الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعثات ضباط الشرطة المصريين لأمريكا للتدريب على التنصت مستمره منذ ثمانييات القرن الماضي

عماد فواز

2010 / 1 / 24
حقوق الانسان


قضية التنصت على المرشحين الشعبيين لرئاسة الجمهورية هي قضية عامة أطرحها وأوجهها إلى الرأي العام وإلى أجهزة الدولة للنقاش والرد عليها لتوضيح الحقائق لي وللرأي العام وليس الهدف من هذا الطرح أن أنال من سمعة مؤسسة خدمية وطنية أو أي مؤسسة على الإطلاق طالما تحترم هذه المؤسسة حقوق المواطنين وحرياتهم وحياتهم الخاصة وأيضا ليس ضمن أمنياتي أن تنال مني أي مؤسسه في الدولة لمجرد أنني استعملت حقي في التعبير لممارسة دوري في مد القارئ بالمعرفة التي هي حق أصيل له وكفله له ولي الدستور.

جون مايتون الكاتب والباحث الأمريكي ومراسل وكالة الأنباء رويترز في القاهرة آواخر ثمانييات القرن الماضي كتب دراسة وافية حول التنصت على المواطنين في الدول العربية وخاصة مصر التي يعلم عنها الكثير بسبب طبيعة عمله بها لأكثر من عشر سنوات شاهد ولمس خلالها الكثير والكثير حول أمور تخص الحريات وحقوق الإنسان وممارسات الحكومة العسكرية – على حسب تعبيره – في حق المواطنين المدنيين العزل والذين لا يطمحون سوى في العيش الكريم، وأطلق على دراسته عنوان " التجسس في مصر.. جريمة بلا أدلة ولا عقوبة" مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تنادي بالحريات هي المعلم والدول العربية وخاصة مصر المنادية بالديمقراطية هي المتلقي لهذا العلم وكلا الدولتان يطلقان شعارات الحرية ويتدربان على التجسس على المعارضين والشخصيات العامة والبارزة والناشطة سياسا.

دارت دراسة مايتون حول أشكال المراقبة والتجسس والتنصت على المواطنين في مصر من قبل الحكومة في ثلاثة محاور رئيسية، المحور الأول تحدث فيه عن التبادل الشرطي بين الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية ثمانييات القرن الماضي وحتى الآن وما ترتب عليه من تقدم وتحديث لبرامج التنصت والمراقبة للمعارضين والشخصيات البارزة في المجتمع المصري، والمحور الثاني جاء فيه أشكال ووسائل المراقبة "التتبعية" للأفراد بحسب التدريبات التي تلقاها الضباط المصريين في الولايات المتحدة الأمريكية خلال أكثر من ثلاثين عام، وما جاء بتلك البرامج التعليمية والتدريبية من خطط ووسائل مراقبة ومتابعة، أما المحور الثالث فقد دار حول وسائل التنصت على الوسائل السمعية والمرئية والمحادثات الهاتفية للمواطنين وما شمله البرنامج التدريبي الأمريكي من إمكانات وخطط لمراقبة المواطنين.

يقول مايتون في المحور الأول للدراسة أن مصر كانت قد وقعت آبان عهد الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات على إتفاقية تعاون شرطي – بين أجهزة الشرطة- بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر في بداية ثمانييات القرن الماضي، وبناء على هذه الإتفاقية أرسلت وزارة الداخلية المصرية مجموعة من الضباط لتلقى التدريبات في الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من بين ضباط الدفعة الأولى هذه اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية الحالي، وقد تلقت فرقة الضباط تدريبات على أساليب المراقبة التتبعية والتي تعتمد على تتبع الشخص ومراقبة تحركاته وخطواته، بالإضافة إلى وسائل التنصت ومراقبة المكالمات الهاتفية ومشاهدات التليفزيون والكمبيوتر والإنترنت، وأستمرت الدورات والتدريبات منذ ذلك الحين وحتى اليوم لمواكبة التطور التقني سواء في وسائل التنقل أو وسائل الإتصال والتكنولوجيا المرئية والسمعية.

ويضيف مايتون في المحور الثاني للدراسة أن وسائل المراقبة "التتبعية" طبقا للمنهج الأمريكي المتبع في مصر والذي يطبقه قيادات شرطية تلقت تدريباتها في أمريكا، تنقسم إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول وهو المراقبة الثابتة، ويعتمد على وضع أشخاص سريين في نقط ثابته معروفة لبعضها البعض ويعتمدون في التواصل فيما بينهم على أجهزة الإتصال اللاسيلكية، وتبدأ نقط المراقبة من أمام منزل الشخص المستهدف وتنتهي أمام عمله، وكل نقطة من نقط المراقبة تحمل رقم كودي ويتم إبلاغ رقم النقطة بواسطة حكمدار النقطة إلى القيادة فور مرور الشخص المراقب من أمامها لتتولى النقطة التالية ترقبه والإبلاغ فور مرورة منها لتنتهي بالنقطة الأخيرة أمام عمله، وهذه الطريقة يتم إتباعها مع الشخصيات القليلة الحركة والتي لا يعتبرها جهاز الأمن خطر على أمن الدولة ولكن هي شخصيات من الواجب مراقبتها لمعرفة تحركاتها مثل الوزراء والمحافظين والقيادات المؤثرة في الدولة في الوزارات السيادية، وغالبا ما يعتمد الجهاز الأمني على وسيلة مراقبة أخرى معاونه لنقط المراقبة لرصد التحركات خارق نطاق النقط الثابته في حالة حدوثها وهي تحركات نادرة الحدوث، ويراعى في هذه الطريقة الرقابية ان يتم تغيير أراد النقط الثابته بين الحين والآخر لعدم ملاحظة سكان المناطق الموجودين بها لهم أو الشخص المراقب.

والقسم الثاني هو المراقبة السيارة، وهي عبارة عن تولي المراقبة لدوريات راكبة تعتمد على سيارات خاصة عادية لا تحمل لوحات أو معالم شرطية أو دراجات بخارية عادية تحمل لوحات مدنية مثل باقي السيارات أو الدراجات البخارية، وهذه الوسائل يتم تبديلها بصفة منتظمة لتتولى ملاحقة الشخص الموضوع تحت المراقبة فور خروجه من منزلة لحين عودته، وهذه الوسيلة لها طريقتان الأولى المراقبة "المفصلية" وهى أن يتولى المراقبة مجموعة من السيارات والدراجات البخارية من نقطة معينة ومحددة إلى نقطة أخرى محددة ليتولى بعدها فريق آخر لنقطة أخرى محددة ثم يتولى فريق ثالث المراقبة ثم الرابع وهكذا لحين عودة الشخص المراقب إلى منزله لعدم تمكنه من ملاحظة السيارات والدراجات المتولية مراقبته ،وهذه الطريقة يعتمد عليها الجهاز الأمني مع الشخصيات التي يراها خطر عليه وكثر التنقل والحركة، ويجب أن لا تغيب لحظة واحدة عن المراقبة، أما الطريقة الثانية فهي الطريقة "الفردية" وهي أن يتولى شخص واحد او مجموعة من الأشخاص يستقلون أكثر من وسيلة تنقل "دراجات بخارية وسيارات" مراقبة الشخصية المراد مراقبتها منذ خروجها من المنزل وحتى عودته دون أي تغيير أو تبديل وهذه الطريقة تتم مع الأشخاص الخطرين على أمن النظام لكنهم قليلين الحركة والتنقل.

اما القسم الثالث من أقسام المراقبة طبقا للبرنامج التدريبي الأمريكي فهو "المراقبة المزدوجة" وهي عبارة عن نقط مراقبة ثابته يتم توزيعها بشكل دوري ومتغير بحيث لا يمكن رصد مكانها مع مراعاة تغيير الأشخاص والأفراد أيضا بشكل مستمر وهذه النقط تتولى رصد الشخصية المراقبة والإبلاغ عنها للإدارة فور مرورها من أمامها لتتولى النقطة التالية المتابعة، ويتم الإعتماد على وحدة "سيارة" للمتابعة في حالة تغيير خط السير عن النقط الثابته المتبعة لحين عودة الشخصية المراقبة لخط السير أو أول نقطة مراقبة ثابته، وهذه الطريقة يتم إتباعها مع الشخصيات الحكومية أو القيادات في الوزارات السيادية أو المحافظين الكثيرين التحرك والذين يقتضي عملهم الخروج خارج نطاق المراقبة أو خط السير التقليدي المتبع من المنزل إلى العمل.

أما المحور الثالث في دراسة مايتون حول التجسس كجريمة بلا دليل أو عقاب في مصر فقد جاء فيه أنه طبقا للبروتوكول التعاوني الذي يقضي بتلقى قيادات الأمن المصريين لعلوم التجسس والتنصت والمراقبة لتطبيقها في مصر، فإن أفراد بعثات الضباط المصريين قد تلقوا منذ ثمانييات القرن الماضي تدريبات حول كيفية مراقبة الهواتف "الثابته" وكان هذا القسم من التدريب سهل بعض الشيئ عن الآن وذلك لكون وسائل الإتصال كانت ضئيلة الإمكانات وكان الهاتف الثابت هو الوسيلة الوحيدة للإتصال وبالتالي فإن المراقبة الهاتفية كانت سهله للغاية، ومع حلول تسعينيات القرن الماضي بدأت وسائل التنصت عبر " الأقمار الصناعية" بحيث تتمكن أجهزة الأمن من التنصت إلى أحاديث الأشخاص المراد مراقبتهم في حالة تحدثهم أمام جهاز "تليفزيون وريسيفر دش"!، وهذه الوسيلة أضافة قليلا لجهاز الأمن بحيث مكنت الجهاز من رصد التحركات بسهوله نتيجة تصريح الأشخاص المراقبة بتحركاتها سواء في الهاتف أو في المنزل وهو طبعا مراقب بواسطة الأقمار الصناعية، ثم مع بداية الألفية الجديدة تحول البرنامج التدريبي الأمريكي إلى ماهو أبعد مما كان عليه من ذي قبل نتيجة تطور وسائل الإتصال وإنضمام وسائل جديدة لقائمة وسائل الإتصال مثل "الهاتف المحمول والبيجار والكمبيوتر المحمول والإنترنت اللاسلكي"، وهي وسائل تم تدريب الضباط المصريين من أفراد البعثات على رصدها وتفريغ محتوياتها يوميا، وهذه الوسائل يتم مراقبتها عن طريق شركات المحمول والثابت والإنترنت العاملة في مصر رغما عنها لآحتواء الترخيص على بند يسمح لأجهزة الأمن بالتنصت على أي رقم ترغب في رصد محتويات خطه المحمول أو الثابت – بعد خصخصة شركة التليفون الثابت – وتتم هذه المهمة – مراقبة الأشخاص- عن طريق وحده تم تأسيسها بكل شركة محمول أو ثابت أو إنترنت تسمى مجازا "وحدة المراقبة أو المتابعة" وهذه الوحدة يعمل بها مجموعة من الأشخاص مهمتهم رصد مكالمات ورسائل الشخص المراد مراقبته أولا بأول وتفريغها وإرسال تقرير فوري بما تحتويه المكالمات والرسائل إلى أجهزة الأمن، كما يتم عن طريق الهاتف المحمول أو الإنترنت الهوائي تحديد موقع الشخص المراد مراقبته بالضبط وبدقه متناهية، كما يتم إلزام شركات تصنيع أجهزة الهاتف المحمول بوضع رقم تسلسلي لكل جهاز بحيث تتمكن شركات الهاتف المحمول "الخطوط" من رصد كافة الخطوط التي يتم تركيبها على نفس الجهاز الذي يستخدمه الشخص المراد مراقبته، كما تتدخل نوعية جهاز الهاتف المحمول و "ماركته" في مدى دقة المراقبة وتحديد موقع الشخص المراد مراقبته وأيضا الإستماع إلى محادثاته سواء كان الخط مفتوح أو مغلق ولا يشترط أن يكون الجهاز في وضع مكالمة هاتفية لكي يرصد أصوات الأشخاص المراد مراقبتها، إنما يمكن ذلك أيضا في حالة أن خط الهاتف مغلق طالما الجهاز به شحنات كهربائية "باور" وشبكة إتصال بالشركة، وبالتالي فإن ماركات الأجهزة الرديئة مثل الأجهزة الصينية المنتشرة بالأسواق العربية حاليا لا تمكن شركات المحمول من متابعة الخطوط التي يتم إستخدامها على الجهاز لعدم إحتوائها على رقم تسلسلي " Serial number" وأيضا ردائة وحدات إستقبال الشبكات لا تساعد على تحديد موقع الشخص المراد مراقبته تحديدا كما لا تتمكن وحدات المراقبة من الإستماع إلى الأحاديث المجاورة للجهاز دون فتح الخط، ونظرا لكون الشخصيات الخاضعة للمراقبة هم سياسيين بارزين ورجال أعمال وموظفين كبار بالدولة فإن أجهزتهم المحمولة بالقطع من ماركات جيدة جدا وباهظة الثمن ومن ثم فإن مراقبتهم تتم بشكل جيد وبدقه متناهية!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا


.. مخاوف إسرائيلية من مغبة صدور أوامر اعتقال من محكمة العدل الد




.. أهالي الأسرى الإسرائيليين لدى -حماس- يغلقون طريقاً سريعاً في