الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حفلة تنكرية

سعدون محسن ضمد

2010 / 1 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ما الفرق بين السياسي الإسلامي وبين السياسي العلماني؟ يبدوا السؤال بسيطاً أول وهلة، إذ يفترض بالأول أنه يؤمن بالعملية السياسية التي تنطلق عن الإسلام، وتتحدد بمحدداته. هو يعمل من أجل بناء دولة سماؤها الوحي وأرضها الشريعة. أما الثاني فيؤمن بعملية سياسية بلا دين، ويعمل من أجل بناء دولة بلا سماء ولا أرض، دولة لا تدين بدين ولا ترضخ لإملاءات رب.
لكن هذا السؤال البسيط سرعان ما يتحول لإشكالية مربكة عندما يرتبط بالوضع العراقي، إذ الصياغة العراقية للسؤال تبدو بلا جواب، فما الفرق بين السياسيين الإسلاميين والعلمانيين في العراق؟ هل هناك حدود واضحة تفصل بين خطابيهما؟ هل هناك ملامح مختلفة للدولة يطرحها العلماني عن تلك التي يطرحها (غريمه) الإسلامي؟ هل هناك صراع جذري ومحتدم داخل البرلمان بين تيار إسلامي وآخر علماني؟ بالأحرى هل هناك تياران علماني وإسلامي داخل هذه المؤسسة؟
هناك هوية هجينة (لا شرقية ولا غربية) جاءت بسبب تفريط التيارات السياسية العراقية بهوياتها الحقيقية وعدم احترامها للشرائح التي تمثلها. هناك أيضاً انعدام للثقة بالنفس لدى أغلب السياسيين العراقيين جعلت مشاريعهم مفتقرة للوضوح والدقة والشجاعة، ولذلك لا تجد إسلاماً سياسياً، أبداً، بل فقط سياسيون بمظهر إسلامي خجول، لا يسعون ـ بشكل علني ـ لأي هدف سياسي ذي صبغة إسلامية واضحة، وبالمقابل لا تجد علمانية، بل فقط سياسيون لا دينيون، بمظهر علماني خجول لا يسعون ـ بشكل علني ـ لأي هدف سياسي ذي صبغة علمانية واضحة.
هذه المشكلة تأخذ أبعادها الحقيقية كلما اقتربت الانتخابات أكثر، حيث يضيع الناخب داخل حفلة تنكرية لا تبدو فيها إلا أقنعة غريبة لا تكشف عن أية حقيقة سياسية، ما يجعل الخيارات أمامه متشابهة، بل منعدمة. الجميع يسعون لبناء الدولة المدنية لكن بحسب ذوق المؤسسة الدينية! وعندما تسأل: كيف يمكن تحقيق هذا الهدف الخرافي! لا تجد الجواب. الجميع ملتزم باحترام الشريعة الإسلامية لكن بشكل لا يفرط بالحرية الفردية! وأيضاً عندما تسأل نفسك نفس السؤال السالف لا تجد الجواب.
تأخذ العملية السياسية الديمقراطية جديتها عندما تتوفر سلة خيارات الناخب على تيارات سياسية مختلفة عن بعضها وتطرح خياراتها أمامه بشكل مباشر وواضح. هناك شريحة كبيرة من الناخبين فقدت ثقتها بالمشروع الإسلامي، وهي تبحث عن علمانيين يمتلكون الشجاعة الكافية ليطرحوا مشروعاً علمانياً يقف بشكل جاد لحماية الصبغة المدنية للدولة. هذه الشريحة لم تجد مثل هذا المشروع لحد الآن. وهناك بالمقابل شريحة من الناخبين لم تزل تحلم بدولة إسلامية، وهي تؤمن بأن الدولة التي تفقد ملامحها الإسلامية هي دولة (منحرفة). هذه الشريحة أيضاً لم تجد ضالتها في المشاريع السياسية المطروحة. والسؤال المحرج هو: لماذا هذا التشابه؟
لماذا يرتدي جميع السياسيون في العراق أقنعة تنكرية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نارين بيوتي تتحدى جلال عمارة والجاي?زة 30 ا?لف درهم! ??????


.. غزة : هل تبددت آمال الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الحرس الثوري الإيراني يكشف لـCNN عن الأسلحة التي استخدمت لضر


.. بايدن و كابوس الاحتجاجات الطلابية.. | #شيفرة




.. الحرب النووية.. سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة! | #منصات