الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمن:العوامل المتغيرة في تكوين الأهمية الاستراتيجية

محمد سيد رصاص

2010 / 1 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


تكتسب بعض الدول أهميتها الاستراتيجية،من الناحية الجغرا - سياسية،من ذاتها،وليس من خارجها المتضمن محيطها الاقليمي،أومن نظرة الخارج الدولي لدورها في إطار استراتيجيته االعالمية،مثل تركية وايران ومصر والسعودية وسوريا.هناك حالات معاكسة لهذا،ترتفع فيها القيمة الاستراتيجية للدولة المعنية ،في عيون الدول العظمى،من خلال مايجري في محيطها الاقليمي،مثل باكستان إثر التدخل السوفياتي في أفغانستان عام1979،فيماتأتي أهمية اسرائيل الاستراتيجية من خلال رؤية الغرب،أولاً الأوروبي حتى حرب السويس عام1956 ثم الأميركي منذ عام1964،لدورها في منطقة قال الجنرال ديغول بأنها"قلب العالم".
يمثل اليمن،في هذا الإطار،حالة خاصة:منذ انتهاء الدولة الحميرية،في عام525ميلادية،افتقد اليمن حالة الدولة المستقرة ليتحول بعدها ،وحتى أصبح جزءاً من الدولة الاسلامية في عام630،مكاناً للصراع الحبشي- الفارسي للسيطرة على طرق التجارة العالمية المارة عبر الممر الجنوبي للبحر الأحمر. خلال القرون الثمانية الأولى من الاسلام،وبعد اضمحلال سيطرة الدولة العباسية على اليمن في القرن الثالث الهجري،لم يستطع أحد توحيده الجغرافي،كفضاء يمني في ظل انقسام الزيدية- الشافعية الذي تكرَس منذ القرن الرابع الهجري آخذاً شكلاً مناطقياً بين الشمال الزيدي والشوافعة في الوسط والساحل الغربي والجنوب،إلالفترتين قصيرتين مع العثمانيين لقرن كامل حتى انسحابهم من اليمن عام1636 ودولة الأئمة الزيدية التي حاولت ملء الفراغ العثماني إلى أن انفصلت لحج في 1728،وعندما عاد العثمانيون لاحتلال صنعاء في عام1871كانت عدن مع البريطانيين والشمال مع أئمة الزيدية،وهوماتكرس في معاهدة الإمام يحيى في1911مع العثمانيين ثم في معاهدته مع لندن بعام1934لمااعترف وهوالمالىء للفراغ العثماني منذ1918بسيطرة بريطانية على الجنوب مقابل اعترافها بإمامة آل حميد الدين في الشمال.
هنا،نجد اليمن وقد دخل في النسيان مع فقدان البحر الأحمر لأهميته بسبب تحوُل طرق الملاحة البحرية العالمية إلى رأس الرجاء الصالح في عام1497،فيماأدى مشروع قناة السويس إلى العكس قبل ومع افتتاحها عام1869عبر جعل الحوض الجنوبي للبحر الأحمر بأهمية السويس. بدون هذا لايمكن تفسير احتلال الإنكليز لعدن في1839 ولاعودة العثمانيين إلى صنعاء بعد سنتين من افتتاح القناة.تكرر هذا المشهد ،بعد اغلاق قناة السويس إثر حرب حزيرانيونيو1967،لماتزامن هذا مع انسحاب لندن من جنوب اليمن في يوم30تشرين الثانينوفمبر1967وهي التي نقلت إلى عدن بعد(اتفاقية الجلاء)مع الرئيس عبدالناصرعام1954مركز قيادة قوات الشرق الأوسط البريطانية بعد أن كانت في القناة،ليعبر هذا الإنسحاب رمزياً عن ذروة الأفول في شمس الإمبراطورية البريطانية، البادىء في حرب السويس.
بالمقابل،كانت الحرب الأهلية اليمنية(1962-1970)صورة مصغرة عن"الحرب الباردة العربية"وفقاً لتعبير مدير الجامعة الأميركية السابق ببيروت مالكولم كير في كتابه المعنون هكذا،لينتقل اليمن بشطريه،بعد انتهاء تلك الحرب،لكي يكون نقطة تركيز كبرى لصراع واشنطن وموسكو على العالم،وبالذات إثر سيطرة العناصر الماركسية في(الجبهة القومية)على الحكم بعدن يوم22حزيرانيونيو1969وارتمائهم في أحضان السوفيات،حيث لايمكن عزل الحربين الحدوديتين بين الشطرين عامي1972و1979عن ذلك،فيماكان تسليم علي سالم البيض للشطر الجنوبي إلى حكم صنعاء ولوبمشاركة الجنوبيين،في اتفاقية عدن يوم30تشرين الثانينوفمبر1989، ناتجاً عن ادراكه لهزيمة موسكو أمام واشنطن والتي توضحت في الشهرين السابقين لذلك مع تداعي(الكتلة السوفياتية).
عاش اليمن في ظلال النسيان الدولي والإقليمي مابين خريفي1989و2009،هذا النسيان الذي لم تستطع شهرا"حرب انفصال الجنوب"قطعه ولاالحروب الخمسة للحوثيين بين عامي2004و2008ولااندلاع"الحراك الجنوبي"في نيسانإبريل2007:في الأشهر الأخيرة عاد الإهتمام الدولي(والإقليمي)باليمن ومن خلال وتيرة عالية. لم يأت هذا الاهتمام من خلال عوامل متعلقة بالبيئة الإقليمية،كماجرى مع ظروف انشاء وافتتاح قناة السويس،ولامن ظروف تحوُل اليمن إلى ساحة لصراع الآخرين،كماحصل بالحرب الأهلية بالشمال ثم بين الشطرين،بل أتى من الخشية عند واشنطن،وعند الدول الإقليمية الجارة أوالقريبة لليمن،من التداعيات الدولية،والشرق أوسطية،وفي داخل تلك الدول،للصراع اليمني الداخلي الجاري حالياً،الذي أصبحت فيه ايران ومن خلاله ذات امتداد مسلح عند صعدة وعند الحدود اليمنية السعودية،وتحوَل اليمن عبر الفوضى الداخلية إلى ملاذ آمن ل"تنظيم القاعدة"مثل أفغانستان واقليم وزيرستان الباكستاني والصومال،فيما ينذر مسار"الحراك الجنوبي"بنزعته الإنفصالية المعلنة ليس بالعودة إلى"الشطرين"وإنما إلى ماقبلهما عندما كان الجنوب اليمني تحت إدارة لندن مقسماً ومجزءاً إلى سلطنات متعددة،هذا الشيء الأخير الذي إن حصل سيكون مثالاً على تداعيات يمكن أن تشمل بعده عموم شبه الجزيرة العربية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل