الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرياتي عن الشاعرين بدر شاكر السياب وحسين مردان

عبد العزيز محمد المعموري

2010 / 1 / 20
سيرة ذاتية


ذكرياتي عن الشاعرين بدر شاكر السياب وحسين مردان
الكاتب والمعلم المتقاعد عبد العزيز محمد المعموري -ناحية العبارة -بعقوبة -العراق


سمعت بالسياب سنة 1947 وكنت طالباً في الصف الاول من دار المعلمين الابتدائية ، بعد ان طبع ديوانه الاول ( ازهار ذابلة ) وقد اضطررت لشراء نسخه منه بـ (150) فلساً بالحاح من الطلبة الشيوعيين انذاك لانه رفيقهم ولا يملك بدلة مناسبة للتطبيق في السنة الدراسية الاخيرة من مرحلة دراسته في دار المعلمين العالية ، وقد اعجبت بشعره آنذاك وكتبت عن ديوانه البكر في جريدة اليقظة وكنت آنذاك اول من يعرف بالسياب ، ولم اتعرف عليه شخصياً الا بمناسبات متباعدة وكان انطباعي عنه انه انسان متواضع الى حد المسكنة وحلو المعشر يدخل القلب بدون استئذان .
اما حسين مردان ( دكتاتور الادب ) فقد تعرفت عليه حين كان محررا في جريدة الاخبار سنة 1956 اذا لم تخني الذاكرة ، وقد كتبت مقالاً آنذاك ادعو فيه الى تكوين تجمع للادباء ، كالنقابة او الاتحاد او ما شابه ذلك اسوة بالرياضيين او الفنانيين او غيرهم من فئات المجتمع ، وقد استلم مردان المقال وقرأه اكثر من مرة ، ثم التفت الي وفيما يشبه البحلقة .. ثم قلت : هل فيه ما يتعارض مع القانون ؟
قال : كلا .. ولكن فيه ( فلفل زيادة ) ورجال السياسة لا يطيقون هذا الاسلوب ، فهل بامكانك صياغة الموضوع بشكل آخر بعيداً عن الاستفزاز ؟ قلت : سأفعل . واعدت كتابة المقال ونشر آنذاك واذكر ان حسين مردان كان يتردد سنة 1956 على كازينو المختار القريبة على منطقة حافظ القاضي ، وكنت انا اتردد عليها ايضا وكان من روادها حسن الحاج وداي الذي كان محسوبا على حزب الشعب الذي كان يرأسه المرحوم عزيز شريف واصبح بقدرة قادر سنة 1963 عضو قيادة قطرية في حزب البعث ، وكان صديقاً لي ولحسين مردان وكان من رواد الكازينو صادق الازدي صاحب مجلة قرندل ايضاً ، وكنت انذاك احاول الانتساب الى احدى الصحف كمحرر او مصحح او ما شابه ذلك فقدمني حسن وداي الى الازدي لغرض التعارف ومحاولة ربطـي بدنيـا الصحافة ، وسألني الازدي : هل تعرف سياسة مجلتي ولمن تكتب ؟ قلت : كلا ، قال : بصراحة اكثر قراء المجلة من ( الكحاب ) هل تجيد كتابة القصص الجنسية ؟ قلت : كلا ، قال حسناً اسلوبنا في السياسة هي المهاترة والاثارة ، فهل تجيد (الخمش دون الجرح واسالة الدم ) ؟ قلت : وهذا ايضاً لا اجيده ! والتمعت فكرة جهنمية في رأسي وقلت له ماذا لو كتبت لك عن حسين مردان ومرغته بالتراب ؟ قال افعل وعلى بركة الله ! وكتب مقالاً مثيراً بعنوان ( حسين مردان في الميزان ) وضمنته كل ما لدي من سخرية بشعر وشخصية هذا الانسان الرائع ، ونشر المقال في اليوم التالي وتقاضيت عنه اجراً مجزياً هو ديناران بالتمام وهذه هي المرة الاولى التي اتقاضى مكافأة على مقال هو اقرب الى الشتم والهجاء ! وجيء بالمجلة وفيها المقال الظالم وقدمت الى ( ابي علي ) في كازينو المختار ، وأخذ يقرأ المقال وهو يمص سيجارته بنهم وانفعال وهو يشتم الكاتب الذي لايعرفه ( يا ملعون الوالدين ، ليش ولك ليش ، لعلك تريد تصعد على اكتافي طلباً للشهرة ) كنت وصديقي حسين جالسين في مكان قريب منه وهو لايعرف اني كاتب المقال لانه لايعرف اسمي ، وقد شعرت بتأنيب الضمير وطلبت من صاحبي ان يعتذر عني لاني بأمس الحاجة الى الدينارين ثمن المقال ، انتقل صاحبنا الى حيث يجلس ابو علي وقال له : اتدري ان صاحب المقال من محبيك ومقدري مكانتك الشعرية .. لماذا يكتب هذه الشتائم ؟ قال له : ( ثمنها ديناران) دفعها له صادق الازدي وهو لا يملك ثمن استكان الشاي فماذا يفعل ؟ هنا ضحك ابو علي ضحكة مجلجلة وقال ( فليلعن اجداد اجدادي ما دام قد استلم ذلك الثمن ) بعد ذلك بدقائق توجهت نحو ذلك الانسان الرائع اتعثر من الخجل وامسكت بجبهته العريضة وطبعت عليها اكثر من قبلة وكأن شيئاً لم يكن ، وهكذا كان حسين مردان نموذجاً للطيبة والاريحية وصفاء السريرة ، فلك الذكر الطيب والف سلام على ذكراك ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قصص انسانيه جميله
سمير فاضل ( 2010 / 1 / 20 - 22:05 )
ذكريات جميله لجزء من تراثنا العراقي ورجالاته، وسرد قصصي مشوق ممتع



تحياتي


2 - مردان الشاعر المنسي
ايار ( 2010 / 1 / 21 - 10:04 )
شكرا اخي ورغم انني اريد اناغتنم هذه المساحة الضيقة لاعبر عن شجبي لاهمال شاعر مبدع مثل حسين مردان وعلى كافة الاصعدة اهمل من قبل الحكومةوالنقاد والناشرين وربما المعارف والاصدقاء ولم ياخذ اعشار حقه كما غيره من المبدعين الاخرين0
دعوة لكل المثقفين ومنهم صاحب المقال الكتابة عن هذا المبدع المجيد وغيره ممن طوتهم صفحات النسيانوارخت بسدولها عليهم0

اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح