الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيانات العبث

مهدي زريان

2010 / 1 / 20
الادب والفن


لست أدري.. كيف أحرر نفسي
من نعشِ جسدي الهارب؟
تلوّنتُ بالوحدة
غرفتي لا تضمُ سواي وظلي
وأحياناً..
يمتزج صوتُ أنفاسي التعبى
وتصفّح كتابٍ
ودقات ساعتي
بدخانِ سيجارة!
ما مِن ليلةٍ
لا يخنقني فيها خيالي
ولا تقرأ الريح كتابي العتيق!
كل ليلةٍ تمزّقني
وتمزقني
دقاتُ ساعاتِ الحيطانِ.. تمزقني...
إنه الصباح
وأنا أمرُّ الهوينى.. هويناً تحت أشجارٍ لا ظلال لها
مصغياً لتهشّم الأوراق المتساقطة
وعلى الرصيف المقابل
ألمحُ خليلاً قديماً لي
يلوح بيدٍ.. وينبسُ بشيء
أظنّه... يلقي علي بتحية الصباح!!
من فرط غربتي
أراجع خطاباتِ أندادي السابقين
لا أتذكّر أسماءهم
ولا أعرف في أي يومٍ وردتني
أنقّب في كل المرايا العتيقة
عسى أن خلَّف فيها يوماً
صديقٌ قديمٌ ملامحَهُ
أمعِنُ النظر في قارورةِ شرابٍ بنفسجية
آملاً أن نسيَ فيها
ذاتَ شفقٍ
قريبٌ لي - ثملاً -
وجهَه المنهك
ما من نهارٍ يمر
إلا وتتيّهني أزقة هذه المدينة
وما من ليلةٍ تمر
إلا وتقرأ الخفافيشُ حظي
وتقلدني الخرز الأزرق
أنتَ يا (ذاتي) الهاربة مني
انظرْ كيف يذوبُ الآن
قدي الصقيعي
تحت شعاعِ عينيكْ
رويداً... رويداً
وتتبخر أنفاسي المتجمدة
في عقبِ مداسِكِ
حين الغروب
أنحني لشارعٍ
باحثاً عن أثر أولئكَ الرفاق
الذين أجهل...
أين أخذهم القدر؟!
أتأملُ بإجلالٍ ظلال شجرةِ التوت
التي أجهل...
متى أودعتها نفـَساً من الطمأنينة؟!
آه يا زريان*
من فرطِ عبثِكَ بالمصير اللا مجدي
لليمونات العشق الحامضة
غدوتَ أنت الآخر
في أغصان الوجود المتجمدة
خاوياً
مثل عنقودِ عنبٍ نما في غير أوانهِ!
المواسمُ هي الأخرى
في هذا الوطن
لا تقدرُ أن تقاوم الحقيقة
إنها تتداعى مع الأوراق المتساقطة
فاسكني
يا أمواجَ الحقيقة
لئلا تغرق سفن خيالنا
اسكني
يا سيوف الفناء
لا تضربي مزيداً
من رؤوس عهودِ الوفاء
التي لا رؤوس لها!
العاشقون صحراءٌ قاحلةٌ إلا من النفاق
المحبون قمةٌ في الخيانة
معارفنا جميعاً خانوا الملح والزاد
فأي شيءٍ ننتظر؟!
فنحن لم نجنِ نفعاً
سوى من يافطات الرياء والنفاق
الله يعلمُ
في أيةِ كأسٍ فارغةٍ للرياء
ضيعنا رجولتنا!
نحنُ غرباءٌ في هذه الأرض
التي لا جغرافية لها
الآن.. يجب أن نحمل
حقائبَ اليأس
ونستلقي موتى في موانئ النسيان
نحنُ
مَن أبطل سحرَ كل المقدّسات
ومَن قرأ كتابات وتعاويذ الشيوخ الجهلة
كشفنا رموز وخواطر المنجمين
لأبناءِ المدينة
كُن واثقاً
لو أننا ندفن كل تاريخ هذه المدينة الحجرية
تحت جذور شجرة (قزوان)**
الزمن لن يزحزح عقاربه
والأرض لن تتوقف عن الدوران
شحاذو هذا الوطن الفوضوي
ينامون على رصيفٍ
ويحلمون برصيفٍ آخر
أقولُ للعاصفةِ: كفى!
كفى هذا التيهان
اللعنةُ على تلك النياسم
التي قادتني إلى سواحل اليأس
اللعنة على الأبواب العتيقة
التي أدمنتني على انتظارٍ سقيمٍ
أنتَ يا (ذاتي) الهاربة مني
كم مرةً قلتُ لك
لنتجرّد مِن الخجل
لئلا يقتلنا الخجلُ خجلاً!!
لنعُد إلى الديار القديمة
فإذا ما بقيَ لنا بعضُ أحبتنا
فلنبنِ مِن قطراتِ المطر
بيتاً
ومِن الضبابِ الأبيضِ
سوراً!
......................................................................................
* زريان: العاصفة الثلجية، وهو لقب الشاعر، ويصلح هنا استخدام اللفظة لكلا الغرضين.
** قزوان: نبتة مكسرات، يستخدم ثمره لصنع المسبحة، وتسمى بالدارجة (بطم).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة TheStage عن -مختار المخاتير- الممثل ايلي صنيفر الجمعة 8


.. الزعيم عادل إمام: لا يجب أن ينفصل الممثل عن مشاكل المجتمع و




.. الوحيد اللى مثل مع أم كلثوم وليلى مراد وأسمهان.. مفاجآت في ح


.. لقاء مع الناقد السينمائي الكويتي عبد الستار ناجي حول الدورة




.. هشام حداد يستفز وسام صباغ.. وهل يسبق السوري اللبناني في التم