الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قشرة البرتقال/28-االبصيرة في مواجهة الإفلاس

حامد مرساوي

2010 / 1 / 23
الادب والفن



"ما العمل؟"التساؤل لا صلة له بلينين ولا بفشل ثورة! ولو بأحد المعاني، كانت عقدة مولاي يعقوب في الرابع عشر من دجنبر 2009 بمثابة فشل ثورة 1905. عندما انعقد مجلس العائلة وكانت خطة الجبهة المضادة محبوكة لعدم إعطاء الفرصة للقفز نحو تقليص المرحلة الانتقالية، أحست بل أدركت سعاد أنها رجعت إلى الوراء.
وبالمناسبة سعاد عبقرية في شيئين ينجلي الموقف أمام ذهنها بوضوح وبسرعة متناهية، ثم الشيء الثاني وهو التعبير الواضح عن الخلاصة التي تتجمع في فكرها. لذلك تسهل معها العلاقة وتتقوى لهذا السبب. بحيث تعي نفسك رفقة شخصية ند. وبذلك، تؤنسك وتحس أنها معك على طول وعرض همومك. وبفضل ذلك، من الصعب التفكير في ما تذهب إليه أحلام مستغانمي من كون النسيان حليف الرجال. لا يمكن لحب العمر كله، مضاف إليه كل تلك الرجاحة في العقل والجرأة والتصميم المرفوق بالتخطيط، أن لا تتصورها حالة نادرة من قوة النساء.
وبسبب التآكل الحاصل في النفسية والمعنويات الفردية المباشرة، تحس لما مضى ولما استجد كأنها هبة من الكون، بحيث يصبح الحظ الذي فتح باب اللقاء حالة نادرة من الحظوظ. بلا نقود ولا مأسسة ولا حرص على التملك، لكن الجانب المعنوي أخاذ في هذه المرأة الفذة. أنا لا أجامل امرأة بقدر ما تحبني تؤرقني بعنادها الجميل. لكن كيف تجاملها وهي لا تترك لك تراكما مواربا ينحو بك نحو المجاملة. هي صدامية في طبيعتها وفي مزاجها. لكنها من النوع الذي لا يستحيي من نفسه ليصرح أنه أخطأ. من هذه الزاوية فهي مرة اخرى عملة نادرة. هل أصرح أنها محظوظة معي! الذين يعرفونني دون أن يعرفوها يعتقدون ذلك. لكن تنقصهم المعاينة لما تمتلكه سعاد من كل ما يجعل العقل راجعا والشخصية ندية بلا أدنى اعتبار. نعم قد يلمس أحد أن الأمر يستدعي التسلح بالنظرية "الصحيحة" حتى تكون الممارسة "صحيحة" وفق الديالكتيك المأثور بصيغة ليس هنا مجال استخدامها. لكنني أجزم أنني محظوظ معها.
إنها منجم لا حد لغناه من التجربة. المعاناة والمعاينة لأكثر من ميدان. والمبادرة في جميع الأحوال. أنا أعلم أن فلسفتي تساعدني على تقديرها حق قدرها. على شاكلة أحد أبناء الطبقة الغنية الذي اصطحبه معه أبوه إلى حيث تسكن عائلة فقيرة في وسط فقير. ثم استفسر الأب ابنه بعد الرجوع ليستخلص من تصريحات ابنه كيف استوعب معالم الفقر التي عاينها. فإذا بالابن يأتي بفكرة مقلوبة بالمقارنة مع الحكم المسبق والنمط الجاهز حول الغنى والفقر لدى أبيه! بحيث عدد له، لدى هؤلاء الذين يعتبرهم أبوه فقراء، مظاهر الحرية والتضامن والاعتماد على النفس في انتاج الحياة في الطبخ والكنس والتسوق، وانفتاح أفق المكان بل امتلاك كلاب عديدة مقارنة مع كليب وحيد بئيس وفق النظام الصارم للعيش وحرص كئيب ومرضي على النظافة.
هذا التقابل بيني وبين الطفل الذي يقدر الغنى حيث يعتبر المحنطون الأمر ركام من البؤس، جعلني أمتلك نفسي قبل أن يفكر أحد في تملكي واستعبادي. فكانت فرصة أخرى للإفلات من الاستيلاب. بل العودة إلى الجدور بكيفية عضوية وعملية وفلسفية أيضا، دونما التقيد بنمط معلب وفق وصفة مسبقة مقتبسة للعيش المصبـّر.
هي فقط لم تستوعب الطفل الكامل بل والمسيطر على كياني. بجانبيه: الجانب الايجابي، الحريص على الانضباط والتلاؤم مع الأم. والجانب السلبي في الطفل القاضي بمستلزمات الرعاية.
كانت الأزمة الطفيفةالتي ثقلت موازينها وصارت ـ أو كادت ـ بنا نحو هاوية القطيعة المفاجئة. ولأننا على أتم الوعي بحرص الطرف الثاني على التقدم نحو علاقات أفضل مما مر عبره عمره، بقدر الحدة في وصف المواقف المتناقضة من حيث النظر والتفسير، بقدر البصيرة التي تواكب الأزمات من الطرفين. مما يترك الأزمات عملية حشد للبصر ومختلف الحواس لتقوية الحذر في ما يلي من زمن المعاشرة.
بهذا المعنى، تبقى العلاقات الثنائية مشرقة. لأن الحزن والبؤس ونسبة اليأس لحظة الأزمة، لا تفسد للحب قضية. مما يجعل الفينق وهو خارج من تحت رماد الأزمة، يبدو نظيفا بلا خسائر رمزية ولا اعتبارية. فالاحترام لا ينقص. والأصل في ذلك، كل واحد من الطرفين يحترم نفسه أولا. ثم يحرص على تقديم حصته من الوضوح في الرؤية. فيستمر الحوار ولو عاصفا. لا يسد باب الحوار. وهو ما جعل العلاقة تكون من أنضج حالات الحب المهدد بالبرود. والتجربة تؤكد أن البرود لا يقترب من هذا الحب لا من أمامه ولا من خلفه.
وحدها النقود ستطوق خناق الأزمة من حول العاشقين. فقد نضبت كل الإمكانيات أو لنقل أغلبها. كل المصادر استنزفت واستهلكت. لكن الحب قادر على خلق المعجزات. فهل نجد أنفسنا مع الإفلاس المالي في ضعف عاطفي وعقلاني؟ في تلك الحالة سنغني مع جاك بريل مرة أخرى:
Quand on a que l’amour !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجة من ردود الفعل على رسالة حكومية مُسربة تؤيد ترشيح وزير ا


.. محمد الأخرس: الرواية التي قدمتها المقاومة الفلسطينية حول عمل




.. مدير مكتب العربية بفرنسا: التمثيل داخل البرلمان الأوروبي مرت


.. موجة من ردود الفعل على رسالة حكومية مُسربة تؤيد ترشيح وزير ا




.. مفارقة في قضية ترمب ودانيلز.. الممثلة مدينة له بآلاف الدولار