الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكريات عمرها نصف قرن ( دورة الضباط الاحتياط العاشرة )

عبد العزيز محمد المعموري

2010 / 1 / 21
سيرة ذاتية



استعداداً لاقامة حلف بغداد سنة 1955 استعدت حكومة نوري سعيد للقيام بحملة ضد خصوم الحلف من كل الاتجاهات ، ولم يكن فلاعلاً في الشارع السياسي سوى التيارات اليسارية من شيوعيين وليبراليين اساتذة ومفكرين وطلبة كليات ، اذ ان الجامعة لم تكن قد ولدت آنذاك .
وتعرض للفصل من التعليم الدكاترة مهدي المخزومي وابراهيم السامرائي وابراهيم كبة وفيصل السامر وآخرين لا اتذكر أسماءهم ، ومن التعليم الابتدائي والثانوي اعداد تعد بالمئات ، وسيق العازبون الى دورة الضباط الاحتياط في سكرين ، اما المتزوجون فسوقوا الى دورة الضباط الاحتياط في الكلية العسكرية في الرستمية وكان ذلك نوعاً من الرحمة بعوائلهم . وكانت سيارات عسكرية من نوع ناقلات الجنود تأخذنا صباح كل يوم من مقرات سكنانا في بغداد الى الكلية العسكرية لنمارس التدريب البدني ساعتين لنعود بعدها تناول طعام الإفطار في مطعم طلبة الكلية العسكرية ، واشهد ان طعامنا كان من ارقى الاطعمة .
بعدها ندخل الى قاعة الدرس ، لنأخذ معلومات في الجغرافية العسكرية او التاريخ العسكري او القوانين العسكرية او تكتيك الهجوم والدفاع الخ.. وكأننا مهيأون لاستلام فعلي لقطعات عسكرية !
اتفقنا جميعاً الا نخاطب ضباط الكلية العسكرية بلفظة سيدي ، والاكتفاء بكلمة سيد وحين يدخل الضباط المكلف بالقاء الدرس لانقف تحية له ، كما يفعل طلبة المدارس المدنية !!
وفي احد الايام اتفقنا ان نقدم طلبا الى آمر الكلية لنقلنا بسيارات كالسيارات التي تنقل الضباط وان نقلنا بناقلات الجنود هو انتقاص لكرامتنا ، لاننا لسنا جنوداً فوعدنا الامر متى توفرت الظروف ، ولكننا بعد اسبوع اعلنا الاضراب عن الدوام لمدة يوم واحد قابل للاعادة !
بعد نهاية الاضراب ، اجتمع بنا آمر الكلية الشاوي وآمر عبد اللطيف الدراجي الذي اصبح في عهد عبد السلام عارف وزيراً للداخلية ، تكلم معنا الاثنان بكل لطف وأدب وحرص على سلامتنا من سطوة القوانين العسكرية التي تحكم في مثل حالة اضرابنا بالسجن مدة لاتقل عن 15 عاما ، ولما كان الاثنان حريصين علينا لانهما يعتبراننا اخوة لهم سيعتبران اضرابنا غياباً اعتيادياً !دامت دورتنا ستة اشهر ، وكان المفروض ان يوزعونا على الوحدات العسكرية كضباط لمدة ثلاثة اشهر ، الا ان الباشا ( نوري) ضحك من اعماقه لآمر الكلية وقال : هل تريدني ان اسلم ( البزون شحمة ) ؟ اعتبرهم قد انهوا دورة الضباط الاحتياط وجهزهم بالشهادات اللازمة !
في الدورة التي امدها ستة اشهر تعرفت على شخصيات لاتنسى منهم عبد الوهاب البياتي وعبد الرزاق عبد الواحد ، ويونس الطائي الذي اصبح رئيس تحرير جريدة الثورة في عهد عبد الكريم قاسم والذي كانت تربطه به علاقة لم اعرف سرها .
وكان معنا مجموعة من كبار المفكرين لا أتذكر أسماءهم وكان على رأسهم الدكتور ابراهيم كبة عالم الاقتصاد ، والذي صار بعد ثورة 14 تموز وزيراً للاقتصاد ، هذا الرجل احببته من اليوم الاول ، كان لايفارق الكتب حتى السيارة ناقلة الجنود ، يحضر كتاباً بالألمانية يوماً وبالاسبانية او الفرنسية او الانكليزية في ايام اخرى ، ولم يفارق قلم الرصاص يده وهو يقرأ قراءة طالب المقبل على الامتحان ، وكان يؤشر ويهمش على ما يقرأ ، وحين ينكب على القراءة ينكب عليها بكل جوارحه حتى لا يعير باله الى مايدور حوله من احاديث او نكات !
اذكر اني عرضت عليه دفتراً فيه شيء مما نشرته في الصحف خلال مسيرتي الثقافية فقرأه بكل امعان وتواضع وبارك اسلوبي في الكتابة وشجعني على نشر موضوعات في كتاب يضع هو مقدمته فأي تواضع هذا ايها العالم العبقري ؟! عليك الرحمة يا أبا سلام واذكر شخصية المرحوم الدكتور فيصل السامر الذي صار بعد الثورة وزيراً للاعلام ، كان رغم علمه ومكانته الاجتماعية مثالاً للتواضع ورعاية رفاقه ، كان مدرسي في دار المعلمين الابتدائية قبل حصوله على الدكتوراه وكان يوجه لي رعاية خاصة وينصحني بمواصلة الدراسة لاني في رأيه مهيأ لمواصلة الدرب ، ولكني لم افعل لظروف كانت اقوى من امكانياتي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل