الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنا في غربتي

زينة منير زيدان

2010 / 1 / 23
الادب والفن


لست احاول استعجال الوقت او الزمن لأمضي إليك..
لكن لا تنسى أن عمري حزين
لا تنسى كم مضت ليال بيض عليّ.. والليل الأبيض في مفهوم العاشقين كارثةّ.
لا أريد أن أحمّل كلماتي فوق طاقتها.. فوق قدرتها على امتصاص الفراغ الذي أعيشه ويعيش بداخلي..
كنت كلما أحاول أن أملأه بصورتك المجهولة.. أفقد وعيي من غضبي.. فحتى صورتك ليست مكتملة الملامح عندي.. لا أقول أبحث عنك بشوق، بل بغضب من فقد آخر خيوط صبره بعد رحلة عناء طويلة..
هنا في غربتي.. رائحة الحب مختلفة.. ويحتاج المرء إلى وقت إضافي ليميّزها من بين الروائح العفنة.. حين تكون خارج رحم وطنك.. يغدو كل شيء مقلقا..
أرغب في حبّك.. بقسوة عانقتني ساعات طويلة.. وأختنق عندما أجد نفسي محاطة بأوهامي.. حتى الأنثى في داخلي تعذّبت معي.. مرّت بلحظات نسيت فيها ملامحها.. في زمن ذابت فيه الحدود بين الأنوثة والذئاب..
هنا في غربتي..
الكآبة تبدو أكثر العادات انتشارا,.,. لا لشيء.. إنما لأنها الأسرع إلى المرء.. رتابة في الحياة وملل من الملل.. وكلٌّ يبحث عن شيء ولا أحد يكتفي بما يجد.. ربما لأن ما يجده قليل.. وربما هو على حق..
هنا في غربتي.. الكتابة عنك ممتعة.. لأنك بعيد .. وحتى مسافة اقترابك منّي ومقياسها الزمني غير موجودة.. نسيت أن أخبرك بأن جابر بن حيّان لم يكن يكترث بيوم يمرّ عليّ بهذا الشكل وأحتاج فيه إلى هكذا حسابات!!
أجمل شيء هنا .. الوحدة.. رغم صخب الحياة وكثرة المتع المنتشرة في كل مكان.. الناس هنا يا صديقي المجهول.. لا يقدّرون الحياة جيدا.. ولا يعرفون قيمة للوقت أو للفعل او للكلمة. الباحث عن الثقافة كالباحث عن قطرة ماء في الصحراء! نعم.. هذا هو الحال في قلب الصحراء هنا .. حيث أكتب إليك..
العيون لا تقرأ إلا عدد طبقات مستحضرات التجميل.. ولا تنبهر إلا بلون أحمر شفاه فاقع من مستحضرات ديور.. وإذا صدف أن رآك احدهم تقرأ.. وتحديدا إذا كنت أنثى.. فكأنه رأى العجب العجاب.. عربية وتقرأ وتتثقف؟؟ في بلد صحراوي أكثر هموم أكثر نسائه ليالي الحناء والعطور طويلة المدى بفوائد عالية!
أتعب من الهرولة بحثا عن مكان أستطيع أن أستكين فيه.. مكان يمكن لأعصابي أن ترقد فيه وتستمتع بالزمن وجماله.. وفي أوقات كثيرة.. أعود الى البيت مرهقة وسلّتي فارغة.. فارغة من كل شيء.. حتى من البسمة..
آه نعم .. على ذكر البسمة.. هنا البسمات تتبع صيحات الموضة بقوة.. بسمات معلبة وجاهزة.. تختار البسمة المناسبة للشخص المناسب.. فقد ترتأي أن تبتسم بقوة لفتاة ما.. أو تبتسم بفتور لشخص لا يعجبك.. أو تضحك لآخر تعرف أنه يكيد لك.. وأنك سترّد له الكيد كيْديْن!
هنا في غربتي..
كل شيء اختلف.. باستثناء هذا الأمر.. وهو أنني ما زلت أشعر بغربتي..
وأدرك تماما اليوم.. أن الغربة لا تتصل بالجغرافيا إلا في عقول الشعراء والمبالغين.. الغربة تتصل بي أنا وحدي.. وهذه المسألة، لا أخفي عليك ، لم أجد لها حلّا قاتلا حتى الساعة.. ومجموع ما وصلت إليه محاولاتي.. لم يتعدّ حقيقة انه كان إبرة مورفين....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تذكرة
سمير الرسام ( 2010 / 1 / 23 - 00:59 )
تلوكني الساعة بكل تفاصيلها ، ولا زلت اتذكر صراخي عندما خرجت من رحم امي ، لأقطع تذكرتي وصولاً ألي ، لكنني تهت في الطريق ، ولا اعرف هل تاه قطاري بين السكك ، ام انني أضعته بقلقي ؟ . . الغربة تذكرة قطعناها دون ان نعرف اين يتجه قطارها ، لا نعرف نهاية مشوارنا ، الى اين يتجه ؟ وماذا ستكون النهاية ؟ كل ما نعرفه اننا . . تهنا في تضاريسها ، بدون اي دليل او اسطرلاب . . اعترف امامك ايتها الغربة بأنك معلمي الاول ، لكنك لست الوحيد . . لأن قبلك ايتها الغربة ، اوصلتني يد أمراة اليك . . تاهت قبلي فانتقمت لنفسها فتوهتني . . لكنني لم انتقم لحد الان . . من اي بشر . . وقررت خوض غمار غربتي وحدي . . عذرا لست وحدي . . فلي اصدقاء يواسونني . . قلبي ، تنهيدتي ، وبقايا ذكريات من وطن هجرته قبل الاوان .
زينة منير زيدان . . لن انسى هذا الاسم .
كوني بخير


2 - مداد العودة
زينة منير زيدان ( 2010 / 1 / 24 - 21:03 )
حقا تشبه الغربة كأسا يدورعلى بشر يتم انتقاؤهم.. بلعبة قدرية..
لا أحبّذ الإنتقام.. فالمنتقم إنما يقتل نفسه أولا.. فلنجعل غربتنا مدادا للعودة..

شكرا لمرورك الطيب


3 - الغربة هي أن نكبر
أحمد نظير أتاسي ( 2010 / 1 / 25 - 09:10 )
قال نسيب عرضة (من حمص-سوريا المشهورة بصخورها البركانية السوداء) في أوائل القرن العشرين وقد عانى من غربته في أمريكا:
عد بي إلى حمص ولو حشو الكفن واجعل ضريحي من حجار سود
أخافني نسيب وأقض مضجعي في غربتي. ثم شاءت الأقدار أن أعود أنا إلى حمص بعد غياب ثماني عشرة سنة فوجدتني غريباً بين غرباء. أيا ترى نبحث عن الأرض أم عن طمأنينة الطفولة أم عن حضن الحبيب. الأرض غالباً ما نجدها (إلا في حالة فلسطين) أما الطفولة فقد رحلت إلى الأبد، فأرى أن نترك ديدن الغربة والبكاء على الأطلال فهذه سنة الحياة.
ودعكم من الموال العراقي الذي يقول:
اللي مضيع ذهب بسوق الذهب يلقاه
واللي مضيع محب يمكن سنة ويسلاه
لكن المضيع وطن وين الوطن يلقاه
وأنا أقول يا أيها المتباكي على الوطن:
اللي مضيع عمر راح العمر انساه
حاجي بكي ودموع والغم شو جدواه
إنت مضيع ولف دوّر عليه والقاه
قبل ما يفوت العمر وماتبقى غير الآه
اركض ورا الحب امسك بيده لا تستناه
غربتك ماهي وطن الوطن حضن تبغاه
تحياتي إلى الكاتبة وإلى سمير اللذين يتحرقان إلى شيء ما أتمنى أن يجداه.

اخر الافلام

.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا


.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط




.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية


.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس




.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل