الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدبلوماسية العراقية ...اشكالية الهوية وضبابية الاولويات.(الجزء الثالث)

عزيز الدفاعي

2010 / 1 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حينها بدأت لعبه سياسيه جديدة ..بساحات جديدة.. ولاعبين جدد ...وشروط جديدة ..ودبلوماسيه تبدأ بقاموس مغاير.. وسط محيط إقليمي زرع الألغام والشكوك في طريق العراقيين الذين حملوا الرساله الدبلوماسية وفق مبدأ أهل الولاء لا الخبرة وتوزيع الغنيمةـ السلطة مع انفجار بركان الإرهاب والنهب المنظم إمام شعب خرج من الدكتاتورية إلى المتاهة.دون ان يقوده المحررون الجدد لينهض ثانيه مثلما فعل البريطانيون بالأمس الذين وضعوا ساس ألدوله ألحديثه ويضمنها الدبلوماسية . .

لم يكن احد ما يتصور ان السيد هوشيار الزيباري سيكون نموذجا ا ونسخه أخرى من أشهر دبلوماسي عراقي وهو المرحوم عصمت كتاني(1927 ـ1989 ) ابن العماديه)خريج جامعه كنوكس الذي عمل في الأمم المتحدة منذ عام 1958 ولمده عشرين عاما والذي ترأس الجمعية ألعامه للأمم المتحدة ووصف بأنه( أشهر دبلوماسي قادم من دوله عربيه عرفته المنضمة الامميه) حسب وصف عبد الله الاشطل .
-كما لا يمكنه أن يلعب دور طارق عزيز الذي أدار الدبلوماسية العراقية بمهنيه فائقة على مدى عقدين منذ عام 1983 والذي وصف بأنه مهندس العلاقات مع واشنطن وفرنسا وبرز اسمه بعد (عاصفة الصحراء) وما أعقبها من مفاوضات عسيرة مع الأمم المتحدة ولجان التفتيش حتى بعد تسلم ناجي صبري لوزارة الخارجية والذي يصارع حاليا الموت في زنزانته.مع تباطؤ دقات قلبه الذي يخفي إسرار علاقات بلاده مع واشنطن والآخرين والتي كان صانعا لها او شاهدا عليها .

.فكتاني كان كرديا أيضا و(ميخائيل يوحنا عيسى ) او طارق عزيز كان كلدانيا.مسيحيا . فالأمر اذن يتعلق( بهويه ألدوله السياسية) وشكل النظام القائم وليس قوميه أو طائفة قائد الدبلوماسية... .ودون الخوض في الأسباب التي أدت لتكليف الزيباري بهذه المهمة أو المؤهلات التي تجعله جديرا بذلك في هذه ألحقبه الانتقالية الخطرة.. يمكن القول ان المبنى الذي يشغله اليوم تناوب عليه وزراء خارجية لم تكن نهاية اغلبهم بالسعيدة في ظل ألحقبه السابقة لخطورة المنصب وحساسيته.
فناصر الحاني اختطف وقطع جسده حيا ووضع في كيس رمي تحت الجسر ..ومرتضى ألحديثي قتل بالسم ..وعبد الكريم الشيخلي اغتيل في نيسان عام 1980 ..وهرب حامد الجبوري ..ولازالت كثير من علامات الاستفهام تدور حول ناجي صبري. ففي جعبة هؤلاء الكثير من الإسرار الخطيرة وهذه الحقيقة يعرفها الزيباري ويدرك تماما خطورة الدو ر الذي كلف به .
غير ان احد ما كان قادرا على قبول فكره ان يكون الزيباري خال مسعود لبرزاني المعروف بتمسكه بمشروع االدوله الكردية هوا لذي سيدير الدبلوماسية العراقية الجديدة في ظل تنامي الخلافات بين العرب والأكراد. !!
ففي دوله مؤسس للأمم المتحد والجامعة العربية ومهد الساميين وعاصمة الامبراطوريه العباسية بكل ما يعنيه ذلك من دلالات الهوبه العربية يثير الأمر تساؤلات عده .. دون ان يعني ذلك أي موقف لتهميش دور الكرد مادام رئيس الجمهورية من هذه القومية .
لقد وجد رئيس الدبلوماسية الجديد نفسه بدون خارطة طريق ..وتجاذبان وتدخل في الشأن الخارجي من قبل الجميع.. في دوله منزوعة السياده ومسرح لصراع دول الجوار قي نظام لم يكن قادرا على حماية أي دبلوماسي. ولم تكن مصادفه ان يكون اول عمل إرهابي ضد مقر الأمم المتحدة حيث صرع سيرجى دي ميلو و من ثم هوجمت السفارة الاردنيه. لتتوالى مصفوفة عمليات الخطف والتصفية ضد الدبلوماسيين العرب والأجانب وسفارتهم .مما شجع البعض على الادعاء بان العرب قد تركوا العراق وتخلوا عنه للأمريكان والإيرانيين لقمه سائغة بينما كان دم السفير المصري المغدور إيهاب الشريف يختلط مع نهر الدم العراقي الغزير .

لقد اندفعت الاسئله التي كانت ممنوعة في السابق وهاهي تتحول إلى مسائله علنية ولم يعد الدبلوماسي مجرد موظف خائف من مسئول( المحطة) لكنه محاط بحصانه ألطائفه التي يمثلها والتي تمنحه حصانه اكبر للبقاء في منصبه بقدر إخلاصه لانتمائه ألاثني ليشارك في إرباك وتكسر الخط العام للبعثة الدبلوماسية بما اثأر استغراب العديد من الدول المعتمدين لديها وضاعف من الاحتقان والتجاذب الداخلي ودفعه باتجاه اقترب من الانتحار الوطني ربيع عام 2006 .
لقد كتب الكثير عن دور بول بريمر في إفشال وإخفاق وزاره الخارجية وتعثرها واعتماد سياسة اجتثاث كادر كفؤ كان يمكن ان يلعب دورا استشاريا وعن نقص الخبرة والكفاءة لدى اغلب الكوادر الجديدة التي مثلت نوعا من المصاهرة بين اسر أعضاء الحكومة والبرلمان ومواقع السلك الدبلوماسي... ونقص وضعف المهنية لدى اغلب السفراء السابقين وإشكاليات ازدواجية الجنسية وغيرها وهي في المحصلة معطيات لستراتيجيه الهدم البربري التي تحكمت بها رغبه الإقصاء والانتقام وإرجاع العراق إلى الوراء أكثر من الحرص على مصلحه ألدوله العليا.

ان مصطلحات المعجم الدبلوماسي الجديد في عراق ألحقبه الامريكيه لم تكن محصله لحراك شعبي ومشروع سياسي وطني جديد واضح المعالم ومستقل في بلد حكم لقرون طويلة بالمبايعة القسريه والشمولية التي تنتهك كل شي ء..وكان لابد لمحاوله الديمقراطية المتعثرة للخروج من الإسطبلات ولتدجين السياسي إن تصطدم بأكثر من جدار صلب ..
ولإنصاف الحقيقة لابد من التأكيد على إن الدستور العراقي يمنح لرئيس الوزراء الدور الأساس في رسم السياسة الخارجية اعتمادا على جهاز من الخبراء الذي لانعرف هويتهم . وبالتالي فان وزير الخارجية لايمكنه وضع سياسات دون موافقة رئيسه .

غير ان المالكي لم يكن مقلدا كما يبدو لايزنهاور الذي أطلق يد (جون فوستر دالاس) في اتخاذ أهم قرارات السياسة الخارجية ... ولم يكن شبيها بجون كندي الذي أدار الدبلوماسية الامريكيه وتدخل في أدق تفاصيلها .لان ماكان يشغله ولازال هو دور رجل الإطفاء الذي يصارع النيران التي شبت في منزله أكثر من الالتفات إلى جيرانه الصامتين او الشامتين او الذين يصبون الزيت على النار.الاانه بقي ممسكا بالملفات الرئيسية وما يعتبر انجازا على غرار ماحدث بشان الاتفاقية ألاستراتيجيه مع واشنطن ا لتي تدخل في تفاصيلها وماطل الاداره الامريكيه..بينما فشل في كسب ود دمشق أو استخدام أوراق الضغط عليها .

لقد أدى العنف والإرهاب الذي تورطت به بعض دول الطوق العربيه إلى بروز ظاهره جديدة وخطيرة لم تعرفها السياسة الخارجية العراقية من قبل وهي الدفع باتجاه بعيد وعدائي ضد العمق العربي حتى ضمن الخطاب الرسمي أحيانا بسبب الموقف السوري والسعودي على وجه التحديد... قابله اتجاه معاكس يحمل إيران مسؤليه مجمل التراجيديا العراقية والذي ظهر واضحا في تعاطي بعض الساسة مع ملف أبار الفكه الى درجه التغني بسمفونيه( القادسية الثانية ) وأمجادها ونفض الغبار عن اسطوانتها واستهجان تعيين سفير جديد لطهران في بغداد كان احد قاده الحرس الثوري الإيراني !!

!فيما لم نعرف طوال السنوات الماضية أي توزيع للأدوار بين( الحمائم) و(الصقور) داخل الحكومة العراقية في التعاطي مع الأزمات الخارجية مثلما تفعل اغلب دول العالم بل حدث العكس تماما .!!!

وكان واضحا لأي مراقب وعلى مدى سبع سنوات من سقوط النظام السابق إن العراق لم يكن يمتلك أي سياسة خارجية واضحة المعالم لان الرهان كان يرجح سيناريو التقسيم أو الانكفاء الداخلي ..ولم يكن بمقدور هذه الدبلوماسية ان تعبر عن هويته ومواقفه ومصالحه في الدائرة العربية والاسلاميه كانعكاس للوضع الداخلي الضبابي باستثناء السعي لمعالجه ملف المديونية بدعم أمريكي وإقناع دول الجوار وعواصم القرار في العالم بشرعيه الحكومة المنتخبة للاعتراف بها ودعمها سياسيا في مواجهة الإرهاب وقوى الرفض التي كانت تحضي في الكثير من هذه العواصم بترحيب ودعم واسع لعبت الطائفية العربية دورا محركا له أحيانا .

وإلا بماذا نفسر إصرار الرياض الطويل مثلا على عدم قبول أوراق اعتماد سفير العراق الجديد مالم يكن من طائفة معينه وقبولها فقط بالسيد غانم ألجميلي المحسوب على التيار الإسلامي وعدم وضع حد لفتاوى التكفير ضد المذاهب الاخرى ؟.
او إصرار الكويت على تحميل العراق ديونا دفعتها لتمويل الحرب ضد إيران ويقضي المنطق ان تحاسب عليها من قبل طهران وبغداد لاشتراكها في حرب راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء . وقبول الحكومة العراقية دون ادني تردد ا وراق اعتماد السفير الكويتي الذي كان احد ضباط الجيش تحت أمره شوارتزكوف في( عاصفة الصحراء) رغم إدانتنا لغزو الكويت... لكن الأمر يتعلق هنا بمشاعر العراقيين وأظافر الدبلوماسية واستخدام أوراق الضغط.. فهل يقبل الكويتيون تعيين سفير عراقي لديهم حتى لوكان قد ادلى بتصربح منحاز لبلده بشان خلافاتها مع الكويت ؟؟ أم أنهم سيلجئون إلى طلب الاستشارة من السيد توني بلير ؟!
.
والأدهى من ذلك ان الدبلوماسية العراقية عرفت لأول مره ما يمكن وصفه جدلا بأنه (سياسات خارجية) متعددة فاجأت الدول الأخرى سواء خلال لقاءات جمعت مسئوليها بسفراء العراق أو كبار القادة القادمين من بغداد في محافل دوليه وعربيه بدل الموقف الموحد كانعكاس للصراع الداخلي مما اضعف من مصداقية الدبلوماسية العراقية وحضورها .
عند تصفحنا لأرشيف هائل من تصريحات كبار القادة العراقيين إزاء ملفات العلاقات الثنائية المتازمه مع دمشق وطهران والرياض نلمس ذلك التباين والتقاطع و التفسيرات والتصورات كالهوة العميقة بين المالكي ولطالباني والهاشمي والحكيم وهمام جمودي رئيس لجنه العلاقات الخارجية في البرلمان .

في مقابل ذلك تراوحت المواقف العربية خاصة بين الريبة والتشكيك والتردد وربط العراق بالمسار الأمريكي تارة رغم ان العلم العربي برمته يدور في الفلك الامريكي و الايراني تارة أخرى انطلاقا من هوية السلطة التي تمثل انعكاسا للتركيبة الاثنيه والطائفية في المرحلة ألراهنه ليسقط الكثيرين في وهم (الهلال الشيعي )على حساب نسيان العدو الحقيقي للعرب وضرورات التضامن ووحده الصف في مواجهة المخاطر والتحديات وضرورة عدم ترك العراق ليكون وحيدا في محنته بدلا من الإصرار على اتهامه بأنه أصبح تابعا لإيران التي حولته إلى ساحة للمواجهة مع أعدائها .
وجميعها أمور عقدت من أعباء الدبلوماسية العراقية وأربكتها وشتت من جهودهاوطاقاتهاالمحدوده اصلا....فهل يمكن للعراق ان يواجه واشنطن وطهران والسعودية ودمشق والقاعدة وبقايا النظام السابق ؟... وماذا يمتلك من رباط الخيل والمعجزات بينما الإرهاب حول رزنامه أسبوعه الى مجازر وحشيه بينما الفساد ينتشر كالسرطان في جسده النازف ؟ان الأمر بحاجه لعصى نبي الله موسى( ع) أو نسخ متعددة من غروميكو وكيسنجرلاداره الدبلوماسية العراقية.. بينما يتكئ الوزير على وكيلين له احدهما مثقل بالمشاغل لكثره إسفار الزيباري والأخر يعاني من المرض وتجاوز سن التقاعد وآ ن له ان يستريح بعد طول عناء.

لقد افلح العراق نسبيا من خلال تعزيز الأمن الداخلي وتوقيع الاتفاقية الامنيه ولاستراتيجيه مع واشنطن وجدوله الانسحاب الامريكي في كسر جزء من طوق ألعزله واستعاده الحضور الدبلوماسي العربي في بغداد رغم إشكاليه المحور السوري ـ السعودي وتعقيدات العلاقة الشائكة مع إيران والتي تمثل أهم التحديات الاقليميه ألراهنه مع ملا حضه ألاستقلاليه المحدودة لصانع السياسة الخارجيه وتداخل أجندات المنطفه ومساراتها.
لكن هذا العمل الدبلوماسي الحساس لازال في كثير من مفاصله مفتقرا لجهاز للمعلومات والبحوث وتحليل وتقيم الأداء ومتابعه الأوضاع في الدول الأخرى كما إن العلاقة بينه وبين جهاز الاستخبارات العراقي شبه منعدمة لان الأخير شبه مشلول بالتالي فان قرار صناع القرار الخارجي مبني على ما يطفو على السطح وليس الجزء الغاطس الذي غالبا مايخفي ثلثي الحقيقه .
ان نجاح ألدبلوماسيه محكوم بالمبادئ التي تنطلق منها كأرضيه ووجود كوادر كفئه قادرة على ترجمتها في المحافل الدبلوماسية لتحقيق أهداف ومصالح العراق الذي سيصبح في غضون سنوات اكبر منتج للنفط .. وهو ما يتطلب اعتماد إستراتيجيات تضمن الوصول لهذه الغايات من خلال الاتفاقيات والمفاوضات وأوراق الضغط والبراغماتيه وبناء نسيج من العلاقات المتوازنة التي تخدم مصالح العراق وشعبه دون التفريط بأي شيء .وإعطاء الاولويه للعمق العربي وفق الرؤيا الجديدة للعراق .

لكن هذا الطموح رهين قبل كل شيء بإنهاء الاحتلال أولا وإسقاط نظام المحاصصه ألطائفيه ونجاح المصالحة الوطنية ثانيا واعتماد ألخبره والكفاءة أساسا للعمل الحكومي وبضمنة العمل الدبلوماسي والذي أهمل في تعيين سفراء العراق الجدد بدلا عن الذين سبقوهم والذي كان أداء البعض منهم كارثيا فيما يشبه الإيغال في تكرار الخطا.. أوانه وليد من رحم المحاصصه التي يمقتها الجميع إمام الإعلام ويعضون عليها بالنواجد اذا تعلق الأمر بالمكاسب والامتيازات..!!.
.ربما تكون الانتخابات القادمة بداية مرحله جديدة تفتح إمام الدبلوماسية العراقية أفاقا أخرى أكثر وضوحا وهي مسئوليه الجميع التي تتطلب وحده الموقف الوطني إزاء السياسة الخارجيه .
. بيد اننا وللأسف الشديد غير متفائلين بالغد المنظور لان المشهد المضطرب في العراق حاليا يدفعنا لذلك.. ونتمنى إن نكون مخطئين .

بخارست
15.1.2010























الدبلوماسية العراقية ...اشكالية الهوية وضبابية الاولويات.
(3)
د.عزيز الدفاعي
[email protected]
حينها بدأت لعبه سياسيه جديدة ..بساحات جديدة.. ولاعبين جدد ...وشروط جديدة ..ودبلوماسيه تبدأ بقاموس مغاير.. وسط محيط إقليمي زرع الألغام والشكوك في طريق العراقيين الذين حملوا الرساله الدبلوماسية وفق مبدأ أهل الولاء لا الخبرة وتوزيع الغنيمةـ السلطة مع انفجار بركان الإرهاب والنهب المنظم إمام شعب خرج من الدكتاتورية إلى المتاهة.دون ان يقوده المحررون الجدد لينهض ثانيه مثلما فعل البريطانيون بالأمس الذين وضعوا ساس ألدوله ألحديثه ويضمنها الدبلوماسية . .

لم يكن احد ما يتصور ان السيد هوشيار الزيباري سيكون نموذجا ا ونسخه أخرى من أشهر دبلوماسي عراقي وهو المرحوم عصمت كتاني(1927 ـ1989 ) ابن العماديه)خريج جامعه كنوكس الذي عمل في الأمم المتحدة منذ عام 1958 ولمده عشرين عاما والذي ترأس الجمعية ألعامه للأمم المتحدة ووصف بأنه( أشهر دبلوماسي قادم من دوله عربيه عرفته المنضمة الامميه) حسب وصف عبد الله الاشطل .
-كما لا يمكنه أن يلعب دور طارق عزيز الذي أدار الدبلوماسية العراقية بمهنيه فائقة على مدى عقدين منذ عام 1983 والذي وصف بأنه مهندس العلاقات مع واشنطن وفرنسا وبرز اسمه بعد (عاصفة الصحراء) وما أعقبها من مفاوضات عسيرة مع الأمم المتحدة ولجان التفتيش حتى بعد تسلم ناجي صبري لوزارة الخارجية والذي يصارع حاليا الموت في زنزانته.مع تباطؤ دقات قلبه الذي يخفي إسرار علاقات بلاده مع واشنطن والآخرين والتي كان صانعا لها او شاهدا عليها .

.فكتاني كان كرديا أيضا و(ميخائيل يوحنا عيسى ) او طارق عزيز كان كلدانيا.مسيحيا . فالأمر اذن يتعلق( بهويه ألدوله السياسية) وشكل النظام القائم وليس قوميه أو طائفة قائد الدبلوماسية... .ودون الخوض في الأسباب التي أدت لتكليف الزيباري بهذه المهمة أو المؤهلات التي تجعله جديرا بذلك في هذه ألحقبه الانتقالية الخطرة.. يمكن القول ان المبنى الذي يشغله اليوم تناوب عليه وزراء خارجية لم تكن نهاية اغلبهم بالسعيدة في ظل ألحقبه السابقة لخطورة المنصب وحساسيته.
فناصر الحاني اختطف وقطع جسده حيا ووضع في كيس رمي تحت الجسر ..ومرتضى ألحديثي قتل بالسم ..وعبد الكريم الشيخلي اغتيل في نيسان عام 1980 ..وهرب حامد الجبوري ..ولازالت كثير من علامات الاستفهام تدور حول ناجي صبري. ففي جعبة هؤلاء الكثير من الإسرار الخطيرة وهذه الحقيقة يعرفها الزيباري ويدرك تماما خطورة الدو ر الذي كلف به .
غير ان احد ما كان قادرا على قبول فكره ان يكون الزيباري خال مسعود لبرزاني المعروف بتمسكه بمشروع االدوله الكردية هوا لذي سيدير الدبلوماسية العراقية الجديدة في ظل تنامي الخلافات بين العرب والأكراد. !!
ففي دوله مؤسس للأمم المتحد والجامعة العربية ومهد الساميين وعاصمة الامبراطوريه العباسية بكل ما يعنيه ذلك من دلالات الهوبه العربية يثير الأمر تساؤلات عده .. دون ان يعني ذلك أي موقف لتهميش دور الكرد مادام رئيس الجمهورية من هذه القومية .
لقد وجد رئيس الدبلوماسية الجديد نفسه بدون خارطة طريق ..وتجاذبان وتدخل في الشأن الخارجي من قبل الجميع.. في دوله منزوعة السياده ومسرح لصراع دول الجوار قي نظام لم يكن قادرا على حماية أي دبلوماسي. ولم تكن مصادفه ان يكون اول عمل إرهابي ضد مقر الأمم المتحدة حيث صرع سيرجى دي ميلو و من ثم هوجمت السفارة الاردنيه. لتتوالى مصفوفة عمليات الخطف والتصفية ضد الدبلوماسيين العرب والأجانب وسفارتهم .مما شجع البعض على الادعاء بان العرب قد تركوا العراق وتخلوا عنه للأمريكان والإيرانيين لقمه سائغة بينما كان دم السفير المصري المغدور إيهاب الشريف يختلط مع نهر الدم العراقي الغزير .

لقد اندفعت الاسئله التي كانت ممنوعة في السابق وهاهي تتحول إلى مسائله علنية ولم يعد الدبلوماسي مجرد موظف خائف من مسئول( المحطة) لكنه محاط بحصانه ألطائفه التي يمثلها والتي تمنحه حصانه اكبر للبقاء في منصبه بقدر إخلاصه لانتمائه ألاثني ليشارك في إرباك وتكسر الخط العام للبعثة الدبلوماسية بما اثأر استغراب العديد من الدول المعتمدين لديها وضاعف من الاحتقان والتجاذب الداخلي ودفعه باتجاه اقترب من الانتحار الوطني ربيع عام 2006 .
لقد كتب الكثير عن دور بول بريمر في إفشال وإخفاق وزاره الخارجية وتعثرها واعتماد سياسة اجتثاث كادر كفؤ كان يمكن ان يلعب دورا استشاريا وعن نقص الخبرة والكفاءة لدى اغلب الكوادر الجديدة التي مثلت نوعا من المصاهرة بين اسر أعضاء الحكومة والبرلمان ومواقع السلك الدبلوماسي... ونقص وضعف المهنية لدى اغلب السفراء السابقين وإشكاليات ازدواجية الجنسية وغيرها وهي في المحصلة معطيات لستراتيجيه الهدم البربري التي تحكمت بها رغبه الإقصاء والانتقام وإرجاع العراق إلى الوراء أكثر من الحرص على مصلحه ألدوله العليا.

ان مصطلحات المعجم الدبلوماسي الجديد في عراق ألحقبه الامريكيه لم تكن محصله لحراك شعبي ومشروع سياسي وطني جديد واضح المعالم ومستقل في بلد حكم لقرون طويلة بالمبايعة القسريه والشمولية التي تنتهك كل شي ء..وكان لابد لمحاوله الديمقراطية المتعثرة للخروج من الإسطبلات ولتدجين السياسي إن تصطدم بأكثر من جدار صلب ..
ولإنصاف الحقيقة لابد من التأكيد على إن الدستور العراقي يمنح لرئيس الوزراء الدور الأساس في رسم السياسة الخارجية اعتمادا على جهاز من الخبراء الذي لانعرف هويتهم . وبالتالي فان وزير الخارجية لايمكنه وضع سياسات دون موافقة رئيسه .

غير ان المالكي لم يكن مقلدا كما يبدو لايزنهاور الذي أطلق يد (جون فوستر دالاس) في اتخاذ أهم قرارات السياسة الخارجية ... ولم يكن شبيها بجون كندي الذي أدار الدبلوماسية الامريكيه وتدخل في أدق تفاصيلها .لان ماكان يشغله ولازال هو دور رجل الإطفاء الذي يصارع النيران التي شبت في منزله أكثر من الالتفات إلى جيرانه الصامتين او الشامتين او الذين يصبون الزيت على النار.الاانه بقي ممسكا بالملفات الرئيسية وما يعتبر انجازا على غرار ماحدث بشان الاتفاقية ألاستراتيجيه مع واشنطن ا لتي تدخل في تفاصيلها وماطل الاداره الامريكيه..بينما فشل في كسب ود دمشق أو استخدام أوراق الضغط عليها .

لقد أدى العنف والإرهاب الذي تورطت به بعض دول الطوق العربيه إلى بروز ظاهره جديدة وخطيرة لم تعرفها السياسة الخارجية العراقية من قبل وهي الدفع باتجاه بعيد وعدائي ضد العمق العربي حتى ضمن الخطاب الرسمي أحيانا بسبب الموقف السوري والسعودي على وجه التحديد... قابله اتجاه معاكس يحمل إيران مسؤليه مجمل التراجيديا العراقية والذي ظهر واضحا في تعاطي بعض الساسة مع ملف أبار الفكه الى درجه التغني بسمفونيه( القادسية الثانية ) وأمجادها ونفض الغبار عن اسطوانتها واستهجان تعيين سفير جديد لطهران في بغداد كان احد قاده الحرس الثوري الإيراني !!

!فيما لم نعرف طوال السنوات الماضية أي توزيع للأدوار بين( الحمائم) و(الصقور) داخل الحكومة العراقية في التعاطي مع الأزمات الخارجية مثلما تفعل اغلب دول العالم بل حدث العكس تماما .!!!

وكان واضحا لأي مراقب وعلى مدى سبع سنوات من سقوط النظام السابق إن العراق لم يكن يمتلك أي سياسة خارجية واضحة المعالم لان الرهان كان يرجح سيناريو التقسيم أو الانكفاء الداخلي ..ولم يكن بمقدور هذه الدبلوماسية ان تعبر عن هويته ومواقفه ومصالحه في الدائرة العربية والاسلاميه كانعكاس للوضع الداخلي الضبابي باستثناء السعي لمعالجه ملف المديونية بدعم أمريكي وإقناع دول الجوار وعواصم القرار في العالم بشرعيه الحكومة المنتخبة للاعتراف بها ودعمها سياسيا في مواجهة الإرهاب وقوى الرفض التي كانت تحضي في الكثير من هذه العواصم بترحيب ودعم واسع لعبت الطائفية العربية دورا محركا له أحيانا .

وإلا بماذا نفسر إصرار الرياض الطويل مثلا على عدم قبول أوراق اعتماد سفير العراق الجديد مالم يكن من طائفة معينه وقبولها فقط بالسيد غانم ألجميلي المحسوب على التيار الإسلامي وعدم وضع حد لفتاوى التكفير ضد المذاهب الاخرى ؟.
او إصرار الكويت على تحميل العراق ديونا دفعتها لتمويل الحرب ضد إيران ويقضي المنطق ان تحاسب عليها من قبل طهران وبغداد لاشتراكها في حرب راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء . وقبول الحكومة العراقية دون ادني تردد ا وراق اعتماد السفير الكويتي الذي كان احد ضباط الجيش تحت أمره شوارتزكوف في( عاصفة الصحراء) رغم إدانتنا لغزو الكويت... لكن الأمر يتعلق هنا بمشاعر العراقيين وأظافر الدبلوماسية واستخدام أوراق الضغط.. فهل يقبل الكويتيون تعيين سفير عراقي لديهم حتى لوكان قد ادلى بتصربح منحاز لبلده بشان خلافاتها مع الكويت ؟؟ أم أنهم سيلجئون إلى طلب الاستشارة من السيد توني بلير ؟!
.
والأدهى من ذلك ان الدبلوماسية العراقية عرفت لأول مره ما يمكن وصفه جدلا بأنه (سياسات خارجية) متعددة فاجأت الدول الأخرى سواء خلال لقاءات جمعت مسئوليها بسفراء العراق أو كبار القادة القادمين من بغداد في محافل دوليه وعربيه بدل الموقف الموحد كانعكاس للصراع الداخلي مما اضعف من مصداقية الدبلوماسية العراقية وحضورها .
عند تصفحنا لأرشيف هائل من تصريحات كبار القادة العراقيين إزاء ملفات العلاقات الثنائية المتازمه مع دمشق وطهران والرياض نلمس ذلك التباين والتقاطع و التفسيرات والتصورات كالهوة العميقة بين المالكي ولطالباني والهاشمي والحكيم وهمام جمودي رئيس لجنه العلاقات الخارجية في البرلمان .

في مقابل ذلك تراوحت المواقف العربية خاصة بين الريبة والتشكيك والتردد وربط العراق بالمسار الأمريكي تارة رغم ان العلم العربي برمته يدور في الفلك الامريكي و الايراني تارة أخرى انطلاقا من هوية السلطة التي تمثل انعكاسا للتركيبة الاثنيه والطائفية في المرحلة ألراهنه ليسقط الكثيرين في وهم (الهلال الشيعي )على حساب نسيان العدو الحقيقي للعرب وضرورات التضامن ووحده الصف في مواجهة المخاطر والتحديات وضرورة عدم ترك العراق ليكون وحيدا في محنته بدلا من الإصرار على اتهامه بأنه أصبح تابعا لإيران التي حولته إلى ساحة للمواجهة مع أعدائها .
وجميعها أمور عقدت من أعباء الدبلوماسية العراقية وأربكتها وشتت من جهودهاوطاقاتهاالمحدوده اصلا....فهل يمكن للعراق ان يواجه واشنطن وطهران والسعودية ودمشق والقاعدة وبقايا النظام السابق ؟... وماذا يمتلك من رباط الخيل والمعجزات بينما الإرهاب حول رزنامه أسبوعه الى مجازر وحشيه بينما الفساد ينتشر كالسرطان في جسده النازف ؟ان الأمر بحاجه لعصى نبي الله موسى( ع) أو نسخ متعددة من غروميكو وكيسنجرلاداره الدبلوماسية العراقية.. بينما يتكئ الوزير على وكيلين له احدهما مثقل بالمشاغل لكثره إسفار الزيباري والأخر يعاني من المرض وتجاوز سن التقاعد وآ ن له ان يستريح بعد طول عناء.

لقد افلح العراق نسبيا من خلال تعزيز الأمن الداخلي وتوقيع الاتفاقية الامنيه ولاستراتيجيه مع واشنطن وجدوله الانسحاب الامريكي في كسر جزء من طوق ألعزله واستعاده الحضور الدبلوماسي العربي في بغداد رغم إشكاليه المحور السوري ـ السعودي وتعقيدات العلاقة الشائكة مع إيران والتي تمثل أهم التحديات الاقليميه ألراهنه مع ملا حضه ألاستقلاليه المحدودة لصانع السياسة الخارجيه وتداخل أجندات المنطفه ومساراتها.
لكن هذا العمل الدبلوماسي الحساس لازال في كثير من مفاصله مفتقرا لجهاز للمعلومات والبحوث وتحليل وتقيم الأداء ومتابعه الأوضاع في الدول الأخرى كما إن العلاقة بينه وبين جهاز الاستخبارات العراقي شبه منعدمة لان الأخير شبه مشلول بالتالي فان قرار صناع القرار الخارجي مبني على ما يطفو على السطح وليس الجزء الغاطس الذي غالبا مايخفي ثلثي الحقيقه .
ان نجاح ألدبلوماسيه محكوم بالمبادئ التي تنطلق منها كأرضيه ووجود كوادر كفئه قادرة على ترجمتها في المحافل الدبلوماسية لتحقيق أهداف ومصالح العراق الذي سيصبح في غضون سنوات اكبر منتج للنفط .. وهو ما يتطلب اعتماد إستراتيجيات تضمن الوصول لهذه الغايات من خلال الاتفاقيات والمفاوضات وأوراق الضغط والبراغماتيه وبناء نسيج من العلاقات المتوازنة التي تخدم مصالح العراق وشعبه دون التفريط بأي شيء .وإعطاء الاولويه للعمق العربي وفق الرؤيا الجديدة للعراق .

لكن هذا الطموح رهين قبل كل شيء بإنهاء الاحتلال أولا وإسقاط نظام المحاصصه ألطائفيه ونجاح المصالحة الوطنية ثانيا واعتماد ألخبره والكفاءة أساسا للعمل الحكومي وبضمنة العمل الدبلوماسي والذي أهمل في تعيين سفراء العراق الجدد بدلا عن الذين سبقوهم والذي كان أداء البعض منهم كارثيا فيما يشبه الإيغال في تكرار الخطا.. أوانه وليد من رحم المحاصصه التي يمقتها الجميع إمام الإعلام ويعضون عليها بالنواجد اذا تعلق الأمر بالمكاسب والامتيازات..!!.
.ربما تكون الانتخابات القادمة بداية مرحله جديدة تفتح إمام الدبلوماسية العراقية أفاقا أخرى أكثر وضوحا وهي مسئوليه الجميع التي تتطلب وحده الموقف الوطني إزاء السياسة الخارجيه .
. بيد اننا وللأسف الشديد غير متفائلين بالغد المنظور لان المشهد المضطرب في العراق حاليا يدفعنا لذلك.. ونتمنى إن نكون مخطئين .

بخارست
15.1.2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موقف طريف بين عمار وحماته ????


.. بريطانيا تحقق في مراهنة مسؤولين في حزب المحافظين على موعد ال




.. هل بإمكان الديمقراطيين استبدال بايدن في الانتخابات الرئاسية؟


.. في هايتي -المنسية-.. نصف السكان يعانون من جوع حاد




.. فيديو صادم يظهر 180 ألف نحلة تعيش في سقف غرفة نوم رجل