الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باراك أوباما و حصيلة السنة الأولى- ماذا بقي من شعار التغيير؟

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2010 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


انتهت سنة باراك أوباما الأولى في البيت الأبيض؛ و إذا كان تقلده لمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية قد شكل حدثا؛ فإن نهاية السنة الأولى من عمره الرئاسي ؛ لا تقل أهمية عن الحدث الأول.
خلال الحدث الأول راكم الشعب الأمريكي؛ كما راكم العالم أجمع؛ طموحات كبيرة؛ على دعوة التغيير؛ الذي نادى به باراك أوباما؛ خصوصا و أن الجميع عاش على وقع النتائج الكارثية؛ لسياسة الرئيس الجمهوري جورج بوش؛ التي لم تتوقف عند أفغانستان و العراق؛ بل تعدتهما إلى الداخل الأمريكي؛ الذي عانى من أزمة اقتصادية غير مسبوقة .
و خلال الحدث الثاني؛ يعيش الجميع خيبة أمل كبرى؛ لأن شيئا من تلك الطموحات الكبرى لم يتحقق لحدود الآن؛ و الواضح أن باراك أوباما الأكاديمي و المثقف؛ الذي يتقن اللعب على الأوتار الحساسة؛ ليس هو باراك أوباما السياسي؛ الذي يلعب لعبة اللوبيات؛ المتحكمة في السياسة الأمريكية؛ داخليا و خارجيا؛ و التي توجهها في اتجاه مصالحها .
هل يصح القول أن باراك أوباما كان ضحية شعار التغيير؛ الذي رفعه في مرحلة لا تساعد على هذا التغيير؟
أم إن الحقيقة هي أن باراك أوباما كان يسوق للتغيير فقط كشعار انتخابوي؛ لربح أصوات الناخبين؛ مع علمه المسبق بالتحديات التي تنتظر تطبيق هذا الشعار ؟
إن أول ما يستوقفنا على مستوى السياسة الخارجية؛ التي نهجها باراك أوباما إلى حدود الآن؛ هو طابع الاستمرارية؛ بل و التبعية حتى للسياسة الجمهورية السابقة؛ فإلى حدود الآن لم تبرز بعد تلك اللمسة الديمقراطية و الأوبامية على وجه التحديد؛ فالاحتلال ما زال ساري المفعول في العراق و أفغانستان و بجرعات أكبر؛ و معتقل غوانتانامو ما زال على حاله ؛ و تكريس العنصرية و الكراهية ضد المسلمين – رغم الخطابات الرنانة- ما زال هو سيد الموقف .
و لعل هذه الاستمرارية على نفس السياسة السابقة؛ هو ما يزيد من تكريس بوادر الفشل التي أصبحت تلاحق الإدارة الأمريكية؛ في مختلف القضايا؛ و ما يرتبط منها بالسياسة الخارجية على وجه التحديد .
فبخصوص العراق؛ ما يزال مشهد التفجيرات هو سيد الموقف؛ مع ما تعيشه العملية السياسة من تراجع مخيف؛ أعلن عن نفسه أخيرا؛ من خلال قرارات سياسية طائفية؛ لا تسعى سوى إلى تصفية الحسابات السياسوية الضيقة؛ ضدا على مصلحة الوطن و المواطن .
أما في أفغانستان فالحصيلة أكثر سوداوية؛ و الهدية التي قدمتها حركة طالبان للرئيس الأمريكي بمناسبة مرور سنة على تقلده لكرسي الرئاسة؛ هي سبعة ضباط من نخبة المخابرات؛ الذين ذهبوا نتيجة الفشل الأمني و المخابراتي في أفغانستان؛ و قد تلى ذلك العملية الهجومية على العاصمة الأفغانية؛ من طرف عشرين مسلحا؛ وصلوا حتى حدود القصر الرئاسي في كابل .
و بخصوص الملف النووي الإيراني؛ فالواضح أن اللغة الدبلوماسية؛ التي سوقها باراك أوباما؛ لم ترق لصناع القرار الحقيقيين في الولايات المتحدة و إسرائيل؛ الذين يبدوا أن لهم خيارا آخر؛ ما على الرئيس سوى الإذعان له و تنفيذه ؛ و نحن نعيش نهاية السنة الأولى من العمر الرئاسي لباراك أوباما على وقع توتر؛ يهدد بتفجير منطقة الشرق الأوسط في أية لحظة .
أما بخصوص القضية الشائكة في منطقة الشرق الأوسط (فلسطين) فيبدو أنها لا تختلف عن الملفات الأولى؛ حيث يبدو باراك أوبالما أكثر عجزا في مواجهة الحكومة اليمينية المتطرفة؛ التي تفرض شروطها التعجيزية بكل وقاحة على الإدارة الأمريكية؛ و تبدي تعنتا غير مسبوق في تطبيق القرارات الأممية.
لقد فتح الرئيس الأمريكي صفحة جديدة في السياسة الأمريكية؛ أثناء خطاب القاهرة؛ حينما دافع عن حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة؛ وواجه بقوة السياسة الصهيونية المنتهجة؛ لكن للأسف الشديد هناك بون شاسع بين الخطابة؛ التي يتقنها أوباما أكثر من غيره و الواقع الذي يؤكد أن نسبة التهويد و الاستيطان في عهد أوباما فاقت كل التوقعات؛ و الوضع الكارثي في قطاع غزة ما يزال على حاله؛ و لا يحرك المبعوث الشخصي لباراك أوباما ساكنا في هذه الملفات الخطيرة؛ ما عدا زيارات الود و الإخاء المتبادلة بينه و بين مجرمي الحرب الصهاينة؛ الذين يصولون و يجولون بلا حسيب و لا رقيب .
إن باراك أوباما الآن يفكر –و يا للعجب- في نقل ضغوطاته إلى الطرف الأضعف في المنطقة؛ حيث ستنجح هذه الضغوطات بسهولة مطلقة؛ بعدما كان الفشل سيد الموقف سابقا؛ و هكذا يرى الوسيط الأمريكي أنه أصبح من الواجب على الطرف الفلسطيني دخول مفاوضات وهمية محاصرة بالاستيطان من كل جانب؛ و بالخروقات الأمنية المتكررة في الضفة؛ مع حصار شامل في قطاع غزة؛ و كل هذا لإنقاذ الرئيس أوباما من الفشل الذر يع؛ الذي أصبح يواجه سياسته الخارجية .
و لعل المتابع لهذه الملفات الحساسة في السياسة الخارجية الأمريكية؛ ليستنتج للوهلة الأولى أن باراك أوباما يعيش على وقع خيبات متوالية؛ تهدد بتحويل مشروعه الانتخابي إلى شعارات جوفاء لا أثر لها في الواقع.
لقد فشل باراك أوباما منذ البداية في تكريس صورة مغايرة لمرحلة جورج بوش؛ و خصوصا على مستوى الممارسة؛ لأن الشعارات كانت أكبر من الواقع؛ فهو و إن كان يحمل تصورا مختلفا عن سابقه (جورج بوش)؛ لم ينجح لحدود الآن في إخراج هذا التصور من العلب المغلقة.
فقد وعد الرئيس الجديد بإغلاق معتقل غوانتانانمو مباشرة بعد تقلده كرسي الرئاسة؛ لكن هذا الوعد ذهب إلى الأبد؛ و هذا المعتقل المشؤوم ما يزال حتى الساعة محافظا على ضيوفه؛ الذين لا يعرف الكثير منهم نوعية التهم الموجهة إليه .
و نفس الوعد قدمه الرئيس الأمريكي؛ بخصوص الانسحاب من العراق؛ لكن لا بوادر توحي بهذا الانسحاب؛ لأن التواجد العسكري الأمريكي هناك؛ يدخل ضمن استراتيجية واضحة المعالم؛ لا يمكن للرئيس الجديد تغييرها .
أما بخصوص أفغانستان فما زالت المقاربة البوشية سارية المفعول؛ بل و بجرعات إضافية؛ حيث التركيز على الخيار العسكري لحسم المعركة في أقل وقت و بأقل مجهود ممكن؛ و هذا ما لم يتحقق لحدود الساعة .
ما ذا بعد كل هذا التخبط الذي تعيش على إيقاعه السياسة الخارجية الأمريكية؛ بعد مرور السنة الأولى من العمر الرئاسي؛ لرئيس أمريكي استثنائي بكل المعايير؟
هل نظلم باراك أوباما حينما نحكم على سياسته الخارجية بالفشل في الملفات الأساسية ؟ أم إن الحقيقة هي أن باراك أوباما دخل ضمن حسابات اللوبي الصهيوني؛ الذي يتحكم في معظم ملفات السياسة الخارجية الأمريكية؛ و ما نحسبه نحن فشلا ذريعا؛ يعتبر لدى هذا اللوبي نجاحا باهرا مع رئيس ردد شعار التغيير أكثر مما مارسه ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يترأس اجتماعا بمشاركة غالانت ومسؤولين آخرين


.. متحدث باسم حماس لـ-سكاي نيوز عربية-: إسرائيل ما زالت ترفض ال




.. بعد فشل الوساطات.. استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل| #غ


.. المراكب تصبح وسيلة تنقل السكان في مناطق واسعة بالهند جراء ال




.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه