساب خاص باسم الطفل ويستحقها عندما يبلغ سن الرشد ، لا ادري ان كانت هنالك جدة حقيقة في اوطاننا تمتاز بهذا الكرم والعطاء السخي !

في الهايدبارك الشهير وفي القسم الذي يتحدث فيه كبار الفلاسفه والمفكرين ، ترى الناس مجتمعين للاستماع للمتحدث ، الذي يسرد عليهم افكاره النيره او مفاهيم دينه الذي ينتمي اليه والذي يتعارض مع دين البلد المضياف ، الكل ينصت اليه دون المساس بفكره او معتقده الذي قد يتعارض مع ما يؤمن به الاخرين، الا ان حرية التعبير عن الفكر او المعتقد سارية على الجميع ، وتكفل حماية الجميع.

المتنزهات مفتوحة للجميع ومعظم المتاحف البريطانيه مجانيه ، تقف بالقرب من باب قصر الملكه ، لا احد من الحرس يصّب بنقيته الى صدرك ، كما هو الحال في بلداننا التي يغذيها الخوف والقهر ، تطل الملكه من شرفة قصرها لتلقي تحية على الجماهير التي احبتها من الاعماق . تسري ساعتها فرحة غامره في قلوب الجماهير وتبدا الكاميرات بتسجيل تلك اللحظات السعيده .

وانت تسير في حدائق الهايدبارك ، قد تشاهد العربات الملكيه تخرج من ساحة القصر الملكي ، تضم افراد العائله الملكيه او ضيوفها ، تتهادى الخيول باطمئنان ، فلا صفارات انذار ولا ماطورات تسير بسرعة البرق ولا امن ولا حمايه تدخل الرعب الى قلوب الماره ، اللهم الا سيارة شرطه واحده تسير بهدوء خلف العربات .

الامر بعينه يحدث في السويد ، فلطاما خرج الملك والملكه للتنزه لا يصحبها الا شرطي واحد ،او لا احد على الاطلاق ، فمم يخاف من كان العدل والحب سلاحه ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع


.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد




.. مؤيدو ترامب يطالبون بإعدام القاضي وبحرب أهلية