الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياديون، الفدراليون و الجمهورية الفرنسية السادسة

بودريس درهمان

2010 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


الفدراليون الفرنسيون أصبحوا حاليا في مواجهة مفتوحة مع ما يمكن تسميته بالسياديين الفرنسيين أي أولائك الذين يريدون العودة بالسيادة الفرنسية إلى ما قبل انضمام فرنسا إلى الاتحاد الأوروبي. السياديون فازوا في الاستفتاء على دستور الاتحاد الأوروبي حينما صوت اغلب الشعب الفرنسي بلا؛ و الفدراليون، فازوا باحتلال مناصب مالية و إعلامية عدة...
التصويت الفرنسي بلا على دستور الاتحاد الأوروبي يوم 29ماي2005 هو انتصار للسياديين على الفدراليين. السياديون الفرنسيون هم جميع الأطياف السياسية التي لا زالت تمانع ضد الذوبان الكلي بداخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي...
السياديون الفرنسيون يعتبرون بان خصومهم الحقيقيون بداخل الاتحاد الأوروبي هم الألمان؛ لهذا فهم لا ينعتونهم حتى بهذا الاسم، أي الألمان، إنهم يفضلون تسميتهم بالجرمان، بكل ما تحمله هذه التسمية من تلميحات تاريخية مقيتة.
صعوبة مواجهة السياديين للفدراليين الفرنسيين ابتدأت بالتحديد مع حكومة اليميني جان بيير رافاران سنة 2002 حينما قامت بتعديلات تمس نظام الجهات الفرنسية.
بفضل هذه التعديلات استطاعت سنة 2003 جهة الالزاس الحصول على استقلال خاص يخول لها التفاوض مباشرة مع عاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسيل و بدون المرور على حكومة باريس. بالنسبة للسياديين الفرنسيين هذا التفاوض المباشر لمنطقة الالزاس هو بمثابة فقدان لهذه المنطقة...
السياديون الفرنسيون تكبدوا خسائر كبيرة من تعديلات جان بيير رافاران والاشتراكيون الفرنسيون معظمهم يعقوبيون سياديون. لهذا يحاول ذوو القناعات الأطلسية منهم بالخصوص توجيه الأنظار نحو اتجاه أخر. اتجاه يجعل الفرنسيين على الأقل ينسون قليلا هموم قضايا الاتحاد الأوروبي و يوجهون اهتمامهم نحو صلاحيات رئيس الجمهورية الفرنسية...
لهذه الأسباب حدد بعض الاشتراكيين الفرنسيين أولوياتهم في معالجة اختصاصات رئيس الجمهورية وقد استندوا في ذلك على معطى تاريخي ذو دلالات قوية. استندوا على موقف فرانسوا ميتران حينما صوت بلا على دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة احتجاجا على صلاحيات رئيس الجمهورية آنذاك الجنرال دوكول.
غريب أمر الاشتراكيين يرفضون كثيرا و في الأخير يقبلون بكل شيء، فرانسوا ميتران صوت بلا على دستور فرنسا لسنة 1958 وأصبح سنة 1981 رئيسا للجمهورية الفرنسية الخامسة في ظل نفس الدستور.
سنة 1964صدر كتاب فرانسوا ميتران " الانقلاب الدائم". الانقلاب الدائم هي التسمية التي فضلها الزعيم الاشتراكي لنعت الجمهورية الفرنسية الخامسة.انه يرى في هذه الجمهورية استيلاء دائم على السلطة بواسطة الرئيس دوكول، خصوصا وان هذا الأخير قد خلف وعده حين طمأن الفرنسيين بلعب دور الحكم بين كل الفرنسيين.
في الكتاب المكون من 285صفحة ينتقد فرانسوا ميتران سياسة الجنرال دوكول قائلا:
"إنني أسمي نظام الجنرال دوكول بالنظام الدكتاتوري، لأنه في آخر المطاف هو كذلك، يتجه و بشكل مستمر إلى تقوية سلطاته الشخصية..." يضيف فرانسوا ميتران" إنني لا اتهم الجمهورية الخامسة بأنها نظام بوليسي لأنها تتستر فقط على كمشة من البوليس و لكن اتهم الجمهورية الفرنسية الخامسة بذلك لان أصلها، تقاليدها، طموحها و نظامها السياسي يفرض عليها ممارسة الرقابة بطرق خاصة بها...رقابة على كل حالة و رقابة على كل خلية في البلاد ...وزير الجمهورية الفرنسية الخامسة الأول الحقيقي هم البوليس. المواطنون يعرفون هذا بالتجربة لآن البوليس لا يقوم فقط بالتنصت عبر الهاتف ويقرا المراسلات وينصب فخوخا للمواطنين و لكنه أيضا يوجه اللكمات و يطلق الرصاص....انه تاكتيك واضح: لربح رهان المبادرة تقوم السلطة بفرض الحدث كما تريده"
ميتران بمجرد وصوله إلى الرئاسة سنة 1981 قام بإلغاء "محكمة امن الدولة".
محتوى الكتاب، أرائه و الأفكار التي تضمنها نسيها الفرنسيون و لم تعد تعنيهم بل و لم تعد تشكل بالنسبة إليهم الحدث المهم؛ لكن هنالك من سيعيد أحياء الذكرى و سيعيد طبع الكتاب من جديد.
صاحب عملية الاحياء هذه هو الناطق الرسمي باسم سيكولين روايال إبان الانتخابات الرئاسية الأخيرة، السياسي الأنيق و الاشتراكي المهذب ارنولد مانتيبورغ. هذا السياسي الاشتراكي الحاد في المواقف تجري في عروقه دماء جزائرية لآن والدته هي ليلى ولد القاضي الكاتبة الفرنسية و أستاذة اللغة الأسبانية...
أرنولد مانتبورغ بعد نضاله في الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا التحق بالحزب الاشتراكي الفرنسي واختير سنة 2000، كواحد من القياديين الشباب من طرف المؤسسة الفرنسية الأمريكية "فاف" تماما كما حصل لفرانسوا هولاند سنة 1996
"الآلة المخادعة" هي المرافعة السياسية التي نظمها ارنولد منتيبورغ من اجل فرنسا سنة 2000 و قد تلقت استحسانا كبيرا من طرف بعض رجال القضاء و السياسة الذين حولوها مباشرة إلى ثلاثين مقترح مطلبي. هذا المقترح المطلبي هو الذي سيشكل في ما بعد البرنامج السياسي لجمعية "معاهدة من اجل الجمهورية الفرنسية السادسة".
سيكولين روايال هي إحدى المدافعات الشرسات عن الجمهورية الفرنسية السادسة لقد صرحت للقناة التلفزية للجمعية الوطنية الفرنسية(البرلمان):" أريد أن تتم عملية تهييء المؤسسات الجديدة خارج مكاتب الوزراء و خارج الدوائر الضيقة لرجال القانون، أريد أن يتم تهييء مشروع الاستفتاء من طرف لجنة تأسيسية"
دستوريا رئيس الجمهورية الفرنسية هو الذي له الحق في تقديم مشروع الاستفتاء، لقد تم تأويل تصريح سيكولين روايال بمثابة دعوة إلى ثورة جماهيرية ثانية.
جاك لانك المستشار الخاص لسيكولين روايال أحس بانزلاقها التشريعي الخطير فصرح للصحافة إن كل ما تعنيه من ذلك التصريح هو ليس لا اقل ولا أكثر إشراك البرلمان في صياغة مشروع الاستفتاء...
الاشتراكيون الفرنسيون يعملون كل ما في جهدهم لتفادي القضايا الفدرالية لهذا فإنهم يحاولون توجيه الاهتمام إلى اختصاصات رئيس الجمهورية المتآكلة بفعل قوانين الاتحاد الأوروبي "الفدرالية". ألا يذكركم هذا بالشعار الأخير الذي رفعه الاشتراكيون المغاربة"من أجل ملكية برلمانية" !؟

الإمضاء: بودريس درهمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران