الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرية العبارة وأحاديث الجن

عبد العزيز محمد المعموري

2010 / 1 / 26
سيرة ذاتية


قرية العبارة واحاديث الجن ..
الكاتب والمعلم المتقاعد عبد العزيز محمد المعموري - ناحية العبارة - بعقوبة - محافظة ديالى

قرية العبارة (ناحية العبارة الآن)هي احدى قرى محافظة ديالى، في الثلاثينات من القرن الماضي كانت لاتزيد عن ثلاثين داراً طينية تقبع بين نخيل البساتين ، يعيش اهاليها عيشة القرون السالفة لاتعرف شيئاً من مباهج الحضارة ولاتذوق طعم اللهو والتسلية اللهم الا قصص الاولين كمجنون ليلى او عنترة العبسي ، ولكن في بعض الليالي تتحول الاسماء الى قضايا الجن ومقالبهم ، ويحلف بعض الرجال بأنهم رأوا الجن بأم اعينهم ثم يأخذون بسرد حكايات الجن معهم وباقي الرجال ينصتون الى هذا الموضوع المشوق بأهتمام بالغ وربما تصدى متحدث اخر لتأكيد حديث صاحبه وان الجن لايغادر المكان الفلاني لكنه لايظهر الا بعد غروب الشمس ، واكثر ما يظهر بشكل تنكري ، ربما بشكل قط اسود تتوهج عيناه بضياء غريب او ربما بشكل معزى توهم بانها ضالة فيحاول احدهم حملها على كتفه ، غير انها تمد ارجلها حتى تلامس الارض فيعجب الرجل من ذلك فيلقيها من فوق كتفيه مرتعباً واذا بها تقهقه من غبائه وتخاطبه بلسان عربي فصيح : لماذا فعلتها ايها الارعن ؟
وكان العارفون من كبار السن يقولون ان مساكن الجن معروفة ومؤشرة في المنطقة ، فالجني يفضل السكن تحت اشجار التين وفي الخرائب المهجورة وفي المقابر .. وعلى ذكر المقابر احدثكم عما جرى لجواد الشاهين آنذاك .
كان صاحبنا فلاحاً مجداً ويضرب المثل بكبر مسحاته وصبره ومطاولته بالحراثة وكان خنجره ( الدبان ) لايفارق حزامه الا وقت النوم ولهذا اختاره وكيل النقيب الكيلاني ليسقي بستانه العامرة الواقعة بجانب مقبرة الامام ( ابو جاسم ) .
وقد بكر جواد ليتم مهمته واخذ معه رغيف الشعير كيلا يضطر للعودة الى بيته لتناول الغذاء الذي لم يكن يزيد عن خبز الشعير وبضع حبات من التمر .
وظل طول النهار يحول مجرى الماء من هذا الجانب الى الجانب الاخر وما ان مالت الشمس الى المغيب حتى كانت البستان قد ارتوت تماما
فسد عنها الماء واطلقه في الجدول العام تمهيداً لمغادرة البستان والعودة الى بيته في قرية العبارة
كان عليه ان يجتاز المقبرة ، والمقبرة مسكونة بالجن بالتأكيد لكن جواد الشاهين كان شجاعاً ويعرف بان الجن يخشى من الحديد وهو اضافة الى خنجره الدبان كان يحمل المسحاة على كتفه فهل سيجرأ الجن على التصدي له ؟
اضافة الى ذلك فان الجن يرتعب من قراءة سورة الاخلاص التي يحفظها صاحبنا ويرددها كلما مر بمكان منحوس !
كانت الشمس قد توارت تماماً وبدأ الظلام يزحف على المقبرة وجود لايخشى من شيء فلديه اكثر من سلاح .
وسار بين القبور غير خائف ولا وجل وما ان اجتاز بضع قبور حتى توقف ، ماهذا الشيء الممدد فوق ذلك القبر ؟ صرخ به مرعوباً : من انت ؟ من انت ؟ لم يأته جواب فانحنى الى الارض ليتناول حجراً ، فلم يجد سوى احجار صغيرة ملأ بها كفه والقاها نحو القبر فلم يتحرك هذا الكائن ! تذكر سورة الإخلاص فقرأها مرة اخرى فلم تتغير الصورة فتحسس خنجره ولكنه ادرك ان المسحاة أفضل في مثل هذا الموقف ، فرفعها من على كتفه واهوى بقوة مشوبة بالرهبة فلم يتحرك هذا الكائن ، هل يترك المسحاة ويطلق ساقيه للريح ؟ ولكن المسحاة سلاحه فكيف يتخلى عنه ؟
سحب المسحاة من طرفها الخشبي واذا بالكائن يمسك بالطرف الاخر .. وانطلق يركض بين القبور ، يعثر بهذا القبر ثم يعتدل ويواصل الجري حتى يهوى على قبر اخر وظل هكذا بضع دقائق حتى احس بتعب شديد وتعالت ضربات قلبه واشتد لهاثه وأوشك ان يسقط اعياءاً وفكر بسرعة ما الذي عليه ان يفعل ؟ هل يترك مسحاته لهذا الجني المشاكس وينطلق بخفه؟ ولكن ما الذي يضمن له انه سيتركه يمضي بسلام ؟ هنا استل خنجره واهوى على ذلك الكائن ووده له طعنة قوية وألقى بنفسه فوقه ، واذا بذلك الجني ليس أكثر من برذعة حمار سقطت من على ظهره فوق احد القبور ! وهنا ضحك جواد على نفسه لظنه بان البرذعة كانت جنياً خبيثاً لو انه تخلى عن مسحاته وعاد الى أهله لأصابه الجنون الأكيد ولأصبحت حادثته قصة تروى في المجالس تأكيداً لمقولة ان الجن يسكنون المقابر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا