الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء مع اشهر سجين سياسي في العراق الجزء الثاني

رياض مثنى

2010 / 1 / 21
مقابلات و حوارات



افتخر بماضيي رغم الاسى و الحزن..افتخر به و لست نادما على الطريق الذي سلكته بالرغم من قساوته كوني دافعت
عن حقيقة امنت بها....بهذ الكلمات ابتدأ نشات حديثه :
س: ما سبب اعتقالك او ان صح التعبير اختطافك؟
ج:في اعوام 1978-1980 كنت ممثل الحزب الشيوعي العراقي في مدينتي في بلغراد و كنت بالاضافة الى ذلك نشط في المجال الطلابي..و في هذة الفترة كما يعلم الجميع بدأت اشرس حملة على الشيوعيين و اصدقاءهم و بدات عمليات التصفية الجسدية و الاعتقالات العشوائية و كنا وقتها نتابع عبر نشرات الحزب و ادبياته ضرواة هذة الحملة..لذا لم يهدأ لنا بال و قمنا بحملة لفضح ممارسات النظام عبر كل الوسائل سواءا بالندوات او ايصال البيانات او اللقاءات و بمختلف اللغات و طبعا هذا اغاض النظام ممثلا بسفارته في يوغسلافيا.
س: عمليا كيف تم اختطافك؟
ج: يعرف الجميع ان من واجب اي سفارة هو تسهيل امور رعاياها في اي بلد تتواجد فيه و اقصد بذلك امور البعثات او تجديد الجوازات و الامور الاخرى و لكن ما يميز سفارات النظام البائد هو جعلها وكر للمخابرات و التجسس على العراقيين و هذا ما حصل معنا فبعد ان فضحنا سلوك النظام في التعامل مع معارضيه بدأت السفارة تنشط باتجاه سياسة الترغيب و الترهيب و مارست سياسة الضغط على الطلبة الشيوعيين بشكل وقح و سافر و للاسف يبدو انها حصلت على الضوء الاخضر من الحكومة اليوغسلافية..لهذا كان الحذر عنواننا في كل تحرك المرة الوحيدة التي للاسف لم اكن على حذر هي التي اوقعتني في هذا المأزق اذ ذهبت الى السفارة للاستفسار عن امر يخصنا كطلبة..ما ان دخلت حتى تم وضع الجامعات(الكلبجات) في يدي و ادخالي الى غرفة لحين وصول سيارة ادخلوني بها و طبعا هذا تم بمساعدة رجل المخابرات اليوغسلافي (برانكو) و الذي كانت تربطه علاقة متينة مع رجل المخابرات الاول في السفارة العراقية و يدعى(ابو سحر) و كان هذا الشخص احد افراد حمايات صدام و يقال الان يعيش في سوريا و كل ذلك حصل في حزيران عام 1980 و تم نقلي بشكل مباشر الى زوم الطائرة..يعني الملفت للنظر ان السيارة لم تمر باي نقطة تفتيش و الادهى من ذلك اجراءات السفر تمت بطريقة مريبة لم يشاهدني احد او حتى ينظرون الى جوازي فمباشرة الىالطائرة حتى لا زلت اذكر ما قاله احد المرافقين و( بنشوة النصر) ثلاث او اربع ساعات و ستكون في بغداد..و ينتهي وضعك و ينتهي عالمك..بعد ذلك التقاني فاضل البراك و قال لي كلمته التي لا زالت ترن في اذني(لم نقتلك و لكنك ستتمنى الموت كل يوم)و بالفعل في احيان كثيرة تمنيت الخلاص فعشرون عاما ليست بالامر الهين مع نظام لا يعرف الرحمة حتى مع اقرب المقربين اليه فكيف بمعارضيه.بعد ان امضيت فترة في دائرة المخابرات السيئة الصيت تمت احالتي الى محكمة الثورة و حكمت بالمؤبد و بقرار استثنائي بعدم شمولي باي قرار عفو سواءا عام او خاص الا بقرار من رئيس الدولة و بالفعل (تم استثنائي من كل قرارات العفو على مدى سنوات حكمي).
و ابتدأت رحلتك مع سجن ابو غريب
نعم ابتدأت الرحلة القاسية
س: كيف تصف لنا هذه الرحلة في سجن ابو غريب؟
ج: بطبيعة الحال لا يمكن اختزال عشرون عاما ببضعة اسطر ( صدقني بعض الاحيان اشعر برغبة عارمة لزيارة كل مكان في السجن) و لا ابالغ اذا قلت لك اول رحلة لي بعد سقوط النظام زيارة السجن و التجول في اقسامه..مرة اخرى اقول ساختصر حديثي عن السجن بابرز المحطات..
تقصد اقساها
نعم اقساها كوني تعرضت مع مجموعة من رفاقي الشيوعيين الى عملية خسيسة و ملفقة من قبل الجهاز الامني المشرف على السجن في اب 1988 و في ذرورة احتفالات العراقيين بوقف اطلاق النار مع ايران بعد تطبيق قرار 598 كانت هناك عملية مدبرة من قبل الرائد طارق و بالتعاون مع احد العملاء على تصفية الشيوعيين في السجن و الحصول على ترفيع من قبل الجهات العليا..و هذا ماحصل بالفعل اذ اتهمونا بتشكيل تنظيم داخل السجن يرتبط مباشرة بالسليمانية عبر بريد حزبي يصل الى السجن بواسطة الزوار اثناء المواجهة و هذه التهمة كانت محكمة بشكل دقيق و منظم من قبل ضباط الامن و وقتها تم استدعاء 14 رفيق مع بعض الزوار من زوجات و اقارب رفاقنا..استمر التحقيق معنا لمدة شهر و مورست ابشع انواع التعذيب (لم يتوانوا عن استخدام اقذر و احط الوسائل) و لكن الصمود البطولي للمجموعة احال دون تحقيق حلمهم و لا يفوتني ان اذكر الرفاق الابطال خضير مطيلج(ابو يوسف) و مهدي حسين الربيعي(ابو ماجد من قرية الجيزان في ديالى) على موقفهم الاسطوري في تحمل اقسى العذابات.. اساليب لا يمكن لي ان اوجزها بكلمات اذ تم توقيف زوجاتهم (ابو يوسف و ابو ماجد)على امل اضعافهم و اعترافهم بهذه التهمة و لكنهم كانوا اقوى مما تصور الجلادين ابوا ان يفرطوا برفاقهم و بشيوعيتهم(حتى زوجات رفاقنا كانوا بقدر المسؤولية العالية) ..و كذلك لنا رفيق بعمر الورود صغير بالعمر و لكنه كبير بموقفه اذ بعد تهديده بالاعتداء عليه ما لم يعترف على رفاقه اقدم على عمل بطولي لا يمكن لي ان انساه ما حييت اذ اقدم الشيوعي البطل عبد الستار حسين(من اهالي بعقوبة) على الانتحار مفضلا الموت على خذلان رفاقه و قد ساهم هذا الموقف الرائع في افشال ما راهنوا عليه بلاضافة الى موقف الاحبة وجيه جبارو سمير شمعون و كل المجموعة الرائعة ( امانة في اعناقنا جميعا ان نتكلم عن هذه الموقعة بكل تفصيل و موقف الرفاق فيها)كانت الحفلات كما يسموها تبتدأ مساءا بعد العشاء مباشرة و تستمر لساعات تمتد حتى الصباح و هذا ما حدث مع الرفيق العزيز مالك(ابو سلام) من الديوانية عندما علقوه بسقف المروحة و تركوه ليوم كامل حتى خلع كتفة من شدة الاعياء)..و اما بالنسبة الى الرائدطارق فكان يكرر امامي دوما عبارة هذه المرة لن تفلتوا مني و بالذات انت يا نشأت (لن اجعل احدا يلف الحبل على رقبنك سواي..اقسم باني من سينفذ مهمة اعدامك).. و كذلك كان له حقد مضاعف على الرفيق الغالي فرات حسين و الذي اشرف نفس المحقق على تعذيبه في امن الكاظمية و لم يحصل منه على شئ . ولا يمكن ان اتجاهل الموقف البطولي لرفاقي الاخرين في هذه القضية بالذات كل من (حسين صالح و رياض مثنى و كامل صبار و رزاق سعد)و الشئ الملفت للنظر هو خوف الجلادين من ضحاياهم اذكر باثناء التحقيق في هذه القضية و في احدى جولات التعذيب لم يعصب الجلاد عيني بشكل دقيق وقد سقطت قطعة القماش اثناء الضرب استفز الرائد و اخذ يعنف الجلادين على هذه الهفوة علما انه يعلم باني اعرفه حق المعرفة و لكن لا اعرف سبب لهذا الخوف . و مقابل ذلك و بعد يأسهم من الحصول على اعتراف واحد يؤيد ما يبتغوه من جريمتهم تلك و صدور قرارات العفو العام للاكراد و الخاص للاخرين (و الذي استثنيت منه مع مجموعة من رفاقي المخفضين من الاعدام) تصور لم يلتقينا الرائد و بعث من ينوب عنه و شعر بهزيمة كونه لم يحقق هدفه و هذا طبعا بفعل الصمود البطولي للشيوعيين خاصة و انهم شيعوا باننا سنعدم قريبا ..اشياء كثيرة حدثت في السجن كما اشرت لا يمكن اختزالها بهذا اللقاء...طبعا استمر هذا الحال لحين اطلاق سراحي عام 2000 اي اتممت المدة زائد شهرين و بضعة ايام.
س:عام 2000 بداية قرن جديد كيف استقبلته بعد عشرون عاما خلف القضبان؟
ج: للاسف سرقت هذه الفرحة ي بل اصبحت عبأ جديد يضاف الى اعبائي الاخرى...اضطررت الى تغيير موقع سكني لكي لا اضيف متاعب الى اهلي..اذ يكفيهم سنوات السجن و ما تعرضوا له من مهانة ..انتقلت الى سكن اخر محاولا جهد الامكان التخفي عن عيون السلطات هكذا كانت فرحت بحريتي بعد فقدانها عشرون عاما!!
س: اكيد اتعبتك رحلة السجون و المعتقلات دعنا الان ننتقل الى عالم اخر فيه اصرار عجيب في تحدي الظروف القاسية و اقصد بذلك كيف تسنى لك ان تدرس و تتفوق و تحصل على مقعد دراسي في كلية الادارة و الاقتصاد؟
ج :لهذا الموضوع حكاية ذات صلة بما تحدثنا به اذ بعد سقوط النظام عام 2003 اعادني الحنين الى الحصول على البكالوريس في الهندسة اذ كما تعلم كنت في الصف الثالث هندسة مدني و اعتقلوني..و لكن الظرف كان قاسي جدا و اقصد الوضع الاقتصادي و كذلك الفوضى التي صاحبت عملية التغيير كل هذا اجل مشروع تفكيري باكمال دراستي
س: و لكن كيف واتتك الفكرة مجددا؟
ج. نعم بعد تعييني في احدى دوائر الدولة و متابعتي للنسق الوظيفي شعرت بالم كبير اني لم احصل على شهادة تؤهلني للحصول على موقع يناسب على الاقل قدراتي المهنية..لذا صممت على الدراسة و هذه المرة اخترت معهد الادارة و بالفعل درست في المساء و في النهار اعمل في الوظيفة يعني يوميا 12 ساعة انا مشغول ما بين العمل و الدراسة و كنت حريص على التفوق و بالفعل حصلت على درجة الطلبة المتفوقين مما اهلني ان ادخل الجامعة و انا حاليا طالب في الصف الثاني ادارة و اقتصاد و اكبر الطلبة سنا.
س: هناك ومضة في حياة نشأت فرج تتمثل بهذة العائلة الجميلة
ج: قاطعني و اخذ( يضحك) نعم هذا اجمل ما حصدته في سنوات نضالي.. العذابات و سنوات الشقاء لم تجعلني افكر بوضعي الخاص الا في وقت متأخر المهم انا سعيد جدا باطفالي و هم مع زوجتي بلسم لكل جراحاتي لدي طفلان (عادل و وئام) و هم املي المرتجى...و الايام الجميلة التي في انتظارنا كما قال الشاعر التركي الرائع ناظم حكمت
س: ماذا يعني لك هذا الماضي او لنقل الذكريات الاليمة؟
ج:الذكريات او الماضي يعني لي الشئ الكثير اعتبره عامل محفز للايام اللاحقة..صدقني لم اندم يوما على ماضيي بالعكس فانا افتخر كوني دافعت عن حقيقة امنت بها ..لم اشعر باسى او حزن على الذي فاتني..و انا انظر الى الماضي كونه جزء من حقيقة الانسان سواءا كان هذا الماضي جميل او مؤلم كما و اعتبره جزء مهم من تاريخ العراقيين الذين عانوا الامرين من نظام استبدادي لا يعرف الرحمة.
س: هل من كلمة اخيرة تود قولها؟
ج.في ظل الفوضى التي حدثت بعد سقوط النظام ضاعت حقائق و وقائع و معالم ناس كثيرة اتمنى من كل قلبي ان يلتفت المعنييون و لا اقصد( الجهات الحكومية فقط) و انما كل اصحاب الضمائر الحية ان يدونوا هذه المرحلة بكل تفاصيلها لكي لا تتكرر المأساة مجددا.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هكذاانتم
ايار ( 2010 / 1 / 21 - 09:46 )
هكذاانتم كلعهدبكم رجال بواسل لقضايا شريفة حملتموعا بكل اخلاص وتفان حقا اتعبتم جلاديكم وصدا ت قضبان زنازنكم وروحكم كما هي وثقتكم بحزبكم وناسكم لم تهتز شعرةولاغرو فانتم ابناء اللذي هتف من على حبل المشنقة بان قضيتكم اكبر من الموت واعلى من حبال المشانق ورفاقكم هم من بصقوا في وجه جلاديهم ساعةالاعدام ففازو بلشهادةوخسر الجلادون الحياة وهم على قيدها0
شكرا اخ رياض الموضوع اكثر منرائع واكبر من ان نقيمه لابلغاته وحسب بل لعظمة ضيفك ايضا0


2 - تاريخ مجيد
نجم خطاوي ( 2010 / 1 / 21 - 10:18 )
العزيز رياض
حسنا فعلت وأنت تتحدث مع نشأت,وتستذكر معه تلك الأيام الأليمة,والقرصنة التي مارسها أوباش النظام المقبور داخل الوطن وخارجه,بحق الشيوعيين والوطنيين,وكل من عارض الدكتاتورية,
وكنت انتظر ولا زلت, أن أراك أنت ونشأت, والمئات من الشيوعيين والشيوعيات, وأنتم تتحدثون في المحكمة العراقية,عن تلك الجرائم التي ارتكبت, وعن فصول التعذيب والأعدامات وأهوال السجون,والتي تحمل الشيوعيون قسطا كبيرا منها.
العار والخزي سيلف للأبد كل اولئك الذين اضطهدوا وعذبوا وقتلوا الشيوعيين العراقيين, وكل حملة فكر التنوير والديمقراطية في العراق.
أنت تلاحظ بالتأكيد هذا التعتيم الأعلامي المقصود ضد الحزب الشيوعي العراقي,وعموم اليسار العراقي,في وسائل الأعلام العراقية وغيرها,وبالتالي ستكون مهمتك, ونشأت, وكل الذين تعرضواللقمع والتعذيب في زنازين الدكتاتورية,مهمة صعبة,في الكتابة عن تلك الجرائم,لكي تتمكن الأجيال لحاليةمن الأطلاع عليها,والتعلم من دروسها
اعتزازي بك, وألف سلام للعزيز نشأت, ولكل سجناء الشيوعية والحرية في العراق, اولئك الذين بذلوا الغالي والثمين في سبيل حرية الوطن وسعادة الشعب
مع كل الأعتزاز
نجم


3 - شهادة دمها لازال طريا
ابو عليوي ( 2010 / 1 / 21 - 12:41 )
العزيز رياض
اصدق من يوثق هذا التاريخ ،هو من عايشه،واكتوى بناره،وانت احد المكتوين بهذا التاريخ،والشاهدين عليه
هي شهادة دمها لازال طريا،وكثيرا من مرتكبيها لازال طليق الجسد والكلام،هي شهادة ضد كل من يريد لحفلات الدم ان تعود،هي شهادة لكل العروبيين الذين شاركوا بحفلات الدم العراقي عبر اقلامهم ،هي شهادة لكل من يريد ان يفضل راس الطاغية على راس الديمقراطية
اخي ابو فيروز ادعوك ان تستمر في كشف هذا التاريخ،عبر شخوصه ،وتفاصيلة،من خلال موقع الحوار المتمدن
لك مني كل الود
اخوك ابو عليوي


4 - فخر لعراقنا
سمير طبلة ( 2010 / 1 / 21 - 14:26 )
طوبى لكم، ايها الأبطال، والمجد لمن غيبهم الاستبداد. فبكم وبهم يكتب التاريخ المشرف للبشرية. والعار لمن لا ينصفكم. فأنتم فخر لعراقنا، بل لكل من ينشد سعادة البشر.
ورجاء بالمزيد لتستلهم شبيبتنا هذه الأمثلة الرائعة، وتتعلم الدروس منها، انتصاراً للانسان ولقضيته العادلة.


5 - ذكريات
جواد الديوان ( 2010 / 1 / 22 - 06:38 )
للاسف يعمل رجال امن النظام السابق في صفوف القوات الامنية حاليا سواء في وزارة الدفاع او الداخلية ويقتلنا الاسى ان امتيازاتهم تضاعفت وصلاحياتهم وامكانياتهم على الحصول على دخول من الصفقات وفي البرلمان قال احدهم بان كنبر اول اسم في قائمة الاجتثاث. الظاهر ان القوى الاسلامية تكره اليسار بشكل يفقوق كرههم لجلاديهم

اخر الافلام

.. إسرائيل اقترحت على السلطة الفلسطينية بشكل غير رسمي المشاركة


.. قراءة عسكرية.. القسام تنشر مشاهد لاستهداف جنود وآليات شرق مد




.. احظروهم 2024.. حملة لحظر المشاهير الصامتين عن الحرب الإسرائي


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد شخص وإصابة اثنين في غارة على




.. الجزيرة ترصد تفاقم معاناة ذوي الإعاقة خصوصا الصم والبكم جراء