الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ليفرد طائر الثقافة جناحيه !
يوسف ابو الفوز
2010 / 1 / 23اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
دردشة
في النشاطات الثقافية والسياسية ، التي كان لي شرف المساهمة بها داخل وخارج الوطن ، يتذكر زملائي جيدا "صراعي" الدائم من أجل استخدام وتثبيت تعبيريّ "خارج الوطن" و"داخل الوطن" ، في البيانات والوثائق ، لأني ـ عزيزي القاريء ـ أجد في تعبيريّ "الخارج" و"الداخل " ـ حافّ ! ـ ، شيئا صار يوما بعد أخر يأخذ طابع التفرقة ووضع الحواجز المفتعلة، خصوصا حين يستخدم من قبل من يضمر نوايا الاساءة للاخرين بهذا الشكل أو ذاك ، فالامر عندي ليس مجرد اصطلاح أو مفهوم لغوي بقدر ما هو قضية انتماء لوطن ، يجب تكريسها بكل الوسائل والمفاهيم ، وهو ايضا قضية تربوية للنشأ والاجيال القادمة، فكلمة "الوطن"، العميقة بدلالاتها يجب أن تكون هي الغالبة والموحية والحاضرة، في ظل اوضاع سياسية واجتماعية وثقافية مربكة تعرض فيها موضوع الأنتماء الى الكثير من الخلل والاجحاف ، خصوصا من بعد تشكيل حكومات محاصصة ذات طابع طائفي واثني عرقي ، فمن الامراض التي أبتلى بها واقع الثقافة العراقية هو التقسيم البغيض إلى ثقافة "داخل" وثقافة "خارج" و" مثقفي الداخل" و"مثقفي الخارج" ، خصوصا حين يحاول "البعض" استثمار ذلك لاغراض بعيدة عن عالم الثقافة ، وبالمحصلة تكون مساهمة لدق اسفين التفرقة بين روافد الثقافة العراقية !
في نهاية سبعينات القرن الماضي ، حين اشتدت عواصف الارهاب السياسي للنظام العفلقي المقبور، وصار الموت والسجن والتسقيط السياسي والاذلال ، يتربص بالآلآف من معارضي سياسة الحزب والفكر الواحد ، لم يكن هناك من خلاص ، سوى المنفى الاضطراري أو الصعود الى جبال كردستان ضمن فصائل الكفاح المسلح ، ومن بقي داخل الوطن ـ عزيزي القاريء ـ تعرض الى ما صار معروفا لكل العالم . وفي سنوات لاحقة في المنفى الاجباري ظهرت اصوات يروقها تصنيف الثقافة العراقية وفق الابعاد الجغرافية ، ولم يكتف "البعض" بذلك ، بل خلط كل الثمار في السلة ، فوجدنا من يرى ان كل مثقفي "الداخل" طبالون ورداحون ومداحون لفكر الديكتاتور وحروبه المجنونة ، وأن من يعيش في "الخارج" هو صاحب الموقف الواضح والمبدع الحقيقي ! ومن بعد طول معاناة ونضالات وتضحيات شعبنا العراقي ، أُنهك جبروت القمع فتهاوى صنم الديكتاتورية البغيضة بسهولة تحت سرّف دبابات المحتل الامريكي ، وسرعان ما وجدنا ان المعادلة اختلت ، اذ صار "البعض" من المثقفين داخل الوطن يستلذ بأستخدام تعابير "الداخل" و"الخارج" ، ـ وللاسف ! ـ وجدنا "البعض" منهم يرون ان كل مثقف يعيش خارج العراق يعتبر عندهم .." تخلى عن الوطن ولم يعش محنته " !! ، ومن بقي داخل الوطن يعتبر عندهم المبدع الحقيقي ، وان " مثقفي الخارج" لا يعيشون الثقافة الا كترف في حياتهم الرخية الناعمة ! ولم تتوقف الامور ـ عزيزي القاريء ـ عند احاديث المقاهي والحانات ، بل راحت هذه المفاهيم تتسرب وتنسحب الى بعض المراسلات والكتابات والمتابعات النقدية التي يقدمونها هنا وهناك ويتناولون فيها النشاطات والابداعات خارج الوطن !
مناسبة هذا الحديث ، استلامي لعدة رسائل اليكترونية من بعض الاخوة القراء المحترمين يعلقون على موضوعات سابقة نشرت في هذا العمود ، ووجدت ان منهم من استخدم وبسخاء تعبيرات "الخارج" و"الداخل "، وايضا لاحظت انه في الاسابيع الاخيرة ظهرت بعض الكتابات لبعض الزملاء والزميلات من الكتاب ، في بعض الصحف العراقية، حول موضوع الثقافة في " الخارج " و " الداخل " ، فتولد عندي احساس وكأن هذه التعابير مع تكرار استخدامها ، واذ صارت تثير المزيد من الحساسية بين من يرفضها ولا يتعاطاها ، فأنها تكاد تتحول الى شتيمة بشكل ما عند "البعض" المتناسين تماما حقيقة ، ان اي طائر سليم البنية ، صحيح الجسم ، لا يمكنه التحليق عاليا ولا الرفرفة ، ولا الغناء والصدح ، ولا مواصلة حياته البهية أن تعطل أحد جناحيه ، او تكسر بعض من ريشهما الجميل! فكيف لطائر الثقافة العراقية البهيّ ، بريشه الزاهي بالوان الطيف العراقي، ان يحلق ويرفرف بدون اي من جناحيه الجبارين ، وهما " الداخل " و"الخارج"؟ّ! أن عطاء المثقفين العراقيين الحقيقين، الامناء لمستقبل العراق الديمقراطي ، لم يتوقف رغم كل الاجواء المحبطة ، داخل وخارج الوطن ، ففي داخل الوطن ، وبعيدا عمن التحق بركب النظام الديكتاتوري ـ طوعا أو تحت ضغوط ـ كان على الكثيرين من مثقفينا ، ولمواصلة عطائهم الفكري ، التفنن في مراوغة اجهزة الديكتاتورية التي كانت تشترط على المثقفين طريقة الكتابة والرسم والحديث والتفكير ، وخارج الوطن فأن المثقفين العراقيين من مَن سجلوا موقفا واضحا ورافضا للديكتاتورية المقبورة وثقافتها، كان عليهم مراوغة كواتم الموت والحفر بالاظافر لايصال ونشر ابداعاتهم وسط حصار المؤسسات العربية المتواطئة مع سلطة الديكتاتور. ان استعادة طائر الثقافة العراقية لعافيته وبهاءه ، كي يحلق عاليا ، بحاجة الى المزيد من التعاون بين المثقفين العراقيين واطرهم الثقافية الفاعلة ، من بعد وقفة وجدانية حقيقية لمراجعة النفس ، والتحلي بثقافة التسامح والاعتذار والتعاون ، لينهض وطننا معافىً صحيحا ، وليفرد طائر الثقافة جناحيه الجبارين على سعتهما في سماوات الوطن الديمقراطي الفيدرالي المستقل !
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - قد لا اتفق معك سيدي الفاضل
انس العراقي
(
2010 / 1 / 24 - 16:46
)
سيدي الفاضل من موقعي هذا ,انا مع تمييز مثقفي الخارج عن الداخل ,لان مثقف الداخل هو المثقف الحقيقي بمعنى الكلمة ,فمن مزايا اي مثقف هي انسانيته وحب لشعبه لذا فأن اي مثقف يعيش في وطنه يهب خبراته مجانا لابناء شعبه كي يستفادوا من مخزونه الذهني وبالتالي ارشادهم الى طريق الصواب ,فهو يعطي كل طاقته من اجل الناس..اما اذا كان الانسان الواعي المثقف قد اضطر الى هجرة بلاده لدواع امنية فلا بأس ,ولكن هل جميع المثقفون وخصوصا في العراق ممن هاجروا لديهم احترازات امنية ,انا اقول كلا ,والدليل اننا نرى الكثير منهم يعود مثلا للعراق لشهر او اثنين ومن ثم يبدأ التذمر بعدم وجود كهرباء او ماء او متطلبات الحياة الاساسية ,ولا اعرف اي مثقف هذا الذي لايعيش هموم شعبه في الداخل وهو يدعي الثقافة(الكهرباء والماء حالت بينه وبين وطنه)!
اني بالتاكيد ارفض مساواة مثقفي الخارج بالداخل ,فشتان مابين احد يعاني هموم الوطن بالاحتكاك الدائم معه واخر يعاني تلك الهموم بطعم رفاهية المنفى الذي يدعي!
كما ارفض ان نقارن كامل شياع (مثلا) بغيره ممن اصروا على البقاء بحجج واهية كهيمنة الاسلام السياسي على السلطة وماشابه من الحجج الغير مقنعة
.. التصعيد بين إسرائيل وإيران: ما الدور الذي تلعبه الولايات الم
.. صحيفة إسرائيلية: -القتال الصعب في لبنان مع قوة الرضوان في حز
.. خامنئي: إن أي ضربة ينزلها أي شخص أو مجموعة بإسرائيل هي خدمة
.. إسرائيل - حزب الله: ما الذي تغير في الخطط العسكرية عن حرب 20
.. فواز جرجس عن رد إسرائيل على إيران: علينا توقع الأسوأ.. ونتني