الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق اولاً

كاظم الحسن

2010 / 1 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


عند اواخر الخمسينيات وما اعقبها في العقود اللاحقة من القرن الماضي، طاقت في العراق موجة الشعارات الكبرى بعضها يتراوح من البحر الى النهر والبعض الاخر امتد الى ثلوج موسكو في غير شهر تموز اللاهب بحرارته المتقدة، واصوات اخرى اصابها الضمور وهي تتحدث عن العراق بعقلانية، وكانت موضع شبهة واتهام بالشعوبية والعمالة، حيث تم استنفار التاريخ ليشهد لاحقاً مصطلحات اقصائية واستئصالية وتكفيرية منها (المرتدين، الانفال، البيعة، المجوس، قادسية، صدام... الخ)، وفي نفس الوقت كان بعض الاشقاء العرب يتمتعون بحقوق تتقدم على العراقي ابن البلد الذي تركوه يتقدم نحو الحرب (احنا مشينا للحرب!). وفي دولة استبدادية او بالاخرى شمولية، يكون هاجسها الامن، أي ابعاد الخطر عنها عن طريق خلق الازمات والحروب، وحتى تثبت عراقيتك (عليك ان لا تخلع بدلة الخاكي).
فالزواج يمر عبر التجنيد (ودفتر التجنيد الاحمر) ان لم يكن الاعدام بإنتظار من يتخلف عن مشاريع الموت الدائمة (العراقي مشروع دائم للاستشهاد).
وكانت هذه الشعارات المميتة العابرة للقارات والممتدة من الماء الى الماء تحولت في العراق من الدم الى الدم.
فكانت البوابة الشرقية، احدى بوابات الدم وحقول الموت بالوكالة او النيابة عن الامة العربية، وكأن الامة لا تعيش الا بواسطة الحروب ولا تمر الا عبر العراق، واعقب ذلك الموت المجاني الهائل الحصار السيء الصيت على الشعب العراقي، الحصار الاكثر فتكاً في التاريخ، وكان حقلاً للتجارب الدولية والمحلية، لتثبت الاحداث لاحقاً للعالم – وليس للعراقيين – اثراء النظام البعثي البائد واعوانه من دول صديقة وشقيقة من برنامج الغذاء مقابل النفط على حساب معاناة الشعب العراقي.
واليوم يقوم العراق بالحرب نيابة عن العالم، واصبح بذلك الجبهة المركزية للحرب على الارهاب.
في حرب الخليج الاولى كانت الاهداف هي الحفاظ على البوابة الشرقية، اما الثانية، فلقد قايض او استبدل النظام الصدامي تلك الاهداف بوحدة الفرع بالاصل، ومن خلال تداعيات تلك الحرب، تخلى الطاغية عن الفرع وبعض الاصل، وفي الحرب الاخيرة وحسب ما كشفت عنه الوثائق الاميركية، والتي اعلن بعض منها في الصحافة العالمية، ان النظام، لم يكن يعنيه العراق بشيء وكان همه مواجهة انتفاضة الداخل ضد نظامه لتسقط ورقة التوت الوطنية والقومية عن النظام.
هكذا كان ممثل القومية الاوحد في المنطقة والذي مازال متفائلاً وهو داخل القضبان حتى بعد صدور حكم الاعدام بحقه، يجتر نفس الخطابات والشعارات السمجة والتي أكل الدهر عليها وشرب.
نحن نقول لماذا يحق لبعض الدول العربية رفع شعار بلادهم اولاً ولا يحق للعراق ما يحق لغيره من الدول العربية!.
واذكر هنا ان شعار (الاردن اولاً) مثلاً كان عنوان حملة وطنية انطلقت عام 2002، اشتمل الجزء الاعلامي منها اعلانات تلفزيونية واعلانات في الصحف والمجلات ولوحات دعائية في الشوارع، وكان الملك عبدالله الثاني قد اوضح في عدة مناسبات بان (شعار الاردن اولاً) يجب ان يكون القاسم المشترك بين الشعب الاردني بغض النظر عن العقيدة والاصل في سبيل الوقوف امام التحديات التي تعصف بالمنطقة (حسب ما نقلته صحيفة الشرق الاوسط 9973 في الاحد 19/ 3/ 2006).
لقد بات امام الحكومة العراقية، ان تحبوا انظارها اتجاه الشعب العراقي بعد عقود طويلة ومؤلمة من الاستبداد والقهر والمعانات والتضحيات، وتضمد او تداوي جراحه وتعيد اليه البسمة والحياة الكريمة.
يقول الكاتب الكويتي القدير احمد الربيعي: (لقد رفع جمال عبدالناصر شعار تحرير اليمن، بينما كانت مصر بامس الحاجة للغذاء والدواء، ورفعت اطراف فلسطينية فاعلة شعارات التأييد لصدام في احتلاله للكويت بدلاً من الحرب ضد الاحتلال الاسرائيلي واحتج الكثيرون على شعار صحيح طرحه الاردن حين رفع الملك شعار (الاردن اولاً) واعتبروه خروجاً عن العروبة، اليس رفع شعارات كبرى مثل الوحدة والحرية والاشتراكيةمسألة هروب من رفع شعارات صغيرة يمكن ان تنفذها ونتحاسب على اساسها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي