الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإبداع وصراع الوجود

سلمان ع الحبيب

2010 / 1 / 23
الادب والفن


الإبداع نوع من الخلق المبهر الذي ينطلق من فكرٍ متأنٍ ، ويصدر عن رغبة صارخة
في نيل النجاح ، وإصرار دائم على تحقيق أفضل صورة ، وأكمل هيئة للعمل الإبداعي
سواء أكان فناً تشكيلياً أو نظماً أو نثراً أو ابتكاراً أو اكتشافاً أو نحو ذلك
، وليس هذا كل ما يهم المبدع في تحقيقه والوصول إليه ، فهنالك ما هو أجدى وأجدر
، ويتمثل في الرغبة الجامحة لدى المبدع لإثبات وجوده فيعيش في صراع متأجج لا
يكاد يخبو بين أن يكون وألا يكون ، بين بقائه بعمله الخالد أو أن يعيش في هامش
الحياة ، بين أن يؤسس القاعدة التي يستطيع أن يقف عليها ليكوِّن بنياناً ضخماً
راسخاً يضم إبداعه ويحيي وجوده، وبين أن يؤسس بنياناً هشاً أوهن من بيت
العنكبوت .
ويذهب علم النفس إلى أن هناك أناساً يتولد لديهم قلق نفسي خارج وجدانهم الواعي
تجاه الموت ، وقسماً منهم يتسلح ضد الموت فتظهر عنده غريزة حفظ البقاء بشكل
طبيعي ، وهذه تتخذ شكلين : الشكل الأول : يتمثل في حالة تخليد الجنس البشري عن
طريق الإنجاب والاهتمام بتربية الأطفال ، وهذا يعد تعويضاً طبيعياً للخوف من
الموت ، أما الشكل الثاني : فهو يمثل الطموحات الفردية للمستقبل ، وهذا الشكل
هو السائد لدى العظماء من رجال العلم والفن ، وخصوصاً الشعر . (1)
وكثير من الإنتاج الفكري للشعراء والفلاسفة هو ناتج عن قهر الموت ، وهذا يتضح
من خلال تسلط الموت على أفكارهم كما نجده عند تولستوي الذي كتب يقول : ” إذا
كنت لا أعرف كيف أتصرف في موقف ما ، إني أتساءل ماذا يجب أن أفعل .. إذا حان
موتي في اليوم التالي ؟!” (2)

ونحن آثرنا القول بصراع الوجود كيلا نضيق المعنى الذي نتوخاه في وصف ظاهرة
الإبداع ، فالمبدع يريد أن يكون موجوداً بغض النظر عما يحمله تجاه الموت ،
ويريد أن يعيش في ذاكرة الأجيال وأن يستمر عطاؤه في وجوده وبعد حياته؛ لذا كان
صراعه صراعاً وجودياً ، وهو بهذا يدخل في امتحان صعب ويقتحم أبواباً موصدة ،
فليس ما يعزم المبدع عليه سهل المنال يسير المطلب حيث أن العقبات التي تعترض
طريقه كثيرة ،بالإضافة إلى أن التربة الخصبة والدعم المستمر لإنماء بذرة
الإبداع يكاد يفتقر إليها مجتمعنا فتزداد صعوبة المهمة التي يحملها المبدع على
عاتقه ، فيقع فريسة لصراعه مع ذاته وصراعه مع مجتمعه ، مما يؤدي إلى عرقلة
العمل الإبداعي ، وبالتالي فإن الفرصة لا تكون إلا لمن يحسن اغتنامها ، ويقوى
على تحدي الصعاب ، ليحقق ذاته ويؤكد وجوده ،ولا تكون العقبات بالنسبة له إلا
قوة يضمها إلى إصراره وصموده ، ولن يضر الجبال الراسية عواصف تهب من هنا أوهناك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??