الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران، إيران. أين السعودية ؟؟

عوني الداوودي

2010 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لا شك أن التدخل الإيراني في الشأن الداخلي للعراق لا يخفى على أحد، من عراقيين، وغيرهم، ولا شك بأن غالبية الشعب العراقي قد أستفاد بشكل لا لبس فيه من سقوط نظام صدام الدموي، ولا شك ايضاً هناك مستفيدين من هذا السقوط من بعض دول الجوار العراقي، وعلى رأسها إيران والكويت، والأسباب معروفة .
ومنذ العام الأول من السقوط، والإعلام العربي " داخل العراق وخارجه " لا ينفك من الإشارة إلى التدخل الإيراني، وتضخيمه يوم بعد آخر، والقول بإن أميركا قدمت العراق على طبق من ذهب إلى إيران، وكأن العراق وشعبه لقمة سائغة يمكن إبتلاعها بسهولة، إن أصحاب هذه النظرية المؤامراتية هم واحدة من أثنتين، أو الأثنين معاً، فأما أنهم لم يقرأوا التاريخ بشكل جيد، ولم يستقرأوه كفاية، أم ينطلقون في أقاويلهم من نظرية المؤامرة، لكن هناك أيضاً عامل ثالث لهذا الفريق ينطلق منه، ألا وهو إجادة اللعب بالبيض والحجر، وتطوعهم كـ " طابور خامس أو عاشر " لدول إقليمية وعلى رأسها الدولة الوهابية في الجزيرة العربية.
إن من لا يرى العلاقات المتشابكة بين العراق وإيران تاريخياً، ولليوم، على أكثر من صعيد، جغرافياً، إقتصادياً، إجتماعياً، أكيد أنه مصاب بعمى الألوان، ومن المنطقي أن تحاول كلا الدولتين العراق وإيران الحفاظ على مصالحها لدى الدولة المقابلة، وهذا لا يعني قطعاً التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الأخرى، وما يجمع العراق وإيران لو أخذنا الأمر من زواياه المختلفة هو أكثر بكثير مما يفرقهم لو توفرت النية الحسنة لدى الجارتين التاريخيتين، مع علمنا بأن لا مكان للنيات الحسنة في عالم السياسة، لكن المسألة تبقى نسبية، تتحكم بها إرادات الشعوب ومصالحها الستراتيجية، ومهما يقال عن الظروف السياسية السيئة التي يمر بها العراق راهناً، وإيران متهمة بالدرجة الأولى في ذلك، يبقى العراق عصياً على أن تكون ساحة لعب، وورقة ضغط لإيران على المدى المتوسط والطويل، وببساطة لأن لعبة موازين القوى الدولية في المنطقة لا تسمح بذلك، إضافة إلى الثقل الإقتصادي العالمي للعراق الذي سيتبوء خلال الأعوام القليلة القادمة واحدة من أكبر دول العالم المصدرة للنفط، ناهيك عن إن العراق لا يُبتلع لا لإيران ولا حتى للولايات المتحدة الامريكية، وهذا هو منطق التاريخ، لتاريخ العراق.
لكن الغريب في الأمر، هو هذا الصمت العربي للدور السعودي التخريبي في المنطقة بشكل عام، وفي العراق بشكل خاص، إضافة لنموذجيّ، لبنان، واليمن، فأصابع هذه الدولة الوهابية في قلب الجزيرة العربية في كل مكان، أبتداء من الشرق الأوسط، إلى ماليزيا وأندنوسيا والفلبين، والقارة السمراء، وهي تتدخل في كل شئ وتدفع ملايين الدولارات لإستنساخ هياكل ظلامية على شاكلتها، وفي منطقتنا وصلت بها الأمر بتدخلها حتى في المسلسلات التلفزيونية ... وبما أن الأفلام والمسلسلات والأغاني، كأي سلعة أخرى تخضع للعرض والطلب، فالسعودية سباقة في الدفع للتأثير على هذا " السوق " ليتماشى مع معتقداتها، في عملية غسيل مخ جماعية، وما مسلسل باب الحارة، وأخريات مثيلاتها، وغيرها من المسلسلات البدوية التي تملأ الفضائيات العربية خير دليل على هذا . كما أنها مرعوبة حد النخاع من وجود عراق قوي ومستقر ولغالبية اهلها من الشيعة دور بارز في الحكم.
إن من حق جميع دول العالم أن تدافع عن مصالحها، وخاصة إذ كان هناك تهديد حقيقي لها من دولة جارة، فالسعودية مثلاً كانت مهددة من نظام صدام أكثر بعشرات المرات من العراق، ليس الحالي، وحسب، بل حتى من العراق المستقبلي الديمقراطي الفدرالي الذي سيكون فيه إتخاذ القرار بشكل جماعي، وليس عشوائياً وفردياً كحكم صدام حسين الذي أبتليت به المنطقة على مدى أكثر من ثلاثة عقود، أي أن العراق المستقبلي سوف لا يشكل أي تهديد للسعودية، والأجدى للسعودية بدلاً من السباحة ضد التيار، " وحمل السلم بالعرض " وهذا الرعب غير المبرر من الشيعة أن تتبنى سياسة الإنفتاح على الآخر، والمصالحة مع الذات ومع شعبها، والسماح بحرية المعتقد لثلث الشعب السعودي من الشيعة.
ومع هذا كانت السعودية، وقبل غزو الكويت صامتة صمت القبور على جرائم صدام في ذبحه لخيرة أبناء الشعب العراقي، وسوقهم بالجملة لحروبه الهمجية. فالرهاب السعودي من العراق المستقبلي ينطلق من الفكر الوهابي الذي تتبناه في تكفير الشيعة، وقد صل بها هستيريا الخوف إلى حد التصريح على لسان أعلى سطلة مطلقة وهو الملك عبدالله حين قال مخاطباً العرب: " أنسوا إسرائيل فالعدو الحقيقي لنا هو إيران " . فبينما إيران وعلى رأس الشهود كانت وراء صمود حزب الله ضد إسرائيل " بغض النظر عن حيثيات العلاقة، ولبنان وإسرائيل " وبسياسات إيران في دعمها للقضية الفلسطينية مادياً ومعنوياً، جعلت تركيا والدول العربية تتاسبق اليوم لحصولها على شرف " حل القضية الفلسطينية !! " ما يجعل الواحد منا أن يستغرب عن مدى جحود هذه الأنظمة وعلى رأسها السعودية لإيران التي تتبنى القضايا العربية وعلى رأسها قضية فلسطين " حتى لو أن إيران تفعل ذلك من أجل مصالحها العليا فقط " ولست هنا يصدد الدفاع عن إيران، ولست بالساذج ايضاً لتصديق إيران في كل ما تقوله، لكن المطلوب هو الحد الأدنى من تفهم السياسات الإيرانية بعيداً عن تابوات التكفير، والرافظة، والأطماع الإيرانية، وغيرها من هذا الكلام السخيف الذي بات يخدش الأذن من كثرة تكرارها بمناسبة، وبدون مناسبة.
وبتتبع خيوط الأحداث المريرة التي مرت بالعراق على مدى السنوات الماضية ولليوم نرى بوضوح بأن الدور المدمر للسعودية في العراق هو أخطر بكثير من الدور الإيراني، وبرأيي أن خطورة الكيل بمكيالين، وتبني " أنصر أخاك ظالماً أو مظلوما " بشكل خاطئ ، وترديد الشعار العنصري البغيض " الفرس المجوس " والأطماع الإيرانية، والحقد الإيراني على العرب، وغيرها من شعارات شوفينية، تؤدي بالنتيجة إلى تسميم الذاكرة، والوعي، وتزييف التاريخ، وخلق حالة عدائية غير مبررة بين شعوب المنطقة، والدوران في حلقة مفرغة، وواحدة من نتائجها ما نعانيه اليوم، وأقل ما يقال فيها بآننا أصبحنا مختبر ضخم لجميع أنواع التجارب، عنوانه الرئيسي ... القتل، ولا شئ غير القتل، والدم المسفوك على الأرصفة والأسفلت وفي كل بقعة من أرض الرافدين، وتقع مسؤولية كبرى من هذا الخراب والدمار على السعودية التي تحارب إيران والشيعة على أرض العراق بحجة الدفاع عن أهل السنة، وهي تقف اليوم في أعلى قائمة الدول لتفريخ الأرهابيين وتصديرهم، وكان للعراق فيها حصة الأسد.
ملاحظة : طبعاً هناك مسؤوليات تقع على أطراف أخرى كالإحتلال، وإيران، وبعض الدول العربية الأخرى، وتركيا المتمسكنة، لكن الدور السعودي الوهابي هو الأخطر والأشرس، ويُمرر من تحت عباءات وجلابيب كثيرة بقوة الدولار والبترول على جميع الصعد.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حقيقه ...مرُه
شمران الحيران ( 2010 / 1 / 20 - 17:36 )
اخي الداوودي..الحقيقه هي الدين والشرف والخلق والصدق وقولها مكلف قد يخسر الانسان موقعه او جاهه او حتى حياته في بعض الاحيان .....ودونها تملق ونفاق.. ...حين تذكر الدور السعودي واعتراضك على عرض مسلسل باب الحاره واعتباره يصب في مجالات العنف يتوجب عليك ان تذكر مجالات صناعة العبوات اللاصقه والخانقه وقواعد الصواريخ والمواد الغذائيه والصحيه المنتهية الصلاحيه وقطع المياه واجتياز الحدود حتى تكون عادلا في الطرح ورؤية الحقيقة وتصويرها بالشكل
الاخلاقي المنصف وتبريز الدور التخريبي لادوات العماله والمشاريع الخارجيه المشبوهه...كما احب ان اعلمك انه خلال هذا الشهر القت القوات الامنيه العراقيه
القبض على مجموعتين من مطلقي الصواريخ لم يكونوا من السعوديين ولم يكونو
من البعثيين وهذا باعتراف الناطق الرسمي وهم من المجاميع الخاصه والعصبات والميليشيات وانت تعرف جيدا بمرجعيات هذه العصابات وانتمائاتها حيث قتلت
الاعلاميين والسياسيين والعلماء واغلبهم تم القاء القبض عليهم ولم تعلن الاجهزه الامنيه عن انتمائاتهم ومن خلفهم وتتوقف حتى الاجراءات بحقهم
هل بوسعك ان تعلمني عن الاسباب وانت اعلامي ومتابع للوضع العراقي


2 - كلامك صحيح .... ولكن
عوني الداوودي ( 2010 / 1 / 21 - 00:00 )
أخي شمران المحترم، أحترم رأيك ... لكن لو تمعنت ملياً بالمضمون العام للمقال لوجدت بأني لم أبرأ إيران مما يحدث في العراق ... لكني أتصور بأنه ليس من المنطقي والمعقول أن يُسخر الإعلام ضد إيران فقط، بينما الدور السعودي لا يقل ضرراً وخطراً على العراق


3 - اكون لك شاكرا
محمد العلي ( 2011 / 10 / 28 - 02:03 )
اخي عوني سلام الله عليك
اتمنى عليك حتى تكتمل الفائدة من مقالك ان تفسر لنا مصطلح الوهابية الذي تكرر كثيرا في مقالك دون ان توضح لنا ماهو هذا الشئ ؟؟؟

هل هو دين اخر غير ديانتنا
. ام هو مجرد مذهبا من المذاهب المحشورة بها هذه الامة البائسة
قاتل الله التعصب


4 - المهم هو خلاص الإنسان
عوني الداوودي ( 2011 / 10 / 28 - 22:00 )
أخي محمد العلي تحياتي لك .. بداية شكراً لتعليقكم .. أما بالنسبة للوهابية فلست بحاجة لتعريفها حيث أنه بمجرد النقر في غوغل على كلمة الوهابية ستأتي النتائج فوق التصور والخيال .. لكن وببساطة يمكن القول إختلافنا مع الوهابية - نسبة إلى مؤسسها محمد بن عبد الوهاب - هو أنهم يكفرون كل من لا يسير على خطاهم في تتبع خطى السلف الصالح، وشخصياً أتقبل أي فكرة تخدم الإنسان سواء جاءت من مسلم أو مسيحي أو يهودي أو ماركسي أي إنسان على وجه الطبيعة بغض النظر عن لونه ودينه وعرقه ومعتقده، فإذا أخذنا أخي العلي لب أفكار الديانات والفلاسفة والمبدعين ، فجميعها تتحدث عن خلاص الإنسان مع دورة عذاباته الأبدية .. فلماذا الإختلاف أذن حول الطريقة ؟؟

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -