الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاريخ بالتماهي و التاريخ بالتماثل

بودريس درهمان

2010 / 1 / 26
العولمة وتطورات العالم المعاصر


بناء التاريخ بالتماهي ليس نكتة و لا حتى بدعة من البدع المعروفة، انه حقيقة وأمر واقع؛ هذا ما يتضح من وضع الدول التي كانت إلى زمن قريب ترزح تحت قبضة الاستعمار. القوة الحضارية لهذا المستعمر والصورة النمطية التي استطاع تسويقها و تثبيتها في الأذهان ساعدته على جعل الآخرين من الشعوب المستضعفة تتوق إلى عملية استنباط هذه الصورة النمطية سواء على مستوى بناء المؤسسات أو على مستوى صياغة الدساتير و القوانين الجنائية بالإضافة إلى توطين اللغات الأجنبية وترسيمها بداخل المناهج التربوية. الصورة النمطية للأقوياء قوية في كل شيء، في اللباس في الأكل في المؤسسات، في الأزقة في كل شيء، والاعتقاد بان هذه الشعوب، التي ترزح تحت قبضة هذه الصورة النمطية، تتوق إلى شيء آخر غير ملذات وعائدات استيهامات هذه الصور، هم مخطئون، ومهما فعلوا لإقناع شعوبهم بتوفرهم على بدائل حضارية جاهزة فإنهم سوف لن يفلحوا لان البدائل الحضارية تتم بالتجاوز وليس بالنكوص. دول مثل المغرب، الجزائر موريتانيا، السنغال، الكامرون، تونس وغيرها من مستعمرات فرنسا السابقة حققت مكتسبات وإنجازات تاريخية من جراء استنباطها لهذه الصورة النمطية. لقد حققت مهام التحرر من الاستعمار، لكن حققت مكتسبات وإنجازات بالتماهي فقط. بالنسبة للسنغال، الكاميرون، الكابون، بفعل تماهي دساتير هذه الدول مع دستور فرنسا أستطاعت هذه الدول أن تصبح لائكية، بمعنى أصبحت قادرة على تحييد الدين من الصراع السياسي و الإيديولوجي، واستطاعت تربية أجيال مؤمنة ومتدينة بداخل أنظمتها الاجتماعية والتربوية بدون أن تلجأ إلى الحقن العقائدي المكثف الذي يصنع في آخر المطاف قتلة ومتفجرين. لم نسمع بسنغالي مسلم فجر نفسه، ولا بمالي مسلم قتل أخاه، ولم نسمع إلا بمغاربة وجزائريين ويمنيين وسعوديين ومصريين وأردنيين يتهافتون على الموت مؤدين ضرائب المبالغة في توظيف شحنة الدين والعاطفة
دول أصبحت لائكية وبدون أن تؤدي ضريبة حروب تحييد الأديان من الصراع السياسي اليومي ودول لازال مواطنوها يؤدون هذه الضريبة مثل: الجزائر، تونس، مصر، المغرب. هؤلاء الذين يتقاتلون اليوم من أجل فرض تصورهم للعقيدة هم في واقع الأمر يقومون بهذا ليس من أجل خلق دولة دينية كما يعتقدون، ولكن من أجل أن يثبتوا حقيقة ضرورة تحييد الدين من الصراع السياسي اليومي. باستماتتهم هاته سيقتنعون في آخر المطاف بأنه ليس هنالك أروع من أن يتعبد المرء و يقوم بالصلوات بدون أن تكون لديه منافع غير منافع التقرب من الله. الدين لله وليس للسلطة والجاه والمناصب.

التاريخ بالتماثل

إذا كان التاريخ بالتماهي ليس نكتة ولا حتى بدعة فان التاريخ بالتماثل هو نكتة وبدعة يلجأ إليها مروجو الكليشيهات الجاهزة. هنالك من يدعو المملكة المغربية إلى تطبيق النموذج الأسباني، وهنالك من يدعوها إلى تطبيق النموذج الفرنسي؛ بل هنالك من يعتقد أنه استطاع في إحدى اللحظات إقناع الدوائر العليا بنجاعة النموذج الألماني: يرى بعض هؤلاء بان الستة عشرة أكاديمية جهوية للتربية والتكوين هي بداية فقط لاستنساخ النموذج الألماني ...
أصحاب نظرية التاريخ بالتماثل يقتاتون من المساعدات الدولية اللحظية ويوهمون ممونيهم بنجاعة الفكرة
اصحاب هذه النظرية منهم من يعتقد بأنه لكي تستطيع المملكة المغربية إيجاد حلول للمطالب الهوياتية سواء لمنطقة الريف أو لمنطقة سوس أو لمناطق واد نون ومناطق الساقية الحمراء وواد الذهب، ليس على المملكة المغربية إلا القيام بالاقتباس من دستور المملكة الأسبانية ليوم 06دجنبر 1978. يعتقدون أنه بداخل هذا الدستور كل شيء جاهز ويكفي فقط القيام بعملية إسقاط لمنطقة كاتالونيا على منطقة الساقية الحمراء وواد الذهب أو القيام بعملية إسقاط لمنطقة الباسك على منطقة الريف الخ. إنهم بهذه الطريقة يلغون التاريخ الذي هو مكون من مكونات تحديد التدبير الترابي الجهوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو لجنود الاحتياط على الحدود مع لبنان: نقدر خدمتكم ونعم


.. مؤسس موقع ويكيلكس يقر بالتهم الموجهة إليه بعد اتفاق مع الحكو




.. مسيرة حاشدة في كوريا الشمالية لإحياء الذكرى الرابعة والسبعين


.. الشرطة البريطانية توقف 4 أشخاص لاقتحامهم حديقة منزل رئيس الو




.. أخبار الصباح | زوجة نتنياهو تتهم الجيش بمحاولة الانقلاب عليه