الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإبداع وصراع الغربة !

سلمان ع الحبيب

2010 / 1 / 24
الادب والفن


الغربة التي يعيشها المبدع هي غربة الفكر فهو يفكّر ويحلّل ويقوّم بعيداً عن
ثقافة مجتمعه وبنظرة مختلفة عنهم فهو كما يقول جبران ذو عين ثالثة ترى في
الطبيعة ما لا تراه العيون وأذن باطنية تسمع من همس الأيام والليالي ما لا تعيه
الأذن .

تلك النظرة هي التي تجعل من المبدع غريباً يصارع الحياة ويسير عكس التيار ممّا
يولّد لديه معاناة لا يكاد يحتملها لذا يقول أحد شعراء المهجر :
وغربة الفكر في دار يمجّدها أقسى على الحرّ من فقدان ناظره
ومن هنا يبدأ المبدع في البحث عن مكان أو مجلس يرى فيه أحداً يحمل شيئاً مما
يحمله ؛ لذا نجد المبدعين يبحثون عن منتديات ثقافية بل يسعون لتكوينها والأمثلة
على ذلك في الأدب كثيرة فها نحن نجد الرابطة القلمية التي تكوّنت في أمريكا
الشمالية والتي برز فيها إيليّا أبو ماضي قد أسهمت في خلق اتجاه شعري وفكر أدبي
مستقل في المهجر، وكذلك العصبة الأندلسية في أمريكا الجنوبية والتي برز فيها
رشيد الخوري . وشبيه بهذا الجو الثقافي المغترب يطالعنا منتدى (مي زيادة ) التي
أسست ندوة أسبوعية فى القاهرة عرفت باسم (ندوة الثلاثاء), جمعت فيها صفوة من
كتاب العصر وشعرائه لمدة عشرين عاما , وكان من أبرزهم: عباس محمود العقاد وأحمد
لطفي السيد, ومصطفى عبد الرازق, , وطه حسين, وشبلي شميل, ويعقوب صروف, وأنطون
الجميل,و مصطفى صادق الرافعي, و خليل مطران, و إسماعيل صبري, وأحمد شوقي. وقد
كوّن العقّاد مجموعة الديوان التي تضم عبد الرحمن شكري وعبد القادر المازني
مستفيدين جميعاً من الأدب الإنجليزي ونقده ولا سيما آراء الناقد (هازلت) الذي
تأثّر العقّاد بأسلوبه في النقد تأثراً كبيراً ، ولا يفوتنا في هذا المجال
الدور الذي لعبه أحمد زكي أبو شادي في تكوين جماعة أبولو التي انضمّ إليها
إبراهيم ناجي وعلي محمود طه آخذين من الأدب الغربي ما يرفع مستوى الشعر العربي
وإذا خرجنا عن تلك الجماعات الشعرية لنجد مجالات الأدب الأخرى فإننا نلقى
جماعات لا تقلّ عن الأولى في تكوين المفاهيم الثقافية المتقاربة من خلال هذه
اللقاءات التي تمتص حالة الصراع فنجد أن ( نجيب محفوظ ) في مقهاه مع مجموعة من
الأدباء الذين يلتفون حوله ليتدارسوا معه أبواب القصة و الرواية وقضايا الأدب
والنقد قد أسهموا في إثراء أنفسهم والتنفيس عن شعور الاغتراب الذي يختنقون به ،
ولعلّ المقاهي كانت من أهم المجالس غير الرسمية التي أسهمت في امتصاص هذه
الغربة وفتحت للمبدع مجالاً ليتنفّس من هواء نقي يجعله يقاوم ما يكدّر صفو جوه
من تلك البيئة المملوءة بذرات كثيفة من الغبار والأوبئة وكانت هذه المقاهي لها
نفس الأثر في العالم الغربي أيضاً فالمشاعر الإنسانية واحدة فما يضيق به العربي
في إبداعه يضيق به الغربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع