الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتانياهو واوباما والترويج العربي لبضاعة السلام الفاسدة

محمود عبد الرحيم

2010 / 1 / 23
القضية الفلسطينية


انه نتانياهو الذي سوقناه في القاهرة باعتباره احد حمائم السلام ،ورجل" جاد "في مشروع التسوية ، ومن قبله اوباما الذي كدنا ان نرفعه لمرتبة الانبياء المرسلين لنشر السلام ،وتغيير وجه العالم.
هاهما يوجهان صفعة قوية للعرب الذين لازالوا يراهنون على الاوهام ،ويشترون بضاعة فاسدة، واضح للعيان انها منتهية الصلاحية.
رئيس حكومة الكيان الصهيوني ،وسط تحركات عربية تروج ل"فرص السلام المتاحة"، وتبشر ب"انجاز غير مسبوق"، وحديث متفائل يستمد قوته من غيبوبة وغباء سياسي ،اعاد تذكير الجميع بمن هي "اسرائيل" ،وماهي مخططاتها الصهيونية ،ورؤيتها للتسوية التي لا تلبي الحد الادني المقبول من الحقوق الفلسطينية ، فالقدس الموحدة عاصمة للدولة العبرية، وليس الامر بقابل حتى للنقاش،وما رفض وقف الاستيطان بالقدس الشرقية ،وتهجير سكانها الاصليين من الفلسطينيين ،مع تواصل الحفريات اسفل المسجد الاقصى، الا خطوة أولى للاستيلاء عليها نهائيا ،وفرض امر واقع يخرجها من اية مفاوضات في المستقبل ،بالاضافة الى اشتراط لبدء عملية التفاوض فقط ،وليس التسوية ،اعتراف بيهودية الدولة ،ما يعني ان يعترف الفلسطينيون مقدما بالتنازل عن حق العودة لللاجئين ،وفتح الباب لتنفيذ مخطط الترانسفير ضد فلسطيني الداخل ،على غرار ما يحدث حاليا بحق المقدسيين، اضافة ،وهذا هو الجديد ان تحتفظ اسرائيل بوجود عسكري في الضفة الغربية ،حتي لو تم التوصل الي تسوية لمراقبة المعابر، وسط ترويج لافكارتنال من جوهرالحق الفلسطيني من قبيل تبادل الاراضي ،أو دولة كونفيدرالية مع الاردن .
ما يعني انه لا نية ، ولا مرجعية حقيقية لتسوية الحد الادني ، لا القرارات الدولية التي تتحدث عن الانسحاب الى حدود الرابع من يونيو من العام 1967، بعد ان اسقطنا قرار التقسيم، ولا مرجعية مؤتمر مدريد ،وطرح الارض مقابل السلام ،ولا حتى مبادرة السلام العربية ،انما تسوية وهمية وفق مشروع امريكي صهيوني ، يريد الارض والسلام ،والتعامل مع الفلسطينيين بمنطق اللاجئين المفروض عليهم القبول بمعسكر تحدده لهم الدولة المضيفة ،وفق ارادتها ،وعلى المساحة من الارض التي تقررها ، وليس من منطلق انهم اصحاب حق مسلوب عليهم استرداده بكرامة ،دون أية تنازلات.
وليس اعلان الرئيس الامريكي اوباما عن مبالغته في التوقعات بشأن حل مشكلة الشرق الاوسط ،وتراجعه من قبل عن الضغط علي حكومة الكيان الصهيوني لوقف الاستيطان لخلق اجواء تساهم في بدء المفاوضات، وممارسة ضغوط عنيفة- في المقابل -على الفلسطينين للجلوس على مائدة التفاوض بأي ثمن ، ليس الا ضربة اخرى للعرب الذين صدقوا انه جاد في فرض السلام ،أوانه كان امينا حين وعد بحل الصراع ،على اسس عادلة خلال عامين ، من منطلق ان الحل مصلحة وطنية امريكية.
ولاشك أن حديثه الآن ، وما تواتر عن الالتزام بأمن اسرائيل ،وانه لن يسمح بطرح اي شئ لا ترضي عنه، في اطار وهم" خطاب الضمانات" ، وأنه لن يمارس ضغوطا عليها ، كل هذا يعيد تأكيد ان فكرة الوسيط النزيه والوحيد لعملية السلام لا وجود لها ،في ظل تداخل المصالح الامريكية والصهيونية ،بل وامتلاك مشروع مشترك خاص بالمنطقة العربية ،وان الرهان على تغيير الادارة الامريكية من جمهورية الي ديمقراطية ،ووصول رئيس اسود من اصل افريقي يعني تغيير الرؤي والاهداف ووجود مناصر لحقوقنا، لم يكن سوى ضرب من الخيال العقيم والسذاجة السياسية.
لم يعد الامر يحتاج الي تبرير او مرواغة، فالصورة واضحة الآن اكثر من اي وقت مضى يستوعبها من يفقه في السياسة ،وحتى البسطاء من الناس ،وتيار الاستسلام العربي استنفد كل حججه ،ولا اظن انه بقى لانصاره من شئ يسوقه ،بما في ذلك التخويف من خيار الحرب والغول الاسرائيلي الذي اثبتت حربا لبنان وغزة الاخيرتين ،اننا نضخم من حجم وقوة العدو الذي فشل في مواجهة حركات المقاومة العربية ،وتمرغت سمعته العسكرية التى كان يفاخر بها في الوحل اكثر من مرة ، باعتراف كبار جنرالاته ولجان تحقيقه.
لا ادرى ما هو شعوروزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط الآن ، وهل يمكنه ان يخرج مرة اخرى ليتكلم عن فرص سلام متاحة ودور امريكي فاعل ، او وصف نتناياهو ب"الجاد" في التسوية ، الا اذا كانت القاهرة توافق مع مشروع التسوية الصهيو امريكي ؟!
و بالمثل لا ادري كيف سيجرؤ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورجاله بعد الآن على تسويق خيار المفاوضات ،وادانة خيار المقاومة المسلحة وليس العكس؟ وتحميل مسئولية فشل عملية التسوية الى حماس، ورفضها التوقيع على وثيقة تعترف ب"اسرائيل " ،واتفاقات التنازل السابقة معها ،وليس الاعتراف بان السلطة تورطت اصلا في عملية تفاوض عبثية ،اضاعت وقتا ثمينا ، سهل لحكومات الاحتلال، واتاح فرصا لتنفيذ المخططات الصهيونية؟!
ولا ادرى هل يمكن بعد الآن الحديث عن التمسك بمبادرة السلام العربية المطروحة على الطاولة منذ اكثر من 18 عاما ، ام اعلان سحبها بعد ان صارت ورقة مهملة لا يعترف بها اي احد ،بما في ذلك اطرافا عربية منها الامارات التي دخلت مؤخرا دائرة التطبيع العلني باستضافة وزير البنى التحتيية الاسرائيلي على اراضيها للمشاركة الرسمية في مؤتمر الطاقة المتجددة ، لتنضم الى معسكر قطر ومصر والاردن وتونس والمغرب ذات العلاقات المميزة سياسيا وتجاريا مع الكيان الصهيوني.
ان الازمة لدينا بالفعل، وبداية التفريط هنا ، والمسئولية يتحملها هؤلاء المروجين لخطاب"السلام" الصهيوامريكي من العرب ،لانه ان كانت اسرائيل تستمد وجودها ،وسطوتها وعربدتها من دعم امريكي لها، فان الدعم العربي الرسمي للأسف لهو أكبر ،واشد اثرا،حيث صارت القضية الفلسطينية لدى الانظمة العربية في ذيل قائمة الاولويات، بينما استرضاء امريكا عبر التنازل ل"اسرائيل" هو الاولوية.. فماذا ننتظر من"اسرائيل" وقادتنا يروجون لمشاريع صهيونية امريكية ،ويبيعون الوهم لشعوبهم ،و يفتحون الابواب العربية لرموز الكيان الصهيوني ،دون شعور بالخزي ،وهم يحنثون بالعهد الذي قطعوا علي انفسهم بانه لاتطبيع الا بعد عودة كامل الارض المحتلة ،على العكس يساهمون باخلاص ودأب في حصار الفلسطينيين، واجبارهم على اسقاط ما تبقى من مقاومة وصمود؟!
ان كان من كلمة اخيرة ، فلابد من التذكيرآنه أوان ان نفيق كشعوب عربية من الوهم ،ونتجاوز مشاعر اللامبالاة والخوف والتقاعس ، ليتسنى ان نسقط هذه المخططات ،ونفضح المتورطين فيها من بيننا والمتواطئين ، لنبقي علي القضية الفلسطينية ،ولا نسمح لها ان تضييع للابد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل قامر ماكرون بحل الجمعية الوطنية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حل الجمعية الوطنية، سلاح ذو حدين محفوف بالمخاطر




.. كولومبيا تقرر وقف بيع الفحم لإسرائيل حتى وقف الإبادة الجماعي


.. قوات الاحتلال تنشر فرق القناصة على أسطح وداخل عدد من البنايا




.. فيضانات تجتاح جنوب النمسا والسلطات تناشد السكان بالبقاء في ا