الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهج التناقض في التعامل بين الحلف الايراني - السوري والمجتمع الدولي

جان كورد

2010 / 1 / 21
السياسة والعلاقات الدولية


في التاريخ لم يتكلّم أحد أكثر من الفرنسيين والانجليز عن مبادىء الحرية والمساواة والعدل، ولكن لم يستعمر أحد في ظل تلك المبادىء من بلدان العالم مثلما استعمرها الفرنسيون والانجليز أنفسهم
‏الأربعاء‏، 20‏ كانون الثاني‏، 2010
في الوقت الذي يشّن فيه ملالي ايران حربهم الطويلة على العالم الحرالديموقراطي تحت شعار "مرد بر أمريكا"، فإن الرئيس أحمد محمود نجاد لايرى حرجاً في اعلان موافقته على انضمام أمريكا هذه إلى جوقة الدول التي تساعد بلاده لبناء مفاعلاته النووية "ذات الأغراض السلمية"، فكيف ينطبق هذا الشعار " الموت لأمريكا" مع مبدأ الاستفادة المتبادلة من التعاون المشترك؟
وفي الوقت الذي يتهم النظام السوري الولايات المتحدة الأمريكية بأنها وراء مآسي المنطقة كلها، ويبرمج عقول أطفال سوريا منذ المهد على تشرّب هكذا أسطوانة سياسية، فإنّه يفعل المستحيل لأن تفتح أمريكا هذه سفارتها في دمشق وتعود المياه في مجاري العلاقات بين دمشق وواشنطن إلى مجاريها...
وبالنسبة إلى المعارضة الايرانية التي يتهمها نظام ملالي (قم) بالعمالة والتواطؤ مع الغرب الامبريالي والصهيونية، ويطالب المدّعي العام بالاعدام للمتظاهرين، وبخاصة الكرد الذين لايرحمهم النظام أبداً لأسباب طائفية، فإن التلفزيون الرسمي للبلاد قد فتح باب برنامج حواري يطّل منه زعماء "العمالة والخيانة !" الايرانيون، ليقولوا ما في صدورهم وحناجرهم من آراء للشعوب الايرانية... وعلى الرغم من أن هذه "الالتفاتة" تعتبر تراجعاً ظاهراً، فإنها بالتأكيد محاولة تمييع للمعارضة وأسلوباً للترقيع والتهدئة في الشارع الايراني... وتناقض النظام في هذا كله، هو أن الذين يقودون هذه المعارضة "العميلة للأجنبي!" كانوا في الماضي من رؤوس النظام الكبيرة، مثل موسوي ورفسنجاني وخاتمي وكروبي وقبلهم منتظري وفيما مضى بني صدر ومن اغتيل من قبل النظام هنا وهناك من رجال الدولة...أفلم يكن هؤلاء رؤساءً ورؤساء وزراء وخبراء في النظام ذاته...؟ فإنّ كانت هناك خيانة وعمالة، فإنها خيانة رجال النظام وادواته للنظام ذاته...لا...بل هو التناقض في فكره وعقله وسياسته وتصرفاته....
أما بالنسبة إلى النظام السوري، فالرئيس الأسد الذي تشبه أقواله في بعض الأحيان أقوال "القديسين!" التي يمكن للمرء كتابتها بحروف من ذهب، قد قال مرّة بأنّ المعارضة السورية "معارضة وطنية!"..فإن صح هذا ياسيد القوم، فلماذا تقبع سيدة مثل فداء الحوراني وحقوقي هرم مثل هيثم المالح في أقبية السجون السورية؟... بل وآلاف من السوريين الأحرار الآخرين، من مختلف المذاهب والاتجاهات السياسية، وعلى رأسهم مناضلو الشعب الكردي الديموقراطيون؟
ومن أقواله الكهنوتية التي انخدع بها بعض قادة الكرد أيضاً، قوله بأنّ الشعب الكردي جزء من النسيج التاريخي الاجتماعي للشعب السوري (!)، أي لم يتهم الكرد - كما فعل سابقوه في حكم البلاد - بأنهم "متسللين عبر الحدود" وعليه تم انتزاع الجنسية السورية منهم ومن أولادهم وأحفادهم وحتى من النساء العربيات إن تزوجن بأحد منهم... ولكن رئيسنا هذا متناقض مع نفسه كما هو الرئيس الايراني الذي يوقّع أحكام الاعدام ضد شبابنا الكرد بعيون مغمضة، والنور يشع من حوله، طهراً وقداسة اكتسبهما من حب آل البيت عليهم رضوان الله جميعاً... فإن كان الكرد من نسيج البلاد التاريخي – الاجتماعي فلماذا هذه السياسة العدوانية التي بدأها البعثيون القوميون ضد الكرد في ستينات القرن الماضي ونفذ كثيراً من بنود مخططها العنصري والده الراحل، لاتزال مستمر في عهده، "عهد الازدهار والتقدّم والسلام والوئام والعدالة والحرية الموعودة!" في خطاب القسم الذي ألقاه يوم توليه العرش خلفاً لأبيه في دولة جمهورية لا ملكية...؟
مثل هذه التناقضات الصارخة نجدها على الطرف الآخر من العالم أيضاً، أي في المجتمع الدولي الذي يقول شيئاً ويمارس شيئاً آخر... ففي التاريخ لم يتكلّم أحد أكثر من الفرنسيين والانجليز عن مبادىء الحرية والمساواة والعدل، ولكن لم يستعمر أحد في ظل تلك المبادىء من بلدان العالم مثلما استعمرها الفرنسيون والانجليز أنفسهم... واليوم نجد تناقضاً كهذا في علاقات المجتمع الدولي، وبخاصة دول العالم الحر الديموقراطي بايران التي يعتبرون نظام حكمها ب"قرن الشيطان" في العالم....
الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي يدركان تماماً أن ايران مستمرة في بناء سلاحها النووي، دون توقّف ولو لحظة واحدة، ولكن نظامها السياسي ينتهج في ذات الوقت سياسة "التقية" و"المراوغة" بهدف كسب الوقت، كما يعلمان بأن الصين الشعبية وروسيا خدمتا ايران في هذا المجال طويلاً، وتسيران على طريق التعامل مع ايران بقدر مصالحهما الاقتصادية والاستراتيجية، لا أكثر ولا أقل، ولكن مع ذلك تمارس أمريكا ومعها الاتحادالأوربي سياسة دغدغة مع الصين وروسيا بصدد العلاقة مع ايران، وسياسة مترددة متقطّعة الحلقات مع كل من ايران وسوريا، بهدف معلن غير مقنع، ألآ وهو جرّ البلدين إلى المشاركة في دعم "الأمن والاستقرار" من حدود باكستان -أفغانستان إلى حدود اسرائيل – مصر ولبنان، وبخاصة في العراق، رغم أن تهديدات ايران بازالة اسرائيل من الوجود تشكّل أخطاراً تفوق التشنجات العصبية للرئيس العراقي المعدم، واطلاق عياراته النارية لدى استعراض قواته وعضلاته مئات المرات، ورغم أن العراق الديموقراطي اليوم يتهم نظام دمشق صراحة بدعم الارهاب على أراضيه ويطالب بتحقيق دولي في ذلك ... ولكن الهدف غير المعلن والمقنع هو أنّ لمعظم بلدان العالم الحر الديموقراطي أيضاً مصالح اقتصادية كبيرة مع ايران، وأخرى أصغر مع سوريا، وبخاصة فرنسا وألمانيا وايطاليا واسبانيا... ولقد طالب أحد نواب البرلمان الفرنسي مؤخراً بوقف تعامل الشركات الفرنسية الكبيرة مثل توتال ورينو مع طهران مقابل دعم واضح للمعارضة الايرانية الديموقراطية لاثبات أن فرنسا عملياً ضد اضطهاد الشعوب الايرانية من قبل هذا النظام الذي يجب انهاؤه وتمهيد الطريق لحرية هذه الشعوب في ايران...
ولا أدري إلى أي حد يمكن للأوربيين خداع الشعب السوري بمساعيهم المبذولة للاقتراب من دمشق بموجب معاهدات ذات أسماء براقة كتلك المتعلّقة بدول حوض البحر الأبيض المتوسط، والتعاون الثقافي وغيرهما....فإمّا أن تكون مع نظام مستبد فاسد وإما أن تكون ضده، وهذا التناقض في التعامل مع الأنظمة اللاديموقراطية والمعادية لحرية شعوبها والمهددة لأمن واستقرار جيرانها، ليس إلاّ سلوكاً عريق القدم في السياسة الأوربية أولاً، هذه السياسة التي تعلّمها الأمريكان منهم وطبقوها ولا يزالون مع الكثير من شعوب العالم...
إنّ قضية الحرية والسلام والديموقراطية واحدة في العالم، لا يمكن تجزئتها أو فصلها عن بعضها بعضاً كحلقات، بل يجب اتخاذ موقف موّحد وشامل وحاسم من هذه القضية على نطاق العالم بأسره... وما المزاعم التي يطلقها بعض الساسة عن "العمل على احتواء الأنظمة النافرة" إلاّ ترقيعاً وتستراً على التناقض الكبير بين المصالح الاقتصادية - الاستراتيجية والاعتراف بمبادىء الحرية والديموقراطية في عالمنا المعاصر.
أمّا الادعاء بأن هذه المبادىء مجرّد قناع كاذب للسياسة في الغرب فهذا هراء لبعض فطاحل البروباغندا الشرقية غير الموضوعية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل