الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استدراج

علي شكشك

2010 / 1 / 21
حقوق الانسان



رغم أهمية القضية التي نناقشها في هذا الملف, وهي جريمة فوق العادة, بما أنها ليست مجرد تجارة غير مشروعة في بضاعة غير مشروعة يتم تداولها بالتهريب أو التهرب من الضرائب, أو لبضاعة ممنوعة كالمخدرات, ذلك أنها جريمة مركبة ومستحدثة في التاريخ, وتنضوي على امتهان للإنسان الذي منحه الله شرف التكريم في كتابه الكريم بلسان عربي مبين "ولقد كرمنا بني آدم", وهو امتهان مركب وجريء بمقدار القدرة على تجاوز كل الحواجز التي تفضي إليه, وهو تخيّلٌ صعب, فكيف ببمارسته, كيف يكون الأمر عندما يخرج الجنود في ملاحقة فريسةٍ بشريةٍ حسب الطلب للحصول على كبدٍ أو كِلية, ثم قتله هكذا واستخلاصه من العضو المراد, ثم رسم سيناريو كامل لتخريج المسرحية, ومما يزيد الجريمة جريمةً أنه منظمٌ من قِبَلِ "دولة", وهنا تبدأُ الحكاية,
فرغم أهمية هذا الملف إلا أنه ليس إلا واحداً من ملايير الممارسات المشابهة والتي تتكرر كلَّ حين, والتي لا ينتهي تعدادها, لأنها ليست إلا تجليات للجريمة الكبرى, الجريمة الأولى, التي شرعت تعبر عن ذاتها بمجرد تجسُّدها بل مذ كانت فكرة, وهي ليست غير منسجمة في ذلك مع ذاتها, فقد كان العكس سيكون المستهجنَ والغريب, ذلك أنّ السؤال سيكون كيف يمكن لكيان الخطيئة أن يكون فاضلا,
الخطأ كان هناك, ولادة هذا الكيان, والخطيئة كانت هناك, كلّ سياق هذه الولادة, من هنا فلا بد من الانتباه إلى أنّ استنكار واستهجان إفرازاته لا يعني, أو يجب ألا يعني أنه لو لم يرتكب جرائمه فإنه سيكون كياناً مقبولاً, أو أنّ هذا سيخرجه من وصمة الكيان الخطيئة, الخطيئة التي يجب التكفير عنها, والتوبة الكاملة عن مصدر الرجس مما يعني اجتثاثه كاملاً, فما كان لهذه الفسيلة أن تنتج إلا ذاتها, وما كان لها إلا أن تكون ما هي عليه الآن, كلّ هذه الخطايا, والواعدة بمزيد منها بلا انتهاء, بل ستتفاقم أرجاسها ومظالمها كلما طال عليها الأمد, لأنها ستمتح مع الوقت من رصيد متراكم يزيد احتمالات إنتاج الخطيئة, فالخطيئة لا تنتج إلا ذاتها, تكاثراً وتفاعلاً وإمعاناً وعنادا,
لهذا فإنه رغم خطورة إفرازات هذا الكيان الخطأ, والتي لا تعدوا جريمة قتل الفلسطينيين وسرقة أعضائهم البشرية والمتاجرة بها, لا تعدو أن تكون إلا مفردةً من هذه الإفرازات, فإن هذا يجب ألا يستدرجنا إلى نسيان المصدر الأول للجرائم, ولا السبب الأول للمظالم, ذلك الاستدراج الذي ينزلق بنا رويداً رويداً إلى لاوعي القبول به والاكتفاء باستنكار منتجاته, وهي الأساس في التعامل الغربي المتضامن معنا وعلى رأسها الأصوات الصهيونية, والذي في أحسن حالاته يريد من هذا الكيان تجميل صورته في حرصٍ عليه وخوفٍ على مصيره, ولضمان بقائه وديمومته في منظومة العالم والأخلاق الإنسانية,
وهي عملية معقَّدة وبطيئة وتتفاعل على مستوى وعي أجيال, فقد لا يكون الجيل القادم محصّناً ضدّ هذه الفكرة, وهو الذي لم يكابد آلام مخاض الظلم التاريخي البشع على العرب والفلسطينيين, بل ربما كان هذا المنحى في الإمعان بالجريمة من طرف الخطيئة الكيان هو حركة تلقائية لاإرادية منسجمة مع ميل هذا الكيان لدفعنا بالاكتفاء بالمطالبة بوقف تماديه هذا, وترويضنا على عادية وجوده,
هو استدراج تاريخي ونفسي وخفيّ, دون أن يعني ذلك السكوتَ على هذه الثمار الخاطئة وهذه الجرائم الهجينة بالأسطورة والوهم والتكنولوجيا والاستعلاء والعربدة, ودون أن لا نقف تحية لأولئك الأحرار الشجعان الذين يستجيبون لصوت الإنسان فيهم, صوت الإنسان العالي والمشترك البشري في الاشمئزاز من الظلم وفضحه وتعريته والاحتجاج ضدّه, فتلك الآليات هي نقاط ضوء تُقدِّمُ لتفكيك الظلم وتحليله من جذوره, ذلك أنّ الظلم إن لم يَظلمْ فإنّه ببساطة يموت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد لحظة تمزيق سفير إسرائيل ميثاق الأمم المتحدة خلال كلمة غ


.. مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة يمزق الميثاق الأممي بأمريكا




.. مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة يمزق ميثاق الأمم المتحدة قبل


.. الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا يوصي مجلس الأمن بإع




.. ماذا بعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لدعم العضوية الك