الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وصفة تأزيم ايرانية ... للاحتقان العراقي

جهاد الرنتيسي

2010 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تستعصي خلفيات و ابعاد المحاولات المبرمجة ، لاقصاء التيار العروبي ، عن العملية السياسية العراقية على الطمس والاخفاء ، رغم الحجج والمبررات التي يسوقها منظروا وحراس فكرة الاستئصال .

ففي جوهرها ، لم تبتعد قرارات " لجنة المساءلة والعدالة " بمنع شخصيات عامة من الترشح للانتخابات ، عن محاولة للاحتفاظ بامتيازات حصلت عليها فئات في غفلة من الزمن ، وحرمان اخرى من الحصول على حقوقها في التشريع والتنفيذ .

للوهلة الاولى ، تبدو القرارات مستنسخة ، عن تجربة اخرى ، بلورتها انظمة سياسية ، قطعت شوطا اوسع ، في تثبيت حكمها ، واخفقت في ايجاد حالة من الاستقرار و الرضا الشعبي ، وان اظهرت مراكز الدراسات وصنع القرار حذرا في الربط ، او في اجراء مقارنة بين التجربتين .

فهناك اوجه شبه يصعب اخفاءها بين اداء ومهام "مجلس تشخيص النظام " الايراني الذي حال دون وصول كفاءات ايرانية الى مجلس الشورى ولجنة " المساءلة والعدالة " العراقية التي وضعت فيتو على زعامات ورموز سياسية تحظى بشعبية واسعة في مناطق العرب السنة .

بعض الشبه يتمثل في ان " المجلس " و" اللجنة " اداتين لقوتين متنفذتين يصعب عليهما تقبل الاختلاف والتعايش رغم انه ضمانة للتنوع في الحياة السياسية .

ولان هناك فئات متضررة من عملية الشطب والاقصاء المستخدمة في الحالتين تبقى حالة الاحتقان والتوتر قائمة في الحياة السياسية .

فالاصل في العملية الديمقراطية مشاركة الجميع في الحياة السياسية ، وغياب هذا الشرط ، يعني امساك فئة معينة بزمام السلطة ، وحرمان فئات اخرى .

ويتضارب وجود مثل هذا الخلل مع الاساسيات التي يقوم عليها مبدأ مشاركة الطيف السياسي والاجتماعي الاوسع في صناعة القرار .

الى جانب هذا التضارب هناك اوجه شبه اخرى لا تخلو من اغراءات للباحثين المعنيين بالتوجهات السياسية والفكرية في المنطقة .

فالقوى المطلوب اقصاءها في العراق متحررة الى حد كبير من عقدة الطائفية التي تحكم تفكير القائمين على لجنة المساواة والعدالة .

وجاء تنظيم هذه القوى وتأطيرها في اوسع تشكيل علماني عرفته العملية السياسية العراقية منذ الاطاحة بالنظام السابق ليقدمها بديلا للقوى الطائفية التي فشلت في تطبيق شعار المصالحة الوطنية ـ الذي استخدمته في اطالة عمر سلطتها ـ وعجزت بالتالي عن فرض الامن والاستقرار .

في ايران لا تبتعد الامور كثيرا عن التناقض بين طريقتي تفكير وان خفي ذلك نتيجة لعدة عوامل بينها جهل مراكز البحوث والدراسات العربية بتركيبة المجتمع والمؤسسة الايرانيتين .

فقد اظهرت الاحتجاجات التي تلت اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد تناقضات حادة بين مؤسسة الحكم التي كانت تبدو موحدة الى حد كبير حين يتم النظر اليها من وراء العمائم .

والذي عجز المسيطرون على مجلس تشخيص النظام عن استيعاب مشاركته في مؤسسة التشريع فرض حضوره كلاعب سياسي بقوة الامر الواقع مع خروج انصاره الى شوارع طهران محتجين على بقائهم خارج اطار المشاركة .

لقاء الازمتين وتشابههما لا يقتصر على الجوهر والخطوط العريضة التي يصعب اغفالها .

فالتفاصيل الصغيرة التي يجري تداولها بشكل يومي تكشف عن جوانب اخرى من الازمتين السياسيتين ليبدو المشهد اكثر وضوحا.

بين هذه التفاصيل ان خطوات الاقصاء المتلاحقة التي تقوم بها لجنة المساءلة والعدالة تأتي بعد اخفاق طهران في توحيد القوى العراقية الصديقة لمواجهة التيار الذي يتزعمه اياد علاوي وصالح المطلك ويضم طيفا واسعا من الليبراليين والعروبيين المتذمرين من الدور الايراني في بلادهم .

ولا يغيب عن متابعي الملف الايراني ان من اقوى الشعارات التي كانت تتردد في شوارع طهران خلال التظاهرات الاحتجاجية ما يتعلق بدعوات الكف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول الاقليم والتركيز على التنمية في البلاد .

كما استطاعت الفئات العراقية والايرانية المستقصاة من العملية السياسية كسب التعاطف الدولي باعتبارها فئات مضطهدة تسعى للحصول على حقوقها السياسية .

وفي ظل صعوبات توفر شروط عملية ديمقراطية حقيقية دون التمثيل العادل لمختلف الشرائح والفئات الاجتماعية والسياسية والدينية في السلطة ، وبالشكل الذي يتناسب مع احجامها الحقيقية ، تبقى الاوضاع في هذين البلدين اقرب الى التوتر ، ومجالا خصبا لتدخلات المجتمع الدولي الذي يدرك اهمية استقرارهما لامن وسلام المنطقة والعالم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط


.. النازحون يعبرون عن آمالهم بنجاح جهود وقف إطلاق النار كي يتسن




.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: نتنياهو ولأسبابه السياسية الخاص


.. ما آخر التطورات وتداعيات القصف الإسرائيلي على المنطقة الوسطى




.. ثالث أكبر جالية أجنبية في ألمانيا.. السوريون هم الأسرع في ال