الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لحسن لفرساوي : سريالية اللون و الحرف

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي

2010 / 1 / 24
الادب والفن


غريبة هي الروح و دافئة في الحزن كما في الفرح , ممارساتها الملحة للسؤال و الحلم لا تكف عن التطور و التصور , حتى لتشمل كل ما يعمق ارتباطنا بدواتنا . من البساطة و الدقة إلى الفوضوية و العنف , تنبعث الروح من نفسها و تتجدد مع كل إشراقة و صرخة و تفتح زهرة , في رحلة البحث عن إجابات يتسنى للإنسان معها مواصلة المسير . من هذا المنظور يبرز الفن كأرقى مظاهر التعبير و التفاعل الحسي التي لا مناص منها في سمونا ككائنات لها مكانتها الخاصة , و من ذات المنظور , يتخذ الخطاط و الفنان التشكيلي المغربي لحسن لفرساوي من أعماله ساحة لجدال الروح و وعي الحروف .

كأي فنان ملتزم مرهف الحس , يحلم لحسن لفرساوي قدر المستطاع , و يصرخ كلما سنح بذلك الألم , محاولا اختراق الذات و الجماعة إلى الإنسان في بعده الكوني . يعتمد على وسائل و أدوات بسيطة , و قدرة عجيبة على إبداع و تحقيق وجود مادي لمعان و أحاسيس نتعايش معها دون تفسير.
لهذا يبرز الحرف مرادفا للون , و الستائر بنفسجية , و النافدة مفتوحة على كلمات تلملم أطرافها من أزمنة بعيدة, و الجسد أمام الضربات و الهزائم , كإحياء نبيل لعناصر و خصائص جمالية تستمد فنها من شرودها و هويتها العربية و فضائها الإنساني . و حين يطلق العنان لمخيلته يبعثر الأبجدية و يجعل الأجساد اليابسة ترثيها , أو يتواطأ مع هواجسه ليجعل أوجاع عالم بأسره محطمة في هيئة شجرة تتعرى لكثبان الرمل أو كمان تغلفه موجات البحر . و بشكل تدريجي تتبدد مأساوية المجهول , ليظهر الحب كإيمان عميق و رفض دفين لكل ما هو مادي . و تلك النزعة المطلقة للإنسان , تحرك في لحسن لفرساوي رغبات جامحة في الذوبان في روحه بعيدا عن الزمان و المكان , لا يهدأ من روعها إلا مقارعته لوجدانه , و تكرار الإيماءات و الرسائل التي تحفز حواسنا الذهنية للتفكير و التحليل حسب حدس دافئ , يربطنا أكثر بعمله الفني .

و في نتوءات الضوء و تعرجات الألوان ... في لوحاته , حضور قوي لسلفادور دالي , من خلال الأجساد الأقرب إلى الفزاعات و الوجوه المبهمة المزهوة بأحد الأبيات الشعرية أو الحكم القديمة . و عوالمه السريالية اللامتناهية في غموضها , تعكس نضجا حسيا و فنيا يعترف باللاوعي كمنطلق واحد و وحيد لتفسير الأحداث و الظواهر الملازمة لحياة الإنسان . لهذا تترك أعماله بحكم ما تحمله من تجارب و أحاسيس مرة قد يكون المرض و الواقع العام أحد علاماتها البارزة , في ذاكرة متأمليه وشما معقدا و قاتم العوالم , غير مفهوم , يشبه في كينونته الفراغ , سرعان ما يتحول عند كل وقفة صامته أمام إنسانيتنا إلى كيان متحرك من الانطباعات القوية و المتقلبة , قد تجرد كل مفاهيمنا السابقة عن الفن و الجمال , من قالبها الشكلي .

تحكم الروح بمجال الريشة و مسارها , يحتم على الحرف العربي توظيف كامل مخزونه المعرفي فوق الواقع , مما يقيم علاقة سحرية بين اللون و الحرف . علاقة نجح الخطاط و الفنان التشكيلي المغربي لحسن لفرساوي إلى حد بعيد , في صياغة تفاصيلها المميزة تحت تأثير نفسي يشرح صارخا مخاوف الفنان و ألامه و حتى تطلعاته . و في اعتباري الشخصي المتواضع جدا فقد تمكن ببراعة من تجسيد الصورة المثلى لتناغم محور اللاوعي .. الريشة و القلم , و الواقع الحي لسريالية الروح و اللون و الحرف , من منظور يعمق ارتباطنا بداوتنا , عبر الممارسات الملحة للسؤال و الحلم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسطورة الخلق ترصعها بالنجوم كف صعلوك
محمد نور الدين بن خديجة ( 2010 / 1 / 24 - 16:15 )
الشاعر والصديق العراقي المغربي..محبتي وتقديري
لاينصف المتألم والمستفرد بالوحشة والصعلكة الا من عانى الوحشة والاقصاء
والنبذ..ذاك هو الفنان العميق سليل الشنفرى وفان جوخ وغويا...وذاك هو الشاعر المطارد المطرود بعيدا عن دجلته ونخيل بغداده...لحسن الفرساوي وعلاء هي المحنة نفسها هو الوطن نفسه الذي يخون احبته وعشاقه.احييك على هذه الالتفاتة نحو واحد من العشاق الكبار الذي زوج عشقه بشيوعية انسانية لمتتهاوىتحت ضربات التخندقات الحلقية والارتدادات المخزية.هوالعاشق الذي زاوج تشكيلاته وحروفياته بابيات للصعاليك والمنبوذين من امثال الحلاج وابن عربي...وشخصيا احتفظ بلوحة رائعة ذيلها بمقطع مذهل للصعلوك الكبير مظفر النواب.لحسن الفرساوي الذي لم يجد في يوما من الايام ثمن فررشاة الصباغة فكان منه ان قص ذيل حمار في غفلة من صاحبه الحوذي..لحسن الفرساوي الذي...والذي...حكايات كثيرة وذكريات مريرة ومثيرة.اتمنى ان استطيع تدوينها يوما لانها تلخص حياة اكثر من فنان واكثر من مناضل واكثر من انسان.
تحياتي لك ما عانقت جبال الاطلس نخيل العراق/صديقكما نور الدين


2 - وحدها الأشباح تعرف الفرح
علاء كعيد حسب ( 2010 / 1 / 24 - 20:20 )
المناضل و الزجال و الصديق الغالي محمد نور الدين بن خديجة
كلماتك التي رافقت كلماتي في أفق صديقنا لحسن لفرساوي , إضافة أخرى للنص , الذي لم و لن ينصف الفنان الذي وهب الكثير من روحه و جسده لهذا الوطن الكافر بأهله و هويته . و حين أتذكر دون وعي مني لفرساوي , أشعر بالقشعريرة, ربما يشكل وجها من وجوهنا و مصيرا محتملا و ممكنا قد نناله , إحساس يبعث الخوف في المرء... وحده يجيد الصبر و كما تعلم أيها العزيز , استطاع الخطاط و الفنان لحسن لفرساوي الحفاظ على انسانيته رغم البشر , دون أن يخون كلمة أو أمنية أو زهرة ... و ما أتمناه , أن ينال هذا الفنان النبيل مكانته الحقيقية , لأنه دفع ضريبة من دمه للوطن و الإنسان . شكرا لحضورك الراقي في نصي و روحي , و دمت جميلا كعهدي بك أيها الجميل ..
صديقك الذي لا يعرف طريقا إليك : علاء كعيد حسب

اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في


.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد




.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض