الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم أرزق ولداً

زهير قوطرش

2010 / 1 / 24
الادب والفن



تقدمت الممرضة وهي تبتسم ,ثم اقتربت منه قائلةً ...مبروكٌ عليك الولد , زوجتك وابنك المولود صحتهم عال العال.
بدون شعور فتح يديه ليضم الممرضة إلى صدره من شدة الفرح,وهو يردد الحمد لله .لكنه تراجع واكتفى بشكره لها على هذه الخبرية السارة.سألها هل أستطيع رؤيتهم ,أجابته , الآن لا يمكنك ...فزوجتك بعد العملية القيصيرية ما زالت متعبة , واعتقد أنها نائمة الآن ...يمكنك رؤيتهما ...بعد ثلاث ساعات من الآن على الأقل.
أراد أن يستغل هذا الوقت المتبقي على لقائهما في إعلام الأهل والأصدقاء والمقربين ,بالخبر المفرح ...رزقت ولداً.
من شدة فرحته لم يستطع انتظار المصعد استخدم درج المبنى ,ونزل من الطابق الرابع وكأنه يطير في الهواء.وما أن خرج إلى الشارع ,توقف ونظر الى من حوله ,ودفعته رغبة بأن يقف في وسط الشارع ليصرخ بأعلى صوته ,يا ناس هنئوني رزقت ولداً....نظر بوجوه المارة ,وكأنها كانت على غير عادتها ...الكل يبتسم ,و كانت تعلوا الوجوه فرحة عارمة ...قال في نفسه ,وهل علم هؤلاء بأنني رزقت ولداً حتى يفرحوا لفرحي....لأن الفرحة الشخصية إذا اتسعت دائرة المشاركة الإنسانية فيها ازدادت وكبرت ,وإذا ازدادت المشاركة الإنسانية للحزن الشخصي تقلص وخفت حدته ووقعه المؤلم على الإنسان.
اتجه بسرعة الى سيارته ,فتح باب السيارة ,وقبل تشغيلها ,تذكر أنه عليه أن يخبر الجميع بقدوم ولي العهد ....تناول الموبايل ,وكتب رسالة مختصرة ,رزقت ولداً.....أرسلها إلى كل عنوان موجود في ذاكرة الهاتف. ثم أدار مقود السيارة متجهاً الى مكان عمله ,فأصدقائه وصديقاته ينتظرونه على أحر من الجمر لأنه وعدهم بحفلة عارمة إذا رزق بولد.
فور وصوله إلى مركز عمله ,فتح أبواب المكاتب بالتتابع من بداية الممر ,كلما فتح باباً,أعلم من المكتب بابتسامة عريضة ,رزقت ولداً....وبعد أن انتهى من إخبار الجميع وتقبل التهاني ..دخل مكتبه ,وهو يعد الثواني علّها تمر الساعات الثلاث بسرعة ,ليعود الى دار التوليد ,ويقبل زوجته وأبنه ,يريد أن يضمه ويضمها الى صدره ...يريد أن يحقق رغبة قوية تلبسته بعد أن أعلمته زوجته بأنها حامل ... يريد أن يحمل طفله ويرفعه فوق رأسه ,كما كان يشاهد في الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية.
طلب فنجان قهوة من عامل البوفية ,ورجاه أن يوزع القهوة على حسابه لكل العاملين معه في الدائرة .وأكرمه بمبلغ من المال ,فرفع العامل يديه الى السماء راجياً الله عز وجل أن يديم على ابنه الصحة وأن يتربى في دلاله.
جلس إلى كرسيه خلف الطاولة ,ووضع الموبايل أمامه وهو ينظر الى الوقت يستعجله ,ويرشف بين الحين والأخر رشفة من فنجان القهوة.
رن جرس الهاتف المحمول ,رفعه بسرعة دون أن ينظر إلى رقم المتصل....وإذ بصوت الممرضة على الطرف الأخر.... لم يتمالك نفسه .سألها هل يمكنني زيارتهم الآن ....صمتت الممرضة ..وبصوت حزين ...قالت له ....العمر لك...جمدت الكلمات على شفتيه ...وكأن العالم الواسع الجميل الذي رآه قبل ساعتين قد تقلص واصفرت ألوانه..وخانته قواه ,ليسأل من الذي انتقل الى رحمة الله زوجتي أم ابني....لم تتركه الممرضة طويلاً في صراعه النفسي... فأخبرته أن ولده ...ولِدَ بعاهة في القلب...حاول الأطباء جهدهم علاجه...لكن مع كل أسف ....لم تسعفهم الأقدار...ومات...
وضع الموبايل على الطاولة ,وارتمى على مقعده ,وذرف دمعتين ,وصمت بحزن عميق ...وكأن شيئاً من جسده قد فارقه إلى الأبد. تناول الموبايل من جديد ....وعدل الرسالة التي أرسلها ....وكتب لم أرزق ولداً....وأرسلها للجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالدموع .. بنت ونيس الفنانة ريم أحمد تستقبل عزاء والدتها وأش


.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان




.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي


.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح




.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص